أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - ما بعد إيران: صعود نموذج -القوة الوظيفية- وانحسار استراتيجية -الرمزية الردعية- في الإقليم














المزيد.....

ما بعد إيران: صعود نموذج -القوة الوظيفية- وانحسار استراتيجية -الرمزية الردعية- في الإقليم


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 8519 - 2025 / 11 / 7 - 08:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشهد الإقليم تحولات نوعية في موازين القوى، وفي طبيعة وشكل الفاعلية الجيوسياسية. فما نراه ليس تراجع إيران (ومحورها) وحسب، بل تآكل نموذج بأكمله بُني على تعبئة رمزية مديدة، وتدخل عبر الوكلاء، وخطاب عقائدي كبديل عن الشرعية السياسية والنجاعة العملياتية.
وفي المقابل هناك، ثمة، صعود لقوة "وظيفية" بديلة -ليست بالضرورة قوة عظمى، أو ذات مشروعية شعبية أو أخلاقية،- لكنها فعّالة ومنضبطة وتستجيب للطلب الدولي لتوفير خدمات ملموسة ومعلومات استخباراتية فورية لتضعها في مصلحة القوى العالمية، مثل حماية الممرات الدولية، والمشاركة في المراقبة الإلكترونية، وضمان استقرار أسواق الطاقة.
وقد تحولت هذه "القوة الوظيفية" من دولة "طارئة" إلى "مزوّد خدمات أمنية وجيوسياسية لمن يدفع، وبفضل امتلاكها لترسانة هائلة من التكنولوجيا وشبكات التأثير والنفوذ العابر للحدود، فقد باتت تقاس فعاليتها بقدرتها على لعب دور الوسيط بين واشنطن والخليج وآسيا الوسطى. متجاوزة الحاجة للشرعية أو الرمزية التقليدية
من ناحية أخرى، اعتمدت إيران، منذ ما بعد الثورة، على أجندة عمل ضمن ما يمكن تسميته "الاستراتيجية الرمزية الردعية"، القائمة على إنتاج خطاب "ثوري" رمزي عابر للحدود، واستخدام قوى غير نظامية لتصدير "الثورة"، إلى جانب اللعب على التناقضات الغربية لبناء تحالفات ظرفية، ناهيك عن استثمار "المظلومية التاريخية" للشيعة ضمن البيئة العربية "السنية".
غير أن هذه الأجندة -اقرأها نموذج إن شئت- بدأت بالتفكك عند حدود ثلاث مستويات: التآكل المعنوي للنموذج بحد ذاته، وفقدانه القدرة على الاستمرار بسبب الانهاك الطويل والمتعدد الأبعاد. المستوى الثاني لتفكك النموذج يتعلق بخفوت جاذبية الخطاب "الثوري" الذي بات غير قادر على ترسيخ، بالأحرى إنتاج وإعادة إنتاج شرعية ثورية من أي نوع، بل على العكس أصبح هذا الخطاب مصدر قلق سواء في الداخل الإيراني أم في الخارج، لأسباب عديدة. أما المستوى الثالث فهو ما يمكن تسميته "الإنهاك العملياتي"، نتيجة ارتفاع الكلفة العسكرية والاقتصادية للانتشار عبر الوكلاء، التي أصبحت أعلى من قدرات إيران على تحملها.
إضافة إلى هذه العوامل، دخلت العقوبات الأوروبية، المفعّلة مؤخراً من قبل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، كعامل خارجي حاسم. فالعقوبات لم تعد مجرد قيود مالية، وإنما تحولا إلى أدوات تقيد قدرة إيران على تحويل مواردها لدعم الوكلاء ونشر النفوذ. ولعل تجميد الأصول وحظر التعاملات المصرفية وقيود تصدير التكنولوجيا الحساسة، زادت من حدة الإنهاك الاقتصادي وقلصت قدرة الدولة على دعم أجندتها الرمزية. مما دفع القيادة الإيرانية للتركيز على البقاء الداخلي وإدارة أزمات اقتصادية على حساب نفوذها الرمزي في الخارج.
وفي الوقت ذاته، عززت العقوبات قيمة "القوة الوظيفية" في الإقليم. فقد بات اللاعبون الدوليون والدول الأوروبية يعتمدون على جهات قادرة على تقديم خدمات عملية وموثوقة كما ذكرنا أعلاه.
لقد أدى تآكل أجندة عمل "الثورة" الإيرانية خلال نحو أربعين عاماً إلى انكشاف استراتيجي قاتل لفعالية الردع، قاد إلى ما نراه اليوم من انتقال المعركة إلى قلب النموذج بدلاً من الأطراف عبر هجمات إسرائيلية على الداخل الإيراني. وأسهم الصراع بين هذه الأطراف بتحويل الإقليم إلى "سوق جيوسياسي تنافسي"، ليخفت (أو يتلاشى تماماً) الحديث عن "محور مقاومة" و"محور اعتدال".
لا ينبغي تأطير ما يحدث بـ"أفول إيران" فقط، بل بـأفول اللغة السياسية التي سيطرت على الإقليم منذ العام 1979. ونحن بحاجة- لفهم ما جرى وما سوف يجري- إلى لغة سياسية -استراتيجية جديدة، تعمل على تحليل الأدوار، وتفكك التحالفات، وتسائل "الشرعيات الثورية" الملتصقة بخطاب الممانعة وشيطنة التطبيع، وتستفهم عن معنى الاستقرار المرتبط بالتطبيع المبني على المنفعة قبل الهُوية. والسؤال الأكبر من يتصل بعلاقاته مع العالم؟ وليس من يرفضه دون الاستغناء عنه. فلم يعد اللاعبون يتصارعون على القيم بل على العقود، ومن يوفر الأمن، يحظى بالثقة، ومن يربط نفسه بسلاسل التوريد و القيمة العالمية، يدخل في الحماية الغربية، التي تعيد، بدورها، صياغة هذه القواعد: فهي تحدّ من قدرة اللاعبين التقليديين على استخدام الرمزية كوسيلة للنفوذ، وتعطي، في ذات الوقت فرصاً للجهات الوظيفية لتأكيد أهميتها.
في هذا الجحيم الاستراتيجي، لن ينجو سوى من يتقن فن الترجمة بين المطالب الدولية والاحتياجات المحلية، ويدرك كيف يحوّل النفوذ والقدرة الوظيفية إلى ضمان للبقاء والتأثير.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائحة الحياة الأولى: حكاية الجيوسمين
- إيران في عمق التداعيات والتحولات الجيوسياسية: هامش تحليلي
- حدود السلطة على النص
- العقوبات الاقتصادية على إيران: هندسة جديدة للشرق الأوسط
- ما بعد الطوفان : تفكك -الهلال الشيعي- والنظام الإقليمي الجدي ...
- من بلفور إلى ترامب: الدلائل الجوهرية
- الحصار الأخلاقي: عن عسكرة التفوق اليهودي في إسرائيل
- عن الطوفان وأشياء أخرى (47)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (46)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (45)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (44)
- The Company You Keep حلم ثورة لم تأتِ
- عن الطوفان وأشياء أخرى (43)
- ثمة مدزرة هنا :الصورة التي نزفت معناها
- عن الطوفان وأشياء أخرى(42)
- -الفلسطينزم- والسؤال الأساس للمثقف
- تاجر البندقية: The Merchant of Venice أو سرديات الغنيمة
- ما بعد إيران... أم ما بعد الخطاب؟
- عن الطوفان وأشياء أخرى (41)
- عنتريات السيادة في العصر الإسرائيلي: لبنان المقاطعجي نموذجاً


المزيد.....




- حصريا لـCNN: بريطانيا تعلق التعاون الاستخباراتي مع أمريكا بش ...
- مستوطنون إسرائيليون يشعلون حريقا في بلدة بالضفة الغربية مع ت ...
- الحزب الشعبي الإسباني يعقد أول اجتماع له في مليلية ويقول إنه ...
- إسبانيا: مطالب بمساءلة الحكومة حول -مركزي احتجاز مهاجرين- في ...
- دراسة مموّلة من ألمانيا: الجيش الموريتاني -شديد التسييس- ودو ...
- الشرع في واشنطن.. الغولف بعد السلة؟
- الجيش الإسرائيلي يعتقل مستوطنين بعد هجمات واسعة على قرى فلسط ...
- رئيس كولومبيا: أمرت أجهزة استخبارات إنفاذ القانون بتعليق جمي ...
- حقوقيو تونس يطلقون -صرخة فزع- بعد تعليق نشاط 17 منظمة
- إيران تفكك شبكة تجسس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - ما بعد إيران: صعود نموذج -القوة الوظيفية- وانحسار استراتيجية -الرمزية الردعية- في الإقليم