أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر صادق صاحب - المحاصصة السياسية في العراق جذور عميقة وحلول غائبة















المزيد.....

المحاصصة السياسية في العراق جذور عميقة وحلول غائبة


حيدر صادق صاحب
كاتب وشاعر شعبي

(Haider Sadeq Sahib)


الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 20:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
تُعد المحاصصة السياسية واحدة من أخطر الإشكاليات التي تواجه بناء الدولة العراقية بعد عام 2003. نشأت كنظام لتقاسم السلطة بين المكونات السياسية الرئيسية (الشيعة، السنة، الأكراد) بهدف ضمان التمثيل العادل ومنع هيمنة فئة على أخرى. إلا أن هذا النظام تحول من أداة للإدماج إلى آلة لتكريس الفساد وإضعاف الدولة، مما يجعل البحث في سبل القضاء عليه أمراً ملحاً لضمان مستقبل العراق.


1 . ما هي المحاصصة السياسية؟
المحاصصة السياسية هي نظام لتقاسم السلطة والمناصب الحكومية بين الكتل السياسية والفئات الاجتماعية (شيعية، سنية، كردية) على أساس الانتماء الطائفي أو القومي، وليس على أساس الكفاءة والخبرة. تعمل وفق مبدأ "تقاسم الغنائم" وهذه الطامة الكبرى حيث تحصل كل كتلة على حصة من المناصب الوزارية والدرجات الخاصة والإدارات الحكومية مقابل مشاركتها في العملية السياسية.

2. الآلية التي تعمل بها المحاصصة
توزيع المناصب العليا: يتم توزيع المناصب الثلاثة الأولى (رئيس الوزراء للشيعة، رئيس البرلمان للسنة، رئيس الجمهورية للأكراد) بشكل غير مكتوب ولكن متفق عليه.

تقسيم الوزارات: تُوزع الحقائب الوزارية على الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات، التي تعتبرها "غنيمة" وتقوم بتعيين وزرائها وموظفيها الموالين لها بغض النظر عن الكفاءة

الدرجات الخاصة: يتم توزيع آلاف المناصب الإدارية العليا (مديرون، سفراء، مدراء أقسام) على الأحزاب وفقاً لحصتها في البرلمان، مما يؤدي إلى شغل هذه المناصب بالولاء الحزبي وليس الكفاءة المهنية.


3. الأسباب التي أدت إلى ظهورها

1. مرحلة ما بعد 2003: فرضت سلطة الائتلاف المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة نموذجاً طائفياً- قومياً كأساس للتمثيل السياسي، مستندة إلى رؤية أحزاب المعارضة في المنفى .
2. رد فعل على سياسات النظام السابق: جاءت كضمانة لمنع عودة الدكتاتورية وهيمنة فئة واحدة على مفاصل الدولة.
3. ضعف الهوية الوطنية: ساهمت سنوات القمع والتمييز في تفكيك الهوية الوطنية الجامعة، مما عزز الهويات الفرعية (الطائفية والقومية).

4. الآثار والنتائج السلبية
* الجانب المتأثر والآثار السلبية *
* الفساد الإداري والمالي تحول المؤسسات الحكومية إلى مصادر لتمويل الأحزاب وتعيين الموالين لهم وانتشار الواسطة والمحسوبية والرواتب الوهمية.
* تدني مستوى الخدمات وتدهور الكهرباء، الصحة، التعليم، البنى التحتية بسبب إدارة غير كفوءة واهتمام الحاكم ببقائه في السلطة وليس بخدمة المواطن.
* إضعاف الدولة وسيادتها وولاء الموظفين والقوات الأمنية يصبح لحزبهم أو طائفتهم وليس للدولة، مما يضعف مؤسساتها ويقوي الميليشيات المسلحة.
* تفكيك النسيج الاجتماعي تعميق الانقسامات الطائفية والقومية بين مكونات الشعب الواحد وإشاعة ثقافة الكراهية.
* عدم الاستقرار السياسي أزمات حكومية متكررة أثناء تشكيل الحكومات بسبب الخلاف على الحصص، وشلل في صنع القرار.
5. كيفية القضاء على المحاصصة السياسية: مقترحات وإستراتيجيات
القضاء على المحاصصة يتطلب إرادة سياسية وشعبية وإصلاحات شاملة، ويمكن طرح الحلول وفق المحاور التالية:
أولاً: الإصلاحات السياسية والدستورية
1. تعديل قانون الانتخابات:
* اعتماد الدوائر الانتخابية الصغيرة المتعددة بدلاً من القائمة الوطنية الكبيرة، مما يجبر المرشح على مخاطبة ناخبيه مباشرة وتقديم الخدمات لهم بدلاً من الاختباء وراء القوائم الطائفية.
* اعتماد الصوت الواحد القابل للتحويل لتعزيز تمثيل الكفاءات المستقلة على حساب الكتل الكبيرة.

2. تعديل الدستور وآلية تشكيل الحكومة:
*إلغاء "الثلث المعطل" أو "الفيتو الطائفي" الذي يعطى لأي مكون لحجب الثقة عن الحكومة، والانتقال إلى نظام **الأغلبية البسيطة** لتشكيل الحكومة.
* منح الحكومة صلاحيات أوسع في مواجهة عرقلة البرلمان المستندة إلى المكاسب الطائفية.

*تغيير نظام الحكم طرح فكرة الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي لتعزيز المساءلة المباشرة، حيث يصبح الرئيس أو رئيس الوزراء مسؤولاً مباشرة أمام الشعب وليس أمام تحالفات البرلمان الطائفية.

ثانياً: الإصلاحات الإدارية ومكافحة الفساد
1. حكومة التكنوقراط: تشكيل حكومة من **التكنوقراط** (الكفاءات غير الحزبية) لإدارة الوزارات السيادية والخدمية. يجب أن تكون هذه الحكومة مستقلة ومحمية بقانون خاص يمنع تعيينات المحاصصة.
2. إصلاح الخدمة المدنية: تفعيل قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل، الذي يركز على مبدأ الكفاءة والاختبار والقدم.
3. إخضاع جميع التعيينات لامتحانات تنافسية شفافة، وإلغاء التعيينات الحزبية المباشرة.
4. إعادة هيكلة "الدرجات الخاصة" وربطها بشروط كفاءة صارمة.
5. تفعيل مؤسسات الرقابة ومكافحة الفساد:** منح هيئة النزاهة ومجالس القضاء والإدارات المالية استقلالية تامة لمحاسبة الفاسدين بغض النظر عن انتمائهم السياسي.


ثالثاً: الإصلاحات المجتمعية والثقافية

1. دعم المجتمع المدني: تشجيع منظمات المجتمع المدني التي تنشر ثقافة المواطنة وتعارض الطائفية وتراقب أداء الحكومة والبرلمان.
2. الإعلام والتوعية: قيام وسائل الإعلام بدور فاعل في فضح فساد المحاصصة وتوثيق قصص النجاح للإدارات الكفوءة، ونشر ثقافة التسامح والهوية الوطنية الجامعة.
3.الضغط الشعبي: استمرار حركات الاحتجاج والتظاهر السلمي للمطالبة بإلغاء المحاصصة وإسقاط الطبقة السياسية الفاسدة، كما حدث في انتفاضة تشرين 2019.


التحديات والعقبات للخروج من هذه الازمة

1. مقاومة النخبة الحاكمة: المستفيدون من النظام الحالي يمتلكون المال والسلاح والإعلام، وسيقاومون أي تغيير يهدد مصالحهم.
2. الخوف من الفراغ السياسي: يخشى البعض من أن إلغاء المحاصصة فجأة قد يؤدي إلى فراغ سياسي أو صراع عنيف على السلطة.
3. التدخلات الإقليمية: بعض الدول الإقليمية تدعم أحزاباً طائفية معينة للحفاظ على نفوذها في العراق، مما يعيق بناء دولة وطنية مستقلة.

**الخاتمة**
المحاصصة السياسية هي سرطان ينخر في جسد الدولة العراقية، والقضاء عليها ليس خياراً بل ضرورة للبقاء. على الرغم من صعوبة المهمة، إلا أن الحلول موجودة وتتطلب بناء إرادة وطنية جامعة، تعتمد على الضغط الشعبي المستمر والإصلاحات التدريجية الذكية. مستقبل العراق يعتمد على قدرته على استبدال نظام المحاصصة الطائفية بنظام يقوم على **الجدارة والمواطنة**، حيث يكون ولاء المواطن والمسؤول للعراق أولاً وأخيراً.



#حيدر_صادق_صاحب (هاشتاغ)       Haider_Sadeq_Sahib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سايكولوجية المواطن العربي - بين ثقل التاريخ وتحديات الحاضر
- السلوك الجمعي (سلوك القطيع): الآليات والتجليات والتداعيات
- الديالكتيك… حين يتكلّم العالم بلغته السرّية (نسخة موسّعة مع ...
- البطالة في العراق: تشخيص الواقع واستشراف الحلول المستقبلية ت ...
- حقوق الأقليات في العراق، من جميع الجوانب التاريخية والدستوري ...
- التصحر في العراق: أزمة تهدد الهوية وماهي الحلول المستقبلية ل ...
- اصلاح تدريجي ام ترقيع مؤقت ((رؤيا سياسية تحليلية لما يحصل في ...
- دور اليسار والقوى الوطنية في العراق
- الموضة وتاريخ نشأتها وتطورها
- مراحل وانماط التغيير الاجتماعي (( patterns of change ))
- معالجة انفسنا اولا واصلاح الذات والابتعاد عن معالجة اخطاء ال ...
- مصطلح الغباء والتراكمات التي يسببها
- نهر حبك نشف
- أخطاء وثغرات النص الشعري في الشعر الشعبي العراقي
- كيف نستقبل العام الدراسي الجديد ونستعد له
- جمهورية الموز ومعول الهدم المنظم !!
- الهشاشة النفسية اسبابها ونتائجها
- معركة الوعي الذاتي بين ازمات التفكير والتضليل
- الفرق بين صنع القرار وطريقة اتخاذه وتنفيذه
- ((دور اليسار بين ضعف الامكانيات وسلبية التخطيط))


المزيد.....




- -أمر مؤثر للغاية بالنسبة لي-.. أمريكية أطلق عليها حرس الحدود ...
- -توزيع أموال وتعطيل تصويت-.. الداخلية المصرية توضح حقيقة فيد ...
- فيديو متداول لـ-مقاتلات سعودية تقصف الدعم السريع بالسودان-.. ...
- الشهرة المبكرة: كيف ينجو الأطفال النجوم من آثارها النفسية وا ...
- غارات روسية بطائرات مسيرة على خاركيف تقتل 4 وتصيب العشرات
- بوتين وأردوغان يناقشان خطة السلام بأوكرانيا..والمقترح الأمير ...
- جمهورية الكونغو الديمقراطية : شبح الصراعات العرقية يسيطر على ...
- في أحدث نشاط له.. بركان كيلاويا في هاواي ينفث حمما منصهرة
- حماس تبحث في القاهرة المرحلة الثانية من الهدنة بغزة وسط سقوط ...
- مئات الأشخاص يشيعون جنازة -رئيس أركان- حزب الله بضاحية بيروت ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر صادق صاحب - المحاصصة السياسية في العراق جذور عميقة وحلول غائبة