أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - الدولة المدنية والاشتراكية: جدلية الضرورة والإمكان في الواقع العراقي – رد ماركسي














المزيد.....

الدولة المدنية والاشتراكية: جدلية الضرورة والإمكان في الواقع العراقي – رد ماركسي


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 08:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الرفيق العزيز آدم عربي المحترم، تحية رفاقية وتقدير عالي،
أشكرك على مداخلتك التي أراها فرصة لتوضيح مجموعة من المسائل الجوهرية في النقاش الدائر حول الدولة المدنية والماركسية، خاصة في السياق العراقي والعربي عمومًا.

أولًا: هل الدولة المدنية ضرورة تاريخية أم حل نهائي؟

لا خلاف بيننا على أن قيام دولة مدنية ديمقراطية في العراق ضرورة تاريخية في مواجهة الطائفية والسلطوية والمليشياتية. من منظور ماركسي، هذه مهمة تتعلق بالنضال الديمقراطي الذي لا بد أن تخوضه الطبقات الشعبية والكادحة لانتزاع الحقوق والحريات الأساسية. ولكن، وهنا التمايز الجوهري، نؤكد أن هذه ضرورة مرحلية وليست غاية استراتيجية.

لينين حدد هذه المسألة بدقة في “الدولة والثورة” حين كتب:
*“إن الديمقراطية هي شكل من أشكال الدولة البرجوازية، ولهذا السبب فهي تبقى في أفضل الحالات أداة في يد الطبقة الحاكمة، حتى وإن توسعت هوامشها”*¹.

بمعنى آخر، الدولة المدنية تتيح هامشًا أوسع للنضال الطبقي، لكنها لا تُلغِي الطابع الطبقي للدولة بوصفها أداة قمع طبقة لأخرى. حتى في أرقى الديمقراطيات البرجوازية، تبقى الدولة دولة البرجوازية.

ثانيًا: العلاقة بين الماركسية والدولة المدنية

أشرتَ إلى أن الدولة المدنية “لا تتعارض مع الماركسية كما يظن بعض الماركسيين”، وأتفق هنا من حيث المستوى التكتيكي: الماركسيون لا يعارضون النضال الديمقراطي ولا يرفضون العمل داخل هوامش الدولة المدنية لتقوية الوعي الطبقي وتنظيم البروليتاريا. ماركس نفسه دعم الثورات الديمقراطية (كما في 1848) باعتبارها مرحلة تفتح المجال للصراع الطبقي.

لكن ماركس أيضًا أوضح في “البيان الشيوعي” أن:
*“البرجوازية، مهما رفعت من شعارات الحرية والديمقراطية، لا تستطيع أن تنزع طبيعتها الطبقية ولا أن تتخلى عن حماية مصالحها الطبقية”*².
وهذا يعني أن أي دولة مدنية برجوازية لا بد أن تعيد إنتاج علاقات السيطرة الطبقية ما لم تُستكمل الثورة إلى نهايتها المنطقية: تحطيم جهاز الدولة الطبقي نفسه.

ثالثًا: هل مشروع الاشتراكية في العراق “نكتة سياسية”؟

وصفتَ فكرة قيام دولة ماركسية في العراق بأنها أشبه بـ”نكتة سياسية”، وضربت مثالًا بالصومال، مؤكّدًا أن الاشتراكية لا تُبنى على ركام. هنا من المهم التدقيق في ما تقصده الدولة “الماركسية”. إذا قصدت دولة اشتراكية مكتملة البناء في مجتمع لم يحقق بعد تطورًا اقتصاديًا واجتماعيًا كافيًا، فأنتَ محقٌّ تمامًا؛ فهذا يتوافق مع ما طرحه ماركس وإنجلز حول شرطية الثورة الاشتراكية بتطور القوى المنتجة.

لكن الماركسية اللينينية طورت هذا المفهوم حين لاحظت أن الثورة قد تبدأ في الحلقة الأضعف ضمن السلسلة الإمبريالية العالمية (كما حصل في روسيا 1917). لينين أكد في “البرنامج الزراعي” أن:
*“الثورة البروليتارية يمكن أن تبدأ في البلدان الأقل تطورًا، لكنها لن تكتمل دون دعم أممي يحقق تجاوز التخلف البنيوي”*³.

إذًا، ليس الهدف الفوري هو “دولة ماركسية مثالية” بل بناء برنامج انتقالي يربط بين المهام الديمقراطية (إقامة الدولة المدنية الديمقراطية) والمهام الاشتراكية (تأسيس السلطة الطبقية للعمال والكادحين). هنا بالضبط يكمن جوهر الفهم الماركسي الجدلي الذي يرفض الفصل الميكانيكي بين المراحل.

العراق: حالة خاصة لكنها ليست خارج قوانين الصراع الطبقي

العراق بلا شك يعاني من وضعية معقدة: بنية اقتصادية ريعية، تبعية إمبريالية، اختراق طائفي/ديني، هشاشة مؤسسية، وكلها عوامل تجعل تحقيق الاشتراكية مهمة شاقة. لكن هذه الشروط لا تعني استحالة السير في طريق الاشتراكية، بل تعني أن الطريق سيكون أطول وأكثر تعقيدًا.

ماركس كتب في رسالة إلى كوتسكي (1881):
*“لا توجد وصفة جاهزة للثورة، بل هناك قوانين عامة يخضع لها تطور المجتمع، وكل بلد يطبقها في شروطه المادية الخاصة”*⁴.

وبالتالي، المطلوب ليس وهم “إقامة دولة ماركسية غدًا” ولا الغرق في إصلاحية بلا أفق طبقي، بل بناء:
• تنظيم طبقي مستقل للعمال والكادحين.
• برنامج انتقالي جدلي يربط بين النضال الديمقراطي والاشتراكي.
• وعي طبقي متقدم يتجاوز الطائفية والولاءات ما قبل الطبقية.

خاتمة

الدولة المدنية، كما تفضلتَ، ليست ترفًا بل ضرورة ديمقراطية مرحلية في مواجهة الدولة الطائفية والدينية. لكنها، من منظور ماركسي، ساحة نضال لا غاية نهائية. والتحدي الحقيقي أمام الشيوعيين في العراق ليس في رفع شعار الاشتراكية بشكل سطحي، ولا في الاكتفاء بإصلاح الدولة البرجوازية، بل في بناء الحركة الطبقية المنظمة التي تجعل من الديمقراطية نفسها معبرًا لتحطيم جهاز الدولة الطبقي في لحظة النضج الثوري.

رفاقيًا،

د. علي طبله


المراجع:
1. لينين، الدولة والثورة (1917).
2. ماركس وإنجلز، البيان الشيوعي (1848).
3. لينين، البرنامج الزراعي للأممية الثانية (1905).
4. ماركس، رسالة إلى كوتسكي (1881).



#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العشائرية، الدين، والدولة المدنية: قراءة ماركسية في عوائق ال ...
- نشيد الأممية - محاولة ترجمة شعرية عربية
- -بين المدنية والطبقية- حوارات مهمة، اطروحات ر. د. حسين علوان ...
- بين المدنية والطبقية: قراءة ماركسية-لينينية في طروحات الحزب ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ ج5: خاتمة، ج6: الملخص
- هل انتهى اليسار الماركسي؟، ج3: البعد النظري: الماركسية بين ا ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ - ج1- جذور فكرة نهاية اليسار, ج2- ...
- حول جدوى النقاش السياسي الاقتصادي مقابل الانزلاق إلى المجازا ...
- قراءة نقدية علمية ماركسية لأسئلة د. طلال الربيعي على ردي الس ...
- حول اطروحات د. طلال الربيعي على مقالتي: العصبيات والعداء لاي ...
- رد إلى الرفيق د. حسين علوان حسين - حول دور الحزب ومهام اليسا ...
- رد إلى الرفيق حسين علوان حسين حول طروحاته حول مقالة: اللينين ...
- رد على تعقيب السيد لبيب سلطان الأخير حول مقالتي: العراق ليس ...
- رد على تعليق الرفيق صباح كنجي على مقالة -نقد ذاتي للخطاب الي ...
- رد علمي ماركسي على ملاحظات السيد طلال الربيعي على مقالة: الع ...
- رد على تعليق السيد صباح البدران: هل أسقط الحزب الشيوعي العرا ...
- اللّينينيّة بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية: دروس من التج ...
- العصبيات والعداء لايران من منظور ماركسي - القسم الاول
- العصبيات والعداء لايران من منظور ماركسي - القسم الثاني
- مختصر لسيناريوهات واستشراف لمستقبل العراق:


المزيد.....




- شاهد.. أمطار غزيرة تتسبب بفيضانات عارمة اجتاحت منطقة بأمريكا ...
- السعودية.. رد تركي آل الشيخ على انتقاد أنه -لا زال بدويا- يث ...
- وفد من حماس في القاهرة لاستئناف محادثات وقف إطلاق النار، ونت ...
- 100 يوم على حكومة المستشار ميرتس .. تحولات في السياسة الألما ...
- قاضية أمريكية تلزم إدارة ترامب بإعادة جزء من تمويل اتحادي لج ...
- كيف محت الإبادة في غزة الحقول وأنبتت خياما؟
- تحالف دول الساحل.. تكتل أفريقي يتحدى النفوذ الفرنسي
- إنجاز جراحي.. أول عملية دقيقة من نوعها في قطر لعلاج تشوه خلق ...
- مصر.. حسني مبارك والشتم بسبب القضية الفلسطينية ولماذا لم يهر ...
- مصدر لـCNN: الأردن رفض مرور مساعدات إسرائيلية عبر أراضيه إلى ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - الدولة المدنية والاشتراكية: جدلية الضرورة والإمكان في الواقع العراقي – رد ماركسي