أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - الاعتراف الغربي بدولة فلسطين و”مشروع ترامب للسلام”: تحليل ماركسي لأوهام الدبلوماسية الاستعمارية















المزيد.....


الاعتراف الغربي بدولة فلسطين و”مشروع ترامب للسلام”: تحليل ماركسي لأوهام الدبلوماسية الاستعمارية


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 20:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حقيقة ام خديعة؟

د. علي طبله
المقدمة

في خضم التطورات الأخيرة في القضية الفلسطينية، شهدنا اعتراف بعض الدول الغربية بدولة فلسطين، كما طُرحت خطط سلام مزعومة أبرزها ما سُمِّي “مشروع ترامب للسلام” لعام 2025. تلقَّى البعض هذه المبادرات بتفاؤل حذر، باعتبارها تحولات دبلوماسية لصالح الحق الفلسطيني. لكن المنظور الماركسي يُحتِّم علينا تفكيك هذه التحركات سياسيًا وتاريخيًا، ورؤية ما وراء خطابها “الإنساني” الظاهري. إنَّ الماركسية تكشف كيف تعمل هذه الخطوات ضمن البنية الفوقية للنظام الإمبريالي العالمي، بحيث تخدم البنية التحتية الرأسمالية ومصالح الطبقات الحاكمة، لا مصالح الشعوب المضطهدة. وكما وصف لينين طبيعة عصر الإمبريالية: “لقد غدا الرأسمال نظامًا عالميًا من الاضطهاد الاستعماري والخنق المالي للأغلبية الساحقة من سكان العالم بواسطة عدد قليل من البلدان «المتقدمة»” . ضمن هذا النظام، لا يمكن فهم الاعترافات الدبلوماسية وخطط “السلام” إلا بوصفها أوهامًا استعمارية هدفها تطويع النضال الفلسطيني واحتواء المقاومة الثورية، بدلًا من تحقيق التحرر الحقيقي.

سيقدِّم هذا المقال تحليلًا ماركسيًا لكلٍّ من الاعتراف الغربي بدولة فلسطين و”مشروع ترامب للسلام”، موضحًا أنهما ليسا دعمًا فعليًا للتحرر الفلسطيني بقدر ما يمثلان أدوات لاحتواء المقاومة وتكريس الإمبريالية. سنستخدم مفاهيم ماركسية أساسية مثل البنية التحتية والفوقية، التراكم عبر السلب، البرجوازية الكومبرادورية، ودور الدولة كأداة في يد الطبقة الحاكمة، مستشهدين بأفكار ماركس ولينين وديفيد هارفي وسمير أمين وغيرهم. الهدف هو كشف الطبيعة الحقيقية لهذه المبادرات: كيف تعمل ضمن منظومة الهيمنة العالمية، وتخدم مصالح البرجوازية العالمية وحلفائها المحليين، على حساب حقوق الشعوب المضطهدة.

الاعتراف الغربي بدولة فلسطين: احتواء المقاومة بدلًا من التحرر

أثار اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال مؤخرًا بدولة فلسطين تساؤلات حول دوافعه الحقيقية. فعلى السطح، يبدو هذا الاعتراف انتصارًا دبلوماسيًا ومنعطفًا لصالح الفلسطينيين. غير أن القراءة الماركسية تكشف طابعه الذرائعي المرتبط بمصالح الدول الإمبريالية ذاتها. لقد جاء اعتراف هذه الدول في أجواء تصاعد التعاطف الشعبي الغربي مع الفلسطينيين جرّاء المجازر الإسرائيلية في غزة (كما حصل بعد حرب 2023 على غزة) . وبدل أن يكون الاعتراف انقلابًا حقيقيًا في مواقف تلك الدول، اتضح أنه مناورة لتنفيس الغضب الشعبي وامتصاص الضغط المتزايد من الشارع الغربي، أكثر منه دعمًا جادًا للتحرر الوطني الفلسطيني . يؤكد أحد التحليلات الماركسية الكندية أن هذا الاعتراف لم يكن سوى “خطوة شكلية هدفها تخفيف الضغط عن كاهلهم” عبر تهدئة الاحتجاجات المتصاعدة في بلدانهم دون إلحاق أي ضرر فعلي بعلاقاتهم مع إسرائيل.

الأهم من ذلك، أن هذا الاعتراف الغربي جاء مشروطًا بقيود تمس جوهر حق الفلسطينيين في المقاومة وتقرير المصير. فقد أوضحت التصريحات الغربية – من لندن إلى أوتاوا – أنهم يتصورون “دولة فلسطينية” منزوعة السلاح بالكامل، تقودها السلطة الفلسطينية بدلًا من قوى المقاومة كحماس . أي أن المطلوب غربيًا تفكيك البنية العسكرية للمقاومة الثورية وتسليم مقاليد الأمن لفصيل واحد مقبول غربيًا. يروِّج ساسة أوروبا وكندا لمبدأ “حق تقرير المصير” لكنهم يفرغونه من محتواه عبر مطالبتهم بـنزع سلاح الفلسطينيين وإقصاء قوى المقاومة . وكما تساءل محللون ثوريون: كيف يُمنح شعبٌ حق تقرير مصيره بينما يُحرَم من حق الدفاع عن نفسه ويُفرَض عليه من يحكمه؟ في الواقع، إن شرط “الدولة منزوعة السلاح” لا يعني سوى تجريد الفلسطينيين من أدوات الردع، مما يفسح المجال لإسرائيل لتكثيف مجازرها وتوسيع الاستيطان دون عواقب . لقد أكدت الوقائع أن ما يطلبه الغرب من الفلسطينيين (نبذ المقاومة المسلحة وإقصاء قيادات منتخبة شعبياً) لم يُطلب أي شيء مشابه منه تجاه إسرائيل؛ فلم نرَ دعوات غربية لنزع سلاح الجيش الإسرائيلي أو عزل نتنياهو عن الحكم رغم جرائمه . هذا الكيل بمكيالين يكشف نفاق الدبلوماسية الليبرالية التي “تتغنى بالتقدمية وحقوق الإنسان فيما هي تُجمِّل جرائم الطبقات الحاكمة” .

إلى جانب ذلك، يستمر الدعم المادي والعسكري الغربي لإسرائيل بلا انقطاع – حتى من الدول التي اعترفت بفلسطين . فهذه الدول تبيع السلاح لإسرائيل وتموِّل عدوانها، ثم تزعم في الوقت ذاته دعم دولة فلسطينية! إنَّ اعترافًا كهذا، غير المقرون بوقف فعلي للدعم العسكري لإسرائيل أو فرض عقوبات عليها، يظل جوفاءً لا تأثير حقيقي له . وليس مستغربًا أن يرفضه قادة الكيان الصهيوني أنفسهم ويسخروا منه بوصفه “جائزة لحماس” مع تأكيدهم أن دولة فلسطينية لن تقوم أبدًا . هنا يتضح لنا أن الاعتراف الغربي لم يكن يهدف إلى تغيير موازين القوى على الأرض، بل مجرد إعادة ضبط للصورة السياسية لامتصاص نقمة الرأي العام الغربي. وكما قال أحد السياسيين صراحةً، جاءت هذه الخطوة “استجابةً لاعتبارات السياسة الداخلية لهذه الدول، في ظل احتجاجات الشوارع” .

من منظور ماركسي، يمكن القول إن الاعتراف الغربي الأخير بدولة فلسطين يندرج ضمن البنية الفوقية للنظام الإمبريالي العالمي – أي ضمن سياسات وخطابات تستخدمها القوى الكبرى لإدارة الهيمنة بأقل تكلفة ممكنة. إنه إصلاح تجميلي لا يمس جوهر البنية التحتية للاحتلال والاستعمار الاستيطاني. وكما أوضح لينين، فإن الرأسمالية في طورها الإمبريالي لا تقاد بالأخلاق أو “المثل العليا”، بل تحرِّكها المصالح المادية البحتة . فإسرائيل بالنسبة للغرب ركيزة استراتيجية – سياسيًا وعسكريًا – في الشرق الأوسط، تخدم مصالحهم الإمبريالية؛ لذا لا يمكنهم التفريط فيها . وعليه، فهم يلجأون لألعاب دبلوماسية: يقدمون وعودًا للفلسطينيين (دولة شكلية) وفي الوقت ذاته يضمنون استمرار الهيمنة (منع أي مقاومة فعلية، واستمرار الدعم لإسرائيل). هذه السينيكية (المكر) تعكس “واقع النظام الرأسمالي”، حيث تستخدم الليبرالية قناع الحقوق لتغطية جرائم الطبقات الحاكمة .

الاعتراف إذن ليس انتصارًا للحق بقدر ما هو تكتيك مضاد للثورة. إنه يهدف لاحتواء الغضب الشعبي الفلسطيني بتحويله نحو مسار تفاوضي عقيم، وتشجيع الوهم بأن الدولة المستقلة قاب قوسين أو أدنى بفضل “حكمة” المجتمع الدولي. هكذا تُفرَّغ المقاومة الثورية من محتواها ويتم إقناع الجماهير بجدوى الدبلوماسية الاستعمارية التي لم تجلب لهم سوى اتفاقات أوسلو العقيمة سابقًا. إنَّ قراءة سمير أمين ورفاقه لحركات التحرر تشير إلى خطورة ارتهان القيادات لوعود الإمبريالية؛ إذ غالبًا ما تخلق القوى الاستعمارية برجوازية محلّية كومبرادورية تستفيد من الوضع القائم وتُحبَّذ الحلول الوسط الإصلاحية بدل الثورة الجذرية . ويمكن رؤية ملامح ذلك في الحالة الفلسطينية بوضوح: فجزء من النخبة الفلسطينية المرتبطة بمشاريع المانحين الغربيين ومنافع السلطة قد يفضل “الدولة الرمزية” على استمرار المقاومة التي تهدد مصالحه الطبقية.

“مشروع ترامب للسلام” 2025: تراكم عبر السلب وتطبيع الأبارتهايد

في مطلع 2020، كشف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عما أسماه “صفقة القرن”، وهي خطة سلام مزعومة لحل الصراع بحلول 2025. روِّج لهذه الخطة على أنها حل شامل يحقق الازدهار للجميع، لكنها قوبلت برفض فلسطيني وعربي واسع باعتبارها إملاءً استعمارياً جديدًا. ومن منظور ماركسي، يمكن تفكيك “مشروع ترامب للسلام” بوصفه نموذجًا فجًّا لـالتراكم الرأسمالي عبر السلب (Accumulation by Dispossession) – مفهوم صاغه ديفيد هارفي لتوصيف نهب الرأسمالية المعاصرة لموارد الضعفاء بالقوة والخداع . فهذه الخطة لم تكن خطة سلام حقيقي، بل مشروعًا لنهب ما تبقّى من الأرض والحقوق الفلسطينية لصالح رأس المال الاستعماري الصهيوني والأميركي.

تقوم خطة ترامب على تثبيت الأمر الواقع الاستيطاني؛ إذ تعترف بضم إسرائيل لمساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية (بما فيها غور الأردن والمستوطنات الكبرى) مقابل وعود شكلية للفلسطينيين . النتيجة المقترحة: كيان فلسطيني مجزَّأ أشبه بجزر منفصلة أو بنتوستانات (وهي كانتونات شبيهة بتلك التي أنشأها نظام الأبارتهايد بجنوب أفريقيا) . وفق الخطة، تكون الأراضي الفلسطينية عبارة عن جيوب متناثرة في محيط إسرائيلي واسع، تربطها ممرات خاضعة للسيطرة الإسرائيلية ، في حين تستأثر إسرائيل بالأرض الخصبة ومعظم موارد المياه وتتمتع بترابط جغرافي كامل . إنها محاولة لـتطبيع نظام الفصل العنصري القائم وجعله دائمًا: طرف واحد يسيطر على كل شيء (الأرض، الحدود، الموارد، الأمن) وطرف آخر محاصر في كنتونات منزوع السيادة. وقد شبَّهت حتى بعض المنابر اليسارية الغربية هذه الخطة بنظام “الوطنات القبلية” البانتوستاني البغيض .

أكثر من ذلك، اشترط “مشروع ترامب” على الفلسطينيين نزع سلاح مقاومتهم كليًا وقبول سيطرة إسرائيل الأمنية الشاملة. نصّت الخطة على إقامة دولة فلسطينية “منزوعة السلاح” وأن تتولى إسرائيل مراقبة حدودها وأجوائها لفترة طويلة . بكلمات أخرى، مطلوب استسلام المقاومة وتسليم رقبة الشعب الفلسطيني تمامًا للمحتل. إضافةً لذلك، تجاهلت الخطة كل القرارات الدولية والحقوق التاريخية للفلسطينيين: فلا عودة للاجئين إلى ديارهم، ولا سيادة حقيقية في القدس (إذ اعترفت الخطة بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، وعرضت للفلسطينيين ضواحي بعيدة كأبو ديس يسمونها “القدس”) . إن القبول بهذه الشروط يعني أن الشعب الفلسطيني يُجرَّد من حقوقه كافة: أرضه، حقه في المقاومة، حق اللاجئين، وحتى حقه في مدينة القدس التاريخية. لذلك اعتُبرت الخطة صفعة مهينة حتى لأكثر الفلسطينيين اعتدالًا، بمن فيهم قيادة السلطة نفسها .

لم يكتفِ مشروع ترامب بذلك، بل حاول إغراء الفلسطينيين عبر وعود اقتصادية خادعة هي أقرب لرشوة مقابل التنازل عن الحقوق. فقد تحدّث عن ضخ استثمارات بقيمة 50 مليار دولار في كيان فلسطيني جديد، لكن تبيَّن أن هذه الأموال لن تقدَّم مباشرةً للفلسطينيين، بل ستُدار عبر صندوق استثماري خاضع لشروط نيوليبرالية صارمة . اشترطت الخطة على الفلسطينيين تبنّي سياسات اقتصاد سوق متوحشة – كالخصخصة وحقوق الملكية المطلقة للمستثمرين الأجانب وخفض الضرائب – لضمان تدفق الأموال . أي أن المكاسب الاقتصادية الموعودة لم تكن سوى وهم مربوط بقيود هيكلية ستخدم رأس المال العالمي أكثر من خدمة الاقتصاد المحلي. هذا يؤكد تحليل هارفي بأن التراكم عبر السلب يترافق دائمًا مع فرض النيوليبرالية بوصفها أيديولوجيا النهب المنظَّم . إن تحويل ما تبقى من الاقتصاد الفلسطيني إلى سوق مفتوحة لرأس المال لن يقود إلى ازدهار الشعب، بل إلى تكوين برجوازية كومبرادورية محلية تستفيد من الفتات (عقود الإعمار والمشاريع) بينما تبقى الثروة الحقيقية بيد الشركات والمصارف الكبرى. لقد أشار سمير أمين إلى مثل هذه الظواهر في دول الجنوب: حيث تقوم الإمبريالية بإنتاج طبقة برجوازية تابعة (“كومبرادور”) تضطلع بدور الوكيل المحلي لرأس المال الأجنبي، وتعرقل أي تغيير جذري يمس مصالحها ومصالح حلفائها الخارجيين .

باختصار، “مشروع ترامب للسلام” لم يكن خطة سلام بل مخططًا لتصفية القضية الفلسطينية على أسس يفرضها الطرف المنتصر (إسرائيل والإمبريالية الأمريكية). لقد سعى إلى قوننة عمليات النهب التي جرت على مدى عقود – نهب الأرض عبر الاستيطان، نهب السيادة عبر السيطرة العسكرية، نهب حقوق اللاجئين بالتوطين القسري خارج وطنهم – وإلى تأبيد هذا النهب بتوقيع الفلسطينيين أنفسهم عليه. وهذا ما نعنيه بكون الخطة شكلاً من أشكال التراكم عبر السلب: فهي امتداد حديث لأسلوب “التراكم البدائي” الذي وصفه ماركس، حيث يتم الاستيلاء على الأرض والموارد بالقوة والقانون لخدمة تراكم رأس المال . إن استيلاء إسرائيل على مزيد من أراضي الضفة الغربية وسلبها حقوق الفلسطينيين التاريخية ليس إلا مثالًا راهنًا لهذه العملية المستمرة. وكما أوضح ديفيد هارفي، فإن “التراكم عبر السلب” هو الوجه الآخر للاستغلال الرأسمالي، يتم عبر العنف والقسر السياسي حينما تعجز الوسائل “الاقتصادية” البحتة عن تحقيق المزيد من الأرباح .

ليس غريبًا إذن أن ترفض القوى الفلسطينية هذه “الصفقة” رفضًا قاطعًا، وأن يعتبرها الكثيرون تكريسًا للأبارتهايد بدلاً من إنهائه . حتى بين بعض الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة ظهرت مواقف فاترة حيال الخطة، إداركًا منهم أنها وصفة لاستدامة الصراع لا لحلّه . فقد نبّهت تحليلات عديدة إلى أن فرض مزيد من الإذلال على شعب مقهور سيؤدي إلى جولات أعنف من المقاومة، وليس إلى سلام مزعوم. والمفارقة أن الإمبريالية الأمريكية نفسها كانت تسعى من خلال هذه الخطة إلى هندسة حل يخدم مصالحها الإقليمية (دمج إسرائيل اقتصاديًا وأمنيًا في المنطقة وتأمين هيمنتها) دون اعتبار لتطلعات الشعب الفلسطيني. لقد كانت صفقة ترامب نموذجًا لما سمّاه لينين ذات يوم “سلامًا إمبرياليًا” – أي سلام مفروض من فوق يبقي على جوهر الهيمنة والاستغلال قائمًا . فمثل هذا “السلام” لا يُنهي الصراع بل يعيد إنتاجه بأشكال أخرى لأنه يتجاهل جذوره العميقة في الظلم الطبقي والقومي.

الإمبريالية والبنية الفوقية: خدمة المصالح الطبقية العالمية

لفهم القاسم المشترك بين الاعترافات الغربية بالدولة الفلسطينية ومشروع ترامب، ينبغي وضعهما ضمن سياق البنية الفوقية للإمبريالية. فعلى الرغم من اختلاف ظاهر الأولى (اعتراف دبلوماسي) عن الثاني (خطة سياسية اقتصادية)، إلا أنهما يمثلان أدوات هيمنة تستخدمها القوى الإمبريالية للحفاظ على النظام القائم. البنية الفوقية (من مؤسسات سياسية وقوانين وخطابات أيديولوجية) هي التي تبرر وتدعم سيطرة البنية التحتية (أي علاقات الإنتاج المادية وهيمنة رأس المال). في حالتنا، الاعترافات وخطط السلام هي عناصر فوقية تهدف إلى تأبيد سيطرة الإمبريالية على فلسطين، لكن بوسائل “ناعمة” أو ملتوية، عوض الاحتلال المباشر فقط.

أولًا، كلتا المبادرتين تخدمان المصالح الطبقية للرأسمالية العالمية. إن دعم الغرب لحل دولتين شكلي أو صفقة منحازة ليس مدفوعًا بحرصه على العدالة، بل بحسابات مصالح الطبقة البرجوازية المهيمنة في تلك الدول. هذه الطبقة ترى في إسرائيل حليفًا استراتيجيًا واستثمارًا جيوسياسيًا يضمن تدفق الأرباح (عبر صناعات السلاح والتكنولوجيا وغيرها) . وفي الوقت نفسه، تخشى من تنامي حركة تضامن شعبية مع الفلسطينيين قد تربك استقرارها الداخلي . لذا تأتي تنازلاتها المحدودة (كالاعتراف الدبلوماسي) كخطوات استباقية لحماية منظومة الهيمنة وضمان استمرار تدفق الأرباح دون اضطراب. إنها سياسة الاحتواء: احتواء الغضب الشعبي عالميًا واحتواء المقاومة فلسطينيًا. وهذا يذكّرنا بوصف لينين للدولة الإمبريالية بأنها لا تتورع عن منح إصلاحات جزئية لتمرير مصالحها الكبرى، فالدولة في النهاية هي “أداة للسيطرة الطبقية” وليست كيانًا محايدًا . وكما قال ماركس: “إن السلطة التنفيذية للدولة الحديثة ليست سوى لجنة لإدارة الشؤون المشتركة للطبقة البرجوازية بأسرها” . اعتراف الدول الغربية بدولة فلسطين - في غياب أي تغيير بنيوي على الأرض - يجسّد تمامًا هذه المقولة؛ إذ تصرفت حكومات تلك الدول كـ”لجنة” تنسق خطوات تحفظ مصالح الطبقة الحاكمة (تهدئة الشارع دون خسارة إسرائيل).

ثانيًا، المبادرتان تعتمدان على التواطؤ مع البرجوازيات المحلية لضمان نجاحهما. ففي حالة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، نجد أن الغرب يراهن على البرجوازية البيروقراطية الفلسطينية المرتبطة بالسلطة، تلك التي نشأت في كنف أوسلو وتقتات على أموال المانحين والتنسيق الأمني. هذه الطبقة ترى مصلحتها في استمرار الوضع القائم مع تحسينات طفيفة، وتخشَى أي انفجار ثوري قد يطيح بامتيازاتها. من منظور سمير أمين، هذه الفئة ليست سوى برجوازية كومبرادورية تلعب دور الوسيط بين الاحتلال والإمبريالية من جهة والشعب من جهة أخرى، فتحافظ على تبعية الاقتصاد المحلي وتحول دون تطور مقاومة جذرية . أمّا في صفقة ترامب، فقد كان التعويل واضحًا على إغراء رجال الأعمال الفلسطينيين والعرب باستثمارات ومشاريع، ليضغطوا بدورهم على القيادات لقبول الصفقة. بعبارة أخرى، محاولة شراء الطبقة البرجوازية في المجتمع المستهدف لضمان تمرير المخطط. وهذا نهج إمبريالي معروف منذ الاستعمار القديم إلى اليوم: تحييد “النخب المحلية” عبر المنافع الاقتصادية أو الوعود السياسية، لإجهاض أي تعبئة ثورية من أسفل . وقد رأينا كيف هرولت بعض الأنظمة العربية (ذات الطابع الكومبرادوري) لدعم التطبيع وصفقات كهذه لأنها تخدم بقاءها وتحالفها مع الإمبريالية، ولو على حساب قضية فلسطين.

ثالثًا، كلتَا الحالتين تؤكدان أن ما يسمى “الشرعية الدولية” و”القانون الدولي” يبقى في التحليل النهائي خاضعًا لموازين القوى الطبقية والإمبريالية. فاعتراف 145 دولة مثلًا بدولة فلسطين (وهو غالبية العالم) لم يُترجم لأي تغيير فعلي لأن القوة المادية (الاقتصادية والعسكرية) ما زالت بيد تحالف الإمبريالية والصهيونية . كما أن صفقة ترامب نسفت قرارات أممية عدة بضربة واحدة عندما اعتبرت أن تلك القرارات “لم تحقق السلام” وبالتالي ليست مرجعية . هذا يثبت صحة النظرة الماركسية التي ترى أن القانون فوق الوطني هو غالبًا ما يكون مجرد انعكاس لمصالح القوى المهيمنة، جزء من الهيمنة الأيديولوجية التي ترافق السيطرة المادية. إن الإمبريالية تصوغ مؤسسات دولية وقوانين بحيث تخدمها، وتتجاهلها عندما تعيق مشاريعها. ومن هنا، لا غرابة أن تتجاهل خطة ترامب حدود 1967 وحقوق اللاجئين رغم وجود عشرات القرارات حولها – ببساطة لأن القوة في صفها. وكما يقول المثل الثوري: ما أُخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة؛ وفهمنا المادي للتاريخ يؤكد أن الحقوق تنتزع انتزاعًا ولا تُوهب من قبل نفس القوى التي سلبتها.

مجمل القول، إن الاعترافات الغربية وخطط السلام الإمبريالية ليست خطوات نحو التحرر، بل آليات لإدارة الصراع بما يضمن مصالح الرأسمالية العالمية. إنها عملية تحويل الصراع التحرري إلى عملية تفاوض ضمن شروط المنظومة السائدة، أي ضمن إطار يضمن استمرار السيطرة الإمبريالية بشكل مباشر أو غير مباشر. وكلا النهجين – الاعتراف الدبلوماسي المشروط أو الصفقة المفروضة – يفرغان المقاومة الثورية من مضمونها. فبدل أن تبقى المقاومة مشروعًا لتغيير ميزان القوى واقتلاع جذور الاستعمار، يراد تحويلها إلى مطالب إصلاحية (دولة منزوعة السلاح، تحسين اقتصادي تحت الوصاية…) تدور في فلك الإمبريالية. وهذا يعيد إلى الأذهان نقد لينين لـ”اشتراكية المستعمرات” الزائفة: حين تقوم القوى الاستعمارية بإرضاء نخب المستعمرات ببعض التنازلات الشكلية لإخماد جذوة الثورة . من هنا، فإن فهم طبيعة البنية الفوقية الإمبريالية يساعدنا على فضح هذه المناورات ووضعها في نصابها الصحيح كجزء من الصراع الطبقي العالمي بين المضطهِدِين (الإمبريالية وحلفاؤها) والمضطهَدِين (الشعوب المستعمَرة وحركاتها المقاومة).

خاتمة

في ضوء التحليل الماركسي أعلاه، يتبين أن الاعتراف الغربي بدولة فلسطين و "مشروع ترامب للسلام” ليسا إلا وجهين لمشروع واحد: مشروع الدبلوماسية الاستعمارية الذي يسعى إلى ضبط الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ضمن معايير تخدم الإمبريالية العالمية. الاعترافات الغربية، رغم بريقها الإعلامي، جاءت فارغة المضمون تهدف لتسكين الغضب واحتواء المقاومة ضمن قفص أوسلو الجديد، لا لتحرير الأرض والشعب. أما صفقة ترامب فكانت محاولة وقحة لشرعنة الأبارتهايد تحت شعار التنمية الاقتصادية، أي تحويل الفلسطينيين إلى قوة عمل رخيصة في جيوب معزولة مقابل فتات التمويل – وهذا جوهر التراكم عبر السلب في عصرنا.

إن التحليل الماركسي يفضح هذه الأوهام عبر ربطها ببنية الصراع الطبقي والإمبريالي. فبدون إدراك أن الدولة الحديثة أداة في يد الطبقة الحاكمة ، سنخدع أنفسنا ببيانات “حسن النية” الصادرة عن دول امبريالية لطالما دعمت إسرائيل ماديًا وسياسيًا. وبدون فهم منطق الإمبريالية كأعلى مراحل الرأسمالية (بحسب تعبير لينين) ، سنعجز عن رؤية كيف يمكن لخطة سلام أن تكون في الحقيقة حربًا بوسائل أخرى – حربًا على حقوق شعب واستمرارية لعملية النهب الاستعمارية ولكن بأدوات سياسية واقتصادية. لقد علّمنا ماركس ولينين أن لا نأخذ الأمور بظاهرها، بل نفتّش عن المصالح المادية الكامنة وراءها. وفي حالتنا، المصلحة واضحة: إدامة هيمنة رأس المال العالمي وحليفه الصهيوني على فلسطين، سواء بالاحتلال المباشر أم من خلال كيان فلسطيني شكلي منزوع السيادة.

من الضروري التأكيد أن التحرر الوطني الفلسطيني، كجزء من النضال ضد الإمبريالية، لن يتحقق عبر المناشدات الأخلاقية للمستعمِر أو عبر صفقات يفرضها الأقوياء. بل يتحقق عبر الصمود والمقاومة الشعبية الثورية وبناء تحالف أممي مناهض للإمبريالية يدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها فعليًا، لا كلاميًا. وإذا كان هناك من درس ماركسي هنا، فهو أن كل ما يُمنَح في إطار النظام الإمبريالي يمكن أن يُسحَب أو يُفرَّغ من مضمونه طالما ظلت قواعد اللعبة كما هي. لذا فإن مهمة الثوريين تكمن في تغيير قواعد اللعبة هذه عبر تفكيك أسس النظام الظالم. وكما بيَّن جوليوس سونيل في نقده لأوسلو، فإن تلك الاتفاقات لم تكن فرصة سلام ضائعة بل مسارًا مبرمجًا للفشل، لأنها قامت على إجبار الشعب الواقع تحت الاحتلال على القبول بـ”سلام” بلا عدالة .

في الختام، لا بد من رفض أوهام الدبلوماسية الاستعمارية وفضحها أمام الجماهير. الاعترافات الزائفة والخطط المنحازة ليست حلولًا، بل هي جزء من المشكلة. إنها أدوات لإجهاض النضال الحقيقي واستبداله بوهم الحل السلمي في ظل ميزان قوى مختل. إنَّ المقاومة الثورية الواعية وحدها الكفيلة بقلب هذا الميزان – مقاومة تجمع بين الكفاح الميداني ضد الاحتلال والبناء الداخلي لوعي طبقي يُدرِك تشابك النضال الوطني بالاجتماعي. هكذا فقط يمكن كسر حلقات الهيمنة الإمبريالية، وهكذا فقط ستتحرر فلسطين حقًا لا وهمًا. وكما قال لينين ذات مرة: “من المستحيل تحطيم الإمبريالية دون تحطيم أوهامها” – ولعل أكبر هذه الأوهام اليوم هو أن خلاص الشعوب يأتي على يد جلاديها. لقد آن الأوان لتحويل الأنظار من موائد المساومة إلى ميادين النضال، ففي الأولى تُباع الحقوق وتُشترى، وفي الثانية تُنتزع الحرية بالدّم والتضحية. هذا هو الدرس الماركسي، وهذه هي بوصلتنا نحو فلسطين حرة حقًا، لا دولة شكلية تحت حراب الاحتلال.

المراجع وهوامش:
• كارل ماركس وفريدريك إنجلز، البيان الشيوعي، 1848 – (حول الدولة كأداة للطبقة الحاكمة) .
• فلاديمير إي. لينين، الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية، 1916 – (وصف النظام الإمبريالي العالمي) .
• فلاديمير إي. لينين، الدولة والثورة، 1917 – (طبيعة الدولة البرجوازية كأداة قمع طبقي).
• ديفيد هارفي، الإمبريالية الجديدة، 2003 – (مفهوم التراكم عبر نزع الملكية كاستمرار للتراكم البدائي) .
• جوليان سالينغ، “صفقة القرن: ترامب يؤبِّد الأبارتهايد”، مجلة المنظور الاشتراكي العالمي، 2020 .
• بيان الحزب الشيوعي الأمريكي حول صفقة ترامب، 2020 – (تشبيه الكيان الفلسطيني المقترح بالبانتوستانات) .
• سمير أمين، التطور اللامتكافئ، 1973 – (دور البرجوازية الكومبرادورية في خدمة الإمبريالية) .
• غراي ويلز، “اعتراف كارني بالدولة الفلسطينية كمناورة ساخرة”، موقع ماركسيست.كندا، 2025 .
• وكالة الأنباء الفرنسية/الجزيرة نت، تقرير حول موجة الاعترافات بدولة فلسطين بعد حرب غزة 2023 .
• (جميع الاقتباسات المشار إليها بعلامة 【】 واردة في النص أعلاه كمراجع مباشرة).



#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التراث في الفكر العربي الحديث: قراءة ماركسية نقدية
- من هو عدونا؟ سؤال طبقي لا طائفي
- قراءة ماركسية تجديدية في صناعة الكراهية وتغييب الوطنية
- الطبقة العاملة العراقية – تحديات الوجود وأفق التغيير
- هيمنة الرأسمالية المالية في العراق
- الانتخابات والتحالفات في العراق – من الاحتلال إلى اللا-دولة
- التحولات الطبقية في العراق المعاصر: قراءة ماركسية نقدية في ض ...
- تحرير المفاهيم: من الاشتراكية المشوّهة إلى العدالة الجماعية ...
- الحرية لا تُنتزع بالخطب، بل بالسلطة الطبقية الواعية
- الاشتراكية والثورة: هل يمكن التحرر دون سلطة؟ رد على أحمد الج ...
- نحو الأممية الشبكية والتنظيم الافقي في الحزب الشيوعي: منهجية ...
- من الدولة إلى التنظيم الطبقي: في الرد على أطروحات أحمد الجوه ...
- نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي - رد على أحم ...
- النهج التجديدي في الماركسية واللينينية: قراءة جدلية نقدية في ...
- نظام المكونات في العراق: الهيمنة الإمبريالية وإعادة إنتاج ال ...
- عقود النفط بعد 2003: هل خسر العراق معركته الاقتصادية الكبرى؟
- القمع: قراءة ماركسية معمقة في سياق الدولة البرجوازية والدولة ...
- يا نساء العراق، توحدنَّ!
- حول الدولة المدنية والديمقراطية: clarifications ماركسية ضرور ...
- العراق في قبضة الاحتلال المالي: كيف تُنهب ثروات بلد نفطي بأد ...


المزيد.....




- -ستكون نهاية حزينة للغاية-.. شاهد كيف هدد ترامب حماس أمام ال ...
- -إذلال- و-خيانة-.. اعتذار بنيامين نتنياهو من قطر يثير غضبا إ ...
- ترامب رئيساً لمجلس السلام في غزة.. فما هو دور توني بلير ونجي ...
- هل يتسبب سد النهضة في فيضانات بالسودان؟
- احتجاجات المغرب.. شباب جيل زد 212 يتحدثون لترندينغ
- مع بدء العام الدراسي في السودان: ملايين الأطفال خارج قاعات ا ...
- سكان غزة المنهكون يطالبون حماس بقبول خطة ترامب
- الإسرائيليون يعبرون عن الأمل بينما يكشف ترامب عن خطة السلام ...
- اختيار فتاة عمرها سنتان كإلهة حية جديدة في نيبال
- تهنئة في مؤتمره التاسع … حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأرد ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - الاعتراف الغربي بدولة فلسطين و”مشروع ترامب للسلام”: تحليل ماركسي لأوهام الدبلوماسية الاستعمارية