|
|
الوثيقة المركزية لإعادة التأسيس الشيوعي في العراق - يا شيوعييّ العراق ومناضليه وكادحيه … توحدوا!
علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور، كاتب وأديب
(Ali Tabla)
الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 18:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يا شيوعيّي العراق ومناضليه وكادحيه … توحّدوا!
وثيقة للنقاش العام ━━━━━━━━━━━━━━━━━━
أولًا: تأسيس وعي جديد لمرحلة جديدة
تقدّم هذه الوثيقة مشروعًا لإعادة بناء الوعي الطبقي الشيوعي في العراق، وإعادة تأسيس الحركة الشيوعية على قواعدها التاريخية التي وُلدت منها: الماركسية بوصفها منهجًا، واللينينية بوصفها تنظيمًا، والصراع الطبقي بوصفه بوصلةً، والانحياز المطلق للطبقة العاملة والكادحين بوصفه جوهرًا لا يستقيم الحزب من دونه.
لقد مرّ العراق خلال العقود الستة الأخيرة بتحولات عاصفة أطاحت بالاقتصاد والدولة والمجتمع والوعي والطبقة والهوية الوطنية. وفي قلب هذه التحوّلات وقف الحزب الشيوعي العراقي — حضورًا أو غيابًا، صعودًا أو انحسارًا — من دون أن يمتلك قراءةً ماركسية متماسكة لما جرى. هنا تحديدًا تبدأ الحاجة التاريخية لهذه الوثيقة.
أخطر ما أصاب الحركة الشيوعية العراقية لم يكن القمع ولا السجون ولا المنافي — رغم هولها جميعًا — بل غياب القراءة الطبقية، وانقطاع الممارسة عن النظرية، وتحوّل الحزب إلى بنية فوقية مغلقة، متصالحة مع ضعفها، مكتفية بدور الشاهد على التاريخ بدل أن تكون من صانعيه.
هذه الوثيقة لا تعيد سرد التاريخ، بل تعيد تفكيك طبقاته؛ ففهم المسار لا يكون بالذكريات، بل بتحليل البُنى التي صنعته: بنى الدولة، وبنى الطبقات، وبنى التنظيم، وبنى الوعي، تلك البنى التي من دون فهمها لا يمكن لأي حزب شيوعي أن يقف على قدميه مرة أخرى.
وعلى امتداد أكثر من ستين عامًا، تراكبت طبقات الأزمة: من لحظة التراجع بعد ثورة 1958، إلى انهيار “الجبهة الوطنية”، إلى انكسار 1978، إلى جراح الكفاح المسلح، إلى ضياع البوصلة في المنافي، إلى الانفصال عن الداخل، إلى انهيار الاشتراكية البيروقراطية عالميًا، إلى الاحتلال الأميركي الذي أعاد رسم الخارطة الطبقية–السياسية للعراق، إلى قيام دولة ريعية–فصائلية تلتهم الدولة والمجتمع والاقتصاد، وتعيد إنتاج التخلف رغم كل مفردات “المدنية” و“الديمقراطية”.
وفي هذا السياق تحوّلت قيادة الحزب، في أكثر من مرحلة، إلى ما يشبه “الطبقة السياسية المصغّرة” أو “البرجوازية الحزبية الصغيرة”، التي تعيش على رصيد الماضي، وتحتمي بمركزية شكلية، وتخشى النقد، وترى في المساءلة خصومة، وفي أي اجتهاد تمردًا، وفي أي مبادرة تهديدًا.
ما كان لهذا التحوّل أن يحدث لو لم تُهمَل الماركسية نفسها: منهجها في تحليل الدولة والطبقة، فهمها للصراع، رؤيتها للاقتصاد الريعي، وبنيتها الجدلية في قراءة المجتمع. الذي غُيّب لم يكن “كتب ماركس” بل ماركس بوصفه منهجًا لفهم الواقع، لا بوصفه أيقونة تنظيمية.
حين فقد الحزب قدرته على التحليل، فقد قدرته على الفعل؛ وحين فقد الفعل، فقد التأثير؛ وحين فقد التأثير، ابتعدت عنه الطبقات الكادحة، أو أُبعدت ظلمًا بحجة “النظام الداخلي” و“التقييمات”، فتحول الحزب — لأول مرة في تاريخه — إلى حزب بلا طبقة.
ومع ذلك، يبقى القانون الماركسي الفعّال حاضرًا: الجديد يُولد من رحم القديم. هذه الوثيقة لا تقدّم “نقدًا” عابرًا، بل مشروعًا متكاملًا لإعادة التأسيس: إعادة تأسيس الوعي، والتنظيم، والصراع، والسياسة، والتحالفات، والخطاب، والثقة، والموقع التاريخي للحزب.
إنّ العراق اليوم يقف على مفترق لم يشهده منذ 1921 ولا حتى 2003. وكل حركة سياسية طبقية ثورية — وفي مقدمتها الحركة الشيوعية — مطالبة بالانتقال من رد الفعل إلى فعل التأسيس. لا التاريخ ينتظر، ولا الطبقة العاملة تستطيع الانتظار، ولا الدولة الريعية ستسقط بالصدفة، ولا القوى الطفيلية ستتنازل، ولا الهويات ستتراجع تلقائيًا.
اللحظة التاريخية نضجت، لكن الحزب لم ينضج معها. هنا تبدأ قيمة هذه الوثيقة؛ فهي لا تلغي الماضي، لكنها ترفض أن تكون أسيرة له؛ لا تنفي إنجازات الحزب، بل تعتبرها ذخيرة يجب البناء عليها لا تعليقها كأيقونات؛ لا تهدم كل شيء، لأنها تدرك أن ما بُني بدماء الشهداء وصمود المناضلين لا يُهدم، بل يُستعاد ويُحرّر ويُعاد إلى دوره الطبيعي: قيادة الصراع الطبقي، لا مراقبته.
ومن هنا تبدأ الأسئلة التي تهربت منها القيادات المتعاقبة: ماذا نُريد؟ لأي طبقة نناضل؟ لأي مشروع نُقاتل؟ ولأي عراق نعيد التأسيس؟
هذه ليست أسئلة، بل بوصلة. ومن دون بوصلة، يتحول الحزب إلى سفينة بلا اتجاه.
━━━━━━━━━━━━━━━━━━
ثانيًا: الجذور الطبقية–التاريخية للأزمة (1959–2025)
تفكيك ستة عقود من الانحرافات البنيوية والخيارات الخاطئة والتحولات التي صاغت مصير الحزب
التحليل الماركسي الحقيقي لا يبدأ من اللحظة الراهنة مهما كانت قسوتها، بل يعود إلى الجذور التي صنعتها. الأزمة التي يعيشها الحزب الشيوعي اليوم ليست طارئة ولا خاصة بجيل واحد ولا بقيادة واحدة، بل هي نتاج تراكم تاريخي طويل تشابكت فيه العوامل الموضوعية والذاتية، واختلط فيه ضغط الدولة وقمعها مع قصور النظرية وانحراف التنظيم وتكلّس البنية الداخلية.
تبدأ القراءة من عام 1959؛ العام الذي طُويت فيه صفحة الصعود الجماهيري الأعظم للحزب بعد ثورة 14 تموز، وتُركت الثورة الوليدة تتآكل ذاتيًا وتُحاصر طبقيًا. ما جرى آنذاك لم يكن خلافًا سياسيًا عابرًا ولا خطأ تكتيكيًا محدودًا، بل لحظة تراجع كبرى انقسم فيها وعي الحزب بين خط طبقي جذري وخطّ تسووي يفضّل التهدئة والمساومة.
منذ تلك اللحظة بدأ الاختلال بين الجرأة الثورية والحسابات السياسية. الدولة العراقية كانت تتحول إلى دولة مشطورة بين برجوازية صاعدة من أعلى مؤسساتها وطبقات كادحة مُنهكة في الأسفل، بلا قيادة ثورية تحمي مكاسب الثورة وتُطوّرها. وحين جرى إبعاد الخط الثوري الصارم، كان ذلك إزاحة لوعي يرى في السلطة أداة تغيير لا أداة مساومة، وقبولًا ضمنيًا بقابلية الحزب للتكيف مع موازين القوى بدل السعي لتغييرها.
جاءت مجزرة 8 شباط 1963 لتكشف كل ما تراكم قبلها: تنظيم ضخم، لكن بنية هشّة؛ جماهير واسعة، لكن وعيٌ نظري ضعيف؛ إرادة نضالية كبيرة، لكن جهاز تنظيمي غير مؤهل لمواجهة دولة فاشية مدعومة إقليميًا ودوليًا. كانت الهزيمة أكثر من قمع؛ كانت انهيارًا للكادر، وللخلايا، وللثقة، وللقاعدة الشعبية.
الأخطر أن الهزيمة لم تُواجَه بمراجعة ماركسية شاملة. لم تُطرح الأسئلة التي تبنى عليها الأحزاب الثورية نفسها: لماذا سقط الحزب؟ أي بنية كانت هشّة؟ وكيف سيُمنَع تكرار السقوط؟ بدل ذلك، جرى التعامل مع ما حدث كقدر، ومع القمع كقدر، ومع الضعف كبند ثانوي لا يُمسّ.
في أواخر الستينيات والسبعينيات، عاد الحزب إلى الجماهير، وارتفع رصيده في الجامعات والمعامل والقرى والمدن، لكنه عاد بوعي نظري لم يُجدَّد، وببنية تنظيمية ظلّت متصالحة مع أسلوب التفكير القديم. كان يمكن لتلك المرحلة أن تكون إعادة تأسيس حقيقية، لكنها تحوّلت إلى صعود بلا منهج، وحجم بلا عمق، ونفوذ بلا رؤية بعيدة المدى.
لذلك كان من الممكن تكرار الخطأ ذاته: التحالف مع سلطة معادية موضوعيًا للطبقة العاملة وللمشروع الاشتراكي. الدخول في “الجبهة الوطنية” لم يكن توسعًا للنفوذ، بل مقامرة طبقية انتهت بتعرية الحزب أمام آلة قمع لا ترحم. وعندما بدأ الليل الطويل في أواخر السبعينيات، لم يكن الحزب مستعدًا لا تنظيميًا ولا فكريًا ولا حتى نفسيًا.
قرار الانتقال إلى الكفاح المسلح جاء في تلك اللحظة بوصفه رد فعل على مأزق خانق، لا بوصفه جزءًا من استراتيجية ناضجة. الكفاح المسلح كان من أشرف أشكال المقاومة، لكنه استند إلى منظمة منهكة، ورؤية مرتبكة، وقيادة لا تمتلك شروط إدارة حرب طويلة النفس. مع ذلك، ظلت البطولات الفردية والجماعية لرفاق تلك المرحلة جزءًا من الإرث النضالي الأهم للحزب.
لكن آثار تلك التجربة لم تُعالَج. لم تُفكَّك الاختراقات الأمنية، ولا الانشقاقات الصامتة، ولا آثار النزوح الجماعي نحو المنافي، ولا التحولات النفسية العميقة في وعي الرفاق الذين عاشوا تجربة الجبال والخنادق. ومع الزمن تولّدت، لأول مرة، “طبقة حزبية” منفصلة عن القاعدة، تعيش في الخارج، وتدير الداخل من بعيد، وتختبر الرفاق بمعايير رمزية، وتحوّل التضحيات إلى رأسمال يُستخدم لإدامة المواقع القيادية.
ثم جاء انهيار الاشتراكية البيروقراطية في أواخر الثمانينيات والتسعينيات، فدخل الحزب مرحلة صمت فكري كامل. العالم يتغيّر، والدول الاشتراكية السابقة تتفكك، والاقتصاد العالمي يعيد تشكيل نفسه، والعراق يُقاد إلى الحرب والحصار والتدمير، لكن الحزب لم يقدم قراءة طبقية متكاملة لا للدولة ولا للمجتمع ولا للاقتصاد. لم تصدر دراسات جادة عن طبيعة الدولة الريعية، ولا عن البنى الطبقية الجديدة، ولا عن آثار الحصار، ولا عن تحولات المجتمع.
حين دخل الاحتلال الأميركي عام 2003، كانت الحركة الشيوعية العراقية — لأول مرة منذ تأسيسها — بلا نظرية، وبلا تنظيم حقيقي، وبلا قاعدة طبقية راسخة، وبلا فهم لطبيعة الدولة الجديدة: دولة ريعية–فصائلية تتحكم فيها البرجوازية الطفيلية، والكمبرادور، والشبكات الزبائنية، والقوى الفصائلية، والقوى الإمبريالية والإقليمية.
كان المطلوب تحليلًا طبقيًا عميقًا للدولة الجديدة، لكن الخطاب انتقل سريعًا إلى لغة مدينية–مدنية، تستبدل الطبقة بالهوية، والاقتصاد بالفساد، والدولة الريعية بـ“السلاح المنفلت”، والصراع الطبقي بـ“الأزمة السياسية”، والفصائلية بـ“الميليشياوية” في انجرار غير واعٍ إلى خطاب الإعلام الأميركي والخليجي.
في الوقت ذاته، لم تُقرأ التحولات النفسية والاجتماعية في المجتمع العراقي: تحولات الريع، وتفكك البنى التقليدية، وانهيار الأمن الاقتصادي، وتحوّل العمل إلى هشاشة شاملة، وصعود شرائح واسعة من العاملين في الخدمات واللوجستيات والقطاع غير الرسمي، من دون أن يجد هؤلاء الحزب بجوارهم أو في صفوفهم.
مع هذه التحولات تراجع التنظيم، وانكمش الحزب على نفسه، وتحول شيئًا فشيئًا إلى حزب للمثقفين المدنيين لا للحركة العمالية؛ حزب يعلّق آماله على صناديق انتخابات مشوّهة بينما يغيب عن المواقع التي يُنتج فيها المجتمع حياته.
مع ذلك، لا يمكن تجاهل أن الحزب حقق عبر تاريخه إنجازات كبرى: نفوذًا جماهيريًا واسعًا، وتنظيمات طلابية قوية، وتجارب نقابية مؤثرة، ومواقف بطولية في مواجهة الدكتاتوريات، وحواضن اجتماعية صلبة في مدن الوسط والجنوب وكردستان، ولحظات تأثير سياسي حقيقي. لكنها إنجازات لم يُبنَ عليها، ولم تتحول إلى بنية مستدامة، بل بقيت كذكريات مشرقة في تاريخ حزب مُتعَب.
بين 1959 و2025 لم يسقط الحزب مرة واحدة، بل سقط مرّات: بالتراجع، وبالتحالف الخاطئ، وبانهيار الوعي النظري، وبالعجز عن إعادة التأسيس. هذه الوثيقة تأتي لتضع اليد على الجذور لا على القشور؛ لا لتسجّل السقوط، بل لتؤسس للنهوض؛ لا لتدين الماضي، بل لتفهمه؛ لا لتستبدل قيادة بأخرى، بل لتستبدل بنية ببنية ومنهجًا بمنهج.
━━━━━━━━━━━━━━━━━━
ثالثًا: التشريح النظري
كيف انحرفت الماركسية داخل الحزب؟ وكيف يمكن استعادتها بوصفها منهجًا لتحليل الدولة والطبقة والمرحلة؟
الماركسية، كما طوّرها ماركس في نقد الاقتصاد السياسي، وطورها لينين في فهم الدولة والإمبريالية والحزب الثوري، ليست منظومة جامدة ولا مكتبةً من المصطلحات، بل منهج لتحليل تناقضات الواقع المادي وبناء الاستراتيجية والتنظيم على هذا التحليل وربط الحزب بالطبقة ربطًا عضويًا. حين يغيب هذا المنهج يتحول أي حزب إلى جهاز بيروقراطي يملك شعارات جميلة، لكنه فاقد القدرة على التغيير.
انحراف الماركسية داخل الحزب لم يبدأ بقرار، بل بسلسلة من الاستبدالات التدريجية: استُبدلت القراءة الطبقية بتحليل “الأزمات”، واستُبدل نقد الاقتصاد السياسي بلغة أخلاقية–إدارية، واستُبدلت رؤية الدولة كأداة صراع طبقي بتصويرها كجهاز فاسد يحتاج إلى ترميم.
تجلّى سقوط التحليل الطبقي حين أصبحت البلاد تُقرأ في الخطاب الرسمي بوصفها “دولة فساد ومحاصصة وسلاح منفلت وسوء إدارة”. هذه مفردات تلامس الظواهر ولا تمسّ الجذور. فالفساد والمحاصصة والسلاح ليست أسبابًا، بل نتائج لبنية أعمق: دولة ريعية–فصائلية أُعيد تشكيلها وفق مصالح رأس المال الإمبريالي والإقليمي، تُدار بوصفها جهازًا لتوزيع الريع لا لإنتاج الثروة، وتخضع فيها السياسة لمنطق الشبكات الطفيلية والفصائلية لا لمنطق الإنتاج.
حين يُستبدل السؤال الماركسي المركزي — من يحكم؟ ما هي طبيعة الطبقة الحاكمة؟ ما هي أدوات سيطرتها؟ كيف يُنتَج الوعي داخل بنيتها؟ — بأسئلة سطحية حول “إدارة الدولة” و“نظافة اليد” و“كفاءة المسؤول”، يفقد الحزب قدرته على رؤية موقعه في الصراع، ويتحول خطابه إلى ما يشبه خطاب المؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية.
إلى جانب ذلك، غاب التوصيف البنيوي للدولة بعد 2003. لم تُقدَّم قراءة ماركسية متماسكة للدولة الجديدة بوصفها دولة ريعية–فصائلية–زبائنية، دولة لا تنتج، بل توزّع، لا تخطط، بل تُدير الأزمات، لا تحمي سوق العمل، بل تُفككه، ولا تقوم على جهاز عقلاني محايد، بل على شبكة مصالح طبقية–سياسية متشابكة. وبدون هذا التوصيف البنيوي يصبح التعامل مع الدولة مجرد سجال سياسي لا يلامس البنية المادية.
في هذا الفراغ النظري انزلق الحزب نحو لغة “المدنية” والليبرالية: دولة مدنية، حكم رشيد، كفاءة، نزاهة، سلاح منفلت، ظلامية، محاصصة… لغة لا تُظهر الطبقات، ولا تناقضاتها، ولا الريع، ولا آلياته، ولا الإمبريالية ولا أدواتها. بذلك أصبح الحزب يساريًا بالاسم، ليبراليًا بالخطاب، ومشلولًا بالنتائج.
ثغرة أخرى خطيرة كانت غياب تحليل ماركسي للظاهرة الدينية. الماركسية لا تعادي الدين، بل تكشف استخدامه في خدمة الاستغلال. بدلاً من هذا الوضوح، تردد الخطاب بين مدنية هجومية على الدين من موقع أخلاقي، وحياد شكلي لا يحلل شيئًا. ضاع الموقف الذي يقول للجماهير المتديّنة حقيقة الصراع: المشكلة ليست في إيمان الفقير، بل في الطبقات التي تستثمر هذا الإيمان لإدامة السيطرة الطبقية، وتُحوله إلى أداة لإقناعه بأن فقره “قضاء وقدر” لا علاقة له بالنهب والاستغلال.
في الوقت نفسه انهار الإنتاج الفكري الماركسي داخل الحزب. عقود طويلة لم تصدر فيها دراسات جادة عن الدولة أو الاقتصاد الريعي أو الطبقة العاملة الجديدة، أو العشيرة، أو الدين، أو الفصائلية، أو الوعي. حزْبٌ بلا إنتاج فكري يتحول إلى جهاز إداري يعيش على ماضيه.
حين يغيب المنهج، يملأ الفراغُ العرفَ الشخصي والعلاقات والولاءات والسرديات الذاتية. بذلك تشكلت داخل الحزب بنية سلطوية–أبوية يمكن وصفها — بدقة ماركسية — بأنها “طبقة سياسية داخل الحزب”: ليست طبقة اقتصادية بالمعنى التقليدي، لكنها طبقة حزبية تتحكم ببوابات الشرعية، وتملك حق تحديد “من هو الماركسي، ومن هو المستحق، ومن هو المذنب”، وتدير آليات الصعود، والهبوط، والعضوية، والإقصاء.
رفض النقد داخل هذه البنية لم يكن موقفًا فكريًا، بل سلوكًا دفاعيًا لحماية هذا البناء المغلق. وحين تتحد بنية سلطوية–أبوية مع خطاب مديني–ليبرالي، يذوب الحزب في المشهد العام بوصفه “صوتًا محترمًا” لكن بلا أثر طبقي، وبلا قدرة على تحريك الشارع، وبلا حضور في مواقع الإنتاج.
نتيجة هذا المسار كانت واضحة: شلل تنظيمي وتراجع في القواعد، وشلل فكري تحوّل فيه الخطاب إلى بيانات تعقّب الأحداث ولا تفسّرها. الحزب لم يعد جزءًا من الصراع الطبقي، بل متفرجًا على أطرافه.
استعادة الماركسية هنا ليست خيارًا تجميليًا، بل شرط وجود. تعني العودة إلى التحليل الطبقي للدولة، وإعادة تعريف الطبقة العاملة المعاصرة، وقراءة الريع والفصائلية قراءةً مادية، وبناء مدرسة ماركسية حزبية حقيقية، وإطلاق صراع فكري منظم يحرر الوعي من اللغة المستعارة، ويعيد قراءة الواقع بأدواته الخاصة. حزب بلا منهج لا يشتبك مع الواقع؛ بلا تحليل لا يملك رؤية؛ بلا رؤية لا يملك مشروعًا؛ وبلا مشروع يتحول إلى أثر تاريخي لا قوة حية.
━━━━━━━━━━━━━━━━━━
رابعًا: البرنامج النضالي–العملي
من استعادة الماركسية إلى إعادة التأسيس الحزبي
المعرفة الماركسية لا تكتمل إلا حين تتحول إلى ممارسة. هذه الوثيقة، إن بقيت مجرّد تحليل، لن تعيد للحزب موقعه الطبقي، ولن تفتح الطريق نحو إعادة التأسيس. لذلك يتقدّم هذا القسم بوصفه حجر الأساس في التحول المنشود: برنامج نضالي–عملي يعيد الحزب إلى المجتمع والطبقة، ويعيد المجتمع والطبقة إلى الحزب.
1. الحزب حركة لا مؤسسة
الحزب الشيوعي، في جوهر التجربة الماركسية، ليس مؤسسة مغلقة، بل حركة طبقية حيّة؛ ليس جهازًا إداريًا، بل وعيًا منظّمًا؛ ليس بنية فوقية منفصلة عن الجماهير، بل جزءًا من حركة الصراع اليومي. المؤسسة تموت حين تجف مواردها الاجتماعية، أما الحركة فتتجدد لأنها تنبع من حياة الناس.
لا يمكن لحزب شيوعي أن يعيش بين مؤتمرين، ولا أن يختزل وجوده في بيانات وتعليقات سياسية، ولا أن يحوّل الانتخابات إلى محور حياته. يعود الحزب إلى الحياة حين يعود إلى المجتمع: إلى الأحياء الفقيرة، والمدارس، والورش، والجامعات، وأماكن العمل، والأسواق، ومناطق السكن الهش، حيث تتكثف تناقضات الصراع الطبقي.
غياب الحزب عن الشارع كان أحد أكبر أسباب تآكله؛ إعادة بنائه لا تكون من المكاتب، بل من الميدان، من وجود يومي صبور بين الناس، حيث يُصنع الوعي وتُصاغ السياسة الحقيقية بعيدًا عن واجهات السلطة.
2. إعادة بناء التنظيم من القاعدة
الأزمة التنظيمية ليست أزمة أفراد، بل أزمة بنية كاملة. لا مشروع نهوض من دون إعادة توحيد رفاق الأمس الذين جرى إقصاؤهم أو تهميشهم أو تركهم فريسة اليأس. الطاقات التاريخية للحزب اليوم موزعة خارج أسواره: رفاق مفصولون، منسحبون، محبطون، مستقلون، لكنهم ما زالوا يحملون وعيًا وتجربةً لا تُقدَّر بثمن.
إعادة الاعتبار لهذه القوى ليست مبادرة “تصالحية”، بل ضرورة طبقية. يجب كسر ثقافة الإقصاء، وفتح الباب لعودة الرفاق من موقع الاحترام لا الامتحان؛ فالخلل ليس فيمن انتقد، بل في بنية لم تحتمل النقد. إعادة البناء تبدأ بتأسيس مناخ جديد يقوم على الثقة والمسؤولية والانضباط، لا على الخوف والولاء الشخصي.
3. إعادة تأسيس النظرية: المدرسة الماركسية الحزبية
حزب بلا نظرية حزب بلا بوصلة. أربعون عامًا من الفراغ النظري تركت الحزب ينجرف نحو لغة مدينية–أدبية بعيدة عن جوهر الصراع الطبقي. بناء مدرسة ماركسية حزبية أصبح شرطًا للحياة: حلقات تثقيف منتظمة، جهاز بحث طبقي، معهد دراسات، برامج تعلم ممنهجة، ارتباط بين القراءة والتحليل وبين القرار التنظيمي والموقف السياسي.
التثقيف الماركسي يجب أن يكون التزامًا تنظيميًا يوميًا وجزءًا من شروط العضوية والارتقاء، لا مادة ثانوية ولا ترفًا نخبوياً. من دون نظرية لا برنامج ولا رؤية؛ ومن دون إنتاج فكري لا مكان للحزب في معركة الوعي.
4. الإعلام: من منبر أدبي إلى سلاح طبقي
الإعلام الحزبي كما استقرّ اليوم بعيد عن حياة العمال والكادحين؛ يكتفي بثقافة عامة وشعر ونقد أدبي. الإعلام الماركسي سلاح طبقي لا لوحة ثقافية. المطلوب ثورة إعلامية تعيد صياغة الصحافة الحزبية من موقع الصراع الطبقي:
– صحيفة للعمال تُكتب من الورش والمعامل ومواقع العمل. – صحافة للطلبة تُكتب من ساحات الجامعات ومعارك التعليم والبطالة. – صوت للنساء ينطلق من واقع العمل المنزلي وغير المنزلي والعنف والتمييز الاقتصادي.
الإعلام يجب أن يتحدث من داخل حياة الناس لا من فوقها؛ دوره ليس التزيين، بل الكشف؛ ليس تكرار الأخبار، بل فضح البنية التي تنتجها.
5. برنامج احتجاجي دائم
الحزب الذي لا يوجد في الشارع لا وجود له فعليًا. الشارع ليس مظاهرات موسمية، بل حضور دائم في معارك الأجور، والسكن، والكهرباء، والخدمات، والبطالة، والعنف ضد النساء، والخصخصة، ونهب المال العام، وتحطيم القطاعات المنتجة.
النشاط الاحتجاجي ليس “ملحقًا” بالسياسة، بل جزء من بناء القوة الطبقية. كل معركة يومية، مهما بدت صغيرة، هي مدرسة لتشكيل الوعي والتنظيم. الحزب الذي يتخلى عن هذه المعارك ينسحب من التاريخ.
6. إعادة تعريف الوطنية تعريفًا طبقيًا
الوطنية في منظور ماركسي ليست نشيدًا ولا خطابًا عاطفيًا؛ هي موقع الطبقة العاملة والكادحين في الصراع ضد القوى الطفيلية–الريعية–الفصائلية التي تحتكر الدولة والثروة. كل خطاب وطني لا يحدد عدوه الطبقي ينجرف، ولو عن غير قصد، نحو خدمة الطبقة الحاكمة.
إعادة تعريف الوطنية تعني ربطها بتحرر الطبقات المنتِجة من العلاقات الريعية، وبمشروع اقتصادي–اجتماعي يضع العمل والإنتاج والعدالة في المركز، لا الريع والزعامات والتحاصص. لا وطن بلا طبقة عاملة منظَّمة، ولا سيادة بلا استعادة أداة الدولة من أيدي من حولها إلى جهاز توزيع غنائم.
7. موقف طبقي من الفصائل، لا موقف هويّاتي
ملف “الفصائل المسلحة” من أكثر الملفات تعقيدًا. التحليل الماركسي لا يختزل هذه القوى في هويتها، ولا يردّد خطابًا خارجيًا، بل يسأل: ما موقع هذه القوى في الصراع الطبقي؟ هل نشأت دفاعًا عن المجتمع في مواجهة الفاشية التكفيرية والاحتلال؟ أم تحولت إلى قوة ريع–دولة تعيق التحول الديمقراطي وتحتكر السلاح والقرار؟ أم تجمع في تكوينها تناقضات مهمة تحتاج إلى تفكيك دقيق؟
المعيار ليس الهوية الدينية ولا الاصطفاف الإعلامي، بل موقع القوة في معادلة الإنتاج والريع والسلطة. الموقف الماركسي يرفض شيطنة الفصائل من موقع ليبرالي، كما يرفض تبرئتها من موقع تبريري؛ بل يفككها، ويميز بين مقاومة فعلية ومصالح طبقية طفيلية، ويبحث عن تحالفات مرحلية من موقع طبقي لا من موقع شعاراتي.
8. توحيد الشيوعيين والماركسيين واليسار
التشتت اليساري اليوم يضعف الجميع. قوة كل تنظيم يساري أو ماركسي معزول محدودة مهما كان تاريخه. مشروع “يا شيوعيّي العراق ومناضليه وكادحيه… توحّدوا!” يأتي من هذا الفهم: التوحيد ليس جمع أختام وشعارات، بل بناء قوة طبقية مشتركة.
هذا يقتضي فتح حوار واسع بين الشيوعيين في الداخل والخارج، بين المفصولين والمستقلين، بين النقابيين والمناضلين في المهن الجديدة، بين الجيل القديم والجيل الشاب، وبين التنظيمات الصغيرة والمجموعات الفردية. الهدف ليس ذوبانًا شكليًا، بل تأسيس إطار ماركسي–طبقي جديد، له رؤية واحدة للصراع مع الدولة الريعية والطبقات الطفيلية، ويملك برنامجًا عمليًا للميدان.
9. التوحيد العربي–الكردي: حزب واحد بهوية طبقية واحدة
انقسام الحزب إلى عراقي وكردستاني ترك أثرًا عميقًا في الحركة الشيوعية؛ فصل ما كان ينبغي أن يبقى موحدًا طبقيًا. لا ماركسية بلا وحدة طبقية عابرة للقومية. احترام الحقوق القومية مبدأ ثابت، لكن تحويل الانقسام القومي إلى انقسام حزبي دائم يضعف الجميع ويخدم خصوم الطبقة العاملة في بغداد وأربيل معًا.
إعادة اللحمة بين التنظيمين، في إطار ماركسي واحد وبرنامج طبقي واحد، ضرورة لا تحتمل التأجيل، إذا أُريد للحزب أن يكون حركة أممية حقًا، لا تنظيمين متجاورين يتقاسمان الضعف.
10. الاعتراف بالنجاحات التي لم يُبنَ عليها
للإنصاف التاريخي والأمانة العلمية، لا بد من الاعتراف بأن الحزب حقق عبر تاريخه إنجازات كبرى: نفوذ جماهيري، وتنظيمات طلابية ونقابية قوية، ومواقف بطولية في مواجهة الدكتاتوريات، وحواضن اجتماعية في الوسط والجنوب وكردستان، ولحظات تأثير حقيقي في الشارع والمؤسسات.
المشكلة لم تكن في غياب النجاحات، بل في غياب البناء عليها وتحويلها إلى قاعدة لإعادة التأسيس. هذه الإنجازات يجب أن تُستعاد اليوم بوصفها ذخيرة لمشروع النهوض لا مجرد مفخرة ماضية تُعلَّق في ذاكرة التنظيم.
11. خلاصة البرنامج: من حزب في أزمة إلى حزب يعيد تعريف دوره
هذا البرنامج ليس “خطة إدارة” ولا إصلاحًا إداريًا من داخل البنية القائمة؛ إنه مشروع إعادة تأسيس شامل: إعادة الحزب إلى طبقته، وإعادة الماركسية إلى الحزب، وإعادة الشارع إلى السياسة، وإعادة الرفاق المبعدين إلى قلب الحركة، وإعادة الصراع الطبقي إلى مركز المشهد.
الهدف ليس الاستمرار في الدور ذاته بأدوات أجمل، بل ولادة حزب ماركسي حيّ، يستعيد دوره التاريخي، ويفتح أفقًا جديدًا للكفاح، ويمنح الطبقة العاملة صوتًا وأداةً ووعيًا، في مواجهة دولة ريعية–فصائلية تهدد وجود المجتمع نفسه.
━━━━━━━━━━━━━━━━━━
خامسًا: الخاتمة – النداء الاستراتيجي
يا شيوعيّي العراق ومناضليه وكادحيه… توحّدوا!
هذه الوثيقة لا تُقدَّم لإضافة فصل جديد إلى الأدبيات الحزبية، ولا لتسجيل موقف، ولا لتعليق على مرحلة؛ إنها محاولة لإعادة تعريف المعنى نفسه: معنى أن يكون هناك حزب شيوعي في العراق، وأن تكون هناك طبقة عاملة تُنتج ولا تحكم، وأن يكون هناك وطن يُنهَب ولا يُبنى، وأن تكون هناك حركة تحررية تعمل وسط عواصف العيش الخانق، وأن يكون للمجتمع ما يستحقه من وعي وتنظيم وصراع.
على مدى ستة عقود، زُلزلت البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للعراق: تحولت الدولة، وتفككت الصناعة، وترسّخ نمط الريع، وهاجر الملايين، وتمزقت الأحياء، وتحولت المدن إلى جزر طبقية–ريعية، وتشرذمت الطبقة العاملة، وتشوهت العلاقة بين المجتمع والدولة، وتعاظم الانفصال بين من ينتجون الثروة ومن يحتكرون الريع والسلطة.
في قلب هذه التحولات، ابتعد الحزب خطوة بعد أخرى عن مركز الصراع الطبقي؛ تآكلت بنيته، وضعفت أدواته النظرية، وتصلبت تركيبته الداخلية، وهيمنت سرديات مدينية–مدنية لا علاقة لها بالبنى التي تنهار في العمق. الجماهير التي كانت حاضنته الطبيعية لم تعد تراه في مواقع حياتها اليومية.
مع ذلك، الأزمة مهما طال عمرها ليست قدرًا، والتراجع مهما كان عميقًا قابل للانقلاب إلى نهوض حين تتوفر الإرادة والوعي والقرار. إعادة بناء الحركة الشيوعية في العراق ليست مهمة إصلاحية ولا تحسينًا لبيت تتداعى جدرانه، بل مشروع إعادة تأسيس كامل: للوعي، وللنظرية، وللتنظيم، وللعلاقة مع الطبقة، وللتصور الوطني، ولموقع الحزب في الصراع الاجتماعي.
مشروع كهذا لا يتحقق من داخل البنية المأزومة وحدها، ولا عبر تجميل الخطاب، ولا عبر تغيير أسماء القيادات، ولا عبر تعليق الفشل على “القانون” و“المال السياسي” و“الظروف”. يتأسس على إرادة طبقية حقيقية، وعلى وعي ماركسي صارم، وعلى فهم جدلي للدولة والطبقة والمرحلة، وعلى استعداد لتحمل مسؤولية الماضي والحاضر معًا.
السؤال الحاسم اليوم: كيف يتحول هذا الوعي إلى قوة؟ وكيف يتجسّد في حركة؟ وكيف يعود الحزب جزءًا من الصراع اليومي للطبقة العاملة والكادحين، لا مراقبًا من بعيد؟
الجواب يبدأ من توحيد الشيوعيين — بكل أطيافهم وتجاربهم وجراحهم وطاقاتهم — ومن إعادة وصل ما انقطع بين الحزب وطبقته، وبين اليسار وعمقه الاجتماعي. الحركة الشيوعية في العراق أوسع من أي تنظيم قائم، وأعمق من أي قيادة، وأقوى من أي جهاز حزبي مغلق، وقادرة على التجدد إذا فُتحت أمامها أبواب الصراع الفكري والتنظيمي الحر.
الحزب، إذا أراد أن يعيش، يحتاج أن يتحرر من ضيق البنية الداخلية، وأن يعود إلى فضائه الطبيعي: إلى الناس، إلى الشوارع، إلى مواقع العمل، إلى الجامعات، إلى الأسواق، إلى الهامش الاجتماعي، إلى النساء اللواتي يحملن عبء الحياة، إلى الشباب الذين يبحثون عن معنى، إلى الفقراء الذين جرى تحويلهم إلى مادة انتخابية لا إلى شركاء في صنع التاريخ.
من هنا يتقدّم النداء:
يا شيوعيّي العراق ومناضليه وكادحيه … توحّدوا!
توحّدوا لا كشعار، بل كبرنامج عمل. توحّدوا فوق خطوط الانقسام التنظيمي، وفوق جراح الماضي، وفوق حساسيات الأفراد، وعلى أساس واحد: أساس الطبقة والصراع معها ومن أجلها. توحّدوا ليس ضد أحد، بل من أجل من لا يملك أحدًا يدافع عنه. توحّدوا لكي تُستعاد للماركسية قدرتها على الفعل، وللحزب مكانته في الصراع، وللجماهير صوتها، وللطبقات المنتِجة قوامها، وللوطن مشروعه، وللحياة معناها.
هذه الوثيقة ليست نهاية نص، بل بداية مسار. ليست خاتمة، بل مفتاح لمرحلة تُصنع الآن في زمن لم يعد يسمح بتأجيل الصراع، ولا بتجميل الهزيمة، ولا بترحيل الأسئلة، ولا بالاكتفاء بأدب المعارضة.
التاريخ لا ينتظر. والطبقة لا تنتظر. والحياة لا تنتظر.
لقد آن أوان البدء.
#علي_طبله (هاشتاغ)
Ali_Tabla#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا خسر الحزب؟ وما الذي يجب فعله الآن؟
-
العودة إلى الطبقة: في إعادة تأسيس الحركة الشيوعية العراقية د
...
-
أوقفوا الإبادة فورًا: الشعب الفلسطيني يقرر
-
الاعتراف الغربي بدولة فلسطين و”مشروع ترامب للسلام”: تحليل ما
...
-
التراث في الفكر العربي الحديث: قراءة ماركسية نقدية
-
من هو عدونا؟ سؤال طبقي لا طائفي
-
قراءة ماركسية تجديدية في صناعة الكراهية وتغييب الوطنية
-
الطبقة العاملة العراقية – تحديات الوجود وأفق التغيير
-
هيمنة الرأسمالية المالية في العراق
-
الانتخابات والتحالفات في العراق – من الاحتلال إلى اللا-دولة
-
التحولات الطبقية في العراق المعاصر: قراءة ماركسية نقدية في ض
...
-
تحرير المفاهيم: من الاشتراكية المشوّهة إلى العدالة الجماعية
...
-
الحرية لا تُنتزع بالخطب، بل بالسلطة الطبقية الواعية
-
الاشتراكية والثورة: هل يمكن التحرر دون سلطة؟ رد على أحمد الج
...
-
نحو الأممية الشبكية والتنظيم الافقي في الحزب الشيوعي: منهجية
...
-
من الدولة إلى التنظيم الطبقي: في الرد على أطروحات أحمد الجوه
...
-
نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي - رد على أحم
...
-
النهج التجديدي في الماركسية واللينينية: قراءة جدلية نقدية في
...
-
نظام المكونات في العراق: الهيمنة الإمبريالية وإعادة إنتاج ال
...
-
عقود النفط بعد 2003: هل خسر العراق معركته الاقتصادية الكبرى؟
المزيد.....
-
أسرار تقديم الهدايا: نصائح مثاليّة من مصممة شهيرة
-
رئيس وزراء العراق يُعلّق على -خطأ- تصنيف حزب الله اللبناني و
...
-
هل لعب -الزيّ النازي- دورًا في مراكمة ثروة -هوغو بوس-؟
-
روبوتات مدعومة بالذكاء الاصطناعي في طوكيو تستعرض ابتكارات تق
...
-
في زيارة هي الأولى من نوعها.. وفد من مجلس الأمن في سوريا
-
أبواب أمريكا المغلقة.. هل يتلاشى حلم الشباب العربي بالهجرة ب
...
-
الجيش الإسرائيلي يهاجم -أهدافاً- لحزب الله في جنوب لبنان ويو
...
-
بسبب الكيتامين.. طبيب نجم هوليوود الراحل ماثيو بيري يواجه 40
...
-
السلطات التونسية تعتقل المعارض أحمد نجيب الشابي لتنفيذ حكم ب
...
-
سوريا: أول زيارة رسمية من نوعها لوفد من مجلس الأمن الدولي إل
...
المزيد.....
-
اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات،
...
/ رياض الشرايطي
-
رواية
/ رانية مرجية
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
-
حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
المزيد.....
|