علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور، كاتب وأديب
(Ali Tabla)
الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 21:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صمود، مقاومة، لا تراجع، ومقاطعة شاملة حتى زوال الكيان
مقدمة: فلسطين في قلب المأساة العالمية
ما يجري في فلسطين ليس نزاعًا عابرًا بل إبادة جماعية ممنهجة تسعى لاقتلاع شعب من أرضه. وفي مواجهة هذا المشروع الاستعماري–الفاشي، يثبت الفلسطينيون أن الصمود والمقاومة قرارهم وحدهم، وأن أي تسوية تُفرض من الخارج لا تعنيهم. لكن الانقسام والغياب المؤسسي يفرضان الحاجة إلى اجتماع وطني فلسطيني عاجل يوحد الفصائل والقوى في استراتيجية مواجهة. في المقابل، يفرض الواقع العالمي أن يكون الرد جماهيريًا وأمميًا: إيقاف الإبادة فورًا، مقاومة لا تراجع، ومقاطعة شاملة حتى زوال الكيان. هذه ليست شعارات، بل برنامج عمل لتحرير فلسطين وإعادة الاعتبار لكرامة الإنسان
منذ أكثر من سبعة عقود، يعيش الشعب الفلسطيني تحت سطوة مشروع استعماري إحلالي لا يكتفي بسلب الأرض، بل يسعى إلى محْو الوجود الفلسطيني نفسه. ومع ذلك، فإن ما نشهده في غزة والضفة والقدس منذ أعوام، وتحديدًا في جولات الإبادة الأخيرة، هو تصعيد غير مسبوق لسياسة الاستئصال.
إنّ تدمير البنية التحتية المدنية — المستشفيات، المدارس، الجامعات، محطات الكهرباء والمياه — واستهداف المدنيين بالحصار والتجويع والقتل، ليست أحداثًا عرضية. بل هي سياسة ممنهجة ترمي إلى كسر إرادة الفلسطيني وإجباره على الرحيل.
هذه الجرائم لا يمكن وصفها إلا بكونها إبادة جماعية، وفقًا لتعريف اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948. فهي تشمل القتل، وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي، وفرض ظروف معيشية تقود إلى الفناء، ومنع الولادات، ونقل الأطفال قسرًا. كلها أركان تتحقق يوميًا على أرض فلسطين.
وأمام هذا المشهد، يصبح المطلب الأول الذي يجب أن يرفعه كل ضمير حي: أوقفوا الإبادة فورًا. لكن هذا الشعار ليس مجرد نداء أخلاقي؛ إنه برنامج عمل سياسي وشعبي، يتطلب مقاومة متواصلة ومقاطعة شاملة وتحالفًا أمميًا يفرض عزلة خانقة على الكيان.
أولًا: الصمود والمقاومة — قرار فلسطيني حصري
منذ النكبة عام 1948، لم يتوقف الفلسطينيون عن المقاومة. من القرى التي دُمّرت ورفض أهلها النزوح، إلى الانتفاضتين، إلى مسيرات العودة، إلى المقاومة المسلحة في غزة، ظل الفلسطيني يثبت أن الوجود نفسه فعل مقاومة.
لكن لا بد من التأكيد على نقطة جوهرية: قرار الصمود والمقاومة ورفض التراجع هو قرار فلسطيني حصري. لا يحق لأي طرف خارجي — سواء كان قوة إقليمية أو دولية — أن يقرر كيف يقاوم الشعب الفلسطيني.
ومع ذلك، يواجه الفلسطينيون اليوم معضلة كبرى: غياب جسم تمثيلي جامع. الانقسام بين سلطتين وبرامج متناقضة، وتعطّل مؤسسات منظمة التحرير، يجعل الصوت الفلسطيني مشتتًا. وهذا ما تستغله القوى الاستعمارية لتمرير مشاريعها، مثل “خطة ترامب” التي حاولت تصفية القضية باسم “صفقة القرن”.
من هنا، فإن الواجب الملح هو: الدعوة الفورية لاجتماع وطني فلسطيني شامل يضم جميع الفصائل والقوى والشخصيات الوطنية والمستقلة، دون إقصاء أو استثناء. مثل هذا الاجتماع يجب أن يضع استراتيجية موحدة للمقاومة والصمود، ويعلن بوضوح أن الفلسطينيين وحدهم أصحاب الحق في تحديد مستقبلهم.
إنّ شعار مقاومة لا تراجع لا يكتسب شرعيته الكاملة إلا حين يتحول إلى قرار جماعي صادر عن الشعب الفلسطيني بمختلف قواه. فالوحدة الوطنية ليست ترفًا، بل شرط بقاء ومفتاح التحرير.
ثانيًا: الإبادة كجريمة موثقة بالأدلة
لا يحتاج الأمر إلى خطابات طويلة لإثبات أن ما يحدث في فلسطين جريمة إبادة. الأدلة ماثلة:
• القتل الجماعي: آلاف الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، يسقطون يوميًا تحت القصف.
• التدمير الممنهج: أحياء كاملة أزيلت من الوجود، مئات المدارس والمستشفيات قصفت عمدًا.
• التجويع والحصار: غزة بلا غذاء ولا دواء ولا وقود منذ سنوات، واليوم يستخدم الحصار كسلاح إبادة.
• التهجير القسري: تهديدات مستمرة لسكان شمال غزة والقدس والضفة لإجبارهم على النزوح.
هذه الجرائم تستوفي نصوص القانون الدولي بدقة. لكن النظام الدولي، كما هو قائم، أثبت عجزه الكامل. الفيتو الأميركي في مجلس الأمن يحول دون أي إدانة، فيما تكتفي أوروبا ببيانات جوفاء.
وهذا ما يكشف أن القانون الدولي ليس “حَكمًا محايدًا”، بل ساحة صراع. والمطلوب أن يتحول الملف الفلسطيني إلى ملف نضالي حقوقي يُستخدم لفضح ازدواجية المعايير وتعبئة الرأي العام العالمي، لا أن يبقى مجرد أوراق في أدراج الأمم المتحدة.
ثالثًا: الكيان الصهيوني — استعمار وفاشية
منذ وعد بلفور (1917) مرورًا بإعلان الدولة (1948)، كان الكيان مشروعًا استعماريًا إحلاليًا بامتياز. لم يولد من رحم تطور اجتماعي طبيعي، بل زُرع كقاعدة متقدمة للإمبريالية في قلب المشرق.
ثلاث ركائز تقوم عليها هذه الدولة:
1. الإحلال السكاني: طرد الفلسطينيين واستقدام مستوطنين من كل أنحاء العالم.
2. الفصل العنصري: منظومة قوانين تجعل اليهود مواطنين من الدرجة الأولى والفلسطينيين من الدرجة الدنيا.
3. العسكرة الدائمة: الجيش هو العمود الفقري للمجتمع والاقتصاد، والتجنيد إلزامي، والصناعات العسكرية من أهم الصادرات.
بهذا المعنى، فإن الكيان ليس “ديمقراطية” بل نظام أبارتهايد، كما أكدت تقارير منظمات دولية مثل أمنستي وهيومن رايتس ووتش. وما يُسمى بـ”ديمقراطية إسرائيل” ينطبق فقط على اليهود، فيما يُحرم الفلسطينيون من أبسط الحقوق.
رابعًا: التفسير الماركسي — التراكم عبر النهب
لفهم منطق الاحتلال، لا يكفي وصفه أخلاقيًا أو قانونيًا. لا بد من قراءته في إطار الاقتصاد السياسي. كما أوضح ديفيد هارفي، فإن الرأسمالية المعاصرة تحافظ على حيويتها عبر التراكم عبر النهب، أي السيطرة بالقوة على موارد الآخرين وتحويلها إلى مصدر ربح.
فلسطين نموذج حي لهذا المنطق:
• الأرض: ملايين الدونمات صودرت وحُولت إلى مستوطنات وصناعات زراعية تُصدّر للخارج.
• المياه: تحتكرها شركة “ميكوروت” وتبيعها للفلسطينيين بأسعار خيالية.
• الغاز: الحقول البحرية قبالة غزة محتكرة لشركات صهيونية وغربية.
• العمل: آلاف الفلسطينيين يُجبرون على العمل في المستوطنات بأجور بخسة، دون حقوق.
كما قال سمير أمين، فإن الكيان ليس مجرد “دولة قومية”، بل رأس حربة للإمبريالية. وجوده نفسه مشروط بقدرته على إبقاء المنطقة في حالة تبعية وانقسام، وتأمين مصالح الغرب في النفط والغاز والتجارة.
بذلك يصبح الاحتلال أداة مزدوجة: أداة قمع شعب وأداة إعادة إنتاج النظام الرأسمالي العالمي. وكل عدوان جديد على غزة أو الضفة ليس قرارًا عسكريًا محضًا، بل حلقة في عملية تراكم ونهب تخدم الرأسمالية المالية العالمية.
خامسًا: المقاومة كمنظومة متعددة الأشكال
المقاومة الفلسطينية لم تكن يومًا فعلًا عابرًا، بل بنية متجذرة في الحياة اليومية. من أطفال الحجارة في الانتفاضة الأولى، إلى مسيرات العودة في غزة، إلى الشعر والمسرح والسينما التي صارت أدوات نضال، كلها تشكل حلقات في سلسلة متصلة.
1. المقاومة الشعبية: الإضرابات العامة التي شلّت الاحتلال، الاعتصامات في القرى لحماية الأراضي من المصادرة، التعليم تحت الحصار في الجامعات والمدارس. كل فعل يومي يؤكد الوجود الفلسطيني هو مقاومة.
2. المقاومة المسلحة: حق مشروع كفلته الشرعة الدولية لكل الشعوب الخاضعة للاستعمار. ورغم اختلال ميزان القوى، أثبتت المقاومة المسلحة أن الجيش الصهيوني ليس مطلق اليد، وأن التفوق التكنولوجي لا يلغي قدرة الإرادة الشعبية على الرد.
3. المقاومة الثقافية والمعرفية: حين يقرأ العالم شعر محمود درويش أو روايات غسان كنفاني، فإنه يواجه الحقيقة التي يحاول الاحتلال محوها: الفلسطيني ليس “لاجئًا صامتًا” بل صاحب أرض وتاريخ. كل قصيدة ورواية ولوحة وفيلم هي طلقة في معركة الذاكرة.
4. المقاومة القانونية والحقوقية: تقديم الملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتوثيق الجرائم بالصوت والصورة، وتحويلها إلى أدلة دامغة. حتى لو طال الزمن، فإن تراكم هذه الملفات يخلق شرعية مضادة تحاصر الكيان أخلاقيًا.
5. المقاومة الرقمية والإعلامية: في عصر الشبكات، الصورة أقوى من الرصاصة أحيانًا. شاب فلسطيني يبث من هاتفه مشاهد القصف يكسر جدار الدعاية الغربية الذي يصور الاحتلال كضحية. لذلك يستهدف الاحتلال الصحفيين ويغلق الحسابات.
6. الشتات الفلسطيني: ملايين اللاجئين ليسوا مجرد ضحايا؛ هم جبهة نضال موازية. في الجامعات الغربية، في النقابات، في البرلمانات، يرفعون صوت فلسطين، ويحشدون المقاطعة، ويجعلون الاحتلال قضية عالمية.
إنّ قوة المقاومة تكمن في تكامل هذه الأشكال. الاحتلال يراهن على الفصل بينها، لكن الشعب الفلسطيني يجعلها نسيجًا واحدًا يعيد إنتاج نفسه في كل جيل.
سادسًا: التطبيع — أداة إعادة الهيمنة
في السنوات الأخيرة، تسارعت موجة التطبيع الرسمية. وجرى تصويرها كخيار “سيادي” أو “سلام إقليمي”. لكن الحقيقة أن التطبيع ليس سوى أداة أميركية–صهيونية لإعادة هندسة المنطقة بما يخدم مصالح واشنطن وتل أبيب.
مخاطر التطبيع تتضح في أربعة مستويات:
1. تفكيك الإجماع العربي: تحويل فلسطين من قضية مركزية إلى “ملف ثانوي”.
2. اختراق اقتصادي: إدخال الشركات الصهيونية في الأسواق العربية، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والطاقة والأمن.
3. اختراق ثقافي–تعليمي: فرض سردية جديدة عبر المناهج والإعلام تشرعن وجود الكيان.
4. إضعاف المقاطعة الشعبية: حين تفتح الحكومات الأبواب، يُجرّم الناشطون ويُلاحقون.
لكن التطبيع بقي فوقيًا؛ لم يجد جذورًا في وجدان الشعوب. من المغرب إلى اليمن، يواصل الشارع العربي رفع علم فلسطين في كل مظاهرة. هذه الهوة بين الأنظمة وشعوبها هي نقطة قوة يجب البناء عليها.
سابعًا: المقاطعة الشاملة كسلاح استراتيجي
التجربة الأبرز في التاريخ الحديث هي جنوب أفريقيا. نظام الأبارتهايد لم يسقط فقط بالكفاح المسلح، بل أيضًا بفضل حركة المقاطعة العالمية التي حاصرته سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا.
اليوم، تمثل حركة BDS امتدادًا لذلك الدرس التاريخي. أهدافها واضحة:
• مقاطعة اقتصادية: رفض شراء المنتجات القادمة من المستوطنات والشركات المتورطة (كاتربيلر، HP، ماكدونالدز وغيرها).
• مقاطعة أكاديمية وثقافية: عزل الجامعات الإسرائيلية التي تطور تكنولوجيا عسكرية، ومقاطعة المهرجانات التي تلمّع صورة الاحتلال.
• سحب الاستثمارات: الضغط على الصناديق السيادية والبنوك والشركات الكبرى لقطع علاقاتها مع الكيان.
نجاحات المقاطعة ملموسة: شركات عالمية انسحبت من مشاريع في المستوطنات، اتحادات طلابية صوتت لصالح المقاطعة، ومؤسسات أكاديمية أعلنت فك ارتباطها بالجامعات الصهيونية. هذه الإنجازات تظهر أن المقاطعة ليست رمزية، بل سلاح فعلي يراكم الخسائر على الكيان ويعزله.
ثامنًا: من النكبة إلى اليوم — مشروع استيطاني متجدد
لفهم اللحظة الراهنة، يجب العودة إلى التاريخ:
• 1948 (النكبة): تهجير 750 ألف فلسطيني وتدمير 500 قرية.
• 1967 (النكسة): احتلال الضفة وغزة والجولان وسيناء.
• 1987 (الانتفاضة الأولى): عصيان شعبي شامل أعاد فلسطين إلى صدارة العالم.
• 2000 (الانتفاضة الثانية): انهيار وهم “السلام” واتضاح أن أوسلو كان غطاءً للاستيطان.
• منذ 2007: حصار خانق على غزة، وحروب متتالية هدفها كسر إرادة السكان.
• اليوم: محاولة فرض “نكبة ثانية” عبر التهجير الجماعي من غزة.
الخيط واحد: الاحتلال مشروع إحلالي متجدد لا يتوقف عند حدود. والمقاومة هي الجدار الذي يحول دون اكتمال هذا المشروع.
تاسعًا: تفكيك خطاب “حق الدفاع عن النفس”
أكثر الأكاذيب ترديدًا في الإعلام الغربي هي أن “إسرائيل تدافع عن نفسها”. هذه العبارة قلب للحقائق: المستعمر المسلح حتى الأسنان لا “يدافع” عن نفسه ضد شعب أعزل، بل يشن حرب إبادة.
وظيفة هذا الخطاب واضحة:
1. تجريم المقاومة عبر وسمها بالإرهاب.
2. قلب المعادلة: الجلاد يصبح ضحية، والضحية جلادًا.
3. تبرير الدعم الغربي بالسلاح والمال للكيان.
الحقيقة البسيطة هي: الحق في الدفاع عن النفس يخص الشعب الفلسطيني وحده، لأنه هو الذي يتعرض للاحتلال والإبادة.
عاشرًا: نحو برنامج نضال جماهيري وتحالف أممي
فلسطين ليست جزيرة معزولة؛ هي جزء من معركة أممية ضد الإمبريالية والرأسمالية العالمية. لذلك، يجب أن يتجه النضال الفلسطيني والعربي نحو:
1. تنظيم الفعل الشعبي عربيًا وعالميًا: النقابات، الجامعات، الحركات الشبابية والنسوية.
2. بناء تحالفات مع حركات التحرر العالمية: من الجزائر إلى جنوب أفريقيا وأميركا اللاتينية.
3. الربط بين التحرر الوطني والاجتماعي: لا استقلال بلا عدالة اجتماعية وديمقراطية داخلية.
4. المراكمة المستدامة: تحويل التضامن الموسمي إلى حركة دائمة تضغط على الحكومات والشركات.
خاتمة: الشعب الفلسطيني يقرر
الرسالة الأخيرة واضحة وبسيطة:
• أوقفوا الإبادة فورًا: مطلب عاجل لا يحتمل الانتظار.
• الشعب الفلسطيني يقرر: المقاومة والصمود قرار فلسطيني حصري، يتطلب وحدة وطنية واجتماعًا تمثيليًا عاجلًا لكل الفصائل.
• مقاطعة شاملة حتى زوال الكيان: السلاح الاستراتيجي الذي يربط بين المقاومة الشعبية والتحالف الأممي.
فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل قضية كل الأحرار. والاختيار أمام العالم بسيط: إمّا أن يكون شاهد زور على الإبادة، أو شريكًا في مقاومتها حتى النهاية.
#علي_طبله (هاشتاغ)
Ali_Tabla#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟