أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - يحي عباسي بن أحمد - من الدين إلى الوعي: إعادة بناء الخطاب الإيماني المعاصر














المزيد.....

من الدين إلى الوعي: إعادة بناء الخطاب الإيماني المعاصر


يحي عباسي بن أحمد
كاتب

(Abassi Yahia Ben Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 18:57
المحور: قضايا ثقافية
    


تبدو أزمة الدين في عصرنا، لا في النصّ ذاته، بل في الوعي الذي يتلقّاه ويفسّره. فالدين، كما نزل، كان دعوةً إلى الوعي، لا إلى التكرار، وإلى التفكير، لا إلى التلقين. لكنّ ما حدث تاريخيًا هو أنّ الإنسان فقد مركزه في العلاقة مع النصّ، وأُعيد إنتاج الدين في صورة سلطةٍ لا في صورة رسالة.
لقد تحوّل الدين، في التجربة الإسلامية الحديثة، من فضاءٍ مفتوحٍ للسؤال إلى منظومةٍ مغلقةٍ من الإجابات، ومن تجربةٍ روحيةٍ حرّةٍ إلى مؤسسةٍ تُدير العقول أكثر مما تهديها. وهذا ما جعل الخطاب الديني ينحسر أمام التحديات الفكرية والإنسانية الجديدة، لأنّه لم يعد قادراً على استيعاب التحوّلات، ولا على مخاطبة الإنسان في قلقه المعرفي والوجودي.
إنّ إعادة بناء الخطاب الإيماني المعاصر ليست دعوةً إلى “تجديد الخطاب الديني” بالمفهوم الشائع، الذي اكتفى بتجميل اللغة وتغيير المفردات، بل هي دعوةٌ إلى ثورةٍ معرفيةٍ داخل بنية التفكير الديني نفسه، تعيد تعريف العلاقة بين الإيمان والعقل، بين النصّ والتاريخ، بين الإنسان والقداسة.
فالإيمان، في جوهره، ليس تكرارًا لقول السلف، بل اكتشافٌ دائم للحقيقة في ضوء الوعي المعاصر. ولا يمكن للمجتمعات الإسلامية أن تنهض ما لم تنتقل من “دين التقليد” إلى “وعي الإيمان” — أي من الممارسة الطقوسية الجامدة إلى الفهم العقلي المتجدد للغيب، من الخضوع الأعمى إلى المسؤولية الواعية.
الإيمان الواعي لا يخاف السؤال، بل يعتبره شكلاً من أشكال العبادة الفكرية. والوعي الذي لا يمرّ عبر الإيمان يتحوّل إلى غطرسةٍ معرفيةٍ جوفاء، كما أنّ الإيمان الذي لا يعبر بالوعي ينحدر إلى انقيادٍ فارغ. إنّ الجمع بينهما هو السبيل الوحيد إلى تجاوز الانقسام بين “الحداثي الملحد” و”المتدين التقليدي”، وبين “العقلاني المتعالي” و”الناقل المقلّد”.
في هذا الأفق، يصبح الدين مشروعًا لتحرير الإنسان لا تقييده، ومصدرًا لإنتاج المعنى لا تكرار الوصاية. فالإيمان، حين يُعاد بناؤه كوعي، يخرج من جدران المؤسسات إلى فضاء الحياة، ويستعيد قدرته على إنتاج القيم الكبرى: الحرية، المسؤولية، الجمال، والعدل.
الخطاب الإيماني الجديد لا يطلب من الإنسان أن يؤمن فقط، بل أن يفكّر في معنى إيمانه، لأنّ الله، في النص القرآني، لا يطلب الخضوع بل الفهم:
“أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها” (محمد: 24).
فالإيمان الذي يُبنى على التدبّر يحرّر، والإيمان الذي يُبنى على الخوف يستعبد. وبين الاثنين يتحدّد مصير الفكر في الجزائر والعالم العربي: هل نعيد الدين إلى وظيفته الأصلية كقوة وعي وتحرّر، أم نتركه رهينةً للخطاب السلطوي الذي يكرّر ذاته حتى الفناء؟



#يحي_عباسي_بن_أحمد (هاشتاغ)       Abassi_Yahia_Ben_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والسياسة في الجزائر: من التقديس إلى التوظيف
- المثقف الجزائري بين الإيمان والنقد
- سلطة الدولة وسلطة المجتمع: من احتواء الفكر إلى تسطيحه
- العقل الجزائري بين التوجيه والحرية: سؤال البداية
- أزمة المفكّر لا العقل: تأملٌ في وعينا الحضاري
- هل يجب أن أكون تحت وصاية أحد؟
- تحوّل الله إلى أداة خطاب: قراءة في أزمة التمثيل الديني
- ردا على مقال : أخطاء بالقرآن لا تليق بكلام الله ل-مصطفى راشد ...


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المعتدى على أريانا غراندي في عرض -Wicked- ب ...
- مصر.. تامر حسني يخضع لعمل جراحي استأصل جزءًا من كليته
- الكويت.. الداخلية تعلن ضبط شبكة متورطة بستهيل استقدام عاملات ...
- الرئيس اللبناني: حزب الله بشقه العسكري انتهى.. ولاريجاني -اه ...
- مقاتلات تحلق وعزف موسيقي.. شاهد كيف استقبل ترامب ولي العهد ا ...
- لقاء ابن سلمان وترامب.. هل ستبيع أمريكا طائرات إف 35 للسعودي ...
- بعد دعوة السيسي.. مصر تبطل نتائج 19 دائرة انتخابية
- أحمد أبوزيد.. نصائح صانع المحتوى المصري للمبتدئين وما تعلمه ...
- ماذا يعني إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني إلى واشنطن الآن؟
- قائد الجيش اللبناني يلغي زيارة كانت مقررة للولايات المتحدة.. ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - يحي عباسي بن أحمد - من الدين إلى الوعي: إعادة بناء الخطاب الإيماني المعاصر