أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - يحي عباسي بن أحمد - مستقبل الكيان بين التوراة والقرآن: قراءة تحليلية في البنية النبوئية والجدل السياسي–الديني















المزيد.....

مستقبل الكيان بين التوراة والقرآن: قراءة تحليلية في البنية النبوئية والجدل السياسي–الديني


يحي عباسي بن أحمد
كاتب

(Abassi Yahia Ben Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 22:12
المحور: قضايا ثقافية
    


الملخص
تسعى هذه الدراسة إلى تحليل مستقبل “الكيان الصهيوني” من منظورٍ مقارن بين النصوص التوراتية والقرآن، بالاعتماد على منهج نقدي يجمع بين التحليل التاريخي، وتفكيك الخطاب الديني، والبحث في البنية النبوئية ودورها في تشكيل الوعي السياسي اليهودي والإسلامي.
وتبدأ الدراسة بتحديد مفهوم “نبوءة النهاية” في المخيال اليهودي وعلاقته بنشوء الفكرة الصهيونية الحديثة، ثم تقارن بينه وبين التصور القرآني لمصير الظلم والاستكبار، ومفهوم الأرض والوراثة، وسنن الصراع بين الحق والباطل.
وتخلص إلى أن مستقبل الكيان لا يتحدد عبر قراءة غيبية مجردة، بل عبر فهم العلاقة بين النصوص المؤسسة والبنى التاريخية والسياسية للصراع، وأن القرآن يقدم رؤية سننية مفتوحة تحكمها العدالة والفاعلية الإنسانية، بينما تعتمد التوراة—بنسختها المتداولة اليوم—على بنى أسطورية تم توظيفها سياسياً لتبرير مشروع استعماري.
الكلمات المفتاحية: الصهيونية، النبوءات التوراتية، القرآن، فلسطين، مستقبل الكيان، اليهودية السياسية، السنن الإلهية، الخطاب الديني.

المقدمة المنهجية
يمثل الصراع على أرض فلسطين واحدًا من أعقد ميادين التداخل بين السياسي والديني في التاريخ المعاصر. ولئن كان ظهور الحركة الصهيونية في القرن التاسع عشر ظاهرة سياسية في أصلها، فإنّها سرعان ما وظّفت النصوص الدينية —وخاصة نبوءات التوراة— باعتبارها إطارًا شرعيًا لتأسيس مشروعها.
في المقابل، ظلّ المسلمون ينظرون إلى القضية عبر عدسة قرآنية تحدد طبيعة العلاقة بين الظلم والسنن الإلهية، وبين الإنسان والأرض، مع تركيز واضح على حرية الاختيار ومسؤولية الأمة.
من هنا تنشأ الإشكالية المركزية لهذا البحث:
إشكالية الدراسة:
ما الذي تقوله التوراة وما الذي يقوله القرآن عن مستقبل الكيان؟ وكيف أسهمت النصوص المؤسسة في تشكيل الوعي السياسي لدى الطرفين؟
أسئلة البحث:
1. كيف تُقرأ النبوءات التوراتية التي تعتمد عليها الصهيونية السياسية؟
2. ما هو التصوّر القرآني لمصير الظلم والكيانات القائمة على الاستعلاء؟
3. هل تقدّم النصوص المقدسة “مستقبلًا مغلقًا” أم أنّها تفتح المجال للسنن التاريخية والفاعلية البشرية؟
4. كيف أثّر توظيف النصوص على الوعي السياسي للغرب، ولليهود، وللمسلمين؟
منهج الدراسة:
يعتمد البحث على منهج مركّب:
• التحليل النصي المقارن بين التوراة والقرآن.
• المنهج التاريخي لتتبع توظيف النبوءات في الخطاب الصهيوني.
• منهج تحليل الخطاب لتفكيك البنية الأسطورية للنبوءة مقابل الرؤية السننية القرآنية.

أولاً: البنية النبوئية في التوراة ودلالاتها السياسية
1. مركزية “العهد” و“الاختيار الإلهي”
ترتكز الصهيونية على فكرة أن بني إسرائيل “شعب مختار” وأن الأرض “وعدٌ إلهي” ثابت .
غير أنّ الدراسات النقدية للنص العبري تُظهر أن نصوص “الوعد” مشروطة بطاعة الشريعة وليس امتيازًا مطلقًا.
2. نبوءات العودة وبناء الهيكل
تمثل نبوءات العودة إحدى ركائز الخطاب السياسي الصهيوني، وخاصة:
• نبوءة حزقيال 37 حول “العظام اليابسة”.
• نبوءة أشعيا عن “عودة البقية”.
• نبوءة زكريا عن “القدس الأخيرة”.
وقد جرى تحويل هذه النصوص من خطاب ديني أخلاقي إلى برنامج سياسي .
3. من نبوءة دينية إلى مشروع استعماري
بريطانيا في القرن التاسع عشر تبنّت هذه القراءة، واعتبرتها جزءًا من تصوّرها الإمبراطوري .
وهكذا تحوّلت النبوءة إلى أداة تعبئة سياسية–استعمارية.

ثانيًا: الرؤية القرآنية لمستقبل الظلم والكيان
1. معيار القرآن: ليس “النسب” بل “العمل”
يقرر القرآن أن العلاقة بين الإنسان والأرض ليست قومية ولا عرقية:
{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} (القصص: 83).
2. وراثة الأرض مشروطة بالعدل
القرآن لا يعطي “وعدًا ثابتًا” لقوم معيّنين، بل يجعل وراثة الأرض مرتبطة بالعدل والإصلاح:
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ… أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (الأنبياء: 105) .
3. مصير الكيانات القائمة على الاستكبار
{فَقُطِعَ دَابِرُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} (الأنعام: 45)
هذه قاعدة سننية: لا ينهار الظلم “غيبياً”، بل عبر استنفاد شروط بقائه.
4. نهاية الاستعلاء لا نهاية قوم
القرآن لا يقرر “نهاية اليهود”، بل نهاية الظلم:
{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ…} (البقرة: 217).
هذه الآيات سياسية–سننية، لا عرقية.

ثالثًا: مقارنة منهجية بين النصّين
المحور التوراة وفق القراءة الصهيونية التوراة وفق القراءة الصهيونية
طبيعة الوعد طبيعة الوعد أخلاقي–سنني
أخلاقي–سنني يُحسم بالنبوءة يُحسم بالعدل والعمل
يُحسم بالعدل والعمل حتمية قومية مفتوحة على الفعل الإنساني
دور الإنسان دور الإنسان دور الإنسان

رابعًا: قراءة في مستقبل الكيان
1. هشاشة الدولة القائمة على الأسطورة
الكيانات المؤسسة على ميثولوجيا لا تصمد أمام الواقع الديمغرافي والسياسي .
2. فشل تحويل النبوءة إلى “مشروع دائم”
التاريخ يبين أن النبوءات حين تصبح مشروعا سياسيا تتحول من “وعد سماوي” إلى “أزمة واقعية”.
3. الرؤية السننية:
مستقبل الكيان يتحدد وفق ثلاثة عناصر:
• العدل التاريخي (تحوّل ميزان القوة الأخلاقي).
• الفاعلية العربية والإسلامية سياسية/حضارية.
• تآكل الأسطورة المؤسسة مع تحوّل المجتمع اليهودي نفسه.

الخاتمة
لا يحتكر أي نصٍّ المستقبل، بل يُفتح المجال أمام السنن التي تربط بين الظلم وزواله، وبين الفعل الإنساني ومسارات التاريخ.
وتظهر المقارنة أن القرآن يقدم تصورًا واقعيًا–تاريخيًا للصراع، بينما تعتمد القراءة الصهيونية للتوراة على خطاب أسطوري تحول إلى مشروع سياسي.
وبذلك يكون مستقبل الكيان مرتبطًا لا بالنبوءات، بل بالعدالة والفاعلية والتحولات الحضارية.

.



#يحي_عباسي_بن_أحمد (هاشتاغ)       Abassi_Yahia_Ben_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبوءة بين التفسير الإسلامي واليهودي — بنية المعنى ووظيفة ا ...
- إسرائيل في الشرق الأوسط: بين الوظيفة الاستراتيجية والبعد الع ...
- مقاومة التغريب عند مالك بن نبي: بين فرنسا والهوية
- عبادة الزعيم وخيانة الوعي: قراءة في أثر زعماء العاطفة على ال ...
- تيه المثقف بين إرادة السلطة وإرادة الجمهور قراءة في الانحياز ...
- السياسي المثقف والمثقف السياسي: بين الفكر والسلطة والوعي
- فلسطين: المشكلة أم المرآة؟ إعادة التفكير في مركزية القضية دا ...
- المسألة اليهودية عند مالك بن نبي: قراءة تحليلية أكاديمية
- العفن كآلية داخلية لتراجع المجتمعات – قراءة تحليلية في فكر م ...
- الخلاف الفكري بين مالك بن نبي وجمعية العلماء المسلمين الجزائ ...
- سيد قطب ومالك بن نبي: مقارنة موسعة بين الفكر والإيديولوجيا و ...
- العلمانية والتطرف: جدلية الردود المتبادلة ونقاط الالتقاء مع ...
- التوتر بين المطلق والتأويل قراءة في جدلية النص الإلهي والعقل ...
- الأسس المحورية في فكر مالك بن نبي وإعادة توجيه العقل العربي ...
- من الثورة إلى التوريث: الشرعية التاريخية في الجزائر بين الذا ...
- التأويل بين مالك بن نبي ومحمد أركون
- من الدين إلى الوعي: إعادة بناء الخطاب الإيماني المعاصر
- الدين والسياسة في الجزائر: من التقديس إلى التوظيف
- المثقف الجزائري بين الإيمان والنقد
- سلطة الدولة وسلطة المجتمع: من احتواء الفكر إلى تسطيحه


المزيد.....




- صوت عبير نعمة يستقبل البابا لاون في القداس الذي ترأسه ببيروت ...
- بوتين مُحذرًا: روسيا مُستعدة إذا أرادت أوروبا الحرب
- تقرير رسمي يكشف تراجع تسجيل عقود التصادق في مصر.. ما علاقته ...
- تسرب -سام مدمر- في زامبيا يختبر قدرة الدول الأفريقية على الص ...
- جيش خامنئي -الأمريكي- يتحرّك.. والهدف: -إنقاذ النظام الإيران ...
- تفشي التطرف بين القاصرين.. تهديد يتصاعد في ألمانيا
- بوتين يتوعد أوروبا بهزيمة خاطفة في حال شنت حرب ضد روسيا
- أوكرانيا: بوتين يتهم أوروبا بعرقلة مساعي السلام ويلوح باستعد ...
- ما طبيعة الاتفاق الأمني الذي يريده ترامب بين سوريا وإسرائيل ...
- الضحايا الأفارقة للإرهاب يُسمعون أصواتهم لأول مرة في مؤتمر د ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - يحي عباسي بن أحمد - مستقبل الكيان بين التوراة والقرآن: قراءة تحليلية في البنية النبوئية والجدل السياسي–الديني