أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يحي عباسي بن أحمد - العلمانية والتطرف: جدلية الردود المتبادلة ونقاط الالتقاء مع المتدين














المزيد.....

العلمانية والتطرف: جدلية الردود المتبادلة ونقاط الالتقاء مع المتدين


يحي عباسي بن أحمد
كاتب

(Abassi Yahia Ben Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 22:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمهيد

تثار قضية العلاقة بين العلمانية والدين، وخصوصًا التطرف الديني، في كل مجتمع حديث يحاول التوفيق بين الحرية الفردية والاستقرار الاجتماعي. فهل العلمانية ردّة فعل على التطرف، أم أن التطرف نشأ كردة فعل على العلمانية؟ هذا السؤال يعكس جدلية عميقة بين الحرية والمعتقد، بين الفرد والمجتمع، وبين الدين والسياسة. ومن خلال دراسة تاريخية وفلسفية، يمكن فهم هذه العلاقة وأيضًا تحديد نقاط الالتقاء الممكنة بين العلماني والمتدين.
1. العلمانية كاستجابة للتطرف الديني
العديد من الباحثين يربطون ظهور العلمانية في التاريخ الأوروبي بالرد على أشكال السيطرة الدينية العنيفة، خصوصًا بعد الحروب الدينية في القرنين السادس عشر والسابع عشر. على سبيل المثال:
فرنسا: شهدت حروبًا بين الكاثوليك والهوجونوت، دفعت الفلاسفة إلى الدعوة لفصل الدين عن الدولة لضمان السلام الاجتماعي.

إنجلترا: تجربة الثورة البرلمانية والصراعات بين الملكية الكاثوليكية والبروتستانتية دفعت إلى اعتماد نماذج قانونية تضمن حرية المعتقد وحماية الفرد من السيطرة الدينية.

من هذا المنطلق، يمكن النظر إلى العلمانية على أنها آلية دفاع اجتماعية تهدف إلى الحد من تأثير الدين المطلق على السياسة والقانون، لتوفير مساحة للتعددية والحرية.

2. التطرف كاستجابة للعلمانية
على النقيض، يمكن أن يظهر التطرف الديني كردة فعل على العلمانية، خصوصًا حين يشعر بعض المؤمنين أن القيم الدينية أو الهوية الثقافية تُحجب أو تُقوض. ويبرز ذلك في عدة سياقات:

في المجتمعات التي تفرض العلمانية بقوة، قد ترى بعض الجماعات أن حرية الاعتقاد تُستبدل بالقيم المدنية فقط، فيتحول الدين إلى عامل مقاومة.

التطرف هنا ليس بالضرورة مسألة دينية محضة، بل هو رد فعل دفاعي على ما يُنظر إليه تهديدًا للهوية والقيم.

إذن، العلاقة بين العلمانية والتطرف ليست أحادية الاتجاه؛ كل طرف يمكن أن يكون رد فعل على الآخر، حسب السياق الاجتماعي والسياسي والثقافي.

3. نقاط الالتقاء بين العلماني والمتدين

رغم هذه التباينات، هناك مجالات يمكن أن يتقاطع فيها العلماني مع المتدين:

القيم الإنسانية المشتركة: العدالة، الرحمة، الصدق، حماية الحياة، احترام حقوق الآخرين. هذه القيم تتجاوز الانتماءات الدينية أو العقائدية، وتشكل أرضية مشتركة للعمل الاجتماعي والسياسي.

حرية الاعتقاد والمعتقد: العلمانية الصحيحة لا تعني إنكار الدين، بل ضمان حرية الاعتقاد لكل المواطنين. المتدين الذي يقدّر حرية الآخرين يجد أرضية مشتركة مع العلماني.

التعاون العملي: على المستوى الاجتماعي والسياسي، يمكن التعاون في قضايا مثل التعليم، الصحة، البيئة، مكافحة الفساد، من دون أن يكون هناك اتفاق كامل على المبادئ الدينية أو الفلسفية.

الاحتكام للعقل والنقاش: احترام الحوار العقلاني والمنطقي يمكن أن يكون مجالًا مشتركًا بين العلماني والمتدين، إذ يُمكّن كلا الطرفين من التعامل مع الاختلاف بوعي دون تصادم مباشر.

4. التحديات المعاصرة

رغم نقاط الالتقاء، هناك تحديات واضحة:

تسييس الدين: عندما يتحول الدين إلى أداة للسلطة، تصبح العلاقة مع العلمانية صراعًا على النفوذ وليس على المعتقدات.

تطرف العلمانية: فرض قيم علمانية على المجتمع كله دون احترام المعتقدات الفردية قد يولد مقاومة متشددة من بعض الجماعات الدينية.

الأزمات الثقافية والاجتماعية: الهوية، التاريخ، والتقاليد تلعب دورًا كبيرًا في تعميق الصدام أو تسهيل التفاهم بين الطرفين.

خاتمة

العلمانية والتطرف يمكن أن يكون كل منهما رد فعل للآخر، بحسب الظروف التاريخية والاجتماعية. ومع ذلك، تبقى أرضية الالتقاء ممكنة من خلال القيم الإنسانية المشتركة، حرية المعتقد، والتعاون العملي في الشأن العام. إن فهم هذه الجدلية ليس مجرد مسألة نظرية، بل هو ضرورة لتطوير مجتمعات قادرة على استيعاب التنوع الديني والفكري دون عنف أو قمع.



#يحي_عباسي_بن_أحمد (هاشتاغ)       Abassi_Yahia_Ben_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوتر بين المطلق والتأويل قراءة في جدلية النص الإلهي والعقل ...
- الأسس المحورية في فكر مالك بن نبي وإعادة توجيه العقل العربي ...
- من الثورة إلى التوريث: الشرعية التاريخية في الجزائر بين الذا ...
- التأويل بين مالك بن نبي ومحمد أركون
- من الدين إلى الوعي: إعادة بناء الخطاب الإيماني المعاصر
- الدين والسياسة في الجزائر: من التقديس إلى التوظيف
- المثقف الجزائري بين الإيمان والنقد
- سلطة الدولة وسلطة المجتمع: من احتواء الفكر إلى تسطيحه
- العقل الجزائري بين التوجيه والحرية: سؤال البداية
- أزمة المفكّر لا العقل: تأملٌ في وعينا الحضاري
- هل يجب أن أكون تحت وصاية أحد؟
- تحوّل الله إلى أداة خطاب: قراءة في أزمة التمثيل الديني
- ردا على مقال : أخطاء بالقرآن لا تليق بكلام الله ل-مصطفى راشد ...


المزيد.....




- إسبانيا ... فضيحة تحرش جنسي بقاصر في الكنيسة الكاثوليكية
- في حوار مع الجزيرة نت.. أمين عام الجماعة الإسلامية ببنغلاديش ...
- نيجيريا: خطف 315 تلميذا ومعلما من مدرسة مسيحية في ولاية الني ...
- -حذر من عودة نفوذ الإخوان-.. أنور قرقاش يدعو لمحاسبة طرفي ال ...
- الاحتلال يخطر بهدم منازل قرب المسجد الأقصى
- جامعة أكسفورد البريطانية.. صرح أكاديمي نشأ من صراع بين الملك ...
- نيجيريا: خطف 315 تلميذا ومعلما من مدرسة مسيحية في ولاية الني ...
- العنف ضد المسيحيين.. اختطاف 215 طالبًا بمدرسة كاثوليكية وسط ...
- جامعة أكسفورد البريطانية.. صرح أكاديمي نشأ من صراع بين الملك ...
- ايران في المركز الثالث بدورة العاب التضامن الاسلامي


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يحي عباسي بن أحمد - العلمانية والتطرف: جدلية الردود المتبادلة ونقاط الالتقاء مع المتدين