أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - ما بعد إيران... أم ما بعد الخطاب؟














المزيد.....

ما بعد إيران... أم ما بعد الخطاب؟


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 09:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعاد فشل مجلس الأمن الدولي، اليوم، في تبنّي مشروع قرار لتمديد تعليق العقوبات على إيران فتح النقاش حول موقع طهران في النظام الإقليمي. الحدث، وإن بدا في ظاهره إجراءً دبلوماسياً نحو إعادة فرض العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي.، لكنه يعكس دينامية أعمق تتمثل في إعادة إنتاج إيران كـ"تهديد وظيفي" يخدم مشروع التحالف الأميركي–الإسرائيلي. ومن الواضح أن هذا التحالف لم يعد يكتفي بإضعاف إيران عسكرياً، بل يعمل على إعادة صياغتها -رمزياً- ضمن إطار هذا التهديد بما يخدم إعادة ترتيب الإقليم. إذ تحوّلت إيران من "رمز للثورة" إلى "عامل محفّز للتطبيع"، فكلما زادت عدائية طهران، زادت شهية دول الخليج لبناء تحالفات أمنية مع إسرائيل. وبهذه الطريقة، أصبحت إيران أداة عكسية في مشروع الهيمنة، مما سارع في تآكل فكرة "الممانعة متعددة الأذرع" تدريجياً.
في الحقيقة، لم يكتف التحالف الأمريكي–الإسرائيلي بمواجهة إيران، بل عرّاها. وإن كان لم يسقطها بعد (المقصود هنا النظام)، فقد فرّغها من قدرتها على الإيحاء بالهيبة. وكانت النتيجة، أن إيران ما زالت موجودة، لكنها لم تعد تُخيف. ورغم أن قوتها ما زالت ماثلة، لكن وظيفتها الردعية تآكلت. فقد تبخر الردع الرمزي الذي راكمته طهران منذ العام 1979، في ظرف 12 يوماً فقط، بفعل هندسة قوة معقّدة تبناها تحالف الولايات المتحدة وإسرائيل لنسج حالة ضعف تدريجي بديلاً عن حالة انهيار مفاجئ. قد تدخل المنطقة في فراغ جيواستراتيجي غير محمود وغير مطلوب الآن
وكان لدول الخليج، ( الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص)، دور محوري في تعميق ضعف إيران وتآكل رمزية ردعها، عبر بعض التحولات في الاستراتيجية والتموضع والتحالفات، أسهمت جميعها في إعادة تعريف النظام الإقليمي وتحييد إيران كفاعل مهيمن.
كيف؟
لنتذكر كيف اعتمدت السعودية على منطق "ردع إيران عبر التهدئة الذكية" منذ هجوم أرامكو (2019)، إذ أدركت الرياض أن الردع التقليدي تجاه إيران سيكون شديد الكلفة والعواقب، فضلاً عن عدم جدواه. وبدلاً من التصعيد، اتبعت السعودية استراتيجية امتصاص وتحويل التهديد الإيراني إلى عنصر ضغط على واشنطن، بمعنى " إذا لم تحمنا أمريكا سنبحث عن مسالكنا الخاصة للتهدئة"، هذا المنطق أدى لاحقاً إلى اتفاق بكين (2023) مع إيران، لكن الهدف لم يكن تطبيعاً حقيقياً، بل نزع فتيل التوتر مؤقتاً تمهيداً لإعادة تموضع إقليمي شامل. غير أن الإمارات ذهبت أبعد من ذلك بخطوات فأقدمت على تطبيع علاقتها مع إسرائيل (اتفاق إبراهام 2020) دون انتظار حل للقضية الفلسطينية، أو إذنٍ خليجي جماعي، ولعبت دوراً علنياً في إعادة هندسة تعريف مفهوم "العدو" في المنطقة، بحيث ينتقل هذا التعريف من إسرائيل إلى إيران لتتحول هذه الأخيرة إلى خصم وظيفي عابر للطوائف، وفي ذات الوقت قامت بفتح قنوات خلفية مع طهران، لكنها كانت تعمل في الوقت عينه على تقليص نفوذ إيران في اليمن والقرن الأفريقي وشرق المتوسط.
الفرضية الأساسية هنا، ترى في أن الصراع لم يعد يدور حول مشاريع سياسية أو طائفية، بل صار من طبيعية تنظيمية، فهناك نموذج إيراني فقد زخمه لأنه لم ينجح في إنتاج بنى قابلة للحياة، بينما هناك نموذج ثلاثي ناشئ (إسرائيلي–خليجي–أميركي) يطرح نفسه كبديل براغماتي مستقر، قادر على تنظيم الإقليم مبدئياً ( وإن كان يطمح -في جوهره- إلى السيطرة دون ذكر ذلك علناً أو صراحةً).
وإذن نحن نقف اليوم أمام لحظة تحوّل استراتيجي غير مسبوقة في النظام الإقليمي للشرق الأوسط، لحظة تختلف جذرياً عن لحظات سبقتها سيطرت عليها في ما مضى ظاهرة الانقلابات العسكرية، أو تغيّر الولاءات السياسية. لحظة تحاول إعادة صياغة منطق الهيمنة ذاته، أو تسعى لذلك.
لقد شكّلت إيران، لعقود مديدة، نموذجاً رمزياً لما يُسمى "الردع الثوري"، مستندة إلى ثلاثية الهلال الشيعي وسردية المقاومة، والمشروع النووي. لكن هذا النموذج بدأ يتآكل على مسارين أساسيين: المسار الخارجي تحت ضربات الخصوم، والمسار الداخلي نتيجة فشل الترجمة السياسية والعسكرية لرمزية "الردع الثوري" هذه إلى نتائج استراتيجية. وقد تجلت أولى محاولات الطعن الرمزي في "شرعية المقاومة"عندما وقّعت الإمارات والبحرين اتفاقيات التطبيع (اتفاق إبراهام 2020)، ما جعل من موقف إيران "العدائي" تجاه إسرائيل ينكشف بوصفه مشروعاً غير قادر على تقديم بديل سياسي للمنطقة. فبدت إيران لا هي قادرة على التصدي لإسرائيل ولا هي قادرة على طرح ما هو جذّاب لدول الخليج، الذين وجدوا في البديل الإسرائيلي مشروعاً أكثر جدوى وربحية. وزاد الطين بلّة أن ما تتعرض له إيران حالياً لم يحرك الجماهير العربية- كما كان الأمر في الماضي (بالأساس لم يحركهم ما يجري في غزة فما بالك بإيران)- . بل إن الرد الشعبي جاء هادئاً، ومربكا مؤيداً لما حصل، وهو ما كان ضربة استراتيجية للرمزية الإيرانية.
وكأن هذا الصمت العربي النسبي تجاه التطبيع وتجاه مصير إيران قد تحول إلى استفتاء غير معلن على نهاية المشروع الإيراني.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الطوفان وأشياء أخرى (41)
- عنتريات السيادة في العصر الإسرائيلي: لبنان المقاطعجي نموذجاً
- عن الطوفان وأشياء أخرى 40
- عن الطوفان وأشياء أخرى (38)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (39)
- قراءة في كتاب -المملكة الكتابية المنسية-: حين يغمس إسرائيل ف ...
- عن الطوفان واشياء اخرى (37)
- عن الطوفان واشياء أخرى (35)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (35)
- عن الطوفان واشياء أخرى (34)
- الطوق والأسورة: من الرواية إلى السينما... ميلودراما عجزت عن ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (33)
- -مأساة النرجس، ملهاة الفضة-... عن تجربة بنيوية في ذاكرة شخصي ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (32)
- -شقيقات قريش-: قراءة أنثروبولوجية في سرديات العرب الكبرى
- فاضل الربيعي: رثاء بفكرة مؤجلة (إعادة قراءة)
- قراءة في -دروس الحرب والهزيمة-: عبرة العرب من هزيمتهم
- ستة أقدام بحجم قبر. قصة قصيرة
- عن الطوفان وأشياء أخرى (31)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (30)


المزيد.....




- من الفساتين إلى الإكسسوارات.. مزاد يكشف كنوز مسلسل -داونتون ...
- -ماتشو بيتشو- مُعرَّضة لخطر فقدان -مصداقيتها- كإحدى عجائب ال ...
- فيديو يظهر لحظة إصابة صاروخ روسي هدفًا في أوكرانيا.. شاهد ما ...
- صاروخان أطلقا من غزة باتجاه إسرائيل ولا أنباء عن إصابات
- لقاء مرتقب بين زيلينسكي وترامب.. وملفّي العقوبات ضدّ موسكو و ...
- مصر تتخذ خطوات للحد من الولادات القيصرية غير الضرورية
- لتخفيف الانتقادات التي أثارها قرار الاعتراف بدولة فلسطينية.. ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية تدافع عن العقوبات المقترحة ضد إسرائ ...
- مباشر- بريطانيا والاعتراف بالدولة الفلسطينية: -ذلك لأننا نري ...
- مقاتلات بريطانية تبدأ مهمة دفاع جوي للناتو فوق بولندا


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - ما بعد إيران... أم ما بعد الخطاب؟