أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس داخل حبيب - البعدُ غيرُ الماديّ في الأعمالِ الدراميةِ عِنْدَ وليم شكسبير ، شبحُ هاملت أنموذجا















المزيد.....



البعدُ غيرُ الماديّ في الأعمالِ الدراميةِ عِنْدَ وليم شكسبير ، شبحُ هاملت أنموذجا


عباس داخل حبيب
كاتب وناقد

(Abbas Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 01:52
المحور: الادب والفن
    


دراسةٌ أدبيةٌ نقديةٌ مُقارِنةٌ
 
المُقدِّمة: سببُ المقال ، هُناك مَنْ يَعتقدُ بعدمِ وجودِ فائدةٍ مِنْ دراسةِ أدبِ الكاتب الإنكليزي "وليم شكسبير" غرضْ تعليمْ اللّغة الإنكليزية ، غير أنّ مَنْ دَرَسَ الأدبَ الشكسبيري تعلّمَ لـُغته ضمنا ، على الرغم مِنْ إنَّ اللـُّغةَ - أيةَ لـُغةٍ - بُعدْ مادي قابل للدراسة مُباشرة ، إلا أنّهُ مع أدب شكسبير تغيبُ فيه هذه المُباشرة لكون لـُغَتهِ أمسّتْ موغلةً بالقِدمْ ، وكلُّ موغلٍ بالٍ يكفُّ عَنْ الاستعمال ، وإذا كفّ أيُّ شيءٍ عَنْ الاستعمالِ يَفقدُ فائدته وتأثيره ، فكيف بالبُعدِ غيرِ الماديّ الذي يخصُّ تجربة َالمعنى داخل الألفاظ وهي مجازية بطبيعة الحال وبالتالي يميلُ الناسُ عادةَ للتجديد.
 
الاستهلالُ: الفائدةُ مِنَ الموضوعِ.
إنّ هذهِ الدراسة المُعدّة مِنْ قبلي لأمسيةِ هذا اليوم هدفُها إلقاءُ الضوءَ على أهميةِ اللّغة الشكسبيرية المُتميزة (بالخبرة) المُؤثرة في ديناميكيةِ الصُنعة الحواريةِ المُساهِمةِ في تسهيلِ عملياتِ الاستعمالِ الصالحةِ لكُلِّ مكانٍ وزمانٍ والتي نراها مُمتدّةً بالتاريخِ لمساحاتٍ أدبيةٍ واسعةٍ تناولَها النقدُ ، سأأتي إليها خلال مُقارناتٍ أدبيةٍ عديدةٍ. (فالخبرةُ الحوارية) للكلامِ تعني: أنَّ الكلمةَ لا تكتسبُ دينامكيتها في الحوارِ إلا إذا مرّتْ بمختبرٍ دُراميٍ يَمتحِنـُها بِعدةِ مواقفَ معنويةٍ. تقنيا: تعني أنَّ الحوارَ الحاملُ للمعلوماتِ لابُدَّ أنْ يَمرَّ (بِعدّةِ مشاهدَ) تتعقدُ بالمصائبِ قبلَ أنْ يتحولَ الخبرُ خلالها إلى مقالٍ دُراميٍ. فما هي الويلاتُ الدُرامية ُالتي أنتجتها المشاهدُ وحررتْ الخبرَ لمقولةٍ أدبيةٍ مثلُ (أكونُ أو لا أكونْ)؟ وعليه إنَّ الحركةَ مِنْ "الخبرِ للمختبرِ" هي ما تُسمى (باللـُّغةِ الديناميكيةِ) عِنْدَ شكسبير أيّ مُشبّعةٍ بالخبرةِ وطيفُ هاملت أحدُ حامليّ هذه الوشائجِ المعنويةِ في المشاهدِ التي سَبقتْ قرارَ هاملتْ في خِطابِ الكينونةِ المُفعمِ بآلياتٍ غيرِ ماديةٍ. فالطيف لهُ وجودٌ ماديٌ في النصِّ مكتوبٌ سابقٌ في الصورةِ الدراميةِ ، وبوصفهِ غيرَ ماديٍّ موجود في التصوراتِ الفكريةِ التي لا تجُد لهُ صورةً في الواقعِ لأنّهُ ليس جسدا مُحدّدا بالمكانِ وإنما حضورٌ حيٌ "لميتٍ" ، شبحٌ  ghost  أو ظلالٌ هي ما تُشكّل أهميتهُ اللّاحقة في المجالِ كإنسانٍ لهُ تأثير.
 
ما البُعد؟ فاصلةٌ زمنية أو مكانية ، نـُقطةُ الحاجةِ إلى تحديدِ المجالْ. وللكون أبعاد كثيرة ، وللكتلة ثلاثة أبعاد طول وعرض وارتفاع لتجسيم المِثال أو التمثال وأضيفَ الزمن كبعد رابع لتحديد قيمة المقام التاريخي للأحداث. ولمنظور اللوحة ثلاثة أبعاد خط الإسناد ، خط الأفق ونقطة التلاشي لتحديد العمق. وللشخصية المسرحية ثلاث أبعاد مادية ، نفسية ، واجتماعية وللإنسانِ أبعادٌ روحية وجسدية ، مادية وغيرُ ماديةٍ لتحديدِ الوجودِ البشريّ ضِمن قيمٍ معنويةٍ. 
 
التعريفُ: يُحدِّدُ مَجالَ البُعدِ غيرِ الماديّ في كُلِّ ما يتجاوزُ المحسوسَ والملموسَ ضِمْنَ مَحاورَ سياقيةٍ مُختصّة كالمحْورِ النفسيّ ، الميتافيزيقيّ ، الأخلاقيّ بأنّ الإنسانَ ليسَ جَسدا فقط ، بَلْ كائنا يَحملُ في داخلهِ مَخاوفَ ورغباتٍ فنرى صراعاتٍ داخلية بأصواتٍ خفية.
 
المُصطلح: ولا نستطيعُ أنْ نخوضَ في حجاجِ نقديّ بينَ وجُهات النظرِ الأدبية حوله مِنْ دونَ مَعرفةِ مُحددات أبعاده الاصطلاحية.
 
إنَّ البُعدَ غيرَ الماديّ non material dimension مُصطلَح أدبيّ واسع بلا منهج مُحدد يتناول مواضيع الأحلام والرؤى الخيالية والأمنيات الجياشة يَنطلقُ مِنَ الوعي بواسطة الفكر وينتج الأفكار كالاستقامة التي تتعرض أدبيا للنقد خلال خلل أخلاقي ما والاستقامة تشتمل على أبعاد مادية في الأشكال كالمُستقيم. وعالم شكسبير الأدبي ينتمي إلى هذه العوالم المعنوية وهي لا تعني بالضرورة عالم الأوهام والأساطير الخرافية غير الأدبية ، بل الوهم درجة مِنْ درجات الوعي مثلما يقولُ النُقاد العرب في قَولِ (هلّا عَرفتُ الدارَ بَعدَ تَوهّمِ – عنترة) (توهمتهُ تعني عرفتهُ) وإلا كيف عرفتهُ مِنْ دون وَهمْ؟ والأساطير تحتَ مِجهر العلم تحطُّ خطوطا فوق السطر ممكن أن تُشكّلَ عالما روحانيا غيبيا ميتافيزيقيا لكن مِنْ وجهة نظر أدبية يتصدرها المُفكر لا الفيلسوف. وبهذا تكتمل الصورة الأدبية لكل ما هو ينأى عَنْ المُلاحظة المادية المعتمدة على التجارب الحسيّة المُباشرة (الفكر مُقابل المادة) فإذا كان المثال هاملت فالشبح بُعد أدبي يكشف الضمير المُعذّب لخلل أخلاقي في عمّه أو فيه والأسباب كثيرة لهذا وذاك وضعها شكسبير لزيادة الغموض والريبة المُحرّك للتفكير وإضفاء المُتعة على التوقع لإحياء عنصر الترقب في الصنعة الفنيّة وهذا يختلف عَنْ:
البُعد غير الماديّ metaphysical dimension المُصطلح الفلسفي بوصفه فرع مِنَ الفلسفة يهتم بدراسة طبيعة الواقع بشكلٍ عام ينطلقُ مِنَ الوعي ويمتد خارج نفسه لمعرفة الزمن وصولا للغيبيات ، الروحانيات ، المتضمنة حتما أخلاق ما غالبا إنسانية أو دينية وتتعرض للنقد حسب منهج عقلي وتأمُل فلسفي يستدلُّ على كُلِّ ما هو خارج الطبيعة الجسمانية وبهذا تكتمل الصورة الفلسفية (العدم مقابل الوجود) فإذا كان المثال "أوديب" فإن القدر المرتبط بالغيبيات ، الروحانيات ، الابتعاد عَنْ الأخلاق الدينية للعصر يكشف الخلل والأسباب كثيرة حسب تأويل فاعلية الأحداث وتقريبها مِنَ العناصر المُتخذة حبكة للسرد. وهذا البُعد الميتافيزيقي هو الذي تصدى لهُ "بريخت" في النقد وانطلق مِنْ منطلق مُغاير أسماه "التغريب" يعتمد على الماديّة الجدلية للتاريخ بأنّ الشعوب كواقع مادي هي مَنْ تقود فكرة العدالة الاجتماعية والحرية ، والإرادة الفردية ، ومسؤولية الاستقلال. وقبل أن نتعمق في الخلافات المُسيطرة على وجهات النظر وهي بطبيعة الحال غير مادية لابد مِنْ تحديد الماديات الموجهة لهذه الأفكار عبر سرد القصة.
 
القُصّة: إنّ "هاملتْ الابنَ" أميرُ "الدنمرك" سافرَ إلى النرويجِ لدراسةِ الفلسفةِ وبعدَ رُجوعِهِ إلى بلدهِ وجدَ أمّهُ قدْ تزوجتْ مِنْ عمّهِ بفترةٍ وجيزةٍ بَعْدَ موتِ والدهِ مَلدوغا مِنْ أفعى وهو نائمٌ في حديقةِ القصرِ كما أخبروهُ. هذه الأحداث المُسرَّعةُ تَمتحنُ حَدسَ "هاملت" وتدعوهُ للتفكرِ بمجموعةٍ من المواقفِ الصعبةِ بأنَّ زواجَ أمّهِ السريعَ مِنْ عمّهِ قَدْ أفقدهُ العرشَ ، فَعمّهُ قَدْ نَصّبَ نفسهُ مَلِكا وزواجه مِنَ الملكةِ برّرَ تنصيبهُ ملكا غيرَ أنَّ الطامةَ الكُبرى هي فَقدُ أبيهِ "الملكِ هاملت الأبِ" فما العملُ أمامَ ظروفٍ غامضةٍ كهذهِ غيرِ الاستغراقِ بالتفكيرْ والبَدءِ بالشكِّ حتى الوصولِ لليقينْ. ويُظنُّ عادةَ في ظهورِ "شبحِ الأبِ هاملت" توقعاتْ مُمكنٍ أنْ تُغيّرَ مسارَ التفكيرِ ويُستعَجلُ "هاملت الابنُ" بِتهيئةِ عملٍ انتقاميّ يُلقي عليه واجبا ملكيا وأبويا يحقُّ له أنْ يأخذَ بثأرِ أبيهِ الذي أخبرهُ عَنْ طريقِ الطيفِ (بأنَّ مقتلهُ مِنْ قِبَلِ عَمّه مَكيدةٌ أكيدةٌ وليسَ موتا عاديا مِنْ لدغةِ أفعى) "هاملت" المُفكرُ أرادَ أنْ يَختبرَ نفسهُ أمامَ الشكِّ ، الحَقيقةِ ، والجَدوى مِنَ الثأرِ. فتصرفَ عكسِ ما هو مطلوبٌ مِنه واستمرَّ بالتفكيرِ طويلا فجاءتْ التوقعاتُ غيرَ موُفَقَةٍ لأنهُ فقد الفعلَ والتنفيذْ ، وبَعدَ أنْ فشلَ هاملت بعدّةِ مُحاولاتٍ لِقتلِ عمّهِ تُصابَ فكرةُ الثأرِ نَفسُها بِحمئةِ التأجيلِ ، فكُلُّ يومٍ جديدٍ يُحققُ التفكيرَ خيبةَ أملٍ مُؤلمةٍ للفعلْ. وفي النهايةِ استطاعَ "هاملت" الحصولَ على فرصةٍ جديدةٍ (على غرارِ حبكةٍ سببيةٍ لِفَهمٍ أرسطيّ لنتائجِ الدراما التراجيدية) يبدو أنّها تهيأتْ مُصُادفَةً لا للثأرِ لكنّها كانت سببت مقتلِ عمّه خلالَها مِثلما مَاتَ هاملت نَتيجةَ مُبارزةٍ مَعَ "لايرتيس" أخي خطيبتهِ "أوفيليا" التي انتحرتْ بدورها عندما سَمِعَتْ أنَّ "هاملت الابنَ" قَتَلَ أباها "بولونيوس" بالخطأ. أمّهُ "جيرترود" ماتتْ أيضا بتجرّعِ السُمِّ عِندما عَلِمَتْ أنّ أبنها سَيموت أيضا بسيفِ "لايرتس" المسمومِ ، وفي الخِتامِ يَموتُ جميعُ الأبطالِ داخلَ المملكةِ ، يُزامنُ خَسارةَ الدولةَ لمعارِكِها على الحُدودِ في الخارجْ ، ويُسْدَلُ الستارُ على انكشاف جرائمٍ ماديةٍ هائلةٍ انتهتْ بالخُسرانْ وهذا هو دَيدنُ البُعدِ الماديّ في المأساة: جَسدٌ يفنى. ما يعنينا هو الشبحُ كبعدٍ "غير مادي" يبقى يتنقلُ خالِدا ولولا هذا الخُلود ما تطورتْ هذه المسرحيةُ لهذهِ النهايةِ المُتأبطة آليات مُقارنةِ: كالشرح ِ، التفسير ، التأويلِ.
 
إذنْ: البُعدُ غيرُ الماديّ في هاملت: رحلة استكشافِ الوعيّ عِبْرَ الضَمير المُعذّب. فالشبحُ ليس شخصية ًرئيسةً في المسرحيةِ لكنّها تَظهرُ في أربعةِ مَشاهدَ مِنْ مَجموعِ عشرين مشهدا يُعبِّرُ عن الروح المُحتجزةِ في المَطهرْ (منطقة الأعراف)
 
والسؤال: لماذا يلجأ شكسبير وغيره مِنَ الكُتّابِ قَديما وحَديثا لمثل هذه الأساليب؟ والجواب / نلمسهُ يتدرج خلال حجاج على مُستويين بمعنى ،
ما المُعادلُ المَوضُوعي لها في الآدابِ المُجاورةِ الأخرى؟ سواءَ كانتْ أعمالا قصصيةَ ، شعرية ، ملحمية ، أو مسرحية؟ نجدُ مثلا في مسرحيةِ أوديب ملكا إنَّ كاتبها "سوفوكليس" جعلَ البُعدَ غيرَ الماديّ محكوما بقدرٍ مفروضٍ يُمثـِّل سُلطةً خارجية. بينما عِنْدَ شكسبير "البُعدُ غيرُ الماديّ" نفسيٌ داخليٌ مِثلُ تردُّدِ هاملتْ ، والشبحُ "لا وَعيٍ جَمعيّ" للذاتِ البشرية.
 
فَنْ البلاغة العربية: ولعَلّ أقرب صورة نقدية لتوضيح البعد غير المادي الأدبي هو الذي نلمسه في "الطباق" أحد مُحسنات علم البديع المتحقق في الجمع بين الشيء وضّده مثل (العقل والجهل) (الشقاء والنعيم) فالبعد النقدي غير المادي يعرض "الوعي عبء والجهل راحة" ضمن ألفاظ مادية النص (ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ – المُتنبي) فالطباق تناقض صورتين أو شكلين لمفردتين في المبنى والمعنى يظهر في المسرح كتناقض بين الأشخاص والأفكار (هاملت وكلوديوس) (عطيل وإياكو) وكذلك في صراع الإرادتين غالبا تُوضع ضمن أطار شبحي يُعبِّرُ عَنْ مفاهيمٍ فكريةٍ (خير وشر) وهي تصورات عدمية لا تخضع للتجربة الحسّية في المُختبر المادي. فالشبح تصور نفسي عَنْ غياب الوعي لا عن غيابٍ واعٍ ومنْ جهة النقد تعبير دقيق عنْ فساد الرأي وما أكثر الشواهد الأدبية الدالّة على تصورات أخلاقية (أدبية) لها بُعد غير مادي نختار منها قصائدِ المُتنبيّ وما يُظهرُه مِنْ فخرٍ يَخلقُ شخصيةَ مثاليةَ مفتوحةَ بالشعرِ على الحماسةِ والكبرياءِ والنبوءةِ الرمزيةِ (ما كُلُّ ما يتمنى المَرءُ يُدْرِكُهُ – تجري الرياحُ بما لا تشتهي السَفنُ) وهذا يعني وجودُ قوى غيبيةٍ تتحكمُ في المَسارِ بأنّ حياةَ الطبيعةِ تسيرُ وفقَ وعيٍ يتداخل مع بُعدٍ "ميتافيزيقيٍ" لا يتحركُ وفقَ رغبةِ و وعيّ الأفرادَ بَلْ وِفْقَ نِظامٍ خَفي. أما "الجِناس" مُفاجئة التشابه بالاختلاف ثاني المُحسنات البديعية المناقض للطباق مثال الاستخدام القُرآني مثل (ويومَ تقومُ الساعةُ يُقسِمُ المُجرِمُونَ ما لبثوا غيرَ ساعةٍ كَذلِكَ كانوا يُؤفَكُونَ -55 آية سورة الروم) (ساعة: يوم القيامة – غير مادية) (ساعة زمنية ، ساعة يدوية - مادية) فالمعنى النقدي المزدوج مع البعد غير المادي الأدبي يبرر أنهم يرون ساعة القيامة وقتا طويلا بينما ينكرون مدة حياتهم المُحددة بمدة "ساعة" دنيوية قصيرة وفي (الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني - والسيفُ والرُمحُ والقُرْطاسُ والقلمُ - المُتنبي) تجاوز النص المادي البعد البشري إلى المخيل الأسطوري كَبُعدٍ غير مادي يعني أنَّ "هذه المُفردات الماديّة أو غير العاقلة هي مَنْ تَعرفه وليس هو كأداة عاقلة" فالعملية مِنْ زاوية النظر الأدبية المعكوسة على الطباق (يعرفُ عكس لا يعرفُ – طباق سلبي بلاغي) والخيل ، الليل الخ بُعد مادي وفي تغيير زاوية النظر إلى التركيز على البُعد غير المادي فهو فخر أسطوري نقديا إيجابي يُقابل "الأدب المُبتذل" أو بتعبير أدق "بلا أدب" كما هو اليومي السائد المُتداول الاجتماعي على المنصات الإلكترونية الأدب السلبي أخلاقيا. "اللاأدبي" هُنا تعبير عَنْ خلل أخلاقي في الآداب الشخصية وليس عملية فهم للامادي الأدبي كبعد نقدي يُقابل المادية الديالكتيكية. وفي ملحمةِ "كلكامش" النسخةُ السومريةُ يُظهِرُ عالمُ الخلودِ شبحَ "أنتونابشتم" مِنْ تحتَ رُكام المياهِ ظلالٍ تكشفُ حقيقةَ الموتِ بأنهُ مَحتومٌ وهو أقربُ إلى شبحِ "هاملت" الذي ظهرَ مِنْ أعلى سورِ المملكةِ مُطالِبٌ بالثأرِ ومُحرِّكُ الحَبكةِ قليلا للأمام. أما عِنْدَ "إنطوان تشيخوف" فلا يَظهرُ البُعدُ غيرُ الماديّ إلا كتشخيصٍ دُراميّ للغيابْ نتيجةَ حُزنِ الوجودِ الممثـِّلِ للصمتِ خلال "اللاوعي الجمعي"  ويُشيرُ لما "لا يُقال" أكثر مما "يُقال" المتمثلُ بعجزِ "الخالِ فانيا" في التعبيرِ عَنْ الحقيقةِ المُرّةِ بأنهُ مَخدوعٌ ثلاثينَ عاما في خدمةِ عُلماءِ أدعياء. بينما يظهرُ الشبحُ عِنْدَ شكسبير يُساعدُ في اتخاذِ القرارْ. أما حياتنا اليومية فأنّها تـُظهِرُ دائما أنّنا مليئين بالأشباح وكمْ شبحٍ نعيشه كأمنياتٍ غير مُتحققة تؤثّرُ على استقرارِنا ، انتقاماتٍ حياتيةٍ ، ثأرٌ ، نفاقٌ مُنغّص حتى حسدٌ أو تمنيٌّ زوالِ نعمةِ الغيرِ ، كُلّها تجلياتٌ لمفهومِ (البُعد غير المادي) وإن بان على شكل سعالي وعفاريت وطناطل وهميّة تؤدي وظيفة درامية مقصدها الأدبي هنا نقدي كاشف عَنْ تردي التفكير وتسافله بواسطة التجهيل. ومفهوم البعد غير المادي أساسا يتسامى في تجاهل السفلة ويظهر في الحديث الإسلامي "أدبي" أكثر مما هو "ميتافيزيقي" يقولُ النبيُ ص (الرؤيا الصادقة جُزء مِنْ نبوءة – مسند الإمام أحمد ورواه أبو بكر الشافعي). (الرؤيا بُعدٌ غيرُ ماديٍّ)
 
اشتباكُ المِتنِ: بِهذا التَراكمِ الكمّي مِنَ الاستخداماتِ الأدبية الكثيرةِ للبُعدِ غيرِ الماديّ يصلُ بنا لتغيراتٍ نوعيةٍ تفْردُ حَدّا جَديدا لِقيامة حِجَاجٍ نقديّ مُقابلْ في الأدب: نستطيع أن نوجّه خلاله سؤالا مُهمّا: هَلْ يَجبُ أنْ تحتوي كُلُّ الكتاباتِ الأدبية على بُعدٍ غَيرِ ماديّ؟ الجواب/ ليسَ بالضرورةِ. فالبُعدُ غيرُ الماديِّ اختيارٌ جماليٌ وفلسفيٌ وليس شرطا ميتافيزيقيا مُلزم بعالم الغيبيات. مثلا أن كتاباتِ (برتولد بريخت) مُختلفةٌ جذريا عَنْ كتاباتِ وليمُ شكسبير مِنْ هذه الناحيةِ الواضحة تقنيا في المسرح الملحمي فبريختْ مُؤسسُ المسرحِ المَلحمي - الدرامي - على غرارِ حبكةٍ انتقائيةٍ حسبَ جدليةٍ ماديةٍ وواضعُ مبدأَ التغريبِ alienation effect  الذي يمنعُ المتفرجَ مِنْ الاندماجِ العاطفيّ بقانونِ كسرِ الإيهامِ لكي يُفكّرُ نقديا ، تقديمُ الواقعِ كما هوَ وليس تحويلَهُ إلى أسطورةٍ بل لتغييرهِ خلال تحقيقِ هدفهِ الأساسي الكاشفِ للبُنى الاجتماعيةِ. لذا بريختْ يَنفرُ مِنَ الميتافيزيقيا ويُحاربُ الغيبياتِ ، لأنّها مِنْ وجهةِ نَظرهِ تُغطّي على الأسبابِ الماديّةِ للظـُلمِ الاجتماعيّ. لكنْ بِرُغمِ ذلك أنّهُ يُقدِّمُ أفكارا ، والأفكارُ بطبيعةِ الحالِ غيرُ ماديةٍ فهو مِنْ هذهِ الناحيةِ يَتعاملُ معَ بُعدٍ غيرِ ماديّ لأنّ اللـُّغة رموزٌ وتمثيلٌ لعملٍ ذهنيٍّ لشيءٍ ماديٍّ واقعٍ خارجَ الذهنِ (ولا يعني هُنا المادّي "اللاأدبي – غير المؤدب" المُسرف بالماديّة كخلل أخلاقي على حساب الأدب). أنّ برخت برُغمِ أنّهُ لا يهتمٌ بالميتافيزيقا - الغيبيات - لكنّهُ يَمتَلِكُ مِنْ ناحيةٍ أخرى أخلاقا نقديةً تتجاوزُ الواقعَ الحسيّ والمباشرَ مثلا في النص الأدبي الأمُ شجاعة يَطرحُ بريخت سؤالا أخلاقيا (هَلْ يُمْكِنـُنا تحقيقَ الربحِ في عالمٍ مُنحازٍ دونَ أنْ نَخسرَ إنسانيتنا؟) الأمُّ شجاعةٌ تُكافحُ لِتَنْجو اقتصاديا مِنَ الفُقرِ باستغلالِها استمرارِ الحربِ لكنّها تَفقدُ أبناءَها واحدا تُلو الآخرَ أثناءها. القيمةُ غيرُ الماديةِ: الأمومةُ. القيمةُ الماديّةُ: الربحُ. إذنْ في أدب بريخت لا يجوزُ نقديّا تحويلُ البشرِ إلى وسيلةٍ للربح وهذا هو البعد غير المادي العام عنده.
 
الحجاج النقدي الأول المُقابلة بين تقنيات
البُعد الأدبي غير المادي: أعمال وليم شكسبير ومُقلـّديه تـُظهِرُ الضمير الإنساني بحبكةٍ سببية تستند إلى فلسفةٍ أرسطية في البناء الأدبي وفلسفة رواقية مُمتدة مِنْ "سنكا" أعجب فرنسيس بيكون في استخدامها الشكسبيري الفكري خاصة في معالجة موضوع الانتقام عند هاملت كما يأخذ البعد الأدبي غير المادي موقفا مِنَ الأخلاق الإنسانية عبر سياقات تأويلية عديدة كالسياق الديني ، السياسي ، نفسي ، اجتماعي وحتى لُغوي أو تقني درامي – مسرحي الخ.
 
البُعد الأدبي المادي: أعمال بريخت ومُقلـِّديه تُظهِرُ الضمير الإنساني بحبكة انتقائية تأخذ مُوقفا نقديا مِنَ الغيبيات (الميتافيزيقا) تستند إلى فلسفة مادية تُظهر الأخلاق كما في حياة غاليلو: يكتشف حقيقة علمية لكنهُ يتراجع أمام ضغط الكنيسة. فيثيرُ سؤال: هل يحق للعالِمِ أنْ يَهرب مِنْ مسؤوليته الحقيقية خوفا على حياته؟ هذه ليست مسألة مادية بل قيمة مُجردة (مِنَ المادية) يقولُ غاليلو (ويلٌ للبلد الذي يحتاج إلى أبطال) وهذا تأمل أخلاقي للبطولة ونقد حرج لمأزق المتخاذلين مثل تأمل هاملت عندما يثيرُ سؤال حين يقول (أكون أو لا أكون ، ذلكَ هو السؤال) مِنْ أجل مناقشة المصير حين يُداهمهُ ويجد نفسه قادرا على إدارة دفة النقاش عبر تقنيات المونمولوج. الإنسانة الطيبة مِنْ ستشوان تقول: (كيف للمرء أنْ يبقى طيبا في عالمٍ اقتصادي – اجتماعي فاسد؟
 
الاستنتاج: أنَّ هذه المُقارنات الأدبية تـُدِلـُّنا التفريقَ بينَ البُعدِ غيرِ الماديّ العام كونُ النصِّ يَحملُ فكرةً غيرَ ماديةٍ (التي تكونُ عِندَ الجميعْ) وبينَ مُصطلح البُعدِ غيرِ الماديّ immaterial dimension الخاص بالجماليِّ الفلسفيِّ الرمزيِّ (الذي نتحدثُ عَنْهُ في تقنيات شَكسبير كبعد خارجي كاشف يُعرّي ناقد للأنساق الداخلية) فهوَ غيرُ موجودٍ عِنْدَ بريختْ بِوضوحٍ ، لأنّهُ يَتَحَدّثُ عَنِ البُنى السياسية ، والاقتصاديةِ كعواملٍ ماديةٍ وتأثيرُها على الأخلاقِ الاجتماعيةِ نقديا وليس مَبحثا في الأخلاقِ الروحيةِ والبُعد الميتافيزيقي metaphysical dimension وتأثيرُها على الإنسان.ْ فالمبدأ ماديّ والهدفُ تعليميّ مَقصدهُ تغييرُ المُجتمعِ عَنْ طريقِ النَقد بواسطة الشخصية التي تكشفُ هَشاشةَ المُجتمعِ. الفرقُ التقني عِنْدَ بريختْ بأنّهُ نِظامٌ اجتماعيّ لا طبيعةٌ إنسانيةٌ بينما عِنْدَ شَكسبير ثـُنائيةٌ تتصارعُ داخلَ الفردِ.
 
وجهات نظر نقدية أخرى ترى البعد غير المادي مِنْ زاوية
النقد الأدبي الكلاسيكي: مثلا برادلي: فالشبح عنده يجعل هاملت داخل المُفصل العاطفي (يُفكر بالقتل) عندما يكون خارج المفصل (يقتل فعلا) أربع مرات. وعند كولرج: إنَّ الشبح مُحرك الهمّة فكلما تفتر عند هاملت يظهر فهو كالدبوس يغرز ويبز. أما عند إليوت: الشبح ربط موضوعي يُقلل أهمية هاملت أمام تحمل المسؤولية (الشبح مصدر القلق والتردد) وفرويد: يرى في الشبح تجسيد لضمير هاملت في الدفاع عَنْ أبيه باعتبار هاملت يرغب في إزاحة أبيه حُبا لأمه فاخترع قصة مقتله مِنْ قبل عمّه وهذا ذنب مكبوت في ذهن هاملت العصابي. ويونغ: يرى في الشبح كشف عَنْ تردد اللاوعي الجمعي إذ الأحلام والرؤى ظاهرة اجتماعية تعبّر عن القلق والاضطراب المجتمع.
 
النقد الأدبي في اللسانيات الحديثة:
جاك دريدا: الشبح ليس مادة بل أثر لرغبة مادية تتشكل من انزياح لغوي. المادي موقع الانزياح الدلالي لا يُمكن الإمساك بمعناه النهائي جوهر التفكيك أو القراءة التفكيكية للغات اللسانية يُظهر العلاقة غير المُستقرة بين الجسد واللغة. (اللفظ والصوت) البعد اللا مادي يؤجل معناه دائما. البعد غير المادي هو (لا مادية المادة) المُشبّعة بالغياب تتبادل الأدوار بالوصف فتترك أثرا ماديّا دماء ، قتال ، موت مثلا الخنجر: ليس مادة بل أثر لرغبة مادية للحقد أو الرغبة في القتل تتشكل من انزياح اللغة. العاصفة ليست طقسا بل تُعيد تشكيل أزمة لير النفسية. ميشيل فوكو: الشبح ليس مادة بل سلطة تحكم المادة خلال الخطاب والهيمنة. فغير المادي تأثير سياسي على هاملت للدفاع عن السُلطة. لاكان: الشبح ليس مادة بل أداة رمزية لتأويل نفسي للمادة فالبُعد غير المادي عودة المكبوت لمحاكمة الأبوة.
 
وعليه أنَّ شكسبير: دائما يحمل بُعدا لا ماديا في الأدب مثل الأفكار الغيبية ، العواطف المكبوتة والأمنيات غير المُتحققة ، واللا مادي دائما يحمل أثرا ماديا مثل الشبح ، الخنجر ، المنديل ، العاصفة يظهر لهُ تأثير مثل القتل ، المعارك فيدخل في حيّز النقد كاختلال أخلاقي.
 
أهم النقّاد وأهم الكتب التي تناولت البعد غير المادي عند شكسبير.
هارولد بلوم: درس البعد الوجودي والميتافيزيقي لدى شكسبير في كتاب (شكسبير: ابتكر الذات البشرية) برادلي: ناقد كلاسيكي تناول الأبعاد الأخلاقية في التراجيديات الكُبرى هاملت ، عُطيل ، مكبث ، الملك لير. في كتاب (التراجيدية الشكسبيرية) نورثروب فراي: تناول الرمزية والأسطورة والمخيل الميتافيزيقي في عموم الدراما ومنها شكسبير. في كتاب (المنظور الطبيعي: لتطور الكوميديا الشكسبيرية) جان بول سارتر: تناول التحليل الوجودي للبعد غير المادي مما يشير بشكل غير مباشر لأعمال شكسبير. كارولين سبيرجن: وناقشت الرموز والصور الشكسبيرية بوصفها مفاتيح للميتافيزيقيا واللاهوت في النص. في كتاب (الصور الشكسبيرية وماذا تقول لنا.) ستيفن كرينبلات: مؤسس النقد القافي الجديد وناقش البعد الروحي والغيبي في سياق ثقافي وديني أهم الكُتب (مشيئة العالم: كيف أصبح شكسبير ، شكسبير 2004) صموئيل تايلور كولرج: درس الأبعاد النفسية والميتافيزيقية عند شكسبير تحديدا هاملت والعاطفة خلال الصورة الكونية للإليزابيثية الكلاسيكية . في كتاب (محاضرات في شكسبير) ت. س أليوت: ناقش العاطفة الجياشة للضمير الإنساني خلال كتاب (فن الشعر - ومفهوم المنتظر الموضوعي)
وأجمعوا جميعا على أنَ الشبح في هاملت هو بُعد غير مادي في أعمال شكسبير ويُعتَبر:
مُظهِرٌ للصراع: الداخلي بين الشخصيات. مُظهِرُ العناصر غير المرئية: مثل الأشباح والنبوءات الخ. مُظهِرُ إن الإنسان ليس جسد فقط بل رؤى وأحلام وأماني ورغبات مكبوتة ومعلنة ومخاوف وأسئلة. مَظهَرٌ مِنْ مَظاهر كشف التقنيات: عمّا لا نراه مثل الموتى وما لا نسمعهُ مثل التنبؤات والنفاق ، والخيانة. مُظهِرٌ للسؤال: هل العالم حولنا هو الذي يُحركنا ، أم العالم الذي في داخلنا هو الذي يُحرك العالم خارجنا؟
 
حجاج نقدي ثانٍ بين: اللاادبي السلبي والأدبي الايجابي
المحتوى اللا أدبي: (المُبتذل) ممكن أن يُصنّف في الظروف الصحيّة للنقد خلل أخلاقي وذلك لعدم معرفة "الناشطين فيه" كيفية اشتغال آليات البُعد غير المادي للأدب. بوصف المُحتوى اللا أدبي يتميز بنزعة ماديّة مُطابقة للتفكير المُفرط بالربح على حساب ترك أثر معنوي (لا مادي) جيد له تأثير إيجابي. ممكن وصف الخلل الأخلاقي اللا أدبي (غير المؤدب) بعقوق الوالدين ، اعتداء على حُرمة النساء ، حقوق الأطفال ، أو فقدان لمفهوم المروءة أو الرجولة على حدٍ سواء إذا ظهروا في مشاهد مُذلّة وفضيحة مُهينة تثير الضحك لا غير بعنوان صناعة محتوى جاذب للفرجة ولتزييف النقد.
 
ولأن خلط الأوراق وارد: والتزييف أحد أشباح مُجتمعنا المُعاصر المُصدِّر للتهديد ربما المطلوب تحديث مُحتوى أدبي أجدى يمنع تسلسله في ضمائر صانعي محتوى لا أدبي مانع للتفكير وذلك بإقامة تعديل (غير مادي) في إعدادات المواد الأولية المعطوبة بالمهانة السلبية المُساندة للمُستفيدين ماديا على حساب القيم والأخلاق بكل صفاتها السياقية والمحاولة تمارين لترك أثرا أدبيا واضحا صالحا للنقد بما يفيد الناس والمقياس على ذمة إظهار الفائدة بأنّها عدم الربح مِنْ مضرّة الآخرين يُقرره تفاهم قيمي بين النص والجمهور.
 
البعد غير المادي لكتابة تمارين مُسوّدة بحروف سود مكتوبة في خطوط مرئية تترك ظلالا على السياق لابد أن يكون لهُ صوت مسموع. فالحرف حافة في اللغة لتحديد البُعد الكتابي في المكان المنطلق إلى ورقة مثلما الورقة تُحدّد البعد الزمني للكلام على مساحة الصوت المسموع. التظليل: عملية تحريف الصورة الدرامية للحرف عبر تصورات مُحققة رأي يظهر بلاغة لعب مسرحي جديد فريد مِنْ نوعه تارة يظهر الحرفُ فيه كممثل صامت في الخط وتارة كممثل ناطق في الصوت. وهناك كثير مِنَ الآذان تسمع ولا تستمع وعيون تنظر ولا ترى وهناك كثير مِنَ الآراء غير مسموعة. القيمة النقديّة المُباشرة للمُسوّدة المسرحية: تمارين مرئية محمولة على الحوار بوصفه موجود النص عابرا على تفاهمات غير مرئية مرهونة على النقاش بوصفه موجود على منصة ضمنية تسعى لجعل الرأي مسموع قبل أنْ يَمرَّ بتأرجح صنفي مُرعب أو مقيت يُسجّلُ كُلّ مرّة مآسي كوميدية ومرّة مهازل تراجيدية على مرّ التاريخ.
الخاتمة: إنَّ البُعدَ غيرَ الماديّ يَتشرّبُ حياتنا ويتسربُ للأدبِ مثلما تشعبتْ في الأنواعِ الأخرى - كما أسهبنا - وتشبعتْ فيهِ أعمالُ شكسبير كما أوجزنا في شبح هاملت. وإذا كان صحيحا أنَّ اللـُّغةَ الشكسبيريةَ قديمةٌ قِدمَ العصر الإليزابيثي فإنَّ الجدوى ما زالت قائمة لدراستها بسبب المُحتوى الراقي الذي تتأبطه خلال البُعد غيرُ الماديّ الذي يُطوّرُ السياق إلى أفكار يُعيدُ أهميتها شكسبير للأذهانِ خلالَ ما يُعَلـِّمُنا بأنّ الإنسانَ ليسَ مُجرّدَ جَسدٍ يَعيشُ الأحداثَ فحسبْ بل روحا وضميرا يتحركُ مِنَ الداخلِ ، وفهمُ هذا البُعدِ غيرِ الماديّ يَجعلنا نَفْهَمُ أنفسَنا والآخرينَ بشكلٍ أفضلِ مِما يَسمَحُ لإعادةِ الثِقةِ بِدراسةِ البُعدِ الماديّ اللـُّغوي مِنْ جَديد حُبّا بالبُعدِ المَعنوي المُحمولِ على جناحِ ديناميكية الحوار المُتجدد.
 
توصية: وجوبُ التأكيد ِعلى الانتباهِ لهذهِ الطبقاتِ الثقافيةِ للوعيّ المحمّلة بفكرةِ الاشتمالِ - شيءٌ أعمٌ يشتملُ على شيءٍ أخصٍ - (لا مادي يشتمل مادي) لإثارةِ السؤالِ حولَ تفحِّصِ أوجهِ الحياةِ فتتركُ سؤالا مُهمّا حولَ عُنصرِ التأثير: فَهلْ يُؤثرُ الواقعُ الموضوعيّ الماديّ (للمجتمع) على سلوكنا الفكريّ حَسبَ مبدأِ عِلمِ الاجتماعِ أمْ تؤثرِّ الأفكارُ السوداويّةُ الذاتيةُ غيرُ الماديّةِ (للفرد) على الشخصية المعنوية وتقلبُ الأحداثَ رأسا على عقبٍ فيتأثرُ المُجتمعُ ماديا حسبَ مبادئ عِلمِ النفسِ وأصغي لأفكاركُمْ حولَ ذلك وكُلّي امتنانٌ لإصغائِكُمْ والسلامُ عليكُمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتِه.
هذا المقال مُعدّل عن أمسية نقدية قدمتها للإتحاد العام للأدباء والكتاب العراق – ميسان  6/12/2025 يوم السبت.
 



#عباس_داخل_حبيب (هاشتاغ)       Abbas_Habib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توحيد الخطاب النقدي في بيت المسرح
- ما الذي يميّز المسرحية؟
- المسرح في اهوار ميسان
- مُسوّدة في الأزياء المسرحية
- قصائد ميسان : في المدى البعيد للسان
- المسرحُ دراسة بالجمهور
- جمالية التمرين المسرحي , الكتابة أنموذجا
- الإنصات إلى الجمال
- (مسرح) و ( ثيتر)
- الخلط بين عباراتٍ مسرحية مُركبة
- مِنْ أجل تغيير مسار الحبكة
- مُواصفات المسرحية القصيرة جدا -2
- لماذا يستمر الشهر هكذا؟ (نص قصير جدا من الشعر المسرحي)
- نزعة متناثرة مضادة للشعور يتمحور فيها تغيير مسار الحبكة مرار ...
- نصْ شعبي تعبانْ
- على شفى مسارح وَخِيمة – نصوص مسرحية قصيرة جدا
- مُحرّمٌ : فيه القتل - مُحرمٌ فيه : القتل.
- الحوبة الأولى والأخيرة لكاشف الغناء
- أوه لا قحو
- نصوص تمثيلية مُستوحاة من أدب العراق القديم


المزيد.....




- فيلم -أوسكار: عودة الماموث-.. قفزة نوعية بالسينما المصرية أم ...
- أنغام في حضن الأهرامات والعرض الأول لفيلم -الست- يحظى بأصداء ...
- لعبة التماثيل
- لماذا يا سيدي تجعل النور ظلاماً؟
- نشطاء يريدون حماية -خشب البرازيل-.. لماذا يشعر الموسيقيون با ...
- -ماء ونار-.. ذاكرة الحرب اللبنانية في مواجهة اللغة وأدوات ال ...
- أردوغان يستقبل المخرج الفلسطيني باسل عدرا الفائز بأوسكار
- توقيع اتفاق للتعاون السينمائي بين إيران وتركيا
- تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية ...
- إطلالة على ثقافة الصحة النفسية في مجتمعنا


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس داخل حبيب - البعدُ غيرُ الماديّ في الأعمالِ الدراميةِ عِنْدَ وليم شكسبير ، شبحُ هاملت أنموذجا