أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - العشائرية، الدين، والدولة المدنية: قراءة ماركسية في عوائق النضال الطبقي في العراق














المزيد.....

العشائرية، الدين، والدولة المدنية: قراءة ماركسية في عوائق النضال الطبقي في العراق


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 02:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رد على تعليق الرفيق صباح كنجي


العشائرية، الدين، والدولة المدنية: قراءة ماركسية في عوائق النضال الطبقي في العراق

الرفيق العزيز صباح كنجي المحترم، تحية رفاقية وتقدير عالٍ،

أشكرك جزيل الشكر على ملاحظتك المهمة التي تفتح بالفعل نافذة عميقة للتفكير، خاصة في واقع مأزوم كالعراق حيث تتقاطع بقايا ما قبل الدولة مع تناقضات الرأسمالية التابعة وأزماتها المزمنة.

أولًا: العشائرية والقبلية كعائق بنيوي أمام التحول الثوري

وقوفك عند هذه المسألة في غاية الأهمية. من منظور ماركسي، الدولة الحديثة نشأت تاريخيًا نتيجة انقسام المجتمع إلى طبقات وصعود التناقضات الطبقية إلى ذروتها. كما يوضح إنجلز في “أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة”، فإن الدولة تظهر عندما “تصبح التناقضات الطبقية غير قابلة للتوفيق، وتحتاج الطبقة السائدة إلى جهاز خاص لقمع الطبقات الأخرى”¹.

لكن العراق لم يشهد عملية تحطيم كاملة للبنى ما قبل الرأسمالية، مثل العشائرية والإقطاعية. وبدلًا من تلاشيها التدريجي، تداخلت هذه البنى مع جهاز الدولة، لتنتج شكلاً هجينًا من السلطة الهشة والممزقة طائفيًا وعشائريًا.

ماركس وإنجلز في “البيان الشيوعي” أشارا إلى أن “البرجوازية، أينما سادت، مزّقت العلاقات الإقطاعية القديمة والروابط العائلية والقبلية وأقامت بدلاً عنها علاقات نقدية باردة”². لكن في العراق، البرجوازية التابعة كانت عاجزة عن استكمال هذه المهمة التاريخية. والنتيجة أن العشائرية لا تزال اليوم تلعب دورًا مزدوجًا: فهي من جهة شبكة أمان اجتماعي هشّة في ظل انهيار الدولة، ومن جهة أخرى أداة لإعادة إنتاج السيطرة الطبقية عبر ولاءات فوق طبقية تمنع تطور الوعي الطبقي.

إن الماركسية تؤكد دائمًا أن “الوعي الاجتماعي يتحدد بالوجود الاجتماعي”³، وبما أن البنى العشائرية تظل قوية في أوساط البروليتاريا الرثة والكادحين، فإنها تعمل على تحييد إمكانات الوعي الطبقي وإعادة تدوير الولاءات القديمة. لذلك، من الضروري:
• بناء نقابات وتنظيمات مستقلة تتجاوز الولاءات العشائرية.
• فضح كيف تُستخدم العشيرة كأداة لابتزاز الطبقات الدنيا وتحويلها إلى وقود لصراعات غير طبقية.
• دعم الحركات التي تسعى لاستبدال الولاءات العشائرية بالانتماء الطبقي والتنظيمي.

ثانيًا: الدين، التطرف، وتأثيرهما على الدولة المدنية

أشرتَ إلى نقطة جوهرية: دور الأديان – أو بالأحرى المؤسسة الدينية – في إنتاج التخلف والتطرف، وأثر ذلك على أي مشروع مدني. وهنا نحتاج إلى تفكيك العلاقة بين الدين والدولة من منظور ماركسي.

ماركس كتب في “نقد فلسفة الحق عند هيغل” أن “الدين هو تنهيدة المخلوق المظلوم، قلب عالم بلا قلب، وروح ظروف بلا روح. إنه أفيون الشعوب”⁴. هذا التعريف لا يعني أن الدين مجرد خرافة، بل هو استجابة مشوهة لواقع مادي ظالم. بالتالي، استمرار الفقر، البطالة، والظلم الطبقي يغذي حضور الدين كمُخدّر وكسلاح سياسي بيد الطبقات الحاكمة.

في السياق العراقي، وبعد 2003، أُعيد تشكيل جهاز الدولة على أسس طائفية ودينية صريحة، فتحول الدين من عنصر أيديولوجي إلى ركيزة فعلية للسلطة السياسية. وهذا ما جعل الدين الرسمي لا يعمل فقط كغطاء أيديولوجي، بل كجهاز قمعي عملي داخل السلطة.

ماركس في “الصراع الطبقي في فرنسا 1848-1850” حذر من “أن أي ثورة اجتماعية جديدة يمكن أن تبدأ فقط من نقطة انكسار السلطة السياسية، لكنها لا تكتمل إلا بتحطيم جهاز الدولة البرجوازي”⁵. ما نواجهه في العراق هو استمرار هيمنة جهاز دولة طائفي مسلح، يُعيد إنتاج التخلف، ويستخدم الدين كسلاح لتأبيد السيطرة الطبقية.

هل الدولة المدنية هي الحل؟

الدولة المدنية تُطرح كبديل ديمقراطي ضد نظام المحاصصة والطائفية، وهذا مطلب مشروع ومهم ضمن أفق النضال الديمقراطي. لكن من منظور ماركسي، علينا أن نميز بين الدولة المدنية كمرحلة مؤقتة تتيح هوامش للنضال الطبقي، وبين الوهم بإمكانية أن تحل الدولة المدنية التناقضات الطبقية الجذرية.

لينين كتب في “الدولة والثورة”:
*“إن الدولة هي آلة قمع طبقة لأخرى، ولا يمكن للدولة البرجوازية أن تكون غير ذلك حتى عندما ترتدي قناع الديمقراطية البرجوازية.”*⁶

وبالتالي، حتى الدولة المدنية الأكثر ديمقراطية تبقى جزءًا من جهاز الدولة الطبقي الذي يقمع أي تهديد جوهري لمصالح الطبقة المسيطرة.

كيف نواجه ذلك؟

الجواب الماركسي يتطلب:
• نقدًا أيديولوجيًا شاملًا يربط بين الطائفية، العشائرية، والدين بوصفها أدوات لإعادة إنتاج السيطرة الطبقية.
• النضال الديمقراطي من أجل الحريات السياسية والمدنية، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من معركة أوسع لبناء القوة الطبقية المستقلة.
• البرنامج الانتقالي الذي يربط بين المطالب الديمقراطية الفورية وبين الهدف النهائي: تحطيم جهاز الدولة الطبقي وبناء دولة العمال.

خاتمة

نعم، الرفيق العزيز، إن العشائرية والدين الرسمي يشكلان عائقين رئيسيين أمام أي تحول ثوري حقيقي في العراق. ولا يمكن للشيوعيين أن يكتفوا برفع شعار الدولة المدنية ما لم يرتبط هذا الشعار ببرنامج طبقي جذري يضع على رأس أولوياته تفكيك البنى العشائرية والطائفية والدينية وإعادة بناء المجتمع على أسس طبقية علمية.

أتطلع فعلًا لاستمرار هذا النقاش الغني، فهو ليس تنظيرًا فقط، بل حجر أساس لأي مشروع ماركسي جدي في العراق.

رفاقيًا دائمًا،

د. علي طبله


المراجع:
1. إنجلز، أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة (1884).
2. ماركس وإنجلز، البيان الشيوعي (1848).
3. ماركس، مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي (1859).
4. ماركس، نقد فلسفة الحق عند هيغل (1843).
5. ماركس، الصراع الطبقي في فرنسا 1848-1850.
6. لينين، الدولة والثورة (1917).




#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشيد الأممية - محاولة ترجمة شعرية عربية
- -بين المدنية والطبقية- حوارات مهمة، اطروحات ر. د. حسين علوان ...
- بين المدنية والطبقية: قراءة ماركسية-لينينية في طروحات الحزب ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ ج5: خاتمة، ج6: الملخص
- هل انتهى اليسار الماركسي؟، ج3: البعد النظري: الماركسية بين ا ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ - ج1- جذور فكرة نهاية اليسار, ج2- ...
- حول جدوى النقاش السياسي الاقتصادي مقابل الانزلاق إلى المجازا ...
- قراءة نقدية علمية ماركسية لأسئلة د. طلال الربيعي على ردي الس ...
- حول اطروحات د. طلال الربيعي على مقالتي: العصبيات والعداء لاي ...
- رد إلى الرفيق د. حسين علوان حسين - حول دور الحزب ومهام اليسا ...
- رد إلى الرفيق حسين علوان حسين حول طروحاته حول مقالة: اللينين ...
- رد على تعقيب السيد لبيب سلطان الأخير حول مقالتي: العراق ليس ...
- رد على تعليق الرفيق صباح كنجي على مقالة -نقد ذاتي للخطاب الي ...
- رد علمي ماركسي على ملاحظات السيد طلال الربيعي على مقالة: الع ...
- رد على تعليق السيد صباح البدران: هل أسقط الحزب الشيوعي العرا ...
- اللّينينيّة بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية: دروس من التج ...
- العصبيات والعداء لايران من منظور ماركسي - القسم الاول
- العصبيات والعداء لايران من منظور ماركسي - القسم الثاني
- مختصر لسيناريوهات واستشراف لمستقبل العراق:
- تفكيك الطائفية كمنظومة للهيمنة: نحو تحليل ماركسي بديل


المزيد.....




- البندقية تُخفي السرّ الأكبر..تفاصيل خطط زفاف جيف بيزوس في مد ...
- لكموه بعنف واعتقلوه.. شاهد ما حدث لوالد 3 من جنود مشاة البحر ...
- عهد جديد لحلف شمال الأطلسي.. ما الجديد؟
- مسؤول أمني إيراني ينفي استهداف إسرائيل بهجمات صاروخية بعد وق ...
- هدنة بين إيران وإسرائيل.. وترامب: رجاء عدم انتهاك وقف النار ...
- إيران بين المكاسب والخسائر: قراءة في حصيلة المواجهة مع إسرائ ...
- مشاورات على رماد المنشآت: هل لا تزال هناك إمكانية للتفاوض عل ...
- تهميش ونقص في الحماية.. أين يقف فلسطينيو 48 من معادلة الصراع ...
- إيران -تعاقب الشيطان- بضرب قاعدة العديد القطرية.. وطهران لم ...
- بعد قصف إسرائيل لمنشأة فوردو.. ما الذي تبقى من قدرات إيران ا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - العشائرية، الدين، والدولة المدنية: قراءة ماركسية في عوائق النضال الطبقي في العراق