أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي - رد على أحمد الجوهري















المزيد.....

نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي - رد على أحمد الجوهري


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور في الهندسة المعمارية، باحث، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 21:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاشتراكية بين الطليعة والقاعدة: نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي

اقدم هنا رداً على طروحات السيد أحمد الجوهري

تعقيبًا على مقالنا “النهج التجديدي في الماركسية واللينينية”، ورد نقد يؤكد أن الاشتراكية الحقيقية لا تتحقق دون قطيعة جذرية مع مفاهيم الدولة الانتقالية والحزب الطليعي، ويدعو إلى نفي الدولة والحزب وبناء تنظيمات قاعدية أفقية باعتبارها الحل الوحيد للخروج من إرث ما سُمّي “رأسمالية الدولة”.

هذه الرؤية النقدية تعبّر عن موقف مألوف في أوساط التيار اللاسلطوي واليسار التحرري، وهي تطرح قضايا مشروعة في ظاهرها لكنها تنطوي على إشكاليات جدلية جوهرية، تتطلب منا ردًا نظريًا وتطبيقيًا متكاملًا من داخل المنهج الماركسي-اللينيني التجديدي الذي ندافع عنه.

الدولة بين الضرورة الثورية والطوباوية اللاسلطوية

ماركس وإنجلز حددا بوضوح في “نقد برنامج غوتا” و”الحرب الأهلية في فرنسا” أن الدولة ليست أداة حيادية بل جهاز طبقي خالص، وظيفته حماية مصالح الطبقة المسيطرة. ومع ذلك، أكدا أن الطبقة العاملة عندما تظفر بالسلطة لا يمكنها ببساطة تحطيم الدولة الرأسمالية دون بناء جهاز بديل يضمن تحطيم السلطة البرجوازية وإدارة التحول نحو الشيوعية. هذا الجهاز، المتمثل في “ديكتاتورية البروليتاريا”، هو مرحلة انتقالية لا غنى عنها في الصراع الطبقي.

الاتجاه اللاسلطوي يرفض هذه الجدلية ويدعو إلى نفي الدولة فورًا، متجاهلًا التوازن الطبقي الحاد الذي يفرض على الطبقة العاملة أن تمتلك أدوات قمع ضد الثورة المضادة. كل التجارب الثورية التي افتقرت إلى جهاز منظم للسلطة الطبقية انتهت إلى سحقها بوحشية، كما رأينا في كومونة باريس وتجارب أخرى لاحقة.

الحزب الطليعي: بين المأزق البيروقراطي والحاجة التنظيمية

النقد الموجه للحزب الطليعي يخلط غالبًا بين المفهوم اللينيني الأصلي وبين تحوّله لاحقًا إلى بيروقراطية خانقة كما حدث في التجربة السوفييتية. الحزب الطليعي، كما صاغه لينين، لم يكن جهاز قمع فوقي، بل كان الأداة التي توحّد الطبقة العاملة وتهيّئها للصراع الثوري عبر التثقيف والتنظيم والانضباط الواعي.

صحيح أن التجربة التاريخية أظهرت انزلاق الأحزاب الشيوعية نحو بيروقراطية قاتلة، لكن الحل لا يكمن في إلغاء الحزب الطليعي، بل في إعادة ابتكاره من جديد ضمن آليات ديمقراطية قاعدية صارمة تحميه من التحول إلى جهاز فوقي.

رأسمالية الدولة أم تجربة انتقالية مشوهة؟

الحكم على كل التجارب الاشتراكية باعتبارها “رأسمالية دولة” يتجاهل الإنجازات العينية التي حققتها هذه التجارب: إلغاء الملكية الخاصة الكبرى، إعادة توزيع الثروة، بناء بنى تحتية تعليمية وصحية مجانية، وخلق مجتمعات أكثر مساواة. نعم، الانحرافات البيروقراطية شوهت المشروع الاشتراكي، لكن من المادي-الجدلي أن نرى هذه التجارب كتحولات ناقصة ومعقدة وليست مجرد تكرار للرأسمالية بأشكال أخرى.

التنظيم القاعدي والأممية الشبكية: تجاوز للثنائية المزيفة

في تجربتنا الفكرية والتنظيمية الحديثة، وخصوصًا في مشروع “نحو الأممية الشبكية والتنظيم الأفقي”، أكدنا أن التنظيم القاعدي ليس خيارًا بل شرطًا أساسيًا لأي مشروع اشتراكي جدي. غير أن التنظيمات القاعدية وحدها، مهما كانت صلبة ومؤمنة بالديمقراطية المباشرة، تظل معرضة لخطر العزلة والتفكك إذا لم ترتبط بجهاز استراتيجي أشمل.

هنا تأتي فكرتنا حول الأممية الشبكية التي تمثل قطيعة مع نموذج الأمميات البيروقراطية القديمة. هذه الأممية ليست مركزًا إداريًا جامدًا بل شبكة تفاعلية تربط الأحزاب الشيوعية، النقابات الثورية، والحركات العمالية الحية في وحدة طبقية ديناميكية تتشارك الخبرات، تنسّق النضالات، وتبني قوة طبقية أممية حقيقية.

في السياق نفسه، نطرح نموذج الحزب الديمقراطي المنضبط، الذي يجمع بين الديمقراطية القاعدية والانضباط الطبقي. هذا الحزب يعيد تعريف القيادة باعتبارها وظيفة تنفيذية خاضعة للرقابة المستمرة من القواعد، ويمنع تحول التنظيم إلى جهاز فوقي منفصل عن الطبقة العاملة.

نحو قطيعة جدلية لا شعاراتية

نحن نتفق مع الفكرة الجوهرية التي تقول إن التجديد لا يكون تكرارًا. لكننا نختلف جذريًا مع الطرح الذي يحصر الحل في نفي الدولة والحزب. المطلوب هو قطيعة جدلية تُفرّق بين الجوهر الطبقي الذي يجب الحفاظ عليه وبين الأشكال البيروقراطية التي يجب تجاوزها. الاشتراكية لن تتحقق إلا بأدوات تنظيمية واعية ومتجذّرة في الطبقة، قادرة على الجمع بين التنظيم القاعدي والأفق الاستراتيجي الذي توفره الأممية الشبكية والحزب الطبقي الثوري.

الختام: الاشتراكية بين الوهم والتحقق

التاريخ لا يرحم الطوباويين ولا يسامح المترددين. التجارب التاريخية علمتنا أن الصراع الطبقي يحتاج إلى قوة واعية ومنظمة، وإلا ظلّت النضالات العمالية مجرد احتجاجات تُستهلك ثم تُدفن. الاشتراكية الحقيقية، التي نطمح إليها، تقوم على إعادة ابتكار أدوات الثورة بما يتجاوز النموذج البيروقراطي دون أن يقع في وهم أن التحرر ممكن من دون جهاز تنظيمي واعٍ.

نحن نؤمن بأن الطريق يبدأ من القاعدة، نعم، لكنه يحتاج أيضًا إلى أفق تنظيمي واضح وإلى مشروع ثوري يعيد تعريف العلاقة بين الحزب، الدولة، والتنظيمات القاعدية، في وحدة جدلية تخدم هدفًا واحدًا: تحطيم رأس المال وبناء الاشتراكية.
—-
واليكم تعقيب السيد أحمد الجوهري على مقالتنا "النهج التجديدي في الماركسية واللينينية":
يمثل «النهج التجديدي في الماركسية واللينينية» محاولة نقدية مهمة، لكنه يظل أسيرًا لمفاهيم تقليدية كالحزب الطليعي والدولة الانتقالية، ما يعيق تحقيق قطيعة راديكالية مع البنية السلطوية التي كرّست الفشل. ومن منظور ماركسي-تشومسكي، اشتراكي تحرري، ولاسلطوي نقابي، فإن ما سُمّي بـ-التجارب الاشتراكية- لم يكن سوى رأسمالية دولة، استبدلت الرأسمالي الخاص بجهاز بيروقراطي حزبي. الاشتراكية الحقيقية تتطلب نفي الدولة والحزب الهرمي، وبناء تنظيمات قاعدية أفقية من قلب الطبقة العاملة. لا تجديد دون قطيعة، ولا تحرر دون تجاوز الدولة والحزب.
—-
ملاحظة ختامية

إن الكتابة مسؤولية فكرية وأخلاقية تتطلب من الكاتب أن يتحرى الصدق، والموضوعية، والالتزام بقضايا العدالة والحرية. كما أن النقد الموجه لأي نص ينبغي أن يلتزم بضوابط الحوار الفكري المسؤول، فيُناقش الأفكار لا الأشخاص، ويبتعد عن الشخصنة والمناكفات التي تفسد الحوار وتضعف قيمته العلمية.

كل نص يُكتب، وكل نقد يُقدّم، يعكس مستوى وعي صاحبه، وأخلاقيته، وانحيازه.
لذلك، نهيب بالقراء الكرام الالتزام بثقافة الحوار الهادئ والبناء، لما فيه خدمة الحقيقة، وإنضاج النقاش، وإثراء الفضاء الفكري بقيم التعددية، والاحترام المتبادل، والسعي المشترك نحو مستقبل أفضل.



#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهج التجديدي في الماركسية واللينينية: قراءة جدلية نقدية في ...
- نظام المكونات في العراق: الهيمنة الإمبريالية وإعادة إنتاج ال ...
- عقود النفط بعد 2003: هل خسر العراق معركته الاقتصادية الكبرى؟
- القمع: قراءة ماركسية معمقة في سياق الدولة البرجوازية والدولة ...
- يا نساء العراق، توحدنَّ!
- حول الدولة المدنية والديمقراطية: clarifications ماركسية ضرور ...
- العراق في قبضة الاحتلال المالي: كيف تُنهب ثروات بلد نفطي بأد ...
- الدولة المدنية والتغيير الشامل: قراءة ماركسية نقدية لشعار ال ...
- الدولة المدنية والاشتراكية: جدلية الضرورة والإمكان في الواقع ...
- العشائرية، الدين، والدولة المدنية: قراءة ماركسية في عوائق ال ...
- نشيد الأممية - محاولة ترجمة شعرية عربية
- -بين المدنية والطبقية- حوارات مهمة، اطروحات ر. د. حسين علوان ...
- بين المدنية والطبقية: قراءة ماركسية-لينينية في طروحات الحزب ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ ج5: خاتمة، ج6: الملخص
- هل انتهى اليسار الماركسي؟، ج3: البعد النظري: الماركسية بين ا ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ - ج1- جذور فكرة نهاية اليسار, ج2- ...
- حول جدوى النقاش السياسي الاقتصادي مقابل الانزلاق إلى المجازا ...
- قراءة نقدية علمية ماركسية لأسئلة د. طلال الربيعي على ردي الس ...
- حول اطروحات د. طلال الربيعي على مقالتي: العصبيات والعداء لاي ...
- رد إلى الرفيق د. حسين علوان حسين - حول دور الحزب ومهام اليسا ...


المزيد.....




- رئيس وزراء باكستان: قواتنا -صنعت تاريخًا عسكريًا- أمام الهند ...
- مسؤول إيراني لـCNN: المحادثات النووية -غير جادة- ونستعد لسين ...
- الهادي إدريس في بلا قيود: تدمير البنية التحتية في السودان سب ...
- -سرقة الرياح-: ما هي الظاهرة الغامضة التي تهدد مزارع الرياح ...
- انفجارات تهز كشمير.. مخاوف من انهيار الهدنة بين الهند وباكست ...
- ليلة وداع مولر - بايرن يحتفل بدرع الدوري بثنائية في شباك غلا ...
- الخارجية الأوكرانية: كييف وحلفاؤها مستعدون لوقف غير مشروط لإ ...
- ترامب: وقف للنار بين الهند وباكستان
- رام الله.. الروس يحتفلون بذكرى النصر
- باكستان والهند.. وقف لإطلاق النار


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي - رد على أحمد الجوهري