أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - النهج التجديدي في الماركسية واللينينية: قراءة جدلية نقدية في تحديات الفكر والممارسة















المزيد.....



النهج التجديدي في الماركسية واللينينية: قراءة جدلية نقدية في تحديات الفكر والممارسة


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور في الهندسة المعمارية، باحث، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 00:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المقدمة: أزمة نظرية أم أزمة ممارسة؟
تعيش الحركات الشيوعية العالمية والعربية اليوم واحدة من أعقد أزماتها التاريخية، أزمة لم تعد تقتصر على انحسار النفوذ أو تراجع العضوية الحزبية، بل طالت الأسس النظرية ذاتها التي لطالما اعتُبرت بوصلة للصراع الطبقي. السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: هل نحن أمام أزمة نظرية حقيقية في الماركسية واللينينية؟ أم أن المعضلة الكبرى تكمن في فشل التطبيق وعجز الحركة عن استيعاب شروط الواقع المتغير؟
في الحقيقة، إن أكثر أشكال التحريف خطورة ليست تلك التي تُضاف خارجيًا على النظرية الماركسية، بل تلك التي تنشأ من داخل الحركة الشيوعية نفسها عندما تتحول الماركسية من منهج نقدي إلى عقيدة جامدة. وهنا بالضبط تتبدى الحاجة إلى «النهج التجديدي»، الذي لا يهدف إلى تجميل الخطاب أو تحديث اللغة وحسب، بل إلى إعادة النظر الجذرية في كيفية فهمنا للصراع الطبقي، الدولة، الحزب، والعلاقة بين النظرية والممارسة.
النهج التجديدي الذي ندعو إليه ليس مجرد تحديث للأدوات أو تكييف تكتيكي مع المتغيرات، بل هو مشروع جذري يعيد الاعتبار للماركسية كمنهج جدلي حيّ، يتجاوز الأخطاء الكبرى التي كرّست البيروقراطية، القومية، والطائفية كبدائل مزيفة عن الاشتراكية. لقد سقطت معظم تجارب الاشتراكية المحققة لأنها خانت هذه المبادئ، وتحولت من حركات تحرر طبقي إلى أدوات قمع جديدة في يد نخبة بيروقراطية.
لذلك، هذه الدراسة لن تكتفي بعرض الأدبيات أو بإعادة تدوير النصوص الكلاسيكية. بل سنتبنى موقفًا تحليليًا نقديًا صريحًا، نواجه فيه الحقائق كما هي، ونقترح رؤى جديدة تعيد المشروع الماركسي إلى مساره الجذري الحقيقي.

الأصول الفكرية: الماركسية كمنهج لا كعقيدة
منذ بواكير الماركسية، أصر ماركس وإنجلز على أن الماركسية ليست «دوغما»، بل دليل عمل للتحليل والتغيير. غير أن التجربة التاريخية أثبتت أن الماركسية تحولت في أيدي الكثير من الأحزاب إلى عقيدة جاهزة تتعامل مع النصوص ككتب مقدسة، تُستدعى في كل مناسبة بلا تفكير نقدي. وهذه هي المفارقة الكبرى: الماركسية التي قامت على نقد الفكر السائد تحولت بدورها إلى فكر سائد داخل الحركة الشيوعية، يخشى أتباعه الخروج عن الإطار التقليدي خوفًا من اتهامات الانحراف أو التحريف.
إن أحد أخطر التحريفات هو الخلط بين الماركسية ومنظومات الدولة السوفييتية التي لم تعد تمثل بحال من الأحوال النموذج الأمثل للاشتراكية. فحتى في ذروة الصراع مع الرأسمالية العالمية، لم تنجُ التجربة السوفييتية من الوقوع في فخ البيروقراطية، والتي حذر منها لينين نفسه قبل وفاته حين أقرّ بأن «البيروقراطية خطر يهدد الثورة».
هنا، يصبح النهج التجديدي ليس فقط حقًا بل واجبًا ماركسيًا أصيلًا: إعادة قراءة ماركس وإنجلز ولينين بروح العصر، دون اجترار الحرفية أو الوقوع في إغراء التنظير الميكانيكي الذي أغرق معظم الأحزاب الشيوعية في جمود قاتل.
وما يثير السخرية التاريخية أن كثيرًا من الماركسيين الذين اتهموا خصومهم بالتحجر، مارسوا هم أنفسهم نوعًا من الجمود حين جعلوا من التقديس للنصوص سلاحًا لقمع أي محاولة نقدية حقيقية. هنا تكمن معضلة الحركة الشيوعية التي فشلت في معظم الأحيان في إنتاج معرفة جديدة مرتبطة بالشروط الواقعية لبلدانها ومجتمعاتها، وظلت حبيسة نموذج واحد مفترض (الاتحاد السوفييتي) رغم كل ما أثبتته التجربة من تناقضات وانهيارات.
النهج التجديدي الذي ننادي به يؤمن بأن الماركسية ليست «فكرًا مكتملًا»، بل عملية مستمرة من النقد والتطوير. وهذا يعني ضرورة إعادة تفكيك الأسئلة الكبرى المتعلقة بالدولة، الطبقة، الحزب، الصراع الطبقي العالمي، ودور الأيديولوجيا، دون خوف من هدم الأصنام الفكرية التي رسّختها قراءات تقليدية مضى عليها أكثر من قرن.

إعادة قراءة اللينينية: الحاجة إلى مساءلة لا تقديس
إذا كانت الماركسية قد وقعت في فخ الجمود العقائدي على صعيد النظرية، فإن اللينينية قدمت نموذجًا فذًا وملهمًا للتكتيك الثوري والتنظيم الحزبي. لقد استطاع لينين، في سياق روسيا القصرية المتخلفة، أن يحول النظرية الثورية إلى قوة مادية قادرة على قلب ميزان القوى في لحظة تاريخية فارقة. غير أن المشكلة الكبرى بدأت عندما تحول التكتيك إلى عقيدة، وتحول الحزب الطليعي إلى جهاز بيروقراطي يبتلع الدولة والمجتمع.
لطالما افتخرت الأحزاب الشيوعية حول العالم بنموذج «الحزب اللينيني»، بل إن الكثير منها اعتبر أن معيار «الثورية» هو مدى الالتزام الصارم بنموذج الحزب الطليعي والمركزية الديمقراطية. لكن هل نسينا أن هذا النموذج نفسه، الذي أنتج انتصار الثورة البلشفية عام 1917، كان أيضًا هو الذي سهّل لاحقًا بناء جهاز قمعي بيروقراطي خنق السوفييتات (مجالس العمال والفلاحين)؟ أليس من الضروري مساءلة هذا النموذج بدلًا من تكراره بلا وعي؟
لقد كان لينين أكثر وعيًا من الكثير من أتباعه لاحقًا. ففي نصوصه الأخيرة، خاصة في رسائله عن «الرقابة العمالية» و«البيروقراطية»، نبّه إلى الأخطار التي تهدد الدولة السوفييتية الناشئة، واعترف بأن الجهاز البيروقراطي بدأ يتضخم إلى درجة تهدد الثورة ذاتها. هذه الملاحظة الجوهرية لم تُستكمل أبدًا بعد وفاة لينين، بل جرى وأدها في صخب صراع السلطة الذي أعقب رحيله، وتكرّس لاحقًا في ظل حكم ستالين إلى منظومة تسلطية بيروقراطية جرفت كل ما هو ديمقراطي من مشروع المجالس العمالية.
هنا، يجب أن يكون النهج التجديدي حاسمًا: لا تقديس لتجربة مهما كانت عظيمة. فاللينينية ليست نصًا مقدسًا بل تجربة تاريخية لها نجاحاتها وإخفاقاتها. نعم، علّمتنا اللينينية أن الحزب الثوري ضروري في مواجهة جهاز الدولة البرجوازية؛ لكنها علمتنا أيضًا – وإن بطريقة قاسية – أن أي جهاز حزبي قد يتحول إلى سلطة قمعية جديدة إذا لم يُضبط بآليات ديمقراطية صارمة.
إن نقطة الانطلاق لأي مراجعة ماركسية جدية اليوم يجب أن تطرح هذا السؤال المحوري: كيف نبني تنظيمًا ثوريًا قادرًا على تجاوز الدولة البرجوازية دون أن يتحول هو نفسه إلى دولة قمعية جديدة؟ هنا، نعود إلى قلب السؤال الماركسي حول الدولة بوصفها «جهاز قمع طبقي»، ونواجه الحقيقة المرة: أن التجربة الاشتراكية قد وقعت مرارًا في فخ إعادة إنتاج الدولة لا في تجاوزها.
ولذلك، فالنهج التجديدي لا يمكن أن يكون استمرارًا أعمى للينينية، بل يجب أن يكون تطويرًا جدليًا لها، يدمج بين دروس التاريخ وتجارب العصر الجديد. نحن بحاجة إلى أدوات تنظيمية جديدة تتجنب المركزية المفرطة وتعيد الاعتبار لديمقراطية المجالس والرقابة القاعدية، خصوصًا في زمن الشبكات الرقمية التي تتيح فرصًا غير مسبوقة لبناء أشكال تنظيم أفقي تتجاوز الهرمية التقليدية.
في رأينا، فإن إعادة قراءة اللينينية اليوم تعني الدفاع عن جوهرها الثوري (التمسك بالتحليل الطبقي وضرورة تحطيم الدولة البرجوازية)، مع تجاوز مظاهرها التسلطية (المركزية المطلقة، تقديس القيادة، البيروقراطية). وهذه هي المهمة الكبرى التي يتعين على كل حركة ماركسية تجديدية أن تخوضها بوعي شجاع وأدوات تنظيمية جديدة تناسب تحديات القرن الحادي والعشرين.

مأزق التجارب العربية والعالم ثالثية: لماذا فشلنا؟
لا يمكن الحديث عن النهج التجديدي دون التوقف مطولًا أمام التجارب العربية والعالم ثالثية التي طبّقت ما أسمته «الماركسية-اللينينية»، والتي انتهى معظمها إلى الفشل أو الانحراف الكارثي. فالواقع العربي – منذ خمسينيات القرن العشرين وحتى اليوم – شهد محاولات عديدة للدمج بين شعارات التحرر الوطني والاشتراكية، لكن النتيجة كانت، في الغالب، بناء أنظمة سلطوية بيروقراطية رفعت شعارات العدالة الاجتماعية بينما قهرت شعوبها باسم «المعركة ضد الإمبريالية».
تجارب مثل العراق، سوريا، مصر، السودان، واليمن، بالإضافة إلى بلدان أخرى في آسيا وأفريقيا، اتبعت استراتيجية «الثورة الوطنية الديمقراطية» التي نصّت عليها الأممية الثالثة. هذا النموذج افترض أن التحرر الوطني من الاستعمار هو الخطوة الأولى نحو الاشتراكية، وأن البرجوازية الوطنية يمكن أن تكون شريكًا في هذه المعركة. لكن التجربة أثبتت أن هذه الرؤية كانت ساذجة على نحو خطير. فبدلًا من أن تكون البرجوازية الوطنية حليفًا موضوعيًا، تحولت في كثير من الحالات إلى عدو مباشر للطبقة العاملة، كما حدث بوضوح في العراق بعد 1958 وفي مصر بعد 1952، حيث تم سحق الحركة العمالية بمجرد أن تم تثبيت السلطة الجديدة.
هنا لا بد أن نطرح نقدًا صريحًا: لقد وقع اليسار العربي في فخ أوهام البرجوازية الوطنية. وحتى حين حاولت بعض الأحزاب الشيوعية اتخاذ مواقف أكثر جذرية، فإنها كانت مكبلة بالتبعية الفكرية والتنظيمية للنموذج السوفييتي، الذي دعم دائمًا فكرة «الجبهة الوطنية العريضة» حتى لو على حساب استقلالية الطبقة العاملة.
أما في العراق، فقد مثّلت تجربة الحزب الشيوعي العراقي مثالًا صارخًا على الارتباك بين الخط الطبقي والتحالفات الانتهازية. بعد ثورة 14 تموز 1958، انخرط الحزب في دعم عبد الكريم قاسم بلا شروط تقريبًا، متجاهلًا تحذيرات قادته الأكثر حذرًا، إلى أن دفع الثمن غاليًا في انقلاب 1963، الذي دُفنت فيه الآمال الثورية بمجازر دموية.
لم يكن الإخفاق محصورًا في الجانب السياسي فقط، بل امتد إلى الجانب التنظيمي والفكري. معظم الأحزاب الشيوعية في العالم الثالث فشلت في بناء قاعدة جماهيرية عمالية راسخة، وركزت على النخب المتعلمة أو على تحالفات انتهازية مع فئات برجوازية، مما أدى إلى انقطاعها عن القاعدة الطبقية التي يُفترض أنها تمثلها. والأدهى أن العديد من هذه الأحزاب وقعت في شرك الطائفية والقومية، إما بشكل مباشر أو من خلال تجاهل هذه القضايا تحت ذريعة الواقعية السياسية.
والسؤال الجوهري الذي نطرحه هنا: لماذا لم تتعلم هذه الأحزاب من إخفاقاتها؟ لماذا ظلت، رغم كل الهزائم والانقسامات، تُعيد إنتاج نفس الخطاب ونفس الأدوات التنظيمية؟
الإجابة المؤلمة هي أن هذه الأحزاب لم تمارس نقدًا ذاتيًا حقيقيًا. فعلى الرغم من الشعارات التي ترفعها عن «النقد والنقد الذاتي»، فإن أغلبها مارس ما يمكن تسميته بـ«النقد الطقوسي»، الذي لا يهدف إلى مراجعة جدية بل إلى ترسيخ هيمنة القيادة وإغلاق أي باب للمساءلة الحقيقية. وهذا، في رأينا، هو الجذر العميق للأزمة: غياب النقد الجذري المقرون بإرادة التغيير.
إن النهج التجديدي اليوم يجب أن يواجه هذه الحقائق بلا مواربة: لا اشتراكية حقيقية دون قطيعة تامة مع الطائفية والقومية والانتهازية الطبقية. ولا حزب ثوري حقيقي دون انخراط عضوي في معاناة الطبقة العاملة اليومية، وليس فقط عبر خطابات موسمية أو بيانات جوفاء.

لقد حان الوقت لأن نسأل أنفسنا بوضوح: ماذا فعلت الأحزاب الشيوعية العربية طوال عقود؟ أين كانت في لحظات الانتفاضات الكبرى؟ ولماذا فشلت في أن تكون قوة طليعية حقيقية تقود الجماهير بدل أن تلهث وراء أنظمة سلطوية أو تذوب في تحالفات غير مبدئية؟
هذه الأسئلة ليست ترفًا نظريًا بل مسألة حياة أو موت لأي مشروع ماركسي يسعى اليوم إلى استعادة المبادرة الثورية.

النقد الذاتي للحركات الشيوعية: انقطاع الصلة بالطبقة العاملة
لطالما شكّل ارتباط الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة العصب الجوهري لأي مشروع ماركسي-لينيني أصيل. فقد تأسس هذا الفكر على القاعدة البسيطة والمبدئية: أن الطبقة العاملة هي القوة الاجتماعية الوحيدة القادرة على إنجاز الثورة الاشتراكية. غير أن التجربة الواقعية كشفت أن العديد من الأحزاب الشيوعية – خاصة في العالم العربي والعالم الثالث – انقطعت فعليًا عن الطبقة العاملة وتحولت إلى نخب معزولة تنظيميًا واجتماعيًا.
إن مراجعة هذه الأزمة لا ينبغي أن تقتصر على مجرد توصيف سطحي مثل القول إن “العمال غير منظمين” أو أن “الظروف الموضوعية لم تنضج”. هذه المقولات، رغم صحتها الجزئية، تخفي مشكلة أعمق بكثير تتعلق بتحول الأحزاب نفسها إلى أجهزة بيروقراطية لم تعد ترى في الطبقة العاملة سوى مادة دعائية أو ذخيرة انتخابية.
في العراق على سبيل المثال، ورغم أن الحزب الشيوعي كان يومًا من أكثر الأحزاب جماهيرية، إلا أن السنوات الأخيرة كشفت عن تآكل حاد في قاعدته الطبقية. لم يعد الحزب حزبًا للعمال والكادحين كما كان في منتصف القرن الماضي، بل بات أقرب إلى حزب نخبوي يقتصر حضوره على مناسبات رمزية، في حين غابت مساهماته الجذرية عن ساحات النضال العمالي الحقيقية مثل تنظيم الإضرابات، الدفاع عن النقابات المستقلة، ومواجهة سياسات الخصخصة والنهب المنظم.
هذا الانقطاع لم يكن نتيجة لعوامل موضوعية فقط، بل نابع أيضًا من اختيارات سياسية خاطئة وتكتيكات انتهازية. فقد لجأت الكثير من الأحزاب إلى التحالف مع قوى سلطوية أو طائفية أو برجوازية، مبررة ذلك بذرائع مثل «الوحدة الوطنية» أو «دعم المسار الديمقراطي». والنتيجة؟ تم تهميش البرنامج الطبقي لصالح أجندات لا علاقة لها بمصالح الطبقة العاملة.
علاوة على ذلك، ثمة مأزق تنظيمي وفكري خطير: الأحزاب الشيوعية لم تعد تطور أدوات تثقيف حقيقي للكوادر الحزبية. فمعظم البرامج التعليمية باتت مكررة، تعتمد على نصوص قديمة لا تتفاعل مع التحولات العميقة التي يشهدها الواقع. ماذا تعني الاشتراكية اليوم في عصر الاقتصاد الرقمي؟ كيف يمكن بناء تنظيم عمالي في ظل الهشاشة الشديدة لعلاقات العمل؟ كيف نتعامل مع التحولات الجندرية والعرقية داخل الطبقة العاملة؟ هذه الأسئلة تكاد تكون غائبة أو مؤجلة إلى أجل غير مسمى.
وفي هذا السياق، ينبغي أن نكون واضحين: الحزب الشيوعي الذي لا يكون تنظيمًا عماليًا حيًا يفقد معناه الثوري، مهما رفع من شعارات. ولا يكفي أن نُحمّل الجماهير مسؤولية ابتعادها عن الحزب، فالمشكلة الأكبر تكمن في أن الحزب نفسه فشل في أن يكون بيت الطبقة العاملة.
إن النهج التجديدي الذي ندافع عنه يستلزم استراتيجية مزدوجة: من جهة، إعادة بناء الارتباط العضوي مع الطبقة العاملة عبر التواجد اليومي في مواقع الإنتاج والنضال؛ ومن جهة أخرى، تطوير رؤية فكرية جديدة للطبقة العاملة المعاصرة، التي لم تعد صورة نمطية للعامل الصناعي الكلاسيكي، بل باتت تشمل قطاعات واسعة من العمالة المؤقتة، الرقمية، النسائية، والمهاجرين، وكل هؤلاء يمثلون اليوم القوة الحقيقية الكامنة للتحول الثوري إذا ما تم تنظيمهم بوعي طبقي أصيل.

الاقتصاد الريعي والطائفية: تفكيك بنيوي للهيمنة
من بين أهم الظواهر البنيوية التي أسهمت في إعاقة تطور الطبقة العاملة وتعطيل المشروع الاشتراكي في العالم العربي، نجد الاقتصاد الريعي والطائفية، وهما ظاهرتان متداخلتان إلى درجة يصعب أحيانًا فصلهما تحليليًا. فبينما يمثل الاقتصاد الريعي نموذجًا اقتصاديًا يقوم على الاعتماد شبه الكامل على موارد طبيعية محدودة (كالنفط أو الغاز) دون تنمية قطاع إنتاجي حقيقي، فإن الطائفية تشكل إحدى الأدوات السياسية والاجتماعية الأكثر فاعلية في تشتيت الوعي الطبقي وتفتيت النسيج الاجتماعي.

الريعية: البنية الاقتصادية للتبعية
الاقتصاد الريعي ليس مجرد «اختيار خاطئ» أو ظاهرة اقتصادية معزولة، بل هو آلية مادية لإعادة إنتاج التبعية داخل منظومة الرأسمالية العالمية. فالريع النفطي، على سبيل المثال، جعل من الدولة في بلدان مثل العراق ودول الخليج مجرد وكيل محلي لمنظومة الهيمنة الإمبريالية. هذه الدول – رغم ما تملكه من موارد – لم تسعَ إلى بناء قاعدة إنتاجية وطنية حقيقية، بل تحولت إلى أجهزة لإعادة توزيع الثروة على أسس زبائنية وطائفية، بهدف ضمان استقرار السلطة الطبقية.
يؤدي هذا النمط من الاقتصاد إلى تشوه البنية الطبقية، إذ يضعف من مركزية الطبقة العاملة الصناعية، ويخلق طبقات طفيلية مستفيدة من توزيع الريع، سواء في شكل وظائف الدولة أو في شكل عقود تجارية ريعية. وهكذا، يصبح المجتمع محكومًا بصراع حول نصيب كل طائفة أو جماعة من «كعكة الريع»، بدل أن يكون صراعًا واضحًا بين العمل ورأس المال.

الطائفية: هندسة الوعي الطبقي
إذا كان الاقتصاد الريعي يخلق البنية المادية للتبعية والانقسام الطبقي، فإن الطائفية تعمل كآلية أيديولوجية لإخفاء هذه الانقسامات. ففي العراق ولبنان وغيرهما، نجد أن الخطاب الطائفي يُستخدم بذكاء من قبل الطبقات المسيطرة لتفسير الفقر والبطالة والحرمان على أنه نتيجة «ظلم طائفي» وليس نتيجة تناقضات النظام الطبقي نفسه.
هذا التلاعب ليس عفويًا، بل هو مشروع منظم بدأته القوى الاستعمارية (مثل بريطانيا وفرنسا) واستكملته لاحقًا الطبقات الحاكمة المتحالفة مع الإمبريالية. والنتيجة هي أن الطبقة العاملة في هذه البلدان تم تفتيتها طائفيًا بحيث أصبح العامل الشيعي والعامل السني والعامل المسيحي لا يرون بعضهم كرفاق في الصراع الطبقي بل كخصوم في لعبة النفوذ الطائفي.

العلاقة الجدلية: ريع وطائفية
من الخطأ النظر إلى الريعية والطائفية كظاهرتين منفصلتين؛ فهما وجهان لعملة واحدة. الريعية تخلق البنية الاقتصادية التي تغذي نظام الزبائنية والمحسوبية، بينما تعمل الطائفية كآلية لضمان استقرار هذه البنية وإعادة إنتاجها سياسيًا. وهذا ما يجعل النظام الرأسمالي في البلدان الريعية أكثر مرونة في امتصاص الغضب الشعبي؛ إذ إنه يفرغه من محتواه الطبقي ويعيد تدويره في قنوات طائفية.

رأينا: تفكيك الهيمنة يبدأ بتفكيك الرابط بين الريع والطائفية
في رأينا، لا يمكن لأي مشروع اشتراكي جاد أن يحقق نجاحًا في هذه البلدان ما لم يضع على رأس أولوياته تفكيك العلاقة البنيوية بين الريعية والطائفية. وهذا يستدعي:
1. برنامجًا اقتصاديًا بديلًا يقوم على التحرر من الاقتصاد الريعي وبناء قاعدة إنتاجية مستقلة.
2. خطابًا طبقيًا صارمًا يرفض أي تبرير طائفي للمشاكل الاجتماعية، ويعيد تعريف الصراع الاجتماعي على أساس الانقسام الطبقي لا الطائفي.
3. تنظيمات عمالية وحدوية تتجاوز الحواجز الطائفية وتعيد بناء التضامن الطبقي من الأسفل.
ختامًا، إن المهمة الكبرى أمام النهج التجديدي ليست فقط في نقد الطائفية كشعار، بل في تفكيك البنية المادية التي تعيد إنتاج الطائفية باستمرار. وهذه معركة طويلة وشاقة، لكنها ضرورية إذا أردنا حقًا
بناء بديل اشتراكي قابل للحياة.

البديل الأممي الجديد: أسسه النظرية وتنظيمه العملي
لقد شهد العالم، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، فراغًا كبيرًا على صعيد الأممية الثورية. فالأمميات السابقة (الأولى والثانية والثالثة) رغم دورها التاريخي الهائل، انتهت إما بالانقسام أو بالبيروقراطية، تاركة وراءها سؤالًا ملحًا: كيف نبني أممية جديدة تتجاوز إخفاقات الماضي وتستجيب لتحديات العصر؟
اليوم، في زمن العولمة النيوليبرالية والاقتصاد الرقمي والاضطرابات الجيوسياسية، لم تعد الطبقة العاملة محصورة في صورة العامل الصناعي الكلاسيكي، بل باتت طبقة عالمية متعددة المستويات تضم العمالة غير المستقرة، العاملين في القطاع الرقمي، المهاجرين، النساء، وأصحاب المهن الهشة. هذا الواقع الجديد يفرض علينا إعادة تصور الأممية ليس فقط كهيكل تنظيمي بل كحركة اجتماعية واسعة تجمع بين القضايا الطبقية والبيئية والجندرية والحقوق الرقمية.

الأسس النظرية: الاشتراكية كتحرر عالمي متجدد
الأممية الجديدة التي ندعو إليها يجب أن تعيد تأصيل الاشتراكية كدعوة للتحرر العالمي الشامل، تتجاوز الأطر القُطرية والقومية والطائفية. هذا يتطلب نقدًا مزدوجًا: من جهة نقد الرأسمالية العالمية، ومن جهة أخرى نقد الانحرافات التي حولت الاشتراكية إلى مجرد مشروع سلطوي بيروقراطي في تجارب القرن العشرين.
إن النهج التجديدي يصر على أن الأممية لا يمكن أن تنجح إلا إذا أعادت الاعتبار للبرنامج الطبقي الصارم، لكن بطريقة جديدة تدمج بين التحليل الماركسي التقليدي ومقاربات حديثة حول قضايا مثل البيئة والتكنولوجيا واللامساواة العرقية والجندرية. وهذا لا يعني تمييع البرنامج الثوري، بل توسيعه ليشمل الأبعاد الجديدة للصراع الاجتماعي المعاصر.

التنظيم العملي: شبكات مرنة وديمقراطية قاعدية
الدرس الأكبر الذي نتعلمه من فشل الأمميات السابقة هو أن المركزية البيروقراطية قتلت الروح الثورية للأممية. لذلك، فإن الأممية الجديدة يجب أن تقوم على تنظيم شبكي مرن، يعتمد على الديمقراطية القاعدية والمشاركة الأفقية.
في زمن الشبكات الرقمية، لم يعد من الضروري أن يكون لدينا «مركز أممي» تقليدي يتخذ القرارات نيابة عن الجميع. بدلاً من ذلك، يمكن بناء شبكة عالمية من المنظمات والاتحادات العمالية والنقابية والحركات الاجتماعية تتواصل عبر منصات رقمية موحدة، وتتخذ قراراتها بطريقة تشاركية. هذه الشبكة يجب أن تكون قادرة على:
• تنسيق الإضرابات والتحركات العمالية عالميًا ردًا على سياسات الشركات متعددة الجنسيات.
• إنتاج معرفة مشتركة من خلال أبحاث ودراسات تعزز وعي الطبقة العاملة بمختلف تجلياتها.
• مواجهة الأزمات العالمية مثل تغير المناخ، الأوبئة، والأزمات المالية بشكل تضامني أممي.

رأينا: من الأممية «المركزية» إلى الأممية «الشبكية»
في رأينا، لا يكفي أن نعيد بناء الأممية بنفس الطريقة القديمة. العالم تغير، والطبقة العاملة تغيرت، والأدوات تغيرت. لذلك، يجب أن تنتقل الأممية من نموذج «المركزية الصلبة» إلى نموذج «الشبكات المرنة». وهذه الشبكات ليست بديلًا عن التنظيم الحزبي المحلي، بل مكمّلًا أمميًا يعزز القدرة النضالية للحركات العمالية حول العالم.
ومع ذلك، يجب التنبه إلى أن المرونة التنظيمية لا تعني التسيب أو انعدام البرنامج. يجب أن تكون هناك أسس مبدئية واضحة: رفض الرأسمالية بجميع أشكالها، النضال من أجل الاشتراكية، التضامن الطبقي العابر للحدود، ورفض كل أشكال القمع القومي والطائفي والجندري.
ختامًا، الأممية الجديدة ليست مجرد طموح تنظيمي، بل ضرورة تاريخية ملحة في مواجهة رأسمالية عالمية تزداد شراسةً وشمولية. وإذا لم تتمكن الحركة الشيوعية من إعادة بناء مشروعها الأممي على أسس جديدة، فإنها ستظل مجرد صوت هامشي في عالم تزداد فيه اللامساواة والفوضى.

رؤيتنا الخاصة: أين نقف اليوم وما الذي نقترحه؟
بعد هذا العرض النقدي والتاريخي والتشخيصي، لا يمكن أن نكتفي بوضع الملاحظات أو إصدار الأحكام على ما مضى؛ بل من واجبنا أن نقدم رؤية عملية وبرنامجًا جريئًا يجيب عن سؤالين رئيسيين: أين نقف اليوم؟ وما هو الطريق الذي نقترحه للنهج التجديدي الماركسي-اللينيني؟

أين نقف اليوم؟
نحن نقف على أطلال حركة شيوعية تآكلت بفعل عوامل متعددة:
• داخليًا: الجمود العقائدي، الانعزال عن الطبقة العاملة، التحالفات الانتهازية، البيروقراطية.
• خارجيًا: القمع الوحشي، العولمة الرأسمالية، تفتيت المجتمعات طائفيًا وعرقيًا، وتطور أدوات السيطرة الأيديولوجية.
النتيجة أن كثيرًا من الأحزاب التي كانت تدّعي تمثيل الطبقة العاملة باتت اليوم أشبه بمجموعات صغيرة معزولة أو مكونات مندمجة ضمن الأنظمة البرجوازية. في المقابل، هناك فراغ نضالي حقيقي داخل الطبقة العاملة والمهمشين، حيث تنمو الاحتجاجات بشكل عفوي لكنها تفتقر إلى التنظيم والرؤية الطبقية الواضحة.
هذا الوضع، وإن كان مأساويًا، يفتح أيضًا نافذة تاريخية للنهج التجديدي: هناك حالة من الإحباط العميق، لكنها تترافق أيضًا مع حاجة ماسة لبديل حقيقي بعدما ثبت عجز الأحزاب التقليدية والأنظمة النيوليبرالية والطائفية عن تقديم أي حلول.

ما الذي نقترحه؟
1⃣ إعادة تأصيل الماركسية كمنهج حي:
• يجب التخلص من عبادة النصوص.
• إعادة قراءة ماركس وإنجلز ولينين بأدوات العصر، دون تقديس أو اجترار.
• تطوير المفاهيم الكلاسيكية (مثل الدولة، الطبقة، الاغتراب) بما ينسجم مع تحولات الاقتصاد الرقمي والبيئة العالمية الجديدة.
2⃣ استراتيجية طبقية جذرية:
• العودة إلى الطبقة العاملة بكل تنوعها الجديد: العمال الرقميون، النساء العاملات، المهمشون، المهاجرون.
• رفض كل أشكال التحالفات الانتهازية مع القوى الطائفية أو البرجوازية حتى وإن رفعت شعارات وطنية.
• بناء برنامج نضالي مباشر يركز على المطالب العمالية والحقوق الاجتماعية كأولوية مطلقة.
3⃣ بناء تنظيمات مرنة وجذرية:
• نحتاج إلى تجاوز النموذج الهرمي الصارم دون الوقوع في الفوضوية.
• تطوير أدوات تنظيمية جديدة تستثمر الوسائط الرقمية لخلق مساحات مشاركة أوسع وأكثر ديمقراطية.
• بناء شبكات تضامن على المستويين المحلي والعالمي.
4⃣ الاستثمار في التثقيف الطبقي:
• التثقيف السياسي يجب ألا يكون برنامجًا نظريًا فقط بل جزءًا من الممارسة اليومية، خاصة في أماكن العمل والمعيشة.
• إنتاج أدبيات وأبحاث معاصرة تخاطب الجيل الجديد بلغته وتفضح آليات الهيمنة الطبقية في زمن العولمة الرقمية.
5⃣ أممية جديدة على أساس تضامن حقيقي:
• بناء شراكات أممية مع حركات يسارية حول العالم.
• تجاوز الطابع المركزي للأمميات القديمة لصالح نموذج شبكي تفاعلي.
• التضامن مع نضالات الشعوب في كل مكان دون الوقوع في فخ النزعات القومية الضيقة.

موقفنا الجذري
في رأينا، لا يمكن لأي نهج تجديدي أن ينجح دون شجاعة الاعتراف بأن الحركة الشيوعية العربية كانت – في أغلبها – جزءًا من الأزمة وليس جزءًا من الحل. هذه الحركة إما ارتضت التحالف مع أنظمة قمعية أو عجزت عن قراءة واقعها الطبقي. ومع ذلك، نحن لا نطرح قطيعة عبثية مع هذا التراث، بل ندعو إلى نقد جدلي واعٍ يعترف بالإنجازات لكنه يواجه الإخفاقات بجرأة لا تعرف المواربة.
إن مشروعنا ليس إعادة إحياء حزب شيوعي ميت أو تجميل خطاب قديم، بل هو بناء مشروع ثوري جديد يتسلح بالمادية الجدلية، لكنه ينطلق من الشروط الواقعية التي تعيشها الطبقة العاملة اليوم. المشروع الاشتراكي الذي نطمح إليه يجب أن يكون متجذرًا في الواقع ومرنًا بما يكفي ليتكيف مع المتغيرات، لكنه صارم في انحيازه الطبقي وأمميته.

الخاتمة: الطريق إلى الاشتراكية الممكنة
بعد كل ما استعرضناه من تحليل نقدي للتجارب التاريخية، وتفكيك للآليات الاقتصادية والاجتماعية التي أعاقت تطور المشروع الاشتراكي، يبرز سؤال جوهري: هل الاشتراكية لا تزال ممكنة اليوم؟ وإن كانت كذلك، فما هو الطريق إليها؟
لا شك أن اشتراكية القرن الحادي والعشرين لا يمكن أن تكون نسخة مكررة من اشتراكية القرن العشرين. لقد تغيرت الشروط الموضوعية والذاتية جذريًا:
• العولمة أعادت تشكيل الاقتصاد العالمي بحيث باتت القوى العاملة أكثر تشتتًا وأشد هشاشة.
• الثورة الرقمية غيّرت طبيعة الإنتاج والعمل وأعادت تعريف مفاهيم مثل “الملكية” و”القيمة”.
• البيئة أصبحت ساحة مركزية للصراع الطبقي العالمي مع تصاعد أزمات المناخ.
• الموجات المتتالية من القومية والطائفية واليمين المتطرف أعادت إنتاج خطوط الصدع في المجتمعات.
لكن، ومع كل هذه التحديات، فإن الرأسمالية كشفت أيضًا عن عجزها البنيوي عن تلبية أبسط حاجات البشر. فاللامساواة العالمية تتفاقم، وأزمات الصحة العامة (كما كشفت جائحة كورونا) تفضح هشاشة النظام العالمي، والاحتباس الحراري يهدد البشرية جمعاء. وفي كل زاوية من العالم، تتجلى الحقيقة الماركسية العتيقة: أن الرأسمالية تحمل في داخلها تناقضاتها القاتلة.

اشتراكية جديدة لعصر جديد
اشتراكيتنا اليوم يجب أن تكون اشتراكية عمالية، بيئية، أممية، وديمقراطية جوهريًا. هذا يعني:
• اشتراكية عمالية: تعيد الاعتبار للصراع الطبقي وترى في الطبقة العاملة – بكل تنوعها الجديد – القوة المحركة للتغيير.
• اشتراكية بيئية: تدمج بين التحرر الطبقي والتحرر البيئي، باعتبار أن استنزاف الطبيعة واستغلال العمال هما وجهان لنفس المنظومة الرأسمالية.
• اشتراكية أممية: تتجاوز حدود الدولة القومية وتناضل من أجل تضامن عالمي حقيقي.
• اشتراكية ديمقراطية: ترفض أي شكل من أشكال السلطوية، وتؤمن بأن الاشتراكية لا تُبنى إلا على قاعدة ديمقراطية قاعدية شاملة.

الطريق: من الممكن إلى الفعل
إذا كانت الاشتراكية ممكنة موضوعيًا، فإن تحويلها إلى واقع يحتاج إلى إرادة سياسية وتنظيم ثوري متجدد. وهذا يتطلب:
• إعادة بناء الثقة بين الحركات الاشتراكية والجماهير.
• تطوير أدوات عمل جديدة، خاصة عبر الوسائط الرقمية، لمواجهة السيطرة الإعلامية للرأسمالية.
• الاستثمار في بناء تنظيمات قاعدية تجمع بين النضال اليومي والمشروع الاستراتيجي البعيد المدى.
• إنتاج نظرية جديدة تُنير الطريق، دون الوقوع في فخ التبسيط أو الطوباوية.

خاتمة مفتوحة
في النهاية، النهج التجديدي في الماركسية واللينينية ليس مشروعًا فكريًا فقط بل هو نداء نضالي عاجل. إن الاشتراكية ليست حلمًا مثاليًا نعلقه على المستقبل بل ضرورة تاريخية تفرضها تناقضات النظام القائم. ومثلما قال ماركس: “ليس للعمال ما يخسرونه سوى قيودهم”، نقول اليوم إن أمامنا فرصة نادرة لبناء أفق جديد للتحرر الإنساني.

الطريق صعب ومعقد، لكنه الطريق الوحيد الذي يستحق أن يُسلك.

ملاحظة ختامية

إن الكتابة مسؤولية فكرية وأخلاقية تتطلب من الكاتب أن يتحرى الصدق، والموضوعية، والالتزام بقضايا العدالة والحرية. كما أن النقد الموجه لأي نص ينبغي أن يلتزم بضوابط الحوار الفكري المسؤول، فيُناقش الأفكار لا الأشخاص، ويبتعد عن الشخصنة والمناكفات التي تفسد الحوار وتضعف قيمته العلمية.

كل نص يُكتب، وكل نقد يُقدّم، يعكس مستوى وعي صاحبه، وأخلاقيته، وانحيازه.
لذلك، نهيب بالقراء الكرام الالتزام بثقافة الحوار الهادئ والبناء، لما فيه خدمة الحقيقة، وإنضاج النقاش، وإثراء الفضاء الفكري بقيم التعددية، والاحترام المتبادل، والسعي المشترك نحو مستقبل أفضل.



#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام المكونات في العراق: الهيمنة الإمبريالية وإعادة إنتاج ال ...
- عقود النفط بعد 2003: هل خسر العراق معركته الاقتصادية الكبرى؟
- القمع: قراءة ماركسية معمقة في سياق الدولة البرجوازية والدولة ...
- يا نساء العراق، توحدنَّ!
- حول الدولة المدنية والديمقراطية: clarifications ماركسية ضرور ...
- العراق في قبضة الاحتلال المالي: كيف تُنهب ثروات بلد نفطي بأد ...
- الدولة المدنية والتغيير الشامل: قراءة ماركسية نقدية لشعار ال ...
- الدولة المدنية والاشتراكية: جدلية الضرورة والإمكان في الواقع ...
- العشائرية، الدين، والدولة المدنية: قراءة ماركسية في عوائق ال ...
- نشيد الأممية - محاولة ترجمة شعرية عربية
- -بين المدنية والطبقية- حوارات مهمة، اطروحات ر. د. حسين علوان ...
- بين المدنية والطبقية: قراءة ماركسية-لينينية في طروحات الحزب ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ ج5: خاتمة، ج6: الملخص
- هل انتهى اليسار الماركسي؟، ج3: البعد النظري: الماركسية بين ا ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ - ج1- جذور فكرة نهاية اليسار, ج2- ...
- حول جدوى النقاش السياسي الاقتصادي مقابل الانزلاق إلى المجازا ...
- قراءة نقدية علمية ماركسية لأسئلة د. طلال الربيعي على ردي الس ...
- حول اطروحات د. طلال الربيعي على مقالتي: العصبيات والعداء لاي ...
- رد إلى الرفيق د. حسين علوان حسين - حول دور الحزب ومهام اليسا ...
- رد إلى الرفيق حسين علوان حسين حول طروحاته حول مقالة: اللينين ...


المزيد.....




- بيل غيتس لـCNN: تخفيضات إيلون ماسك في ميزانية الحكومة الأمري ...
- -البنيان المرصوص-.. باكستان تطلق عملية انتقامية واسعة ردا عل ...
- لماذا لم يختر الكرادلة بابا من أفريقيا؟
- الجيش الباكستاني يبدأ عملية عسكرية ضد الهند، رداً على استهدا ...
- السلطات الأمريكية تمنع سيدة أعمال -جذابة- من دخول البلاد لمد ...
- كوريا الشمالية تهنئ روسيا بعيد النصر وتؤكد أن تحرير كورسك مث ...
- تصعيد في حراك الطلاب المستمر منذ عدة أيام في موريتانيا
- قبيل المباحثات مع بكين ترامب يقترح خفض الرسوم على الصين بنسب ...
- عملية -البنيان المرصوص-.. الجيش الباكستاني يكشف تفاصيل -الرد ...
- باكستان تعلن -بدء الرد- على الضربات الهندية


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - النهج التجديدي في الماركسية واللينينية: قراءة جدلية نقدية في تحديات الفكر والممارسة