عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 15:42
المحور:
الادب والفن
هكذا هي الحياة يا صديقي… تُمسك بأطراف الأشياء كمن يحاول إيقاف الريح بيدٍ واحدة. كل جميل يلمع في لحظة ثم يمضي، وكل ماضٍ يلوّح لنا من بعيد ولا يملك الشجاعة ليعود. ليس لأن الماضي قاسٍ، بل لأنه يعرف أن الزمن لا يسمح له بخطوة واحدة باتجاهنا.
لا جميل يبقى… لأن الجمال ابن اللحظة، يولد حين نكون مهيئين لاستقباله. قد يأتي على هيئة نظرة، صوت، رائحة، أو طريقٍ مررنا به ذات صباح. لكنه لا يقيم طويلاً، كأن مهمته أن يربّت على أكتافنا ثم يختفي، تاركًا في القلب علامة، أشبه بجرحٍ صغير لا نريد له أن يلتئم لأننا نخشى أن ننسى. والإنسان ـ بطبيعته ـ يخاف النسيان أكثر مما يخاف الخسارة.
ولا ماضٍ يعود… لأن الماضي نهرٌ جرى وانتهى، وما من يدٍ ستعيد مياهه إلى منبعه. نتذكره، نعم. نتمسك بصوره، نعيد تدويره داخل رؤوسنا وكأنه فيلم لا نريد أن ينتهي. لكن حين نمد أيدينا له، لا نجد سوى الهواء. الماضي لا يرجع لأنه تغيّر، ولأننا نحن أيضًا تغيّرنا، ولأن العودة تتطلب أن يتوقف الزمن عن الجريان، وهذا شيء لا يفعله الزمن لأحد.
لكن ما يوجع في الحقيقة ليس ذهاب الجميل ولا رحيل الماضي؛ الوجع الحقيقي هو أننا نظن أن الجمال مستودع يمكن أن يُفتح في أي وقت، وأن الماضي باب يمكن أن يفتح إذا طرقناه بإلحاح. فنظل نجهد أرواحنا ونرهق قلوبنا بمحاولات لا تنتهي، ونغفل عن شيء بسيط: أن الحياة لا تُعطينا ما مضى، لكنها تمنحنا ما هو قادر على أن يكون أجمل، لو أننا تركنا يدنا فارغة قليلاً.
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟