أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (43)














المزيد.....

عن الطوفان وأشياء أخرى (43)


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 08:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


-خطاب الحق الإلهي وإعادة تدوير الاستعمار
ألقى مجرم الحرب المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بنيامين ميليكوفسكي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. أراد من خلاله، بالإضافة إلى الاستجداء الدبلوماسي، إعلان الهيمنة المطلقة على الواقع الفلسطيني بتأكيده على استمرارية الحرب حتى استسلام حركة حماس وقبولها شروطه، وطالب قادتها بتسليم أنفسهم وسلاحهم، محذراً من أن أي رفض سيقابل بمواصلة العمليات العسكرية حتى تحقيق أهداف الحرب*. ونقل حربه على الشعب الفلسطيني من حالة استعمار محلي إلى "حرب حضارية شاملة" عندما ربطها بغلاف إقليمي واسع يصل حتى غيران واليمن وربما تركيا، ناهيك عن سوريا ولبنان.
ومع تطور الخطاب، بدا ميليكوفسكي متشنجاً وعنيداً فخاطب الإسرائيليون المحتجزون في غزة مباشرة: "أيها الأبطال، أنا نتنياهو، لم ننسكم ولو للحظة"**، وأعلن عن فتح قنوات استخباراتية لبث خطابه مباشرة عبر هواتف سكان غزة على الطريقة النازية. لم يقتصر الخطاب على القوة والمواجهة مع الخصم (حماس والشعب الفلسطيني)، بل كشف عن أزمة شرعية داخلية وخارجية: فـ" المعارضة الإسرائيلية" انتقدت الخطاب واعتبرته مليئاً بـ"الحيل المستهلكة" ويفتقر لرؤية واضحة لإنهاء الحرب أو تحرير الأسرى. فضلاً عن انسحاب معظم وفود الدول من القاعة.
يكشف الخطاب أن الاستعمار ليس ماضياً منتهياً، بل بنية ذهنية ممتدة، وإن تغيرت أدواته، فاستحال إلى خرائط رقمية بدلاً من خرائط الرحالة والحجاج، وارتدى ثوب الحداثة حين صار يستخدم الطائرات المسيرة بدلاً من السيوف، لكن منطقه ثابت وعقله واحد منذ القرن السادس عشر -وربما قبل ذلك- وحتى اليوم. ذات السيناريو، وذات المزاعم والمبررات: الأرض الفارغة terra nulliusوالتفويض الإلهي ومحو الآخر والتبشير أو المهمة "الحضارية التي تشرعن العنف والقوة. وعرض الحرب كـ "واجب حماية الغرب المتحضر" وخدمة أخلاقية للعالم ضد العدو البدائي. تماماً كما كان الغزو الأوروبي يُغلف استعماره بالدعوة للتعميد ونشر الدين.
يبدو الخطاب لي -كما يبدو ربما لغيري أيضاً- كأنه مشهد من زمن قديم، من قرون الاستعمار الأولى، حين كان الغزاة يصعدون المنابر ليبرروا الإبادة باسم الحضارة. لقد قدّم نفسه ممثلًا للعالم المتمدّن في مواجهة البرابرة، مشبعاً بالثقة المزّفة ولغة التفوق العسكري الذي يساوي، بنظره، الشرعية الأخلاقية. إن أي مراجعة أولية لرسائل ومذكرات وخطابات "غزاة" العالم الجديد الأوائل من كولومبس إلى كورتيس والمبشرين الإسبان في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، سيجد أن الخطاب الإسرائيلي ولد من ذات الرحم الاستعمارية*** . فنحن أمام نسخة مكررة من خطاب القوة، مؤطّر بشعارات الحرب والتفوق الأخلاقي المزعوم. والقطيعة مع أي إطار تفاوضي مستقبلي حين وصف فكرة إقامة دولة فلسطينية بأنها "جنون" لأن جميع الفلسطينيين إرهابيون حيث 90% منهم يدعمون حماس، مما يشكل خطراً وجودياً على "إسرائيل". ولكن الحركة المسرحية الأكثر إثارة في محاولته البصرية عبر (QR code) لخلق "مسرح حربي" داخل قاعة الأمم المتحدة، يحيل إلى موقع عن هجوم طوفان الأقصى.
اختتم الخطاب مستحضراً الوعد الإلهي كدليل على ملكية الأرض، بانفصال غير عقلاني عن الواقع السياسي، فمن يمكنه الجلوس على طاولة "الوعد الإلهي"؟. أي إنسان عاقل يعتقد أنه يمكن لـ "الإله" أن يكون طرف في مفاوضات يمكن محاورته أو التفاهم و التفاوض معه.
....
*للمزيد، انظر،https://www.theguardian.com/world/2025/sep/26/benjamin-netanyahu-un-speech-gaza
**انظر،https://www.timesofisrael.com/full-text-of-netanyahus-speech-we-wont-let-the-world-shove-a-terror-state-down-our-throat/
*** يقول الـ Conquistador هرنان كورتيس في تقريره المسمى Relación de 1520 "لقد فتحنا هذه البلاد باسم المسيح والملك، ومن لا يخضع فإنما يخالف إرادة الرب" بينما يقول بيبي ميليكوفسكي : "هذه البلاد ملك لنا وحدنا بوعد إلهي، ولا مكان لأحد غيرنا فيها". من ناحية أخرى، وفي رسالة كتبها كريستوفر كولومبوس إلى لويس دي سانتانجيل المسؤول في المحكمة الإسبانية في شباط 1493، في رحلة العودة لبعثته الأولى التي أعلن فيها اكتشاف جزر في "جزر الهند". يصف سكان تلك البلاد كما يلي: "هؤلاء الناس بلا دين حقيقي ولا نظام، ويمكن تحويلهم أو القضاء عليهم إن عاندوا" (Columbus, Letter to Luis de Santangel, 1493). ولا يختلف هذا كثيراً عن تصنيف ميليكوفسكي 90% من الفلسطينيين "مؤيدون" لحماس، ويمكن بالتالي تصفيتهم لأنهم يستحقون ذلك.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمة مدزرة هنا :الصورة التي نزفت معناها
- عن الطوفان وأشياء أخرى(42)
- -الفلسطينزم- والسؤال الأساس للمثقف
- تاجر البندقية: The Merchant of Venice أو سرديات الغنيمة
- ما بعد إيران... أم ما بعد الخطاب؟
- عن الطوفان وأشياء أخرى (41)
- عنتريات السيادة في العصر الإسرائيلي: لبنان المقاطعجي نموذجاً
- عن الطوفان وأشياء أخرى 40
- عن الطوفان وأشياء أخرى (38)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (39)
- قراءة في كتاب -المملكة الكتابية المنسية-: حين يغمس إسرائيل ف ...
- عن الطوفان واشياء اخرى (37)
- عن الطوفان واشياء أخرى (35)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (35)
- عن الطوفان واشياء أخرى (34)
- الطوق والأسورة: من الرواية إلى السينما... ميلودراما عجزت عن ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (33)
- -مأساة النرجس، ملهاة الفضة-... عن تجربة بنيوية في ذاكرة شخصي ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (32)
- -شقيقات قريش-: قراءة أنثروبولوجية في سرديات العرب الكبرى


المزيد.....




- ليلة من الأحداث الدامية في حلب.. واتهامات متبادلة بين دمشق و ...
- ألبانيا: مصرع قاض إثر حادثة إطلاق نار داخل المحكمة
- اليمن: الحوثيون يعتقلون تسعة موظفين أمميين وغوتيريس يدعو إلى ...
- أوروبا أصبحت أكبر مناصر لغزة والمستقبل يحتاج خطة
- عاجل | وسائل إعلام إسرائيلية: صفارات الإنذار تدوي في شمال قط ...
- مباحثات شرم الشيخ.. مخاوف حماس و-الخط الأصفر- الإسرائيلي
- -سيري- تحت المجهر.. تحقيق فرنسي جديد ضد شركة -آبل-
- مصر.. مباحثات حماس وإسرائيل تهدف لوضع -إطار زمني- للهدنة
- ترامب: أريد أن أعرف ماذا ستفعل أوكرانيا بصواريخ -توماهوك-؟
- ميركل: دول البلطيق عطلت الحوار مع بوتين قبل حرب أوكرانيا


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (43)