أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - يحي عباسي بن أحمد - الدين والسياسة في الجزائر: من التقديس إلى التوظيف














المزيد.....

الدين والسياسة في الجزائر: من التقديس إلى التوظيف


يحي عباسي بن أحمد
كاتب

(Abassi Yahia Ben Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 18:12
المحور: قضايا ثقافية
    


منذ فجر الاستقلال، ظلّ الدين في الجزائر حاضرًا كقوة رمزية كبرى، ولكن هذا الحضور لم يكن دائمًا في خدمة الوعي أو التحرّر، بل كثيرًا ما تحوّل إلى أداةٍ للتوظيف السياسي. فالدين الذي حرّر الجزائريين من الاستعمار، أُعيد إنتاجه بعد الاستقلال كوسيلةٍ لإضفاء الشرعية على السلطة، لا كفضاءٍ مفتوحٍ لإنتاج الوعي الجمعي.
في بدايات الدولة الوطنية، حاولت السلطة أن تجعل من الإسلام عنصرًا من عناصر الهوية، لا مشروعًا للتحرّر أو العدالة. فتمّت “مأسسة الدين”، وتحوّل الخطاب الديني إلى جزءٍ من الجهاز الإداري، يُدار بقراراتٍ وزارية وتعليماتٍ فوقية. وهكذا انتقل الدين من التقديس الشعبي إلى التوظيف السياسي، من مجال الروح إلى مجال السلطة.
لكنّ هذا التوظيف لم يكن محايدًا، فقد خلق تناقضًا بين الدين كإيمانٍ حرّ، والدين كأداةٍ للهيمنة. ففي حين يُفترض أن يكون الخطاب الديني فوق الصراع السياسي، صار جزءًا منه؛ يُستدعى لتبرير السياسات حينًا، ولإدانة المعارضة حينًا آخر. وهكذا فقد الدين، في نظر كثيرين، قدرته على تمثيل الحقيقة الأخلاقية المطلقة، لأنه دخل لعبة المصالح.
أما على مستوى المجتمع، فقد أدى هذا التداخل إلى انقسامٍ حادٍّ في الوعي الجزائري: فئةٌ ترى في الدين ملكًا للدولة، وأخرى تحوّله إلى رايةٍ للممانعة، وثالثةٌ تعزف عن الاثنين وترى في الإيمان شأنًا فرديًا. وبين هذه الاتجاهات ضاع الخطاب الديني الوسطي الحرّ، القادر على الجمع بين القيم والممارسة، بين الروح والسياسة.
إنّ المشكلة ليست في اقتراب الدين من السياسة، بل في الطريقة التي يتم بها هذا الاقتراب. فحين تتحكّم السياسة في الدين، تُفرغ الإيمان من معناه. وحين يحتكر الدين السياسة، تُلغى الحرية باسم الحقّ. لذلك فإنّ المطلوب اليوم ليس الفصل الكامل بين الدين والسياسة، بل تحرير الدين من التوظيف السياسي، ليعود إلى وظيفته الأصلية: تهذيب السلطة لا خدمتها، وتحرير الإنسان لا إخضاعه.
في الجزائر، يمكن أن يكون الدين أساسًا أخلاقيًا للدولة دون أن يكون أداةً بيدها، ويمكن أن يكون مصدرًا للشرعية الفكرية دون أن يتحوّل إلى شعارٍ انتخابي. فالإيمان، كما أراده القرآن، ليس امتيازًا سياسيًا بل مسؤولية إنسانية، والسلطة التي تحكم باسم الله، دون أن تتحاكم إليه في عدلها، إنما تسيء إلى الدين مرتين: حين تستعمله، وحين تفقد معناه.



#يحي_عباسي_بن_أحمد (هاشتاغ)       Abassi_Yahia_Ben_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف الجزائري بين الإيمان والنقد
- سلطة الدولة وسلطة المجتمع: من احتواء الفكر إلى تسطيحه
- العقل الجزائري بين التوجيه والحرية: سؤال البداية
- أزمة المفكّر لا العقل: تأملٌ في وعينا الحضاري
- هل يجب أن أكون تحت وصاية أحد؟
- تحوّل الله إلى أداة خطاب: قراءة في أزمة التمثيل الديني
- ردا على مقال : أخطاء بالقرآن لا تليق بكلام الله ل-مصطفى راشد ...


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المعتدى على أريانا غراندي في عرض -Wicked- ب ...
- مصر.. تامر حسني يخضع لعمل جراحي استأصل جزءًا من كليته
- الكويت.. الداخلية تعلن ضبط شبكة متورطة بستهيل استقدام عاملات ...
- الرئيس اللبناني: حزب الله بشقه العسكري انتهى.. ولاريجاني -اه ...
- مقاتلات تحلق وعزف موسيقي.. شاهد كيف استقبل ترامب ولي العهد ا ...
- لقاء ابن سلمان وترامب.. هل ستبيع أمريكا طائرات إف 35 للسعودي ...
- بعد دعوة السيسي.. مصر تبطل نتائج 19 دائرة انتخابية
- أحمد أبوزيد.. نصائح صانع المحتوى المصري للمبتدئين وما تعلمه ...
- ماذا يعني إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني إلى واشنطن الآن؟
- قائد الجيش اللبناني يلغي زيارة كانت مقررة للولايات المتحدة.. ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - يحي عباسي بن أحمد - الدين والسياسة في الجزائر: من التقديس إلى التوظيف