أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علا مجد الدين عبد النور - أبجدية السياسة (6): اللامبالاة السياسية














المزيد.....

أبجدية السياسة (6): اللامبالاة السياسية


علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 05:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تعد معضلة السياسة الراهنة تقتصر على تراجع المشاركة الانتخابية أو عزوف المواطنين عن متابعة الشأن العام، بل تحولت إلى ظاهرة مركبة تتشابك فيها اللامبالاة السياسية مع الاغتراب الوجداني عن المنظومة السياسية. هذه الظاهرة تعكس هشاشة واضحة في الفضاء السياسي؛ إذ يشعر المواطن بأن الفعل السياسي بعيد عن اهتمامه، وأن قراره عديم الأثر، في وقت تضعف فيه المعرفة السياسية وتنحسر الثقة بين المجتمع والدولة.
أمام هذا الواقع، يبرز السؤال: ما أسباب هذه الحالة؟ وكيف يمكن استعادة السياسة لمعناها ودورها في حياة الناس؟


اللامبالاة السياسية… غياب الاكتراث وتخاذل المشاركة

تُعرّف اللامبالاة السياسية بأنها فتور في الاهتمام بالشأن العام، يتجلّى في الامتناع عن المشاركة في الانتخابات، وإهمال متابعة الأحداث السياسية، والتعامل مع السياسة كأمر لا يمسّ حياة الفرد اليومية.

غالبًا ما يقترن هذا الفتور بانخفاض حاد في نسب المشاركة داخل الديمقراطيات التمثيلية، حتى في الدول التي تُفرض فيها المشاركة، حيث يتحول التصويت إلى فعل روتيني بلا وعي أو اقتناع.

وتلعب العوامل الإعلامية والنفسية دورًا مهمًا؛ فالتعرض المستمر لكمّ هائل من الرسائل السياسية عبر المنصات الرقمية يؤدي إلى إرهاق الناخبين، كما يقلل غياب الخيارات الجاذبة وهيمنة مبدأ "الأقل سوءًا" من دافعية المواطن للمشاركة الفعّالة.

الاغتراب السياسي… حين يفقد المواطن الأمل

الاغتراب السياسي أعمق من اللامبالاة؛ فهو شعور بأن النظام السياسي لا يمثل المواطن، وأن مشاركته لا قيمة لها. ويتجلى هذا الاغتراب في خمسة مظاهر رئيسية:

1. العجز السياسي: شعور الفرد بعدم القدرة على التأثير في القرارات المصيرية.

2. انعدام المعنى: غموض السياسات وصعوبة فهمها.

3. انعدام المعيار: تراجع القواعد والأعراف المنظمة للحياة السياسية.

4. العزلة السياسية: ابتعاد المواطن عن أهداف المجتمع وقيمه السياسية.

5. خيبة الأمل: فقدان الثقة بسبب فساد النخب وسوء سلوك المسؤولين.

وهن العمل السياسي… كيف نضبت محتوياته؟

جزء كبير من فتور الاهتمام بالسياسة يعود إلى ضعف كفاءة الفاعلين السياسيين. فالعمل السياسي ليس شعارات أو نزاعات انتخابية، بل علم وإدارة وتخطيط وحوار مجتمعي.

ومع تراجع هذه المقومات، تفاقمت الأزمات داخل التنظيمات الحزبية واتسعت الهوة بين المواطن والطبقة السياسية.

ورغم مظاهر الحداثة في دولنا، إلا أنها لا تزال تحمل في جوهرها ثقل الدولة السلطانية: مركزية مفرطة، وإدارة عمودية للسلطة. هذا التناقض خلق فجوة عميقة بين المجتمع والدولة وأفرغ المشاركة السياسية من معناها الحقيقي.

ويزيد الوضع تعقيدًا استمرار العقلية العشائرية والولاءات القبلية حتى داخل المدن، ما أضعف المؤسسات السياسية والاقتصادية، وبالتالي إضعاف أركان الدولة الحديثة التي لم تكتمل بعد.


نحو فضاء سياسي متجدد… ضرورة لا ترف

يتطلب إصلاح الحياة السياسية خطوات واضحة، أهمها:

إعادة بناء الفضاء السياسي على أسس مدنية وعصرية.

تفعيل دور المجتمع المدني في المشاركة والرقابة.

تجديد الفكر السياسي وكسر الجمود العقائدي.

الاستعانة بالمؤسسات البحثية والجامعات في دراسة الظواهر السياسية وتقديم الحلول.


فلا نهضة حقيقية دون تنمية سياسية تربط النظرية بالواقع وتحول المواطن من متفرّج سلبي إلى شريك أصيل، وتنتقل بالدولة من نموذج الحكم القائم على الولاء والمحسوبية إلى نموذج الدولة المدنية القائمة على المواطنة وسيادة القانون.

الخاتمة

اللامبالاة السياسية ليست حالة عابرة، بل انعكاس لأزمة تضرب بنية المجتمع والدولة معًا. وحين يفقد المواطن ثقته بالمسار السياسي، وتضعف الأحزاب، وتنتشر الولاءات التقليدية، يصبح الحقل السياسي عاجزًا عن أداء دوره في بناء دولة حديثة عادلة.
لكن هذه الأزمة تظل فرصة لإعادة التفكير في المسار السياسي وتأسيس فضاء يحقق مشاركة حقيقية ووعيًا مستنيرًا، ويمهّد لمرحلة أكثر نضجًا وعدلًا وفاعلية.



#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)       Ola_Magdeldeen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبجدية السياسة_5_ الأحزاب السياسية
- العلمانية الدينية بين المستحيل والممكن..
- أبجدية السياسة (4): مجلس الشيوخ
- -حين يصبح التفكير تهمة.. أزمة حرية الاعتقاد في مصر”
- أربعة وثلاثون عامًا من اللاجدوى
- أبجديّة السياسة (3): -مجلس النواب-
- حرب المال والبلطجة من أجل عيون المواطن!!
- أبجدية السياسة ....-الحياة السياسية-
- لن يرضى عنك المتأسلمون حتى تتبع ملتهم!!
- أبجديّة السياسة: لماذا يجب أن نفهم السياسة؟
- بين الجهل و التجهيل ,,متى ننضج ديمقراطياً؟!
- ولنا في الخيال حب ...حين تلمع الاغنية ويبهت الفيلم!!
- الخروج من اللعبة_ الأخيرة
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية_ سيدات السلطة2
- المرأه المصريه و حقوقها السياسيه_ (سيدات السلطة)
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية (2)
- الخروج من اللعبة (5)
- بين استعراض الإيمان واستعراض الجسد… مصر تدفع ثمن التريند
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية
- انتخبوني وستجدون ما يسركم! - الجزء الثالث والاخير


المزيد.....




- أربع دول أوروبية تعلن مقاطعة مسابقة يوروفيجن بعد السماح باست ...
- عندما تتحول المفارقة الإيديولوجية إلى أداة للسخرية السياسية! ...
- قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سوريا
- مصر.. تشكيل لجنة -عاجلة- للتحقق من -رصد- تماسيح بمحافظة الشر ...
- خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة
- من رومان غوفمان المرشح الجديد لرئاسة الموساد؟
- المرحلة الثانية من اتفاق غزة للسلام.. -إعلان وشيك- لترامب
- بوتين يطلق مزحة عند سؤاله عن اجتماعه مع مبعوثي ترامب
- مع تعثر فرص الاتفاق بين الجانبين… ما سرّ الـ200 مليون دولار ...
- كأس العرب.. الوطن والمنتخب مقابل جواز السفر


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علا مجد الدين عبد النور - أبجدية السياسة (6): اللامبالاة السياسية