أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر صادق صاحب - اصلاح تدريجي ام ترقيع مؤقت ((رؤيا سياسية تحليلية لما يحصل في العراق))















المزيد.....

اصلاح تدريجي ام ترقيع مؤقت ((رؤيا سياسية تحليلية لما يحصل في العراق))


حيدر صادق صاحب
كاتب وشاعر

(Haider Sadeq Sahib)


الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 23:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعيش العراق في الوقت الراهن حالة سياسية معقّدة تجمع بين تحدّيات بنيوية داخلية وخارجية، وبين فرص وإمكانيات لتغيير ما - لكنّها في الآن نفسه محكومة بعوامل تقليدية كانت ولا تزال تؤثّر على مسار الدولة والمجتمع. في هذا المقال الطويل سنحاول تناول أبرز المحاور التي تشكّل المشهد السياسي العراقي: الخلفية التاريخية، البنى السلطوية، التحديات الراهنة، الفاعلون الرئيسيون، والعناصر الإقليمية والدولية، ثم نستعرض سيناريوهات محتملة للمستقبل.

1. خلفية تاريخية سريعة
من المهم أن نبدأ بموجز لتاريخ ما بعد 2003 حتى نفهم الوضع الحالي:
بعد سقوط نظام صدام حسين وبدء احتلال العراق، دخلت البلاد في مرحلة انتقال طويل مع دمج مذهبي/طائفي في النظم السياسية، وبروز قوى مقاومة وتنظيمات مسلحة.
جاءت الانتخابات والنظام السياسي الجديد في إطار «الشراكة الوطنية» الذي سعى لتقسيم السلطة بين مكونات الشيعة والسنة والكرد، لكن النظام لم يوفّر استقراراً حقيقياً بسبب ضعف المؤسسات والمنافسات الطائفية.
احتجاجات كبيرة حصلت في الفترة من 2019 إلى 2021 تحت شعار «تغيير النظام» تقريباً، ورفع السؤال عن الفساد، البطالة، ضعف الخدمات، والتدخلات الأجنبية.
2. البُنى السياسية الراهنة
أ. النظام السياسي والسلطوي
العراق لديه دستور منذ 2005 ينصّ على نظام برلماني اتحادي، لكن الواقع السياسيّ لا يزال يتأثر بقوة بالأحزاب والطوائف و«المحاصصة» (توزيع مقاعد السلطة على أساس مذهبي/طائفي).
حكومة محمد شياع السوداني التي تولّت المنصب في أكتوبر 2022 تُعدّ كمثال على محاولة «إعادة ضبط» النظام، لكنّها تواجه صعوبة في تجاوز التحديات.
ب. البنى غير المؤسسية والقوى الموازية
إلى جانب أجهزة الدولة الرسمية، هناك ميليشيات وأذرع مسلحة، بما فيها قوى تابعة لـحشد الشعبي، وميليشيات شيعية ذات علاقات مع إيران، تعمل في الكثير من الأحيان خارج السيطرة الكاملة للحكومة المركزية.
كذلك هناك فاعلون إقليميون ودوليون — الولايات المتحدة، إيران، تركيا، والقوى الأخرى — يتفاعلون في الساحة العراقية ويؤثرون على القرار السياسي والأمني.
3. التحديات الكبرى
أ. الاستقرار السياسي
رغم بعض الهدوء النَّسبي، فإن العراق يعاني من «شلل» أو تأخير في بعض المؤسسات، وخطر عودة النزاعات أو تفاقمها.
في مناطق مثل كردستان أو المناطق المتنازع عليها، الحوارات لا تزال جارية والتوترات قائمة.

ب. الاقتصاد والتنمية
الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير جداً على النفط، ما يجعله عرضة لتقلبات الأسعار، ويعاني من بطالة كبيرة (تقديرات تتراوح ما بين 25-40٪) ونقصاً في التنويع الاقتصادي.
ضعف الخدمات، البنية التحتية المتضررة، والفساد المستشري، تُضعف الشرعية السياسية للحكومة.
ج. الحريات وحقوق الإنسان
هناك ضغوط على حرية التعبير، ووسائل الإعلام والناشطين يواجهون مخاطر.
التمييز ضد النساء والأقليات، وعدم وجود تشريعات حازمة لحمايتها، يمثلان معضلة.
د. النفوذ الإقليمي والدولي

العراق يقع في موقعٍ حساس جغرافياً وسياسياً، بين النفوذ الإيراني من جهة، والتطلعات الأميركية من جهة ثانية، وأيضاً التحديات الإقليمية (سوريا، تركيا، الخ). هذا يؤثر على قدرة بغداد في اتخاذ قرارات مستقلة بالكامل.
4. الفاعلون السياسيون الرئيسيون
محمد شياع السوداني: رئيس الوزراء، يسعى إلى تقديم نفسه كـ«باني» ضعفاً وضع استراتيجية «العراق أولاً».
مختلف الأحزاب الشيعية (ومن بينها ما يُعرف بـإطار التنسيق) التي لها دور كبير في البرلمان والحكومة.

الكتلة الصدرية التي يقودها مقتدى الصدر، والتي أعلنت مقاطعتها للانتخابات الأخيرة، ما يُشكّل عامل توتر أو تغيير محتمل.
الأحزاب الكردية والأقاليم: منطقة كردستان لها برلمان وحكومة إقليمية، ولها دور مستقل نسبياً، لكن علاقاتها مع الحكومة المركزية في بغداد لا تزال تتعيّنها العديد من الخلافات.
القوى الأمنية والميليشيات: كقوة موازية أو مكملة للدولة، لها تأثير مباشر على الاستقرار الأمني والسياسي.

5. آخر التطورات (“الآن”)
أجريت انتخابات برلمانية في 11 نوفمبر 2025، تحت إجراءات أمنية مشدّدة، مع مقاطعة من الكتلة الصدرية.
هناك محاولات لإدماج الحشد الشعبي والميليشيات ضمن المؤسسة العسكرية والأمنية للدولة، كجزء من إصلاحات حاولت الحكومة تطبيقها.
العراق أعلن أنه سينهي استيراد الغاز الإيراني بحلول العام 2028، ويسعى للتنويع الاقتصادي وزيادة الاعتماد على نفسه.

6. تحليل الوضع الحالي
يمكن القول إن العراق «في مفترق طرق». هناك بعد من الاستقرار الذي لم يكن متوفّراً في السنوات السابقة، لكن هناك بالمقابل عوامل هشاشة قوية:
من جهة، الحكومة تحاول «إنتاج تغيير» وتحسين الخدمات، تعزيز الدور الاقتصادي، وإظهار استقلالية أكبر عن النفوذ الخارجي.
من جهة ثانية، قواعد الدولة ما تزال ضعيفة: المؤسسات غير متماسكة، المحاصصة الطائفية قائمة، النفوذ الخارجي (إيران، الولايات المتحدة) لا يزال كبيراً، والاقتصاد غير متنوّع.
المقاطعة الانتخابية التي قام بها أحد الفاعلين الرئيسيين تُشير إلى استياء شعبي أو من داخل النخبة، ما قد يؤدي إلى فقدان شرعية أجزاء من النظام إن لم تُعالج معالجتها.

المعادلة الإقليمية، بما فيها صراعات في الشرق الأوسط (إسرائيل وإيران، سوريا، لبنان)، تؤثر على العراق بشكل مباشر — سواء من ناحية أمنية أو من ناحية السياسة الخارجية.

7. سيناريوهات ممكنة للمستقبل
في ضوء ما سبق، يمكن تصور عدة سيناريوهات:
سيناريو الإصلاح التدريجي: تستمر حكومة السوداني في تنفيذ إصلاحات (اقتصادية، إدارية)، وتحقق نسب نجاح كافية لتعزيز الاستقرار، وتدعيم الدولة تجاه الميليشيات والنفوذ الخارجي، ما يؤدي إلى تحسّن تدريجي.

سيناريو تجميد الوضع أو تردّيه: تبقى التحديات قائمة، ولا تتحقّق الإصلاحات المنشودة، وتزداد الضغوط الاجتماعية، وقد تنفجر احتجاجات أو صراعات محلية، مما يؤدي إلى عودة الفوضى أو تغيّر جذري غير منظّم.

سيناريو تغيير جذري: نتيجة ضغط شعبي أو تدخل خارجي أو أزمة، قد يحدث تغيير في النظام السياسي — مثلاً انتخابات تُفرز كتلاً جديدة، أو تغيّر في التوازن الشيعي/السني/كردي — لكن هذا الطريق محفوف بالمخاطر وقد ينزلق إلى عدم استقرار.

8. خلاصة

الوضع السياسي في العراق هو حالة «من الممكن لكنها غير مضمونة». هناك إرادة إصلاح، وهناك عوامل إيجابية (كـالرغبة في تنويع الاقتصاد، والتقليل من الاعتماد على النفط، وتحسين الخدمات)، لكن هناك أيضاً عوامل قوية تعيق التقدّم (الفساد، المحاصصة، التدخّلات، تفكّك المؤسسات). الشعب العراقي يُطالب بالتغيير والقيادة في بغداد تدرك ذلك لكن الطريق طويل ومعقّد.



#حيدر_صادق_صاحب (هاشتاغ)       Haider_Sadeq_Sahib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور اليسار والقوى الوطنية في العراق
- الموضة وتاريخ نشأتها وتطورها
- مراحل وانماط التغيير الاجتماعي (( patterns of change ))
- معالجة انفسنا اولا واصلاح الذات والابتعاد عن معالجة اخطاء ال ...
- مصطلح الغباء والتراكمات التي يسببها
- نهر حبك نشف
- أخطاء وثغرات النص الشعري في الشعر الشعبي العراقي
- كيف نستقبل العام الدراسي الجديد ونستعد له
- جمهورية الموز ومعول الهدم المنظم !!
- الهشاشة النفسية اسبابها ونتائجها
- معركة الوعي الذاتي بين ازمات التفكير والتضليل
- الفرق بين صنع القرار وطريقة اتخاذه وتنفيذه
- ((دور اليسار بين ضعف الامكانيات وسلبية التخطيط))
- التغيير اهم القرارات المصيرية للوصول الى الهدف المنشود
- ( الازدواجية السياسية بين الوعظ والاصلاح الوهمي )
- عشوائيات الوطن والدكة العشائرية!
- العجز التلقيني ودوره في بناء شخصية الفرد العراقي
- حلم لن نراه , الولايات المتحدة العربية !!!
- الشعب العراقي يواجهون الأحزاب وانتخاباتها بالسخرية والهزل


المزيد.....




- خارجية أمريكا ترد على -لقاء كوشنر وأبو شباب قائد الميليشيا ا ...
- الاتحاد الأوروبي يسعى لتأجيل قانون إزالة الغابات
- مجموعة السبع تبحث بكندا أزمات غزة والسودان والكاريبي وأوكران ...
- العلاج الحراري المنزلي ربما يكون الحل الأمثل لخفض ضغط الدم
- روسيا تتصدى لمسيّرات وأوكرانيا تؤكد تدهور الأوضاع في زاباروج ...
- نشأة وتطور التصوير الفوتوغرافي في القدس
- علاج جديد يحمي الخلايا العصبية المتضررة من مرض العصبون الحرك ...
- فيديو.. تركيا تعلن مقتل 20 عسكريا في -كارثة الطائرة-
- وثائق سرية تكشف -مخاوف مكبوتة- من إمكانية انهيار اتفاق غزة
- بعدما خدعت 128 ألف شخص.. القضاء يقرر عقوبة -ملكة الكريبتو-


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر صادق صاحب - اصلاح تدريجي ام ترقيع مؤقت ((رؤيا سياسية تحليلية لما يحصل في العراق))