أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - حيدر صادق صاحب - التحولات الجذرية في النموذجين السوفيتي والصيني، صمود الشيوعية في الشرق وانهيارها في الغرب















المزيد.....

التحولات الجذرية في النموذجين السوفيتي والصيني، صمود الشيوعية في الشرق وانهيارها في الغرب


حيدر صادق صاحب
كاتب وشاعر شعبي

(Haider Sadeq Sahib)


الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 19:12
المحور: الارشيف الماركسي
    


((مقدمة... لغز تاريخي يحير المراقبين))
عندما انهار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، توقع العديد من المحللين أن يكون ذلك بداية نهاية الشيوعية العالمية، وأن النظام الصيني سيسير على الدرب نفسه خلال سنوات قليلة. لكن الذي حدث كان عكس ذلك تمامًا: بينما تفكك المعسكر الشرقي وانهارت أنظمته الاشتراكية، صمدت الصين ليس فقط بل تحولت إلى عملاق اقتصادي يحافظ على النظام السياسي ذاته الذي كان مفترضًا أن يكون محكومًا عليه بالزوال. هذا التناقض التاريخي يشكل لغزًا سياسيًا واقتصاديًا عميقًا، يتطلب تحليلًا متعدد الأبعاد لفهم لماذا نجح نموذج في حين فشل الآخر.
الإجابة ليست بسيطة ولا يمكن حصرها في عامل واحد، بل هي نسيج معقد من العوامل التاريخية والاقتصادية والثقافية والجيوسياسية والإدارية التي تشابكت بطرق مختلفة في البلدين. هذا البحث يحاول فك تشابك هذه العوامل من خلال مقارنة شاملة بين التجربتين، مع إدراك أن لكل منهما خصوصيته التاريخية التي شكلت مساره.

((الاختلافات التاريخية التأسيسية الجذور التاريخية للشيوعية السوفيتية))
بدأت التجربة السوفيتية بثورة 1917 في بلد كان لا يزال زراعيًا إلى حد كبير، حيث قفزت البلاد من الإقطاعية شبه القرون الوسطى إلى الاشتراكية دون المرور بمرحلة الرأسمالية المتطورة كما توقع ماركس. هذا القفز التاريخي خلق فجوة هيكلية بين البنية التحتية المادية والعلاقات الاجتماعية المطلوبة لبناء اشتراكية حقيقية. النظام السوفيتي نشأ في ظروف الحرب الأهلية والحصار الدولي، مما جعله يتخذ طابعًا عسكريًا بيروقراطيًا منذ البداية. كما أن الاتحاد السوفيتي كان إمبراطورية متعددة القوميات تم بناؤها بالقوة، حيث كان الروس أقلية تحكم مجموعات عرقية متنوعة، وهو ما خلق توترات عرقية كامنة ظلت تحت السطح طوال فترة الحكم الشيوعي وانفجرت عند أول فرصة.

((الجذور التاريخية للشيوعية الصينية))
في المقابل، جاءت الشيوعية الصينية إلى السلطة عام 1949 بعد حرب أهلية طويلة وحرب مقاومة ضد الغزو الياباني. كانت الصين دولة موحدة تاريخيًا ذات هوية قومية قوية ترجع لألفيات، فالمسألة القومية لم تكن مشكلة كما في الاتحاد السوفيتي. الشيوعية الصينية تمكنت من تقديم نفسها كاستمرارية للحضارة الصينية وليس كقطيعة معها، حيث مزجت الرموز الثورية مع الرموز التقليدية للحكم الصيني. أيضًا، الصين لم تكن جزءًا من الحرب الباردة بنفس الدرجة التي كان فيها الاتحاد السوفيتي، فكانت لديها مساحة أكبر للمناورة بين المعسكرين. الأهم من ذلك، أن الحزب الشيوعي الصيني خرج من نضال طويل ضد القوى الأجنبية، مما أعطاه شرعية وطنية إضافية بصفته محرر الصين من الإذلال الاستعماري.

((الاقتصاد: الجمود مقابل المرونة، النظام الاقتصادي السوفيتي القصور الهيكلي))
الاقتصاد السوفيتي كان نموذجًا للاقتصاد المخطط مركزياً بصورة جامدة. نظام التخطيط المركزي الذي ابتكره ستالين في الثلاثينيات ظل دون تغيير جوهري حتى الثمانينيات. كان يركز بشكل شبه حصري على الصناعات الثقيلة والعسكرية على حساب السلع الاستهلاكية ورفاهية المواطن. هذا خلق اقتصادًا مشوّهًا حيث كانت المصانع تنتج كميات هائلة من الصلب والأسلحة بينما كانت المتاجر فارغة من السلع الأساسية. الزراعة الجماعية فشلت فشلاً ذريعًا في تحقيق الاكتفاء الغذائي، مما اضطر الاتحاد السوفيتي لاستيراد الحبوب من الغرب منذ السبعينيات.
الابتكار التكنولوجي كان مقصورًا على المجال العسكري، بينما تخلف القطاع المدني تقنيًا. الفساد أصبح نظاميًا حيث كان على المديرين أن يجدوا طرقًا غير رسمية للحصول على المواد والإمدادات التي فشل التخطيط المركزي في توفيرها. عندما انخفضت أسعار النفط في الثمانينيات، فقد الاتحاد السوفيتي مصدر العملة الصعبة الأساسي الذي كان يعوّض به عن عيوب نظامه الاقتصادي.

((الإصلاحات الاقتصادية الصينية: التدرج والبراغماتية))
الصين اتبعت مسارًا مختلفًا تمامًا. بعد وفاة ماو، قاد دينغ شياو بينج سلسلة إصلاحات اقتصادية بدأت بالزراعة ثم امتدت إلى الصناعة. بدلاً من التحول المفاجئ إلى اقتصاد السوق، اتبعت الصين نهجًا تدريجيًا: "عبور النهر عبر لمس الحجارة" كما قال دينغ. تم إنشاء مناطق اقتصادية خاصة لجذب الاستثمار الأجنبي مع عزل بقية الاقتصاد عن الصدمات. تم تحرير الأسعار تدريجيًا، وتم السماح بالمشاريع الخاصة والاستثمار الأجنبي.
الأهم من ذلك، أن الإصلاحات الاقتصادية لم تقترن بإصلاحات سياسية ليبرالية، بل حافظ الحزب على سيطرته السياسية الكاملة. الصين تبنت اقتصاد السوق الاشتراكي، وهو نموذج هجين حافظ على ملكية الدولة للقطاعات الإستراتيجية بينما حرر القطاعات غير الإستراتيجية. هذا النهج التدرجي سمح للصين بالاستفادة من اقتصاد السوق مع تجنب الصدمات الاجتماعية التي صاحبت التحول في دول أخرى.


((الإصلاح السياسي: البيريسترويكا مقابل الاستقرار السلطوي,غورباتشوف والإصلاحات التي أطاحت بالنظام))
عندما تولى ميخائيل غورباتشوف السلطة عام 1985، كان النظام السوفيتي يعاني من ركود اقتصادي وتكنولوجي واجتماعي عميق. غورباتشوف أطلق سياسيتين: البيريسترويكا (إعادة الهيكلة الاقتصادية) والغلاسنوست (الانفتاح والشفافية السياسية). المشكلة كانت في تزامن وتداخل الإصلاحين. الغلاسنوست فتحت الباب أمام النقد العلني للنظام قبل أن تتمكن البيريسترويكا من تحسين الظروف المعيشية. هذا خلق توقعات عالية لم يستطع النظام تلبيتها.
الأخطر أن الغلاسنوست سمحت بتصاعد المشاعر القومية في الجمهوريات السوفيتية غير الروسية، مما أدى إلى مطالب بالاستقلال. غورباتشوف أيضًا أضعف دور الحزب الشيوعي من خلال نقل السلطة إلى المؤسسات الحكومية المنتخبة، لكن هذه المؤسسات لم تكن لديها الخبرة ولا الشرعية للحكم. الإصلاحات خرجت عن السيطرة لأنها هدمت الهياكل القديمة قبل بناء هياكل جديدة قادرة على إدارة الدولة.

((النموذج الصيني: الإصلاح الاقتصادي دون الإصلاح السياسي))
في الصين، اختلف النهج جذريًا. بعد أحداث تيانانمين عام 1989، قرر القادة الصينيون فصل الإصلاح الاقتصادي عن الإصلاح السياسي. تم تعليق أي حديث عن الديمقراطية التعددية والليبرالية السياسية، مع التركيز الكامل على النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة. الحزب الشيوعي حافظ على احتكاره للسلطة، لكنه غير أدوات حكمه: بدلاً من الاعتماد على الأيديولوجيا فقط، أصبح يعتمد على الشرعية الأدائية - أي قدرته على تحقيق النمو الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين.
الصين طورت نظامًا للحكم يجمع بين المركزية الصارمة في صنع القرار السياسي واللامركزية في التنفيذ الاقتصادي. هذا سمح للمسؤولين المحليين بالتجربة والابتكار في السياسات الاقتصادية مع بقائهم خاضعين لسلطة المركز. النظام أيضًا طور آليات لتجديد النخبة الحاكمة وتقاعد القادة بشكل منتظم، مما منع ظاهرة الشيخوخة في القيادة التي عانى منها الاتحاد السوفيتي.


((العامل الخارجي والعلاقات الدولية, الاتحاد السوفيتي والحملة الغربية))
الاتحاد السوفيتي كان الطرف الرئيسي في الحرب الباردة، وهذا جعله هدفًا للضغوط الغربية المستمرة. سباق التسلح الذي أشعلته إدارة ريغان في الثمانينيات استنزف الاقتصاد السوفيتي الذي كان يعاني أصلاً. الدعاية الغربية استهدفت شعوب الاتحاد السوفيتي عبر الإذاعات مثل إذاعة أوروبا الحرة وراديو الحرية. عندما بدأ غورباتشوف إصلاحاته، شجعه الغرب ثم استغل ضعف النظام للترويج للتفكك.
التحالف مع دول أوروبا الشرقية كان عبئًا اقتصاديًا أكثر من كونه نفعًا، حيث كان الاتحاد السوفيتي يدعم اقتصاداتها بشكل كبير. كما أن التدخل العسكري في أفغانستان (1979-1989) كان مكلفًا ماليًا وسياسيًا، حيث كشف ضعف الجيش السوفيتي وعزل الاتحاد السوفيتي دوليًا.

((الصين والاندماج الذكي في النظام العالمي))
الصين اتبعت استراتيجية مختلفة تمامًا. بعد القطيعة مع الاتحاد السوفيتي في الستينيات، بدأت الصين في التقارب مع الولايات المتحدة في السبعينيات. مع بدء الإصلاحات الاقتصادية، تبنت الصين سياسة الانفتاح على العالم الخارجي. لكن هذا الانفتاح كان انتقائيًا ومدروسًا: الصين انضمت إلى المنظمات الاقتصادية الدولية واستقطبت الاستثمار الأجنبي، لكنها حافظت على سيطرتها على قطاعات إستراتيجية ورفضت الوصاية الخارجية على سياساتها الداخلية.
الصين استفادت من العولمة الاقتصادية أكثر من أي دولة أخرى، حيث أصبحت "ورشة العالم". لكنها تجنبت الوقوع في التبعية، وحافظت على سياسة نقدية مستقلة وعدم تحرير كامل لسوق المال. العلاقات مع الغرب كانت اقتصادية في الأساس، مع رفض أي تدخل في الشؤون الداخلية. الصين أيضًا تجنبت الاستنزاف العسكري الخارجي، وركزت على بناء قوتها الاقتصادية أولاً.


((العوامل الثقافية والاجتماعية المجتمع السوفيتي: الاستقالة والانفصال عن النظام))
المجتمع السوفيتي عانى من فجوة متزايدة بين الشعب والنخبة الحاكمة. "العقد الاجتماعي" الضمني في الحقبة السوفيتية كان: تقدم الدولة الضمانات الاجتماعية (العمل، التعليم، الصحة) مقابل الطاعة السياسية. لكن عندما تدهورت الخدمات الاجتماعية والاقتصاد في السبعينيات والثمانينيات، انهار هذا العقد. المواطن السوفيتي كان يعيش ازدواجية: علنًا يظهر الولاء، وخاصة يعيش حياته بعيدًا عن الدولة.
الانفتاح الإعلامي في عهد غورباتشوف كشف فساد النخبة على نطاق واسع، مما دمر ما تبقى من شرعية النظام. كما أن الأيديولوجيا الشيوعية فقدت مصداقيتها بعد عقود من الاستخدام الشكلي والبيروقراطي. القيم الماركسية تحولت إلى طقوس فارغة لا تمت بصلة للواقع اليومي للمواطن.

((المجتمع الصيني: الشرعية التاريخية والوطنية))
الحزب الشيوعي الصيني تمكن من ربط نفسه بالهوية الوطنية والقومية الصينية. بعد قرن من الإذلال على يد القوى الأجنبية (حروب الأفيون، الاحتلال الياباني)، قدم الحزب نفسه كمحرر ومحيي لمجد الصين القديم. النمو الاقتصادي السريع عزز هذه الرواية، حيث رأى الصينيون تحسنًا ملموسًا في مستوى معيشتهم
الأهمية المركزية للاستقرار في الثقافة السياسية الصينية، نتيجة قرون من الحكم الإمبراطري المركزي والحروب الأهلية، جعلت الكثيرين يقبلون بسلطة الحزب مقابل الأمن والنمو. الحزب أيضًا طور آليات أكثر تطورًا للسيطرة الاجتماعية من خلال التكنولوجيا والرقابة الإلكترونية، مستفيدًا من التقدم التقني الذي لم يكن متاحًا للاتحاد السوفيتي.


((العوامل الهيكلية والمؤسسية، هشاشة البنية الاتحادية السوفيتية))
الاتحاد السوفيتي كان اتحادًا فيدراليًا اسميًا، لكنه في الواقع كان مركزياً بصورة صارمة. الدستور السوفيتي منح الجمهوريات الحق النظري في الانفصال، وهو ما لم يكن موجودًا في أي دولة اتحادية أخرى. عندما ضعفت السلطة المركزية، استخدمت الجمهوريات هذا الحق للانفصال. القوميات غير الروسية (أوكرانيا، دول البلطيق، القوقاز، آسيا الوسطى) كانت تبحث عن أول فرصة للتحرر من الهيمنة الروسية.
في المقابل، الصين دولة موحدة منذ آلاف السنين، مع وجود أقليات قومية تشكل نسبة صغيرة من السكان وتعيش في مناطق هامشية. المشكلة القومية في الصين أقل حدة بكثير منها في الاتحاد السوفيتي. حتى عندما حدثت احتجاجات في التبت أو شينجيانغ، كانت معزولة ولم تهدد الوحدة الوطنية بالطريقة التي هددت بها الحركات القومية في الاتحاد السوفيتي.

((مؤسسات الحكم: الجمود مقابل التكيف وهو الأشد والأخطر على النظام السوفيتي))
المؤسسات السوفيتية تجمدت في قوالب ستالينية لم تتغير منذ الثلاثينيات. الحزب الشيوعي السوفيتي تحول إلى بيروقراطية ضخمة معطلة، تفقد قدرتها على التجدد والابتكار. عملية صنع القرار كانت شديدة المركزية، مع اعتماد كامل على القيادة العليا.

الصين طورت نظامًا أكثر مرونة. على الرغم من الحفاظ على الحزب الواحد، فإن داخله توجد آليات للتنافس والتجديد. عملية صنع القرار أصبحت أكثر جماعية بعد عهد ماو، مع تقاسم السلطة بين هيئات الحزب والدولة. الصين أيضًا طورت نظامًا للترقية القائمة على الجدارة في المستويات الدنيا والمتوسطة من الحزب، مما سمح بظهور كوادر قادرة على إدارة التحول الاقتصادي المعقد.

((القيادة واتخاذ القرار في لحظات التحول، غورباتشوف: المثالية الكارثية))
قيادة ميخائيل غورباتشوف كانت عاملًا حاسمًا في انهيار الاتحاد السوفيتي. غورباتشوف كان مصلحًا مخلصًا أراد إنقاذ الاشتراكية، لكنه أخطأ في تقدير عمق الأزمة وفي توقيت وترتيب الإصلاحات. إصراره على الإصلاح السياسي قبل الاقتصادي، وفتحه للنقد العلني قبل تحسين الظروف المعيشية، خلق سيناريو ثوري كلاسيكي توقعات متصاعدة لا يستطيع النظام تلبيتها.
غورباتشوف أيضًا أضعف مؤسسات الحكم القائمة (الحزب، الكي جي بي، الجيش) دون بناء بدائل قادرة على الحكم. رفضه استخدام القوة لقمع الحركات الانفصالية (مثل دول البلطيق) في البداية، ثم تردده عندما فعل ذلك متأخرًا، أعطى إشارات متناقضة.

((القيادة الصينية: البراغماتية الواقعية))
القيادة الصينية بعد ماو اتسمت بالبراغماتية والواقعية. دينغ شياو بينج لم يكن مثاليًا مثل غورباتشوف، بل كان سياسيًا عمليًا مهتمًا بالنتائج. شعاره الشهير "لا يهم لون القط أسود أم أبيض، المهم أن يصطاد الفئران" يعكس هذا النهج البراغماتي. القيادة الصينية تعلمت من أخطاء الآخرين، وراقبت بعناية انهيار الاتحاد السوفيتي وقررت تجنب مساره.
عندما واجه النظام الصيني تهديدًا وجوديًا في تيانانمين 1989، استخدم القوة لحماية النظام، ثم عدل مساره بتسريع الإصلاحات الاقتصادية لمعالجة المظالم التي أدت إلى الاحتجاجات. هذه القدرة على الجمع بين الحزم في الحفاظ على السلطة والمرونة في تعديل السياسات كانت حاسمة في بقاء النظام.

خاتمة...... دروس التاريخ واستمرارية التحديات
انهيار الاتحاد السوفيتي وبقاء الصين ليسا حتمية تاريخية، بل نتاج خيارات سياسية ومسار تطوري مختلف. الاتحاد السوفيتي فشل لأنه جمد في نموذج ستاليني لم يتكيف مع متغيرات العالم، وحاول الإصلاح بشكل غير متسق وغير مدروس. الصين نجت لأنها تبنت إصلاحات اقتصادية تدريجية مع الحفاظ على السيطرة السياسية، وتكيفت مع العولمة دون الذوبان فيها، لكن النموذج الصيني لا يخلو من التحديات. عدم المساواة الاقتصادية، الفساد، التحديات البيئية، والشيخوخة السكانية تهدد استقراره على المدى الطويل. كما أن التوترات مع الغرب قد تعيق نموه المستقبلي. الصين توازن حاليًا بين الحفاظ على النظام السياسي الأحادي والسماح بقدر من الحرية الاقتصادية والاجتماعية، وهو توازن قد يصعب الحفاظ عليه مع تطور المجتمع وتصاعد توقعاته.

درس التاريخ الرئيسي هو أن النظم السياسية تحتاج إلى التجدد والتكيف للبقاء. الاتحاد السوفيتي فشل لأنه لم يتكيف في الوقت المناسب، ثم حاول التكيف بشكل فوضوي. الصين تكيفت، لكن تحديات المستقبل ستختبر مرونة نموذجها الهجين. ربما يكون السر في الجمع بين الاستقرار والتغيير، بين الأصالة والمعاصرة، بين الانفتاح والحماية - معادلة صعبة تمكنت الصين من تحقيقها حتى الآن، وفشل فيها الاتحاد السوفيتي في النهاية، تثبت المقارنة بين التجربتين أن الأيديولوجيا وحدها لا تصنع مصير الأمم، بل جودة الحكم، والقدرة على التكيف، والاستجابة لحاجات الشعوب هي العوامل الحاسمة في بقاء الأنظمة واستمرارها، بغض النظر عن شعاراتها وألوانها الأيديولوجية.



#حيدر_صادق_صاحب (هاشتاغ)       Haider_Sadeq_Sahib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوية ضائعة ام انقسام داخلي.. هل نحن أمام آخر أيام اليسار الع ...
- الفرد العراقي (ماضي مشرق وحاضر مضطرب ومستقبل معتم)
- التشريح السوسيولوجي أنثروبولوجي للتحولات الجذرية في النسيج ا ...
- فلسفة التعليم الآلي: كيف يقلب التعلم العميق مفاهيمنا عن المع ...
- العقل البشري العربي بين سندان التقاليد الاجتماعية ومطرقة الف ...
- مشروع الهيمنة: كيف يعيد الحزب الشيوعي كتابة قواعد اللعبة الع ...
- من بوح الجماعة إلى جنون الفرد: تشريح التحول في بنية القصيدة ...
- المحاصصة السياسية في العراق جذور عميقة وحلول غائبة
- سايكولوجية المواطن العربي - بين ثقل التاريخ وتحديات الحاضر
- السلوك الجمعي (سلوك القطيع): الآليات والتجليات والتداعيات
- الديالكتيك… حين يتكلّم العالم بلغته السرّية (نسخة موسّعة مع ...
- البطالة في العراق: تشخيص الواقع واستشراف الحلول المستقبلية ت ...
- حقوق الأقليات في العراق، من جميع الجوانب التاريخية والدستوري ...
- التصحر في العراق: أزمة تهدد الهوية وماهي الحلول المستقبلية ل ...
- اصلاح تدريجي ام ترقيع مؤقت ((رؤيا سياسية تحليلية لما يحصل في ...
- دور اليسار والقوى الوطنية في العراق
- الموضة وتاريخ نشأتها وتطورها
- مراحل وانماط التغيير الاجتماعي (( patterns of change ))
- معالجة انفسنا اولا واصلاح الذات والابتعاد عن معالجة اخطاء ال ...
- مصطلح الغباء والتراكمات التي يسببها


المزيد.....




- If Trump Is Serious About Peace, Marco Rubio Has to Go
- 7 و 8 ديسمبر 1952 يومان مشهودان في تاريخ الطبقة العاملة المغ ...
-  On Renaming, Memory, and the Strange Weight of Words
- Germany’s Far-Right Reinvents Its Youth
- Why Did the PKK Dissolve Itself? And What Comes Next?
- كلمة الميدان: في طريق النصر
- طوسون: 17 عامًا من النضال ضد التشريد
- تيسير خالد : ما احوجنا الى انتفاضة شعبية جديدة وعصيان وطني ف ...
- ينبغي ألا تكون كأس العالم لعبة في يد ترامب
- كتاب: عندما كان لسان يسمى فرناندو (حلقة 4)


المزيد.....

- مقالات موضوعية في الفلسفة الماركسية / عائد ماجد
- كراسات شيوعية(الأممية الرابعة والموقف من الحرب ) ليون تروتسك ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الحزب الماركسي والنضال التحرري والديمقراطي الطبقي واهمية عنص ... / غازي الصوراني
- حول أهمية المادية المكافحة / فلاديمير لينين
- مراجعة كتاب (الحزب دائما على حق-تأليف إيدان بيتي) القصة غير ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مايكل هارينجتون حول الماركسية والديمقراطية (مترجم الي العربي ... / أحمد الجوهري
- وثائق من الارشيف الشيوعى الأممى - الحركة الشيوعية في بلجيكا- ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الثقافة والاشتراكية / ليون تروتسكي
- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس / حسين علوان حسين
- العصبوية والوسطية والأممية الرابعة / ليون تروتسكي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - حيدر صادق صاحب - التحولات الجذرية في النموذجين السوفيتي والصيني، صمود الشيوعية في الشرق وانهيارها في الغرب