|
|
دونالد ترامب وعصر ما بعد الحقيقة في الخطاب السياسي
محمود الصباغ
كاتب ومترجم
(Mahmoud Al Sabbagh)
الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 04:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استهلال يمثل خطاب الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب السياسي ظاهرة مركبة تتجاوز حدود الكذب التقليدي لتجسد أزمة أعمق في العلاقة بين الحقيقة والسلطة والنضج العقلي. تستند هذه المقالة إلى منهجية تحليلية متداخلة التخصصات يلتقي فيها إيمانويل كانط مع عيادة التحليل النفسي الفرويدي ومقولات جاك لاكان، وبعض تنظيرات الفقه السياسي المعاصر لنفهم كيف يعيد الرئيس ترامب تشكيل المشهد السياسي في سياق "ما بعد الحقيقة". وبديلاً عن اعتباره مجرد "كاذب"، سوف ننظر إليه-مبدئياً- كفاعل يعيش خارج ثنائية الصدق والكذب، ويتوضع في ما يسميه هاري فرانكفورت بـ"الهراء"، أي الخطاب الذي لا يأبه بالحقيقة بحدّ ذاتها، بل بما يحققه من تأثير عاطفي أو تعبوي. يجسد الرئيس ترامب -من منظور كانطي- حالة "القصور العقلي" التي ترفض الفطام عن الوصاية وتعفي الذات من مسؤولية استخدام العقل العمومي. أما من زاوية فرويدية–لاكانية، يظهر ترامب سلوكاً نكوصياً إلى مرحلة النرجسية الطفولية، ورفضاً صريحاً لـ"الأب الرمزي" (بما يعنيه من بنى مجتمعية وسياسية مهمة مثل القانون والدستور والمعنى المشترك) ليعيد بذلك تأسيس السياسة كامتداد لصورته الخيالية. في واقع الأمر يكذب الرئيس ترامب بطريقة مذهلة. ويستخدم "استراتيجية" الكذب بصورة لم يسبق لأي زعيم سياسي آخر أن استخدمها بهذه الطريقة وبتلك الكيفية. وبناء على توثيق إحصائي قامت به صحيفة الواشنطن بوست، ثمة أكثر من 30 ألف تصريح مضلّل(كي لا نقول كاذباً) وردت على لسانه خلال رئاسته الأولى. إلى جانب تدخلاته الانفعالية إن في اللقاءات الصحفية أو في اجتماعات رسمية بروتوكولية، مثل تدخله غير المسبوق في الشأن القضائي الإسرائيلي أمام الكنيست، عندما طلب من الرئيس الإسرائيلي إصدار عفو عن مجرم الحرب بيبي ميليكوفسكي. لا يمثل أبو حنان انحرافاً فردياً، بقدر ما هو مرآة تشخيصية لعصر انهار فيه "النضج" السياسي، فتحول السلوك العقلي إلى نزوة انفعالية، والحقيقة إلى وسيلة ولاء. ومن ثَمّ، فإن ظهوره ينذر بإعادة تعريف جوهر الحكم (الديمقراطي، أو غيره) في زمن لم يعد نميز فيه بين الرغبة والواقع. حين ينهار العقل العمومي يصبح "الهراء" هو جوهر الخطاب السياسي. ذلك هو ترامب" الظاهرة- الطفل الغاضب الذي حكم العالم في عصر ما بعد الحقيقة ........ يمثّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في سلوكه السياسي والخطابي، تجسيداً مكثفاً لظاهرة "ما بعد الحقيقة" Post-truth [1]. أي حين تعيد البنية النفسية-الرمزية تعريف العلاقة بين الحقيقة والسلطة والذات. وهو بهذا المعنى لا يمثل حالة عابرة في الخطاب العام. إذ لا يمكن تصنيفه فقط على أنه "كاذب" أو "كاذب محترف" على سبيل المثال، وإنما بوصفه فاعلاً يمكث خارج أطر التمايز بين الواقع والرغبة-الرغبات. حيث لا وجود لحقيقة مستقلة عن إرادته. وتتجلى هذه السمات، أي سمات عوالم "ما بعد الحقيقة" أكثر ما تتجلى اليوم في عالم الإعلام والسياسة والفضاء الرقمي، حيث يستبدل “البرهان” بـ “الإحساس”، و ”المعلومة” بـ “الرأي”. والأصل في تعريف ما بعد الحقيقة أنها تلغي الفرق بين الكذب والصدق، بعيداً عن كونها بالأساس كذباً متكرراً. فلا يهم إن الخطاب صادق أو كاذب، وإنما المهم أن يكون مقنعاً أو مربحاً. وعملياً هذا ما يمارسه سيد البيت الأبيض بدقة، فهو لا يتعمد الكذب، ربما، بقدر ما يتكلم دون اعتبار لأي نبرة صدق في خطابه. فالمهم هنا هو درجة التأثير وليس مطابقة الخطاب مع الحقائق والمصداقية. ومن هذا المنظور، يغدو خطابه السياسي شكلاً من أشكال "الهراء" أو "الخطاب التافه" bullshit كما حدد هدفه هاري فرانكفورت باللامبالاة التامة تجاه الحقيقة أكثر مما يكون القصد منه التضليل[2]. فما يهم ليس ما هو صحيح، وإنما ما يعزز الصورة ويرضي الجمهور. بمعنى هل يدعم هذا الخطاب صورة الزعيم ويعززها أمام جمهوره فيرضيهم؟ بغض النظر عن صحته أو عدم صحته. في واقع الأمر يعيش ترامب في نوع من التلقائية المطلقة، فهو يقول ما يشعر به دون فلترة عقلية. ويظن أن إرادته معيار العالم. ويعبر هذا عن نوع من “القصور الذاتي”، أي العجز عن ممارسة حرية عقلانية حقيقية. والتصرف بتلقائية كاستجابة مباشرة للعادة، مثل طفل غير ناضج يعجز عن استخدام عقله دون توجيه من غيره. فهذا الطفل غير الناضج (بالمعنى العقلي لا العمري) يخاف من التفكير بنفسه، لذا يلوذ دائماً بسلطة خارجية تخبره عن الصواب، ويتصرف بدافع اللذة الفورية أو الرغبة دون أي نظام وواجب أخلاقي أو معيار عقلي كلي، كما يرى "كانط". ولو شئنا الدقة أكثر؛ لقلنا إن ترامب -من هذا المنظور الكانطي- لا يمثل “الشر السياسي” بمعناه الميتافيزيقي، بل يمثل القصور العقلي الأخلاقي الذي حذر منه كانط. إنه طفل عملاق في جسد رجل دولة. تتجلى طفوليته في عدة مستويات، فهو يفعل ما يخدم ذاته لحظياً، ويعتبر فعله هو المعيار. وهو يعيش، بهذا المعنى، خارج نطاق العقل العملي الخالص. فهو لا يسأل: “هل ما أفعله صالحاً لكل إنسان؟”، بل: “هل ما أفعله يرضي غروري ويكسبني تصفيق الجمهور؟”. هذا بالضبط ما يجعل فعله سياسياً “طفولياً”. وينبع هذا الموقف من بنية نفسية عميقة تلتقي عند تقاطع الفلسفة والنقد النفسي. حيث يمثل ترامب قصوراً عقلياً متعمداً يتمثل في العجز عن استخدام العقل دون وصاية، والرفض التام للتحكم الأخلاقي الذي من المفترض أنه يقيد الإرادة[3]. هو لا يسأل عما يحق للجميع، بل عما ينفعه هو. ومن هنا، يغدو فعله السياسي "طفولياً" ولكن ليس بمعنى البراءة، أو الفعل الناتج عن خلل معرفي عابر، بل بمعنى العجز عن رفع الذات إلى مستوى العقل العمومي الذي يفترض في الحاكم الخضوع له. وفي سياق “ما بعد الحقيقة”، أو بالأحرى "ما بعد النضج"، يصبح ترامب تجسيداً ميتافيزيقياً لهذا الطفل (غير الناضج) في عالم بلا آباء عقلانيين. وهو على كل حال ليس استثناءً، بل نتيجة منطقية لهذا السياق، حيث يكافأ من يتصرف كطفل لأنه يبدو “صادقاً” و “عفوياً”، بينما يعاقب من يتحدث بلغة العقل لأنه “نخبوي”. فلا يفرق -مثلاً- على مستوى الإرادة بين “الحرية” و“التلقائية”. وإذا كان الطفل الكانطي يحتاج دائماً “أباً” أو “وصياً" يوجهه. فالمدهش في شخصية ترامب، رغم تقديمه نفسه كـ"أب للأمة"، بحثه في العمق عن وصاية تعطيه الاعتراف؛ سواء كانت سلطة الجماهير أو الإعلام، أو حتى انعكاس صورته في عيون الآخرين. هو لا يحتمل العزلة العقلية التي تتطلبها الحرية الأخلاقية، لذلك يعيش على التغذية الانفعالية المستمرة من الآخرين. فكل “تغريدة” هي طلب اعتراف، وكل “هجوم” هو بكاء متضخم لطفل لم يشبعه المديح. وثمة ما هو غريب في هذا الرئيس، فقد مارس التغريد (سواء على تويتر سابقاً أو على منصته تروث سوشيال) كسلاح لبناء واقع مؤقت يتجاوز المؤسسات الرسمية. مثلما عمل على تحويل السياسة إلى تلفزيون الواقع(الذي يقوم أساساً على سلطة القرار وليس على الدراما كما هو متعارف عليه.. ولنتذكر برنامجه الشهير “The Apprentice”). لقد نقل، فعلاً، ديناميكيات تلك النوعية من البرامج إلى السياسة، فأعاد تشكيل المشهد الإعلامي والسياسي باستخدام أدوات غير تقليدية قائمة على التواصل الفوري وذهنية "تلفزيون الواقع". حيث أصبحت الرئاسة عبارة عن سلسلة من "القرارات" الصادمة والمفاجئة بديلاً عن العمليات السياسية التدريجية والمعتادة القائمة على الحوار و"الدراما" السياسية التقليدية، لو جاز لنا التشبيه[4]. بكلام آخر، يعيد الخطاب الترامبي الناس إلى زمن الوصاية، وتمجيد الطفولة الدائمة بصفتها رمزاً “للعفوية” و“الصدق”. ومن الانفعال معياراً أخلاقياً .ويفسر هذا العجز، في بعده النفسي، لو استخدمنا المعنى الكلاسيكي لمفهوم "النكوص" الفرويدي، أي عودة "الأنا" إلى مراحل سابقة من النمو النفسي حين تواجه صدمة أو تهديد[5]. فماذا يعني هذا عند الحديث عن دونالد ترامب؟ حين يشعر ترامب بأن الواقع الراهن يهدد صورته الذاتية، يسعى إلى إعادة صناعته كما يشاء. فيستخدم آلياته الدفاعية النفسية ضد شعوره بالإحباط من الواقع. ومثل طفل يصرّ على أن لعبته لم تنكسر رغم وضوح الكسر، كسبيل للهروب من "الواقع المفروض" إلى "الواقع البديل". ويلجأ ،بسبب الفشل في التكيف مع الواقع، إلى حالة إنكار دفاعي يعيد تشكيل العالم وفق رغبته. هنا يتجلى "النكوص" الفرويدي في أوضح حالاته، أي العودة إلى مرحلة “القدرة المطلقة” التي كان يعيشها الطفل قبل اكتشاف حدود الواقع. ولأن السلطة تمنحه وسائل هائلة لتحقيق هذه الأوهام، تتحول النرجسية إلى قوة تدمير سياسي. إنها رغبة لا ترى في القانون أو في الآخرين إلا قيوداً على “اللذة الأصلية” المتمثلة في التملّك والسيطرة. وهو حين ينكر نتائج الانتخابات ويدعي أنها سرقت منه، ويختلق أرقاماً اقتصادية من خياله، ويتحدث عن انتصارات وهمية لا وجود لها. وعن عدد الحروب التي أنهاها، وحديثه الدائم عن جائزة نوبل للسلام، كل هذا ليس كذباً واعياً بالضرورة، بل آلية دفاع نفسي ضد الإحباط. يعيش ترامب، والحال هذا، حالة نرجسية ثانوية مفرطة، ناتجة – حسب المنهج الفرويدي- عن حرمان عاطفي قديم يجري تعويضه عبر السلطة والشهرة والتصفيق[6]. ومن هنا، يعتمد على "الحشد" كما يعتمد الطفل على مرآة أمه. وإذا لم يصفقوا، سيشعر، حتماً، بالحسرة والعدم. أظهر الرئيس ترامب منذ حملته الانتخابية الأولى (2015–2016)، جميع تلك العلامات الجوهرية، وفقاً لمستويين : أ. المستوى النفسي والانفعالي: وتظهر أشد تجلياتها وضوحاً في النرجسية المفرطة وتمركز الذات حول صورتها المنفصلة تماماً عن الواقع في سلوكه السياسي. فما يراه هو الحقيقة مهما تعارض مع الوقائع. وهي تشمل، من بين أمور عدة، الانفعالية الخطابية، لا سيما حين "يتحدث" بحدس اللحظة ومن دون خطة مسبقة، ويعتمد على الإثارة العاطفية(مثلما حصل معه في خطابه الأخير في الكنيست يوم13 تشرين الأول 2025) [7] ب. المستوى السياسي والإعلامي من خلال استخدام الأكاذيب الممنهجة[8]. مثلما سعى إلى "صنع" “واقع بديل” جعل البيت الأبيض بموجبه منصة لبناء سرديات موازية (“الانتخابات سرقت”، “الإعلام عدو الشعب”). وتحويل الكذب إلى أداء جماهيري، فهو لا يخجل من أن يناقض نفسه، بل يجعل من هذا التناقض أداة حشد وتعبئة، كأن يقول الشيء وضده في اليوم ذاته. ويسهم في تسليع الغضب عبر خطاب بعيداً كل البعد عن المنطق السياسي وينتمي إلى منطق السوق يروج فيه الغضب كمحتوى، ويحوله إلى طاقة انتخابية. من الناحية الرمزية تتشظى شخصية ترامب بين الطفل الذي يرى صورته لأول مرة في المرآة فيظنها هو، فينقسم إلى “أنا” خيالية تتماهى مع الصورة، و ”أنا” واقعية ناقصة. ومن هنا تبدأ النرجسية الكلية. وهي مرحلة لم يغادرها ترامب يوماً قط. فهو يعيش في عالم الصور (المرآة التلفزيونية، الكاميرات، التغريدات)، ويحول السياسة إلى انعكاس لصورته المرئية، ويقاوم كل من يذكره بالحدود الواقعية لتلك الصورة (القانون، الحقائق، المؤسسات). إنه، في الحقيقة، يرفض الفطام العقلي لأنه لا يحتمل النقد ولا الحدود). ويرفض الفطام النفسي لأنه يحتاج إلى حب الجمهور المستمر بلا توقف. وأخيراً، يرفض الفطام الرمزي لأنه ينكر القانون ويعيد تعريفه وفق ذاته. ومن ثم يصبح تمثيل مكثف لعصر يعيش بدوره حالة نكوص جماعي إلى الطفولة السياسية. إنه ليس انحراف فردي بقدر ما هو مرآة لعالم يعيد اكتشاف لذته في الكذب، ويتعامل مع الحقيقة كما يتعامل الطفل مع اللعبة. شخصية ترامب غنية ومغرية لأهل الاختصاص النفسي حيث يمكن مقاربتها من زوايا متعددة، إلى حد وصفه بأنه متهور، شديد المزاجية، لا يلتزم بالقواعد واللباقة التي يبديها رجال السياسة في العادة، ويعاني من “اضطراب نرجسي”، لا يصلح لأن يكون رئيس دولة بحجم وأهمية الولايات المتحدة. وبمثل هذا وصفه السيناتور تيد كروز بقوله، أثناء الحملة الرئاسية للعام 2016 إن الرئيس ترامب “نرجسي على مستوى لا أعتقد أن هذا البلد قد رآه على الإطلاق من قبل”[9]. وفي السياق ذاته، كانت الطبيبة النفسية “باندي لي” قد اعتبرت، في رسالة نشرتها نيويورك تايمز في نهاية العام 2017 أن هناك ” أكثر من مجرد حالة من عدم الاستقرار النفسي لدى ترامب؛ الذي بدأ يبتعد عن الواقع في تصرفاته، ويمر بحالة من تقلب السلوك؛ الذي لا يمكن التنبؤ به، وأنه بدأ يميل إلى العنف كوسيلة للتأقلم مع هذه الحالة”.[10] فما تشير إليه باندي لي -وكذلك تيد كروز- هو ما كان يسميه كانط "غياب النضج العقلي"، أي انعدام القدرة على توجيه الذات بالعقل لا بالهوى. والنرجسي. وبحسب هذا الفهم، لا يرى العالم إلا بقدر ما يعكس صورته فيه لأنه يعيش داخل دائرة مغلقة من الانفعال الذاتي، حيث لا يكون “الآخر” سوى مرآة لتضخيم الأنا أو تهديدها. لذلك يبدو ترامب دائم الغضب، سريع الإهانة، مهووساً بالتعظيم الذاتي، لأن أي نقد يلامس حدود صورته سوف يفهمه بصفته عدواناً على الكيان نفسه. وبهذا المعنى، فإن اضطرابه النرجسي ليس مجرد خلل نفسي، بل عجز أخلاقي عن الارتفاع إلى مستوى “العقل العمومي” الذي يفترض بأي حاكم أو مسؤول أو شخص "راشد" التمتع به. إنه أسير النظام الخيالي (Imaginary)، في وقت يرفض فيه أيضاً الدخول الكامل في النظام الرمزي (Symbolic)، أي عالم القانون واللغة والمعنى المشترك الملزم للجميع. يتهرب من “الأب الرمزي” (القانون، الدستور، العقل العمومي، اللغة) إلى "الأنا الخيالية" لأنه يريد البقاء أباً وحيداً[11]. بحسب "لاكان" يعبر رفض “الأب الرمزي” عن رفض الخضوع للّغة المشتركة، أي رفض الحقيقة. ووهنا يلتقي ترامب مع “ما بعد الحقيقة” من خلال إزاحة الرمز بالخيال، وإزاحة القانون بالرغبة. وإذن، هو الطفل الذي رفض الفطام. وبالعودة إلى كانط يعني الفطام العقلي التحرر من الوصاية واستخدام العقل بحرية. أما في التحليل الفرويدي، يعني الفطام النفسي الانتقال من اللذة الفورية (الفم، الصورة، الإعجاب) إلى علاقة رمزية ناضجة مع الواقع.(حسب لاكان، يدخل الطفل عالم اللغة حين يعترف بسلطة “الأب الرمزي”، أي القانون والمعنى المشترك.) وهكذا يرفض ترامب الدخول الكامل إلى النظام الرمزي (عالم القانون والمعنى المشترك ... إلخ)؛ لأنه يرفض الاعتراف بسلطة "الأب الرمزي"، فلغته هي لغة الطفل الذي لم يتعلم بعد أن الكلمات ليست أشياء. فمن ناحية، يعيش في النظام الخيالي لذا يظن أنه إذا قال “أنا الأفضل”، فسيصبح كذلك، وإذا صرخ “الانتخابات سرقت”، فستتحول السرقة إلى حقيقة لغوية. ومن ناحية أخرى، لا يرى في الكلمات رموزاً للواقع (أي للقانون أو للالتزام)، بل انعكاسات لصورته وانفعالاته. ومن هنا يأتي عداؤه للمؤسسات مثل القضاء والصحافة والأكاديميا ومجتمع الاستخبارات، لأنها تمثل -جميعها- "الأب الرمزي" الذي يذكّره بأن الكلام لا يخلق الواقع، بل يخضع له. ولهذا، يسعى إلى تفكيك هذه المؤسسات، وتحويل الدولة إلى امتداد لغرائزه التنفيذية، تماماً كما يفعل الطفل حين يعتقد أن العالم كله يجب أن يستجيب لبكائه. قد تشتد هذه الحالة حين ينهار هذا العالم الخيالي ويصبح مهدداً تحت وطأة الواقع، فيلجأ إلى العنف كوسيلة لاستعادة السيطرة. ليس بالضرورة بوصفه تعبيراً عن القوة، ولكنه آلية تأقلم واستماتة طفولية غاضبة يدافع بها عن "لعبته" ليتحول العنف إلى حالة رمزية على نحو ما. عنف لغوي وهجومي وشراسة في الخطاب والقول وغرور وإهانة متواصلة، وتهديد، وإنكار وتحقير للخصم، حتى لو يراه لأول مرة... وغيرها كثير. وهذه جميعها صور مختلفة لاستعادة التوازن الداخلي أمام واقع لا يخضع لرغبته.( كل مؤتمر صحافي، كل تغريدة، كل شتيمة، تعاد الآن كأداء نرجسي يخلط بين الألم والرغبة، بين الحرية والعدوان.) لا تمثل “نرجسية ترامب” حين نترجمها إلى سلوك سياسي خطراً نفسياً فقط، بل خطراً إبستمولوجياً، فهو يعيد تعريف الحقيقة ذاتها وفق مقياس الرغبة، ويحول الخطاب السياسي إلى عرض نرجسي دائم تقاس فيه القرارات بمدى الإعجاب الشعبي دون عقلانيتها. وهنا تتجسد لحظة ما بعد الحقيقة كلياً. فلا فرق بين الصدق والتصديق، ولا بين الواقع والرغبة، ولا بين الحاكم والطفل. إن ترامب، طفل لم يُفطم عن ذاته بعد، يرفض الأب الرمزي (القانون)،وينكر الواقع حين لا يخدم صورته. هو ليس “مجنوناً” بالمعنى السريري، لكنه انعكاس لنرجسية حضارية جماعية، ولمجتمع فقد ثقته في الحقيقة، ووجد في “الطفل الغاضب” تمثيلاً صادقاً لغرائزه المكبوتة. بهذا المعنى، ترامب ليس فقط ظاهرة سياسية، بل مرآة لعصرٍ تهاوى فيه النضج إلى مستوى الأداء، والعقل إلى مستوى الانفعال. فعصر ما بعد الحقيقة لا ينتج "كذبة" فقط، بل نظاماً كاملاً تنال فيه الطفولة السياسية قصب السبق باسم "العفوية"، ويحجر على العقل باسم "النخبوية". لكن هذه البنية الداخلية لا تقتصر على ترامب كفرد، وإنما نراها إنتاج ذاتها على المستوى الجيوسياسي. في الحقيقة ترامب ليس مجرد رئيس في عصر ما بعد الحقيقة، حيث يغدو فيه -والنظام الذي ينتمي إليه ويمثله- فاعلاً في إنتاجها. هو ليس نتاجاً للظاهرة فحسب، بل من مهندسيها ومروجيها. يجمع بين نرجسية فردية وشعبوية واحتقار للمؤسسات، مما جعله الوجه السياسي الأمثل لعصر لم يعد يميز بين الحقيقة والرغبة. ويعيد تعريف الحقيقة كوسيلة للولاء، فمن يصدقه يكون "مؤمن بالحقيقة" ومن يشك فيه فهو "عدو الشعب". .... الهوامش [1]في العام 2016 ، أدرج قاموس أكسفورد مصطلح "ما بعد الحقيقة" بصفته "كلمة العام". وعرفه بأنه "الظروف التي تكون فيها المشاعر الشخصية والمعتقدات الفردية أكثر تأثيراً في تشكيل الرأي العام من الوقائع الموضوعية". https://languages.oup.com/word-of-the-year/2016/ ولا يعني المصطلح يعني بالضرورة "انهيار الحقيقة" أو "عصر الكذب"، وإنما "إزاحة" الحقيقة من مركز السلطة السياسية واستبدالها بالسردية العاطفية والانتماء الهُوياتي. وفي هذا السياق، لا يجري السؤال عن صحة الخبر، ولكن عن مدى تماهيه مع الهُوية الجماعية أو التحيز المسبق للمتلقي. وقد تحوّل الخطاب السياسي، خصوصاً في العصر الرقمي، إلى ساحة لصناعة "الواقع البديل" عبر وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية، حيث يُقاس بالانتشار والتفاعل العاطفي بديلاً عن الدقة. فعصر أو مدرسة “ما بعد الحقيقة” لا يشير، حرفياً، إلى “زمن بلا حقيقة”، لكنه يعني التحول في مركز الثقل من “الوقائع” إلى “المشاعر”. بكلام آخر، لم يعد الرأي العام يتشكل بناءً على الحقائق الموضوعية أو الأدلة، وإنما بناءً على الانفعال والانتماء العاطفي والهُوية. وعندها يجري استبدال الحقيقة بالرواية أو السرد Narrative ، والمصداقية بمدى التماهي العاطفي ( لا وجود معنى للدقة هنا). كما يصبح الخطاب تقنية أداء وجدانية أكثر منه بياناً معرفياً. [2]الخطاب التافه (Bullshit): مصطلح فلسفي صاغه هاري فرانكفورت في كتابه "On Bullshit" (1986)، ويقصد به الخطاب الذي لا يهتم بدرجة صدقه أو كذبه، سواء بسواء، وإنما بمدى فعاليته في التأثير. ومن هنا، يكون الكلام التافه أشداً خطراً من الكذب، لأن الكاذب لا ينفك يعترف بوجود الحقيقة (وينفيها!)، بينما من يقول الهراء، أو ينطق بالتفاهة ينفي الحقيقة ذاتها. للمزيد، راجع، هاري فرانكفورت، في الهراء والتهريج (2022). ترجمة: عفاف علي نعش. بيروت. لبنان: دار المشرق. والكتاب عبارة عن مقالة فلسفية قصيرة وموجزة في حجم كتيب صغير(67 صفحة في طبعته الأصلية) . نشرت لأول مرة في العام 1986 في مجلة (Raritan Review)، لكنها لم تحظ بشهرة واسعة حتى نشرته جامعة برينستون في كتاب مستقل في العام 2005. فنجح نجاحاً هائلاً. ويتضمن الكتاب تحليلاً دقيقاً ومبتكراً لمفهوم "الهراء" بطريقة جذابة ومباشرة. [3]يعرف كانط التنوير بأنه "الخروج من حالة القصور التي نكون قد سببناها لأنفسنا". بينما يكون القصور هو "عدم القدرة على استخدام العقل دون وصاية"، أي الاعتماد على الآخرين في التفكير، فـ" التنوير هو انعتاق المرء من حالة العجز الذاتي. والعجز هو عدم قدرة المرء على استخدام فهمه الخاص دون توجيه الآخر. إذا لم يكن سبب هذه الحالة من عدم النضج الذاتي، هو نقص في ملكة الفهم، فهو بالأحرى، نقص في الشجاعة والاقدام لاستخدامها دون إرشاد الآخر. لذلك، يكون شعار التنوير إذن: تحلّ بالشجاعة لاستخدام عقلك بنفسك." انظر هنا https://hekmah.org وكذلك، إيمانويل كانط: مقالات في التاريخ والسياسة(2022). ترجمة وتقديم فتحي إنقزّو. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. الدوحة [4]لو وضعنا في اعتبارنا مفهوم كانط عن “القصور” من الناحية السياسية، سنرى في ترامب الزعيم الذي يعيد الجماهير إلى الطفولة. إذ يعفيهم من التفكير المعقد، حين يقدم لهم بدائل سهلة، فيخلق لهم أباً صارماً يقول ما يجب أن يقال دون شك. وبذلك، تصبح العلاقة بينه وبين أنصاره علاقة طفل بطفل في دائرة مغلقة من اللذة والغضب، كأن السياسة تحولت عنده إلى ملعب أطفال تدار فيه الانفعالات وتهمل المبادئ. فيري الحرية في كسر القواعد، والشجاعة في صرخة انفعالية دون تفكير أو تعابير وجه مقتضب. [5]يشير مفهوم النكوصRegression عند فرويد العودة إلى سلوكيات مرحلة نمو سابقة (غالباً الطفولة) نتيجة صدمة أو تهديد. ويستخدم كآلية دفاع لتفادي القلق. انظر: سيغموند فرويد، الحلم وتأويله(1980). ترجمة جورج طرابيشي. بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر. ويمكن للشخص الخروج من حالة "القصور العقلي" عندما يستقل عقله عن وصايته، وعند هذا المستوى يرى فرويد أن الطفولة بنية دائمة داخل النفس، لا مرحلة زمنية تزول. فهي مستودع الغرائز، والأنا الأعلى، والخيال البدئي الذي لا يخضع لقوانين الواقع. وهذه العودة (أي النكوص) قد تكون لاشعورية، وتنتج سلوكاً طفولياً عند البالغ مثل الحاجة للإعجاب والغضب المفاجئ والتباهي وإنكار الخطأ ورفض الحدود (تأتي هذا مجتمعة أو متفرقة أو أحادية، حسب الحالة). [6] لا يتعامل ترامب مع الواقع كما هو. ولافت هنا أنه لا ينفك ينكر الواقع غير الملائم له وغير المتوافق معه، فنراه يكذب التقارير الاستخباراتية ونتائج الانتخابات والإحصائيات (إحصاءات وباء كورونا على سبيل المثال)... وغيرها كثير، لأنه يراها تهدد صورته، حتى لو كان هذا تقويضاً للحقيقة، وهذه الصفات هي الأقرب إلى معنى النرجسية الثانوية، كما حددها فرويد، في إعادة توجيه الحب من موضوع خارجي (كالحبيب) إلى الأنا نفسها، غالباً بعد خيبة أمل أو فقدان. وهي تختلف عن النرجسية الأولية (التي تكون في مرحلة الرضاعة)، لكنها تعيد إنتاج شكل من أشكال التمركز حول الذات. راجع: روزين جوزيف بيرلبرج. فرويد قراءة عصرية (2020). ترجمة زياد إبراهيم، مراجعة شيماء طه الريدي. مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة. القاهرة. وهكذا نجد أن ترامب لا يعاني من “قصور عقلي” (فهو براغماتي ذكي في المناورة)، وإنما يعاني من نكوص نفسي إلى مرحلة الطفولة النرجسية. أي أنه يعيش في مستوى نفسي لم يُفصل بعد بين “الأنا” و ”الآخر”، وبين “الرغبة” و ”الواقع”. ولا يرى في العالم إلا امتداداً لصورته. في الواقع يميز فرويد- بما يرصده عن النرجسية والسلطة الأبوية- بين النرجسية الأولية (الطفولية) والثانوية (إعادة توجيه الحب نحو الذات بعد فقدان موضوع خارجي، (للمزيد انظر سيغموند فرويد، الأنا والهو (1982). ترجمة جورج طرابيشي. بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر.). وهنا نرى ترامب يندرج في النمط الثاني: نرجسية ثانوية مفرطة نشأت عن حرمانٍ عاطفي قديم، جرى تعويضه لاحقاً عبر المال والسلطة. يحتاج النرجسي دائماً، حسب فرويد، إلى جمهور يعكس له صورته. وإذن، يعتمد ترامب على “الحشد” كما يعتمد الطفل على مرآة أمه: إذا لم يصفقوا، يشعر بالعدم. وفي ذات الوقت يمارس دور الأب السلطوي البدائي "شيخ العشيرة القبلي" الذي يحتكر الرغبة والسلطة والنساء، ويعاقب من يعارضه. لكنه في العمق ليس أباً قوياً، بل مجرد طفل متضخم في ثياب الأب. وهذه المفارقة، “الأب-الطفل”، تفسر تناقض خطابه بين العظمة والشكوى وبين الغطرسة والشعور بالمظلومية. [7]في لحظة ما بين الحماسة والغرور، وأثناء كيل المديح على بيبي ميليكوفسكي، اتجه ترامب بالقول إلى الرئيس الإسرائيلي، وبخروج واضح عن البروتوكول الدبلوماسي، ليطلب منه العفو عن ميليكوفسكي، الذي يواجه اتهامات بقضايا فساد ورشو.، وتابع يقول: " بالمناسبة، هذا لم يكن في الخطاب، كما تعلمون على الأرجح، ولكني أحب هذا الرجل الواقف هنا". انظر،https://en.amwalalghad.com/trump-goes-off--script--calls-for-pardon-of-embattled-netanyahu/. وقد رأى العديد من المحللين والدبلوماسيين أن هذا التصرف يمثل خرقاً صارخاً للأعراف الدبلوماسية والسياسية الدولية. فمن غير المعتاد أن يتدخل رئيس دولة أجنبية علناً في القضايا القانونية الداخلية لدولة أخرى، لا سيما في قضية حساسة تتعلق برئيس الوزراء نفسه. وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على الطبيعة "الانفعالية الخطابية" و"الخروج عن النص" و"الاعتماد على حدس اللحظة" الذي يميز أسلوب ترامب السياسي، حيث يتجاوز المؤسسات والبروتوكولات الرسمية. باختصار، كان هذا القول في الكنيست حدثاً رمزياً قوياً يؤكد على الأسلوب السياسي غير التقليدي لترامب، والذي يخلط بين العلاقات الشخصية رفيعة المستوى والتدخل في الشؤون القانونية الحساسة. [8]يكفي الإشارة إلى ما ذكرته واشنطن بوست في أحد تقاريرها (https://www.washingtonpost.com/politics/2021/01/24/trumps-false-or-misleading-claims-total-30573-over-four-years/) أن ترامب أطلق خلال ولايته الأولى أكثر من 30 ألف تصريح مضلل أو كاذب (بالضبط 30,573 كذبة، غطت الإحصائية من 20 كانون الثاني 2017 إلى 20 كانون الثاني 2021. بلغ المعدل اليومي لهذه التصريحات حوالي 21 تصريحاً كاذباً أو مضللاً يومياً. https://www.minnpost.com/eric-black-ink/2021/03/fact-checkers-total-for-trumps-presidential-false-or-misleading-claims-30573/#:~:text=D.C.%20Memo%20%7C%20A%20recap%20of,fact%20checks%20of%20Trump s%20statements. [9] انظر، Gambino, L. (2016, March 22). Ted Cruz calls Donald Trump a pathological liar and narcissist . The Guardian. وهنا، https://www.youtube.com/watch?v=Bz44wKKQJh0 وكذلك https://www.bbc.com/news/election-us-2016-37457578 [10]انظر، سلسلة المقالات التي عبرت عن المخاوف من الصحة العقلية لترامب . Mental Health Professionals Warn About Trump https://www.nytimes.com/2017/02/13/opinion/mental-health-professionals-warn-about-trump.html. ومن الواضح أن الحالة تتخطى الوصف السريري لشخصية الرئيس ترامب، لتفتح باباً غنياً لتحليل نفسي–فلسفي يتحرى بنية أعمق تجمع بين الاضطراب النرجسي، والنكوص الطفولي، والتمثيل المسرحي للسلطة. من أهم مظاهر هذه البنية "عدم الاستقرار النفسي" و"تقلب السلوك" بما يشكل خطراً محتملاً. وتجد الإشارة أن هذه المقالات لا سيما تصريحات الدكتورة النفسية الشرعية والخبيرة ضد العنف باندي لي، (تعمل حالياً في برنامج الطب النفسي والقانون في جامعة هارفارد) أثارت جدلاً داخل الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA) بسبب "قاعدة غولدواتر" (Goldwater Rule) التي تمنع الأطباء النفسيون من تشخيص شخصيات عامة لم يقوموا بفحصها شخصياً. ومع ذلك، دافعت لي وزملاؤها عن حقهم في "واجب تحذير" (Duty to Warn) الجمهور إذا شعروا بوجود خطر وشيك على السلامة العامة ناتج عن سلوكيات الرئيس. [11]تعتبر مفاهيم " الأب الرمزي Le Nom du Père " و"النظام الرمزي" و"النظام الخيالي" من المفاهيم المركزية في تحليل لاكان. ولا يعني "الأب الرمزي" الأب البيولوجي قطعاً، وإنما يمثل رموزاً عدة مثل القانون واللغة والمعنى المشترك. أما "النظام الرمزي" فهو عالم القواعد والمعاني المشتركة. في حين يعبر "النظام الخيالي" عن عالم الصور والانعكاسات، حيث لا فصل بين الذات والآخر. ويميز لاكان -بدقة- بين مستويات الأبوة والسلطة، فالأب الرمزي ليس شخصاً حقيقياً، بل هو وظيفة (-function-) أو مبدأ (Principle). ويمثل القوانين والقواعد التي تنظم المجتمع وتفصل الفرد عن حالة الاندماج الكامل مع الأم (المرحلة ما قبل الأوديبية). إنه "القانون" الذي يحافظ على النظام الاجتماعي واللغة والدستور، وهو ما يضع حدوداً للرغبات الجامحة. والشخص السوي نفسياً -في نظر لاكان-هو من يقبل بسلطة هذا الأب الرمزي (قوانين الدولة والمجتمع). أما الأنا الخيالية Le Moi Imaginaire) فهي تعبر عن مستوى الذات المتكونة في مرحلة المرآة (Mirror Stage)، حيث يرى الفرد صورة مثالية لنفسه في الآخر (الأم أو المرآة) ويتوهم اكتمالها وقوتها. في الواقع، "الأنا الخيالية" هي الأنا النرجسية المتضخمة التي تسعى للسيطرة الكلية وتتجاهل القيود التي يفرضها الأب الرمزي. وتتسم بالغرور والعظمة والرغبة في أن تكون هي القانون بذاته، وليس الخضوع للقانون. للمزيد عن مقاربة جاك لاكان انظر، جاك لاكان، الذهانات: الحلقة الدراسية الثالثة (1955-1956). (2006) ترجمة: عبد الهادي الفقير. بيروت: دار التنوير.. وعندما يجري العمل على تحليل الشخصيات القيادية، لا بد من طرح السؤال التالي: هل يخضع هذا القائد لـ "الأب الرمزي" (القانون والدستور) أم أنه يعمل انطلاقاً من "الأنا الخيالية" (رغبته الشخصية في العظمة المطلقة التي لا تحدها قوانين)
#محمود_الصباغ (هاشتاغ)
Mahmoud_Al_Sabbagh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الطوفان وأشياء أخرى (50)
-
عن الطوفان وأشياء أخرى (48)
-
عن الطوفان وأشياء أخرى (49)
-
قراءات في كتاب عصور الرأسمالية الأمريكية : تاريخ الولايات ال
...
-
في معنى أن تكون فلسطينياً: -باراديم- الفعل السياسي والمعنى
-
كيف يصبح الخوف مصنعاً لحكايات -الغولة-
-
أنطولوجيا الخوف في ظل الدولة الأسدية
-
من -الكيانية- إلى -الفلسطينيزم-: تحولات الوعي الفلسطيني بين
...
-
المثقف السمسار والمستعمِر: التبعية والهيمنة
-
ما بعد إيران: صعود نموذج -القوة الوظيفية- وانحسار استراتيجية
...
-
رائحة الحياة الأولى: حكاية الجيوسمين
-
إيران في عمق التداعيات والتحولات الجيوسياسية: هامش تحليلي
-
حدود السلطة على النص
-
العقوبات الاقتصادية على إيران: هندسة جديدة للشرق الأوسط
-
ما بعد الطوفان : تفكك -الهلال الشيعي- والنظام الإقليمي الجدي
...
-
من بلفور إلى ترامب: الدلائل الجوهرية
-
الحصار الأخلاقي: عن عسكرة التفوق اليهودي في إسرائيل
-
عن الطوفان وأشياء أخرى (47)
-
عن الطوفان وأشياء أخرى (46)
-
عن الطوفان وأشياء أخرى (45)
المزيد.....
-
باللغتين الإسبانية والإنجليزية.. أول تصريح لرئيس فنزويلا عن
...
-
سجال لبناني إسرائيلي عقب اجتماع -نادر- لمتابعة الهدنة
-
مقتل 5 فلسطينيين على الأقل وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على
...
-
هل -وثقت- إيران لحظات تدمير الجيش الإسرائيلي مواقع عسكرية عل
...
-
مشاهير عالميون يطالبون إسرائيل بإطلاق سراح القيادي الفلسطيني
...
-
عاجل| مادورو: الاتصال مع الرئيس ترامب يمكن وصفه بالودي والمب
...
-
ترامب: الصوماليون دمّروا أمريكا.. وإلهان عمر -كارثة-
-
كأس ألمانيا.. بايرن يواصل الزحف وشتوتغارت يحافظ على الحلم
-
-تانغو- السياسة.. ترامب يكشف -رغبة- بوتين في إنهاء حرب أوكرا
...
-
-ألفا بوت 2- روبوت ذكي يتعلم من البشر كالأطفال
المزيد.....
-
اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات،
...
/ رياض الشرايطي
-
رواية
/ رانية مرجية
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
-
حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
المزيد.....
|