أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - حيدر صادق صاحب - الديالكتيك… حين يتكلّم العالم بلغته السرّية (نسخة موسّعة مع فصول عن العلم والفن والأخلاق)















المزيد.....

الديالكتيك… حين يتكلّم العالم بلغته السرّية (نسخة موسّعة مع فصول عن العلم والفن والأخلاق)


حيدر صادق صاحب
كاتب وشاعر شعبي

(Haider Sadeq Sahib)


الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 16:19
المحور: الارشيف الماركسي
    


الديالكتيك في العلم – حين تُفكّر الطبيعة بالتناقض**

في العالم العلمي، ينهض الديالكتيك من بين المعادلات كطائرٍ لا يرهبه المختبر، ولا تقيده أنابيب الزجاج.
العلم، في ظاهره الأوّل، يبدو وكأنه رحلة نحو الثبات: قوانين تُصاغ، ومعادلات تُثبت، ونظريات تقف شامخة أمام الاختبار.
لكن ما لا نراه هو أنّ **كل قانون علمي هو نتيجة صراعٍ خفيّ** بين الظواهر، وكل نظرية تحمل في داخلها بذور سقوطها.

### **العلم ينهض من قلب التناقض**

ألم ينهض الفيزياء الحديثة من تناقض نيوتن مع الفعل عن بعد؟
ألم تبدأ الثورة الكوانتية من صراع العقل بين موجة وجسيم؟
ألم يولد علم التطور من إدراك أن الكائن الحي يفني ذاته ليورث حياةً أخرى؟

فالديالكتيك يتجلّى في كل مستوى:

* **في الذرّة** التي تجمع شحنةً موجبة وسالبة، ولو اختفى هذا التناقض لانهار الكون.
* **في الخلية** التي تموت أجزاء منها لتُبقي الكيان حيّاً.
* **في الطبيعة** التي لا تتقدم إلا إذا تناقضت قواها الداخلية:
قوة الجذب تُوازن قوة التمدد، حرارة تُقاوم برودة، وحياة تتغذّى على موت.

### **العلم كصيرورة لا نهاية لها**

ولأن كل معرفة تُنجب نقيضها، فالعلم ليس نهائياً.
النظرية تقف صامدة كجبل، ثم يأتي الزمن فينكشف أنها لم تكن سوى تلٍّ صغير في سلسلة جبال أكبر.

إن الديالكتيك هنا لا يقول للعلم: “أخطأت”.
بل يقول: “أحسنت، فقد تكاملت… لكنك لم تبلغ النهاية بعد.”

---

# **الفصل التاسع: الديالكتيك في الفن – الصراع الذي يصنع الجمال**

لو أردت أن ترى الديالكتيك يتجسّد أمامك بلا تنظير، فاذهب إلى الفن.
هناك، حيث يختلط الضوء بالظل، والصوت بالصمت، والوجود بالعدم.
الفن، في جوهره، هو **المكان الذي يلتقي فيه المتناقضان ليلد شيء لا يشبه أيّاً منهما**.

### **1. الفن يولد من توتر داخلي**

الفنان لا يخلق لأنه راضٍ، بل لأنه ممزق.
من الداخل، هناك صراع بين ما يراه وما يريد أن يراه، بين العالم كما هو والعالم كما ينبغي أن يكون.
هذا الصراع لا يُفسد الفن… بل يخلقه.

لو لم تشعر الأرض بالاهتزاز، لما خرجت منها الزهرة.
ولو لم يشعر الشاعر بالتوتر بين كلمتين، لما كتب قصيدة.
ولو لم يرَ الرسّام أن العالم ناقص، لما مدّ يده نحو الألوان ليكمّله.

### **2. الفن كحوار بين المتناقضات**

* الخط المستقيم لا معنى له إلا حين يعانده الانحناء.
* الصوت العالي لا جمال له بلا همسة تسبقه أو تليه.
* اللون يبرز حين يعانقه ضده: الأبيضُ يُظهر الأسود، والأحمر يتوهّج بجانب الأزرق.

الفنان يلتقط هذا الصراع الداخلي في الأشياء، ويحوّله إلى لغة.
وبهذا يصبح العمل الفني **تركيباً ديالكتيكياً**:
ليس انتصار أحد الأضداد، بل اتّحادهما في جمالٍ جديد.

### **3. التاريخ الفني نفسه ديالكتيكي**

الفن الكلاسيكي أنجب الرومانسي.
والرومانسي أنجب الواقعي.
والواقعي أنجب التجريدي.
كل مرحلة تسقط حين تقابل نقيضها، لكنها لا تموت؛ تتحوّل إلى مادة خام لمرحلة أعلى.

الفن، مثل الشجرة، يقطع أغصانه ليشبّ، لكنه لا ينسى جذوره.


الديالكتيك في الأخلاق – الصراع الداخلي الذي يصنع الإنسان**

الأخلاق ليست قوانين جامدة تُعلّق على جدران الوعي، بل هي ساحة صراع يومي.
نحن لا نختار الخير دائماً لأننا نعرفه، ولا نتجنب الشر دائماً لأننا نخافه.
إنما نعيش بين قوتين:
إحداهما تجذبنا إلى ما نطمح إليه، والأخرى تشدّنا بما نخشاه.

هذا التوتر الداخلي هو **قلب الأخلاق**.

### **1. الخير ليس نقيض الشر… بل ردّه الأعلى**

في المنظور الديالكتيكي، الخير ليس “أبيض” والشر ليس “أسود”.
الخير يظهر لأنه يواجه الشر.
والشر ينكشف لأنه يصطدم بالخير.
ومن هذا الصراع يتولد المعنى.

إن الإنسان الذي لم يختبر الظلام، لا يعرف قيمة النور.
والذي لم ينكسر، لا يعرف معنى الرفق.
والذي لم يتردّد في قراره، لا يعرف ثقل الإرادة.

### **2. الأخلاق تنمو بالاعتراف بالتناقض**

أن تكون أخلاقياً لا يعني أن تكون كاملاً.
بل يعني أن تعترف بأن داخلك قوتين تتصارعان، وأنك تحاول أن تصنع من هذا الصراع مستقبلاً أفضل.

الأخلاق ليست انتصار طرف وهزيمة طرف، بل **هندسةٌ للروح** تتعامل مع التناقض لا لتلغيه، بل لتعيد ترتيبه.

### **3. المجتمع نفسه كائن أخلاقي ديالكتيكي**

المجتمعات لا تتطور أخلاقياً بخطب المنابر، ولا بقوانين البرلمان.
إنها تتطور عبر صراعاتها الداخلية:

* بين الحرية والسلطة
* بين المصلحة العامة والطموح الفردي
* بين القديم والجديد
* بين ما كان وما يجب أن يكون

كل قيمة أخلاقية اليوم كانت نقيضاً بالأمس.
وكل قيمة ستصبح غداً جزءاً من تركيب أعلى.

---

# **الفصل الحادي عشر: الديالكتيك كمرآة عظمى – العلم والجمال والضمير تحت قانون واحد**

حين ننظر إلى الفصول الثلاثة السابقة، نفهم شيئاً مذهلاً:
العلم والفن والأخلاق — رغم اختلافها — تتحرك بالقانون ذاته.
في العلم هناك تناقض بين الظاهرة وتفسيرها.
في الفن هناك تناقض بين الواقع والحلم.
في الأخلاق هناك تناقض بين ما نريده وما يجب أن يكون.

وهكذا يكشف الديالكتيك عن نفسه كقانون عالمي:
**قانون لا يفرّق بين مختبرٍ ومعملٍ روحي، بين قصيدة ومعادلة، بين لوحة وضمير.**

الوجود كلّه يعمل وفق حركة واحدة:
صراع → انهيار نسبي → تركيب أعلى → صراع جديد
حركة تشبه دقات القلب… إن توقفت، توقّف كل شيء.

---

# **الخاتمة الموسّعة: الديالكتيك… ليس نظرية بل قدر**

في نهاية المطاف، يبدو الديالكتيك ليس مجرد أداة لفهم العالم، بل طريقة للعلاقة معه.
هو المعلّم الصامت الذي يقول لنا:
لا تخف من التناقض، فهو طريقك إلى النمو.
لا ترفض التغيير، فهو طريقك إلى الوعي.
لا تهرب من الصراع، فهو طريقك إلى الحقيقة.

إنه يعلّمنا أن العالم لا ينهار؛ بل يتغيّر.
وأن الإنسان لا يُهزم؛ بل يُعاد تشكيله.
وأن كل سقوطٍ هو انحناءة لنهضةٍ قادمة.

هكذا يصبح الديالكتيك **لغة الوجود، وإيقاع الزمن، وشعر التحوّل، وقانون ما لا يموت**.
به نفهم العلم، ونرى الفن، ونبني الأخلاق، ونفهم أنفسنا حين نقف بين قوتين تتجاذباننا لنصبح شيئاً جديداً.

الديالكتيك ليس مفهوماً…
إنه حكمة العالم حين يهمس بأعمق أسراره.



#حيدر_صادق_صاحب (هاشتاغ)       Haider_Sadeq_Sahib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البطالة في العراق: تشخيص الواقع واستشراف الحلول المستقبلية ت ...
- حقوق الأقليات في العراق، من جميع الجوانب التاريخية والدستوري ...
- التصحر في العراق: أزمة تهدد الهوية وماهي الحلول المستقبلية ل ...
- اصلاح تدريجي ام ترقيع مؤقت ((رؤيا سياسية تحليلية لما يحصل في ...
- دور اليسار والقوى الوطنية في العراق
- الموضة وتاريخ نشأتها وتطورها
- مراحل وانماط التغيير الاجتماعي (( patterns of change ))
- معالجة انفسنا اولا واصلاح الذات والابتعاد عن معالجة اخطاء ال ...
- مصطلح الغباء والتراكمات التي يسببها
- نهر حبك نشف
- أخطاء وثغرات النص الشعري في الشعر الشعبي العراقي
- كيف نستقبل العام الدراسي الجديد ونستعد له
- جمهورية الموز ومعول الهدم المنظم !!
- الهشاشة النفسية اسبابها ونتائجها
- معركة الوعي الذاتي بين ازمات التفكير والتضليل
- الفرق بين صنع القرار وطريقة اتخاذه وتنفيذه
- ((دور اليسار بين ضعف الامكانيات وسلبية التخطيط))
- التغيير اهم القرارات المصيرية للوصول الى الهدف المنشود
- ( الازدواجية السياسية بين الوعظ والاصلاح الوهمي )
- عشوائيات الوطن والدكة العشائرية!


المزيد.....




- America’s Peril: The Rot of Anti-Intellectualism and Demagog ...
- حزب العمال الكردستاني ينسحب من منطقة حدودية بشمال العراق
- دمهم في رقبة وزير “الإهمال” النقل سابقًا.. 61 ألف قتيل ضحايا ...
- عمال “مياه الجيزة” ينضمون لاحتجاجات زملائهم في القاهرة للمطا ...
- حزب العمال الكردستاني ينسحب من منطقة عراقية على الحدود مع تر ...
- حزب العمال الكردستاني يعلن انسحابه من منطقة حدودية بشمال الع ...
- احتدام المنافسة بين أحزاب اليسار واليمين في تشيلي
- تشيلي: يسارية في مواجهة مرشح اليمين المتطرف في الجولة الحاسم ...
- كيف يعيد ورثة الأغنياء في الهند تعريف الثروة؟
- -الاشتراكيون الديمقراطيون الأميركيون-.. منظمة حملت زهران ممد ...


المزيد.....

- مقالات موضوعية في الفلسفة الماركسية / عائد ماجد
- كراسات شيوعية(الأممية الرابعة والموقف من الحرب ) ليون تروتسك ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الحزب الماركسي والنضال التحرري والديمقراطي الطبقي واهمية عنص ... / غازي الصوراني
- حول أهمية المادية المكافحة / فلاديمير لينين
- مراجعة كتاب (الحزب دائما على حق-تأليف إيدان بيتي) القصة غير ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مايكل هارينجتون حول الماركسية والديمقراطية (مترجم الي العربي ... / أحمد الجوهري
- وثائق من الارشيف الشيوعى الأممى - الحركة الشيوعية في بلجيكا- ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الثقافة والاشتراكية / ليون تروتسكي
- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس / حسين علوان حسين
- العصبوية والوسطية والأممية الرابعة / ليون تروتسكي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - حيدر صادق صاحب - الديالكتيك… حين يتكلّم العالم بلغته السرّية (نسخة موسّعة مع فصول عن العلم والفن والأخلاق)