أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (47)















المزيد.....

عن الطوفان وأشياء أخرى (47)


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 00:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


الاستعمار بالوكالة Surrogate Colonialism
يشير مصطلح "الاستعمار البديل" أو "الاستعمار بالوكالة" إلى أحد الأنماط الاستعمارية التي تهدف إلى احتلال بلد ما بمساعدة طرف محلي أو خارجي كوسيلة لتحقيق أهداف استعمارية دون الحاجة إلى إدارة مباشرة أو احتلال كامل من القوة لاستعمارية وهو ما حدث في فلسطين في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
أصبح استخدام مصطلح "الاستعمار البديل" شائعاً ولم يعد يقتصر على الدراسات الأكاديمية، بل انساح -وبشكل مرن- لتوظيفات مجازية وسياسية متعددة للتوصيف العمومي لأشكال الهيمنة المتنوعة غير المباشرة؛ وعلى وجه الخصوص في سياقات مرحلة "مابعد الاستعمار" التي تلت الحرب العالمية الثانية. وجرى توظيف المصطلح -على سبيل المثال لا الحصر- للإشارة إلى صراعات تصفية الاستعمار في القارة الأفريقية. ومما هو لافت للنظر أن يتحول القادة الوطنين في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية -الذين صاروا حكاماً فيما بعد، إلى شكل من أشكال "الاستعمار البديل -بحكم الأمر الواقع- أو بصوة أعم وأوضح "الاستعمار الداخلي" بسبب تواطئهم الخفي مع الهيمنة الغربية* التي لطالما أعلنوا في مراحل سابقة عدائهم السافر لها
ويرى عالم الاجتماع ران غرينشتين أن الاستيطان الصهيوني في فلسطين واستيطان البيض في جنوب إفريقيا هما أمثلة على الاستعمار البديل، حيث إن معظم المستوطنين في كلا الحالتين لم يأتوا من صفوف القوة الاستعمارية الرئيسية في ذلك الوقت: الإمبراطورية البريطانية في حالة إسرائيل/فلسطين، والإمبراطورية الهولندية، ثم الإمبراطورية البريطانية، في حالة جنوب إفريقيا**.

على الرغم من إلغاء العبودية بعد الحرب الأهلية الأمريكية، استمر نظام الاستغلال العنصري من خلال ما يعرف بجيم كرو (Jim Crow) ونظام "المزارعة" Sharecropping الذي يسمح لمالك الأرض للفلاح أو المزارع بالاستفادة من الأرض مقابل حصة معلومة من المعلوم، شجع هذا النظام المستأجرين على زيادة نشاطهم لتحقيق أكير حجم ممكن من المحصول، وبالتالي حصة كبيرة للمالك؛ بما يضمن بقاء ارتباط الفلاحين في الأرض ويقلل من فرص طردهم منها. في هذا المثال، تم استخدام القوة العاملة السوداء في الجنوب الأمريكي لتحقيق النمو الاقتصادي للولايات الجنوبية، حيث تم إبقاؤهم في حالة من الاعتماد الاقتصادي والاجتماعي من خلال قوانين وسياسات تحد من حقوقهم وحريتهم. هذا يمكن رؤيته كنموذج من الاستعمار البديل حيث تم استغلال الأفارقة الأمريكيين كمصدر اقتصادي ضمن نظام شبه استعماري. في حين عملت السياسات الاستعمارية الاستيطانية في كندا وأستراليا على توظيف المستوطنين الأوربيين البيض لتنفيذ سياسات الاستعمار دون وجود قوة استعمارية مباشرة، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى اقتلاع السكان الأصليين من مواطنهم وتدمير ثقافتهم وتأسيس مجتمعات جديدة وفقًا للمصالح الأوروبية. ولعل ما حدث في الشرق الأوسط انطلاقاً من بداية القرن الماضي ليس بعيداً عن هذه السياسات حين عمدت الدول الاستعمارية على فرض سيطرتها الاقتصادية على الشرق الأوسط (وأفريقيا) بديلاً عن الاحتلال الكامل من خلال دعم أنظمة محلية موالية أو شركات تجارية كبرى تسيطر على الاقتصاد المحلي دون الحاجة لوجود عسكري كثيف ودون تكلفة سياسية وعسكرية إلى حد ما.
وإذن.. من الضروري للغاية، بل ومن الواجب أن نستمر في الإصرار على البعد الاستعماري للصهيونية، وأقصد الاستعمار بمعناه الكولونيالي التاريخي التجريبي و النظري ، وأي مرادف ممكن يخطر على البال في هذه اللحظة أو أي لحظة. إن ركاكة المزاعم بعدم وجود أساس استعماري في قيام إسرائيل هو، بلا ريب، أمر مثير للشفقة فضلاً عن هزالته وإمكانية الدحض الجدلي لمثل هذه المنظومة الأخلاقية المعطوبة ولهذا الخلل القيمي الفاضح .
إن إصرارنا على تسمية إسرائيل كاستعمار "وليس فقط احتلال" هو ما سيحدد أصلاً إن كنا نستحق الحياة ذاتها، وهو إصرار لم ينتجه موقف عصابي رغبوي ارتجالي آني، بل هو موقف عن سابق إصرار و ترصد من باب العناد
لن يعبر نهاية "العدوان" -في فلسطين- كصراع مسلح عن حصول حالة "سلام" بديل له. بل أن كل ما في الأمر اختلاف في مستوى وكثافة هذه الحرب بأي وسيلة. ويرى ميشيل فوكو أنه لا يمكننا الحديث عن "الحرب" بوصفها عملية عسكرية فقط وإنما ينبغي قراءتها باعتبارها علاقات قوة /سلطة وهذا ما يمنح فهمنا لها قوة خطابية وليست تأويلية.. وبناء على ذلك، تكون مقولة “حرب" و "الحرب" غير ذات قيمة بالمعنى المجرد ما لم تترافق مع مفاهيم أخرى كحرب "التحرير" أو الحرب "الأهلية" أو حرب “النجوم".. لأن مثل هذا "التعيين" للحرب يتيح لنا أن نقول "الحرب على غزة" و ليس "في غزة" ؛ فالحرب "على غزة" تكون الحرب معطىً تتحكم فيه علاقة التكافؤ أو عدمه الذي يجسده مفهوم الحرب… أما الحرب "في" غزة فسوف نذهب لها نحو تصورات عن وجود طرفين متكافئين وجيوش منظمة و ميادين قتال وهذا لا ينطبق على الحالة الاستعمارية في فلسطين مما يجعلنا نغرق في "تأويلات" ميتافيزيقية و لا تاريخية.
....
*يذكر في هذا الصدد النقد الذي وجهه "بهارات فيرما Bharat Verma " محرر مجلة الدفاع الهندية للحكومة الصينية التي كانت تنظر إلى باكستان بصفتها امتداد لآلة حربها [ضد الهند] و "مستعمَرة بالوكالة" (للمزيد انظر هنا "If Pakistan Splinters". Indian Defence Review. Retrieved 9 January 2012). والشيء بالشيء يذكر نشير إلى خطاب أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند السابقة في خطاب لها في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في بلغراد عام 1983، حين تماهي بين تعبير "الاستعمار البديل" و"الاستعمار الجديد": "لستُ سوى روح تعاني؛ كمن يشعر بشغف عميق تجاه الحرية، لا أملك إلا الشعور بالقلق من الهيمنة المستمرة، بطرقها وأشكالها الاستعمارية الجديدة شديدة ضراوة؛ لقدرتها على التخفي والغموض مما يجعل التعرف عليها في منتهى الصعوبة. باستثناء بعض الأماكن، حيث تكاد تغيب الهيمنة الأجنبية عن العيان. نعم نحن أحرار في إدارة شؤوننا، ولكن ألا ترونا مكبلين بنوع جديد من "الاستعمار البديل"؟ كيف يمكننا وصف قوة وضغط السيطرة الأحادية على رأس المال؛ حجب التكنولوجيا المتقدمة؛ الاستخدام والاستغلال السياسي للغذاء؛ التلاعب بالمعلومات بطرق دقيقة وسرية تؤثر على العقول والمواقف؟ ألم يحن الوقت بعد كي نتوقف عما يلهينا للتأمل في هذا النوع الجديد من التبعية؟ وبدلاً من الرد الفعلي، ألا ينبغي لنا، نحن الدول النامية، أن نفكر في العمل بمفردنا.. باستقلالية؟"(Gandhi, Shrimati In-dir-a (8 June 1983). "Peace and development”. United Nations Conference on Trade and Development. p. 8. Retrieved 30 August 2016.)
** Anti-Colonial Resistance in South Africa and Israel/Palestine: Identity, Nationalism, and Race (2023)



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الطوفان وأشياء أخرى (46)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (45)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (44)
- The Company You Keep حلم ثورة لم تأتِ
- عن الطوفان وأشياء أخرى (43)
- ثمة مدزرة هنا :الصورة التي نزفت معناها
- عن الطوفان وأشياء أخرى(42)
- -الفلسطينزم- والسؤال الأساس للمثقف
- تاجر البندقية: The Merchant of Venice أو سرديات الغنيمة
- ما بعد إيران... أم ما بعد الخطاب؟
- عن الطوفان وأشياء أخرى (41)
- عنتريات السيادة في العصر الإسرائيلي: لبنان المقاطعجي نموذجاً
- عن الطوفان وأشياء أخرى 40
- عن الطوفان وأشياء أخرى (38)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (39)
- قراءة في كتاب -المملكة الكتابية المنسية-: حين يغمس إسرائيل ف ...
- عن الطوفان واشياء اخرى (37)
- عن الطوفان واشياء أخرى (35)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (35)
- عن الطوفان واشياء أخرى (34)


المزيد.....




- السودان.. مستشار ترامب يوجه رسالة إلى -الدعم السريع- بشأن ال ...
- ليبرمان: نتنياهو كاد أن يفقد أعصابه ويُغمى عليه بعد تصريحات ...
- بتهم تجسس.. استدعاء خصم أردوغان المعتقل إمام أوغلو للتحقيق
- مدينة ميونخ الألمانية تصوت لصالح استضافة الألعاب الأولمبية ا ...
- الفاشر تصارع الحصار والجوع تحت القصف
- مقتل جنديين سوريين بهجوم قرب مدينة الباب شرق حلب
- طبيب لبناني ينقذ طفلا من الموت.. ويعيد وصل رأسه بجسده
- سفينة حربية أميركية ترسو على بعد 10 كيلومترات من فنزويلا
- وفاة الملكة الأم سيريكيت في تايلاند عن 93 سنة
- أميركا والصين تستبقان قمة ترمب- شي بمحادثات تجارية بناءة


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (47)