أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - من -الكيانية- إلى -الفلسطينيزم-: تحولات الوعي الفلسطيني بين عيسى الشعيبي وإياد البرغوثي















المزيد.....


من -الكيانية- إلى -الفلسطينيزم-: تحولات الوعي الفلسطيني بين عيسى الشعيبي وإياد البرغوثي


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 03:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


رأينا كيف صار اليمين المتطرف في إسرائيل يعيد التركيز، مؤخراً، على بعض المقولات الصهيونية القديمة مثل عدم وجود "شعب فلسطيني" ،وأن العرب في فلسطين إنما هم قبائل أتت حديثاً إلى البلاد للعمل بعد "الطفرة" الاقتصادية التي قام بها الرواد الصهاينة".. ولعل اكبر انعكاس لإعادة فرض هذه السردية الجديدة عدم ذكر عبارة "الشعب الفلسطيني" في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في 29 أيلول الماضي.(الفلسطينيون في عقل ترامب مجرد سكان يحتاجون إلى إدارة أمنية/إنسانية، وليس شعب ذو كيان سياسي مستقل، مثلما هي غزة مجرد "رفييرا" وليس وطناً وتاريخاً وذاكرة لشعب، ومن السهل عليه، بالتالي، استبعاد المنظمة والسلطة معاً من معادلة غزة، واستبدالهما بـ "إدارة انتقالية دولية" (تحت وصاية أمريكية – إسرائيلية، فلا سيادة للفلسطينيين؛ بل ستكون غزة تحت إدارة دولية، والضفة في مسار الضم الإسرائيلي، أي إنهاء أي أفق لسيادة فلسطينية مستقبلية، وإعادة الفلسطينيين إلى مربع الانتداب المباشر، بلا سيادة ولا تمثيل وطني. بما يعني قتل الكيانية الفلسطينية وتحويل القضية إلى ملف "إنساني/أمني"، أي محو الهوية السياسية التي صاغتها منظمة التحرير في زمن مضى..)
فهل لا يوجد حقاً " شعب" فلسطيني معترف به سياسياً حتى لو لا يتوفر له إطار جامع يمثله ، أم أن مثل هذا التصور لـ "الكيانية السياسية" يحتاج بالضرورة إلى مؤسسات وطنية- قومية تتجسد اجتماعياً؟
هناك كتاب معروف ومهم لعيسى الشعيبي* يحمل عنوان: "الكيانية الفلسطينية: الوعي الذاتي والتطور المؤسساتي (1947-1977)". صدرت طبعته الأولى عن مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيروت في العام 1979. ويتناول بالتحليل تطور مفهوم "الكيانية الفلسطينية" والوعي الذاتي للشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى التطور المؤسساتي للمنظمات والهيئات الوطنية خلال حقبة زمنية-تاريخية محددة (1947-1977). وتكمن أهمية الكتاب -في حينه.. وحتى في يومنا هذا- بوصفه مرجعاً أساسياً لفهم تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية وتطور الهُوية السياسية الفلسطينية في فترة ما بعد النكبة وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية. وهو، بحق، دراسة كلاسيكية في حقل الدراسات الفلسطينية تستكشف طرق تشكل الوعي بالذات الفلسطينية على المستوى السياسي والمؤسساتي على مدى ثلاثة عقود.
في وقت ظهور الكتاب كان مفهوم "الكيانية الفلسطينية" مرتبطاً بـ "المشروع الوطني التحرري" المتمثل في م ت ف وبرنامجها السياسي المعلن، إلى جانب التركيز على التطور المؤسساتي والوعي الذاتي في مرحلة التأسيس (1947-1977)، بهدف إثبات وجود "شعب" فلسطيني له "كيان سياسي" مستقل وحقوق وطنية، في مواجهة محاولات طمس الهُوية بعد النكبة. وكل هذا في سياق ما قبل حرب 1982 وأوسلو 1993، أي في ذروة الصعود الكياني الفلسطيني، عندما كانت م ت ف الفاعل الرئيس المعترف به دولياً، وكان النضال المسلح والعمل السياسي متوازيين. كان التحدي هو البناء والاعتراف***.
ورغم تطور الهم الفلسطيني بشكل كبير منذ العام 1979، إلا أن كتاب الشعيبي لا يزال يحتفظ بصلة وثيقة ومهمة بالوضع الحالي، خاصة في الجوانب المتعلقة بأسس الهُوية والوعي الفلسطيني. إذ يظل تحليله لمراحل تشكل الوعي الذاتي والهُوية الفلسطينية بعد النكبة حجر الزاوية لفهم من أين أتى هذا الشعب وكيف حافظ على وجوده، فالحاجة إلى هوية جماعية ووعي بالذات هي حاجة مستمرة لا تتغير بتغير الزمن. وإذا كان الهم الرئيس وقت تأليف الكتاب يتمثل في إثبات الوجود إزاء محاولات الطمس، فلا يزال هذا التحدي قائماً اليوم، مع استمرار الاحتلال والاستعمار الاستيطاني، كما أن الحاجة باتت أكثر من ملحة وضرورية وحيوية إلى مؤسسات فعالة وشرعية تمثل الشعب الفلسطيني بأكمله، داخلياً وخارجياً. فالعلاقة هنا هي بين الشعب الفلسطيني كضحية وبين العالم الذي يجب أن يعترف به، وبين الفصائل التي يجب أن تتوحد.
في الحقيقة تناول الشعيبي التجربة الكيانية من منظور فلسطيني شامل جامع بين الداخل والخارج وهذا ما يجعله يكتسب أهمية متجددة اليوم، في ظل الحديث عن "الفلسطينيزم" الذي يحاول ربط كل هذه الشتات والتجارب المختلفة في إطار فكري واحد. لا سيما أن الوضع الفلسطيني والإقليمي وحتى العالمي أصبح أكثر تعقيداً وصار يشمل تحديات داخلية مثل الانقسام وأزمة الشرعية للمؤسسات القائمة، وتأثير النيوليبرالية والتشوهات الاقتصادية. كما ظهرت إيديولوجيات جديدة مثل "الهُوية الإسلامية" المتزايدة، وتغير الأدوات النضالية وتعريف المقاومة والإرهاب وبروز أشكال جديدة من النضال القانوني والإعلامي الدولي. (بالعودة إلى خطة ترامب المذكورة أعلاه نرى كيف يتحول النضال إلى جريمة والمقاومة إلى إرهاب بحكم التعريف الأمريكي للإرهاب، ويطلب من الفصائل التخلي عن السلاح مقابل "عفو"، أي تحويل النضال إلى جريمة).
إن ما كتبه الشعيبي هو بمنزلة الجذور التي لا يمكن الاستغناء عنها، فبينما تغيرت الأغصان وتفرعت التحديات (كما يشير البرغوثي في "الفلسطينيزم" كإيديولوجيا جديدة)، فإن الحاجة إلى الوعي الذاتي وتماسك الهُوية التي وثقها الشعيبي لا تزال هي الأساس الذي يقوم عليه أي مشروع فلسطيني مستقبلي.
يمكن ربط طرح الشعيبي مع طرح د. إياد البرغوثي الجديد (الذي طوره في كتابه الأخير (2025) "من فلسطين إلى الفلسطينيزم – قول في الوعي والمعنى") عبر تتبع مسار تطور الهُوية والوعي الفلسطيني من التأسيس إلى التحول الأيديولوجي. لكنها يتناولان مراحل زمنية مختلفة ويستخدمان مفاهيم متمايزة تعكس تطور الحالة الفلسطينية، ففي الإطار المفاهيمي، يقدم البرغوثي مصطلح "الفلسطينيزم" كـ "إيديولوجيا" (أو "قول في الوعي والمعنى")، بهدف تأطير الهُوية الفلسطينية في إطار فكري شامل يتجاوز الحالة المؤسساتية الضيقة التي قد تكون ترهلت أو انحرفت عن المسار الأصلي. وبالتالي اتجه هذا المصطلح نحو تحول الوعي الفلسطيني من مجرد إثبات الوجود (الكيانية) إلى التعبير عن قضية عابرة للحدود الجغرافية ومستمرة رغم التحديات السياسية القائمة (مثل الانقسام وتراجع عملية السلام).
فالبحث عن، أو السؤال حول، كيفية تشكيل وحماية الهوية الوطنية الفلسطينية. دفعت بالشعيبي لتأمل حال وجهود النخب والمثقفين الأوائل في توفير "وعي وطني"، بينما يستكشف البرغوثي كيف تطورت هذه الهوية إلى إيديولوجيا أكثر عمقاً أو مختلفة في مراجل تالية وفي سياق معاصر مليء بالإحباطات والتحولات، وهذا ما يجعل من كتابه رؤية مستقبلية للوعي الفلسطيني في ظل غياب "الكيان" المستقل المعترف به فعلياً على الأرض، بالتركيز على البعد الثقافي والحضاري والأخلاقي للقضية في مرحلة "الكيانية" التي وصفها الشعيبي، كمحاولة "تحرير الإنسانية" من خلال التجربة الفلسطينية.
وهذا يعني، بطبيعة الحال، مواجهة التحديات، حيث يرى د. برغوثي أن "الفلسطينيزم"**** حاجة ضرورية للوقوف في وجه تحديات العصر الجديد، بما في ذلك "هوس التطبيع" و"الكسر الحضاري" الذي تمارسه القوى المضادة، ويكون المصطلح بهذا المعنى حلقة تأسيس جديدة لمنظمة أخلاق أممية إنسانية.
فإذا كان ظهور مفهوم "الكيانية" يمثل حقيقة سياسية تنقلنا من الوجود إلى المعنى، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياق الإقليمي وبالصراع المباشر في السبعينيات، فإن "الفلسطينيزم" مصطلح أكثر شمولية، راهناً، بتفاعله مع حركات عالمية أخرى مناهضة للعنصرية والاستعمار، كما يسعى إلى بلورة "معنى" جديد لهذا الوجود، وتحويل فلسطين من مجرد قضية سياسية إلى رمز وقضية إنسانية عالمية عابرة للحدود.
غير أن كتاب "الفلسطينيزم" ليس مجرد تكملة لكتاب "الكيانية"؛ هكذا ببساطة، وإنما هو يشكل، أو على نحو أدق، يراد له أن يشكل قطيعة مفاهيمية ومنهجية مع مقاربة الشعيبي، رغم أن كلا الكتابين يشتركان في تناول الهُوية والوعي الفلسطيني. ويمكن القول إن هاجس البرغوثي يختلف اختلافاً جوهرياً عن هاجس الشعيبي، متأثراً بخلفيته الأكاديمية في علم الاجتماع السياسي والسياق التاريخي المتغير، ففي حين يرى الشعيبي أن إثبات الوجود والبناء يأتي من توثيق الكيفية التي استعاد بها الشعب الفلسطيني وعيه بذاته كـ "كيان" سياسي وقومي مستقل بعد النكبة، في مواجهة محاولات الطمس الإسرائيلية والعربية. وهذا ما جعله يرمز أساساً إلى البعد المؤسساتي والسياسي، وكيف تطورت منظمة التحرير الفلسطينية كـ "ممثل شرعي ووحيد".
لقد كان هاجس الشعيبي هاجساً تاريخياً توثيقياً لعملية التأسيس بطريقة التوثيق التاريخي والصحافة السياسية. بينما كان هاجس البرغوثي يتركز في التأسيس الإيديولوجي والمواجهة الشاملة للانتقال من مفهوم "الكيانية" (المرتبط بالدولة والحدود والمؤسسات القائمة) إلى مفهوم "الفلسطينيزم" بوصفها إيديولوجيا شاملة و "مانيفيستو" ثقافي وحضاري. عبر أدوات تحليلية أشد وضوحاً وعمقاً وتستند إلى مقاربات الاجتماع السياسي، فهو لا يوثق الأحداث بقدر ما يفكك البنى الفكرية ويسعى لإعادة تعريف "المعنى" الفلسطيني في سياق عالمي. وتسمح له هذه المقاربة بالنظر في تحولات الوعي في ظل العولمة وتراجع الدولة القومية التقليدية، ووضع "الفلسطينيزم" كـ "نسق حضاري معرفي".
يتجاوز البرغوثي نقدياً أطروحات الشعيبي، فيرى أن مرحلة "الكيانية" قد انتهت أو وصلت إلى طريق مسدود، أو في أحسن الأحوال أدت دورها، وأن هناك حاجة ملحة لـ "إيديولوجيا" جديدة (الفلسطينيزم) تحمي الهُوية وتستمر في النضال في عالم ما بعد أوسلو والانقسام. وهو، بهذا المعنى، لا يكمل مسار الشعيبي، بل يطرح إطاراً فكرياً جديداً ومختلفاً جذرياً لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
وفي مستوى أعمق قليلاً تكون القطيعة بين الكتابين : "الكيانية" و "الفلسطينيزم" واضحة حين تمس الجوهر (أي الهاجس) لأن الأول يبحث عن "الوجود" والثاني يبحث عن "المعنى" الجديد، وهي قطيعة في المنهج لأن الأول تاريخي توثيقي والثاني سوسيولوجي إيديولوجي، مما سيؤدي حكماً افتراق في النتائج ورسم مسارين مختلفين تماماً للتفكير في القضية الفلسطينية.
أما على صعيد الفكر السياسي الفلسطيني العام، فيمثل كتاب الشعيبي (الكيانية) ذروة مرحلة الفكر القومي العربي الفلسطيني ما بعد النكبة، ويعكس حقبة النضال المسلح والدبلوماسي التقليدي حيث كان التركيز على الوحدة والتحرر الوطني بصفته جزءً من "المشروع الوطني التحرري" التقليدي. بينما يمثل كتاب البرغوثي (الفلسطينيزم) مرحلة نقدية متقدمة تعكس حالة الإحباط من نتائج المسار السياسي ما بعد أوسلو، وتراجع دور المؤسسات، وصعود الحاجة إلى خطاب جديد يتجاوز القومية الضيقة ويرتبط بالمنظومة العالمية لحقوق الإنسان والنضالات المشتركة التي تعكس حقبة جديدة من النضال تعتمد على القوة الناعمة، وحركة المقاطعة الدولية (BDS)، والضغط القانوني والإعلامي، وتشكيل رأي عام عالمي عبر "إيديولوجيا" أخلاقية وحضارية.
ولا ينبغي أن يغيب عن بالنا السياق التاريخي للإنتاج المعرفي لكلا الكتابين، فقد صدر كتاب الشعيبي في بيروت ( 1979)، في قلب الفعل الفلسطيني وفي ذروة العمل الثوري. وكان هدفه إثبات شرعية م ت ف كـ "ممثل شرعي ووحيد" للعالم. بينما ظهر كتاب البرغوثي في سياق عالمي متغير جذرياً (2025)، بعد أحداث غزة الكبرى (لا سيما طوفان الأقصى منذ السابع من تشرين الأول 2023 وحتى الآن)، وتصاعد الدعم العالمي للقضية من القواعد الشعبية في الغرب، مما يعطي "الفلسطينيزم" بعداً عالمياً آنياً.
....
*عيسى الشعيبي، كاتب وصحفي أردني-فلسطيني عمل في مركز الأبحاث الفلسطيني مع شخصيات فكرية بارزة مثل محمود درويش وصبري جريس. امتدت مسيرته المهنية لنحو خمسة عقود في مجالات الصحافة والبحث. عمل في عدة صحف ومؤسسات إعلامية وبحثية فلسطينية وأردنية وعربية بارزة. برز نشاطه الكتابي والتأليفي في الشؤون الفلسطينية والعربية ويعد كتابه "الكيانية الفلسطينية: الوعي الذاتي والتطور المؤسساتي (1947-1977)"، من أهم أعماله وهو مرجع أساسي في دراسات الهوية الفلسطينية. من المفارقات أن الشعيبي رحل عن عالمنا في كانون الثاني 2025 قبل أن تكتحل عيناه بالاطلاع على كتاب د. إياد البرغوثي، الذي صدر في وقت لاحق من العام الحالي بعد وفاة الشعيبي بأشهر قليلة
*** سوف نرى نقيض المحدد الزمني الذي أتى به كتاب البرغوثي (ما بعد هزيمة بيروت، ما بعد أوسلو، ما بعد طوفان الأقصى)، وهي سياقات شهدت؛ وتشهد تراجعاً في المشروع الوطني وفق الأطر السياسية التقليدية، وجموداً تنظيمياً، وانقساماً داخلياً. ومن هنا أتى كتاب "الفلسطينيزم" ليكون- ربما-رافعة أو محاولة لإعادة تعريف أو إنقاذ الهُوية والوعي الفلسطينيين في ظل هذه التحديات، وربما نداً لـ "الصهيونية" كأيديولوجيا مضادة ومواجهة. والتركيز على التحول من البناء إلى الفكر في زمن الأزمة وانتقال الهاجس من إثبات الوجود عند الشعيبي إلى تحرير المعنى عند البرغوثي. وسنرى أيضاً كيف أن كتاب البرغوثي يبرز الجوهر المترابط للأفكار والاختلاف الجذري بين الكتابين لدرجة القطع مع "كيانية" الشعيبي سواء من حيث الاختلاف في المنهج والأدوات أو من حيث مسيرة أو رحلة الوعي الفلسطيني من بيروت إلى العالمية وما لهذا الرحلة من أبعاد جغرافية وزمنية
**** صدر كتاب "من فلسطين إلى الفلسطينيزم – قول في الوعي والمعنى" للدكتور إياد البرغوثي (متخصص في علم الاجتماع السياسي) في منتصف العام الجاري (2025) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت. ويتناول فيه المؤلف أطاريح فكرية ذات طابع جذري لجهة إعادة تعريف الهوية والقضية الفلسطينية في سياق عالمي متغير، بالتركيز على الانتقال من مفهوم "فلسطين" ككيان جغرافي وسياسي تقليدي إلى مفهوم "الفلسطينيزم" Palestinianism بوصفها إيديولوجيا ونسق حضاري ومعرفي شامل. وحسب كتالوغ تعريف الكتاب على المواقع الإلكترونية المتخصصة يسعى الكتاب إلى مواجهة الحركة الصهيونية ومشروعها الاستعماري في فلسطين من خلال طرح مقاربة -أو مبادرة- فكرية وأخلاقية تمثل الهدف الأساسي من تأليف الكتاب وتحرير الوعي الفلسطيني من محاولات اختزاله في مسارات سياسية وذرائعية ضيقة الأفق والمصلحة (مثل عملية السلام أو الانقسام الفلسطيني الداخلي) وربط التجربة الفلسطينية بقضايا إنسانية عالمية أوسع، مثل مناهضة الاستعمار والعنصرية والظلم. ومن هنا يكون "الفلسطينيزم" إطاراً يمكنه التفاعل المتبادل مع الحركات التحررية الأخرى في العالم. وتأسيس منظومة أخلاقية أممية إنسانية تجسد الصمود والتحدي والوفاء للمبادئ.
وبالنظر إلى الخلفية الأكاديمية للمؤلف، فقد استخدم الكتاب أدوات تحليلية عميقة تتجاوز السرد التاريخي أو التحليل السياسي التقليدي. بتركيزه على التحليل السوسيولوجي في تفكيك البنى الفكرية والثقافية. إلى جانب المبادئ والأسس الأخلاقية والقانونية المستندة إلى شرعة حقوق الإنسان والقوانين الدولية الأخرى. كما يؤكد على البعد الحضاري والثقافي للهوية الفلسطينية باعتبارها نسق حضاري محلي متجذر.
حظي الكتاب باهتمام نقدي كبير وفوري في الأوساط الثقافية والفكرية الفلسطينية والعربية، ونظر البعض إليه على أنه "مانيفيستو" جديد للفكر الفلسطيني المعاصر- وليس مجرد دراسة أكاديمية تقليدية - ومحاولة جادة لإعادة تنشيط الوعي الفلسطيني وإعطائه "معنى" جديداً في مرحلة تاريخية صعبة، من خلال رؤيته لمستقبل النضال التي تعتمد على القوة الفكرية والأخلاقية أكثر من الاعتماد الكلي على المؤسسات السياسية التقليدية التي أثبتت حدودها. علماً أن المفهوم الجديد "الفلسطينيزم" أثار نقاشات حول جدوى إطلاق مصطلح جديد مقابل "الصهيونية"، وما إذا كان ذلك سيسهم في انتصار الإيديولوجيا أو تقعرها (تعمقها أو تعقيدها).
......
المصادر:
1.تأملات في كتاب "من فلسطين إلى الفلسطينزم – قول في الوعي والمعنى" للدكتور إياد البرغوثي
https://alittihad.info/%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A/
2.حين تتحول فلسطين إلى معنى.. قراءة في مانيفيستو إياد البرغوثي الجديد
https://alsiasi.com/%D8%AD%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B9%D9%86%D9%89-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%A7%D9%86/
3.من فلسطين إلى الفلسطينزم: نحو تحرير الإنسانيّة
https://diffah.alaraby.co.uk/diffah/books/2025/8/15/%D9%85%D9%86-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%B2%D9%85-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9#:~:text=%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D9%84%D9%91%D9%8A%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B7%D8%A4%20*%20%D8%B9%D9%86%D9%88%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8:,%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B9%D9%8A%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%86%D9%89%20*%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%84%D9%81:%20%D8%A5%D9%8A%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%BA%D9%88%D8%AB%D9%8A
4.مراحل تشكل وعي الهوية عند الفلسطينيين
https://www.prc.ps/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%84-%D9%88%D8%B9%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86/#:~:text=%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84%20%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%84%20%D9%88%D8%B9%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A9%20%D8%B9%D9%86%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86
5.الهوية الفلسطينية المستقبلية
https://badil.org/ar/publications/haq-al-awda/issues/items/3467.html
6.الجامعات الإسرائيلية تواجه مقاطعة أكاديمية غير مسبوقة في أعقاب الحرب على غزة
https://see-edu.news/2025/10/06/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B7%D8%B9%D8%A9-%D8%A3%D9%83/



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف السمسار والمستعمِر: التبعية والهيمنة
- ما بعد إيران: صعود نموذج -القوة الوظيفية- وانحسار استراتيجية ...
- رائحة الحياة الأولى: حكاية الجيوسمين
- إيران في عمق التداعيات والتحولات الجيوسياسية: هامش تحليلي
- حدود السلطة على النص
- العقوبات الاقتصادية على إيران: هندسة جديدة للشرق الأوسط
- ما بعد الطوفان : تفكك -الهلال الشيعي- والنظام الإقليمي الجدي ...
- من بلفور إلى ترامب: الدلائل الجوهرية
- الحصار الأخلاقي: عن عسكرة التفوق اليهودي في إسرائيل
- عن الطوفان وأشياء أخرى (47)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (46)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (45)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (44)
- The Company You Keep حلم ثورة لم تأتِ
- عن الطوفان وأشياء أخرى (43)
- ثمة مدزرة هنا :الصورة التي نزفت معناها
- عن الطوفان وأشياء أخرى(42)
- -الفلسطينزم- والسؤال الأساس للمثقف
- تاجر البندقية: The Merchant of Venice أو سرديات الغنيمة
- ما بعد إيران... أم ما بعد الخطاب؟


المزيد.....




- السودان- مفوض أممي: الفاشر تشهد فظائع مروعة والأطفال يموتون ...
- الكنيست يقر القراءة الأولى لمشروع قانون يُجيز إغلاق وسائل ال ...
- إسبانيا: تعرّض ضابطيْ شرطة لضربٍ وحشي أدّى لكسرٍ في الأسنان ...
- تقرير أممي: 70 ألف شخص نزحوا يوميا العقد الماضي بسبب الكوارث ...
- أمنستي تدعو نيجيريا لتبرئة 9 نشطاء أعدمتهم قبل 30 عاما
- سوريا توقع إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي ضد تنظيم الدو ...
- أول تصريح لترامب عن أحمد الشرع بعد لقاء البيت الأبيض
- من الفراعنة إلى الذكاء الاصطناعي، كيف تطورت الكوميكس المصرية ...
- -نعمل مع تل أبيب على التفاهم مع دمشق-.. ترامب: نريد سوريا نا ...
- لقاء تاريخي بواشنطن .. ترامب يستقبل الشرع وسط تحولات سياسية ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - من -الكيانية- إلى -الفلسطينيزم-: تحولات الوعي الفلسطيني بين عيسى الشعيبي وإياد البرغوثي