أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حيدر صادق صاحب - دور اليسار والقوى الوطنية في العراق














المزيد.....

دور اليسار والقوى الوطنية في العراق


حيدر صادق صاحب
كاتب وشاعر

(Haider Sadeq Sahib)


الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 22:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بين شظايا الاحتلال والطائفية والتفكك السياسي
هل هناك دور لليسار والقوى الوطنية في العراق؟

عندما سقط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد عام 2003، لم يكن سقوط نظام فحسب، بل كان بداية لتفكك كيان سياسي واجتماعي مبني على فكرة الدولة المركزية، وإن كانت سلطوية. دخل العراق في دوامة من الفوضى والاحتلال، ثم الصراع الطائفي والأهلي، لتبتلعه في النهاية آلة المحاصصة السياسية القائمة على الهوية الطائفية والإثنية. في هذا المشهد المعقد، يبرز سؤال ملح: أين هو دور اليسار والقوى الوطنية العلمانية، وهل ما يزال لهما مكان تحت شمس العراق الحارقة؟
الإرث التاريخي: جذور عميقة وصدمات متلاحقة
كان للتيار اليساري والقومي التاريخي حضور قوي في العراق خلال القرن العشرين. من الحزب الشيوعي العراقي، الذي كان من أكبر الأحزاب الشيوعية في العالم العربي نفوذاً وتنظيماً، إلى التيارات القومية والناصرية، شكلت هذه القوى عموداً فقرياً للمعارضة والنضال ضد الأنظمة الاستبدادية المتعاقبة. كان لها دور محوري في انتفاضات وثورات، أبرزها ثورة 14 تموز 1958.
لكن هذا الإرث تعرض لضربات قاصمة: القمع الوحشي لحزب البعث، حروب النظام، والحصار الاقتصادي الذي أنهك المجتمع. جاء الغزو الأمريكي عام 2003 ليمثل الصدمة الأكبر، حيث عملت سلطة الائتلاف المؤقتة على تفكيك مؤسسات الدولة وإحلال نظام المحاصصة الطائفية مكانها، مما أفقد اليسار والقوى الوطنية بيئتهم السياسية التقليدية القائمة على الصراع الطبقي والفكري، لصالح هويات فرعية طائفية وإثنية طغت على كل شيء.

التحديات في مرحلة ما بعد 2003: الطائفية والسلاح والمال السياسي
يمكن إيجاز التحديات التي تواجه اليسار والقوى الوطنية اليوم في:
هيمنة النظام الطائفي: أصبح الانتماء الطائفي أو القومي (شيعي، سني، كردي) هو البوابة الرئيسية للوصول إلى السلطة والموارد. وهذا يصعب على الخطاب الوطني العلماني الذي يتجاوز هذه الانقسامات أن يجد صدى واسعاً في ظل نظام يحفزها.
سيطرة الميليشيات والأحزاب المسلحة: أصبحت القوة المسلحة خارج إطار الدولة أداة ضغط سياسي رئيسية، مما يجهد العمل السياسي المدني السلمي الذي تتبناه معظم القوى اليسارية والوطنية.
الفساد والمحاصصة: شبكات الفساد الهائلة التي أنشأها النظام السياسي القائم جعلت من الصعب على قوى نزيهة، لا تملك الإمكانات المالية الهائلة، منافسة الأحزاب الحاكمة.
أزمة الخطاب: لا يزال جزء من الخطاب اليساري والوطني منفصلاً عن هموم الشارع المباشرة. بينما يعاني المواطن من انقطاع الكهرباء والبطالة وانهيار الخدمات، يبدو الحديث عن أممية البروليتاريا أو النضال ضد الإمبريالية مجرداً وبعيداً عن الواقع اليومي للمواطن العادي.
التشرذم والانقسامات: تعاني هذه القوى من تشتت كبير وتعدد في التنظيمات الصغيرة، مما يفقدها قوتها الجماعية ويُضعف قدرتها على التأثير.
بصيص أمل: لماذا لا يزال الأمل قائماً؟

رغم هذه التحديات الجسيمة، فإن هناك مؤشرات على أن الظرف قد يكون ناضجاً لعودة هذه القوى، وإن بشكل مختلف:
انفجار الاحتجاجات الشعبية: كانت انتفاضة تشرين 2019 نقطة فارقة. رفع المتظاهرون علم العراق دون الرموز الطائفية، وهتفوا ضد الفساد والميليشيات وإيران وأمريكا معاً. كان هذا التجسيد الحقيقي لخطاب وطني يتجاوز الطائفية. قدمت هذه الحركة جيلاً جديداً لم يعد مأسوراً لهويات الماضي، ويمقت النظام القائم بكامل مكوناته.
فشل النموذج الطائفي: بعد عقدين، بات من الواضح للعراقيين أن نظام المحاصصة لم يأتِ بالاستقرار ولا بالرخاء، بل قاد البلاد إلى مزيد من التدهور. هذا الإدراك المتزايد يخلق قاعدة جماهيرية محتملة لخطاب بديل.
المشاكل الهيكلية: الأزمات الاقتصادية والبيئية (مثل شح المياه) هي قضايا وطنية لا يمكن حلها بمنطق طائفي. هذه القضايا تتطلب حلولاً تعتمد على التخطيط العلمي والعدالة الاجتماعية، وهي من صميم اهتمامات الفكر اليساري والوطني.
التجارب الانتخابية: بدأت بعض الكيانات ذات التوجه المدني والعلماني تحقق تقدماً نسبياً، وإن كان محدوداً، في الانتخابات المحلية والبرلمانية، مما يثبت وجود حاضنة انتخابية، ولو صغيرة، لهذا الخيار.
خلاصة: نحو دور متجدد
الدور المنشود لليسار والقوى الوطنية اليوم لا يكمن في استعادة أمجاده الماضية، بل في قدرته على:
إعادة صياغة خطابه ليكون أقرب إلى هموم الناس اليومية: العمل، الخدمات، التعليم، والصحة.

الاندماج مع حركة الاحتجاج الشبابية وتمثيل مطالبها بشكل مؤسسي في المؤسسات السياسية.
بناء تحالفات واسعة مع القوى المدنية الأخرى، مستفيداً من الإرث التاريخي للنضال ولكن من دون الوقوع في أسرته.
تقديم نموذج عملي للحكم على مستوى المحافظات إن أمكن، يثبت كفاءته ونزاهته.
اليسار والوطنيون في العراق أمام مفترق طرق. إما أن ينجحوا في تحويل أنفسهم من حركات تراثية تحن إلى الماضي إلى قوى طليعية تفهم حاضر العراق وتتلمس طريقاً لمستقبله، وإما أن يظلوا على هامش المشهد، تذكّرهم انتفاضات الشعب بين الحين والآخر بأن جذوة الوطنية لم تنطفئ، لكن دون أن يكون لهم دور فاعل في قيادة المسيرة.



#حيدر_صادق_صاحب (هاشتاغ)       Haider_Sadeq_Sahib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموضة وتاريخ نشأتها وتطورها
- مراحل وانماط التغيير الاجتماعي (( patterns of change ))
- معالجة انفسنا اولا واصلاح الذات والابتعاد عن معالجة اخطاء ال ...
- مصطلح الغباء والتراكمات التي يسببها
- نهر حبك نشف
- أخطاء وثغرات النص الشعري في الشعر الشعبي العراقي
- كيف نستقبل العام الدراسي الجديد ونستعد له
- جمهورية الموز ومعول الهدم المنظم !!
- الهشاشة النفسية اسبابها ونتائجها
- معركة الوعي الذاتي بين ازمات التفكير والتضليل
- الفرق بين صنع القرار وطريقة اتخاذه وتنفيذه
- ((دور اليسار بين ضعف الامكانيات وسلبية التخطيط))
- التغيير اهم القرارات المصيرية للوصول الى الهدف المنشود
- ( الازدواجية السياسية بين الوعظ والاصلاح الوهمي )
- عشوائيات الوطن والدكة العشائرية!
- العجز التلقيني ودوره في بناء شخصية الفرد العراقي
- حلم لن نراه , الولايات المتحدة العربية !!!
- الشعب العراقي يواجهون الأحزاب وانتخاباتها بالسخرية والهزل


المزيد.....




- مصر.. شبح التضخم يعاود الارتفاع مع زيادة أسعار الوقود
- هل تنهي وساطة شتاينماير سجن صنصال وأزمة الجزائر مع باريس؟
- الادعاء العام التركي يوجه 142 تهمة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم ...
- الاهتمام بها لم يُفضِ إلى جمهور عريض.. سيدني سويني تعلق على ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: الدور الأميركي في أمن تل أبيب يفوق دور ...
- تركيا: توجيه 142 تهمة لرئيس بلدية إسطنبول المعارض.. والعقوبة ...
- العراق .. إغلاق صناديق الاقتراع وسط مشاركة -خجولة-
- الجيش الإسرائيلي يتهم حزب الله بالسعي إلى استعادة قدراته الق ...
- وزير خارجية مصر يصل بورتسودان وسط أزمة متصاعدة بالفاشر
- حماس: ذكرى اغتيال عرفات تذكّر باستمرار الجرائم الإسرائيلية


المزيد.....

- رؤية ليسارٍ معاصر: في سُبل استنهاض اليسار العراقي / رشيد غويلب
- كتاب: الناصرية وكوخ القصب / احمد عبد الستار
- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حيدر صادق صاحب - دور اليسار والقوى الوطنية في العراق