أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - سوريا تركيا 🇹🇷 وإسرائيل : مقاربة تحليلية لمعادلات القوة وتحولات النفوذ في الشرق الأوسط …















المزيد.....

سوريا تركيا 🇹🇷 وإسرائيل : مقاربة تحليلية لمعادلات القوة وتحولات النفوذ في الشرق الأوسط …


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 16:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


/ تُعتّبر الساحة السورية اليوم محورًا مركزيًا في مراقبة التحولات الجيوسياسية للشرق الأوسط ، نظرًا لكونها نقطة التقاء نفوذ إقليمي متنافس ومتداخل في آن معًا ، ويكشف تحليل السياسات الإقليمية والدولية أن المشهد السوري لم يعد مرتبطًا بمجرد صراع داخلي أو خلافات ثنائية ، بل أصبح جزءًا من بنية أمنية جديدة تتشكل في المنطقة ، وتعيد تعريف مفهوم القوة ، وأدوار الدول الفاعلة ، وطبيعة التحالفات العابرة للحدود ، وفي رأي الشخصي المتواضع ، فإنّ عدم قدرة سوريا على التصدي للضربات الإسرائيلية المتكررة لا يرتبط فقط باختلال ميزان القوة أو الفارق التكنولوجي ، بل يعكس أيضًا تحوّلًا في مفهوم “الردع” ذاته ، فقد انتقل الردع في المنطقة من الرد العسكري المباشر إلى أشكال مركّبة تشمل الاقتصاد ، التحالفات الدوليةً، القدرة على التحكم بالمجال الجوي ، والتكنولوجيا المتقدمة .

وفي حالة سوريا ، أدى انهيار البنية الاجتماعية وعدم مواكبة التطورات العسكرية منذ استلام عائلة الاسد السلطة ، وتبعثر مراكز القرار ، وتعدد القوى المسلحة غير الحكومية ، إلى تآكل قدرة الدولة على امتلاك استراتيجية ردع قائمة على الاستقلالية ، وهو ما جعلها عرضة لانتهاكات مستمرة ضمن هامش محسوب إسرائيليًا ، كما أن الوجود الروسي في سوريا ، رغم كونه داعمًا عسكريًا للنظام في السابق ، أعاد تنظيم قواعد الاشتباك بطريقة تمنح موسكو حق التحكم في مستوى التصعيد ، ما جعل “حق الرد” السوري مقيدًا بأجندات تحالفية لا تعبّر دائمًا عن المصلحة الوطنية السورية المباشرة ، لكن اليوم مع التحالف التركي من المفترض الأمور اختلفت .

تُظهر السياسات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة اتجاهاً ثابتًا نحو تفكيك شبكات النفوذ الإقليمي المنافسة ، انطلاقًا من قناعة أمنية راسخة بأن منع التمدد أفضل من مواجهته بعد ترسخه ، وفي هذا السياق ، يمكن رصد ثلاثة مسارات : تفكيك محور إيران عبر سلسلة ضربات جوية دقيقة استهدفت البنية اللوجستية والعسكرية للحرس الثوري ووكلائه ، ما أدى إلى تقليص فعاليته العملياتية في سوريا والعراق ولبنان ، تحييد الدور الروسي تدريجيًا عبر التنسيق الأمني المستمر ، الذي سمح لإسرائيل بالعمل ضمن هامش آمن رغم الوجود الروسي العسكري الكثيف ، واختبار حدود النفوذ التركي من خلال استهداف مواقع داخل مناطق النفوذ التركي غير المباشر ، وإرسال رسائل تفيد بأن أنقرة ليست بمنأى عن عملية “إعادة هندسة” التوازنات الإقليمية ، وهذا يضع تركيا أمام سؤال استراتيجي :هل تستطيع أنقرة تحمّل تراجع نفوذها في سوريا في حال استمرت إسرائيل بتوسيع نطاق عملياتها؟ .

لقد ساهمت تركيا خلال العقد الماضي في بناء نفوذ قوي داخل الشمال السوري عبر أدوات سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية ، إلا أن هذا النفوذ يقوم على معادلة حساسة تعتمد على : تفاهمات مع روسيا (أستانا وسوتشي) - توازنات مع الولايات المتحدة (قوات سوريا الديمقراطية، شرق الفرات) ، انخراط محدود مع دمشق عبر قنوات أمنية غير معلنة .

غير أن تحولات السنوات الأخيرة تشير إلى أن تركيا تواجه تحديًا استراتيجيًا مزدوجًا : هناك تراجع مظلة الحماية الدولية والإقليمية التىّ كانت تسمح لها بالمناور ، فقد تغيّرت أولويات واشنطن ، وتباطأ التنسيق الروسي–التركي، وتعقّدت بيئة الصراع داخليًا في سوريا ، حيث تتنامي الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على تقويض أي محور صاعد ، ما يعني أن أنقرة قد تُعامل مستقبلاً بالطريقة ذاتها التىّ عوملت بها طهران إذا ظلت ساكتة على الإهانات الاسرائيلية ، خصوصًا إذا ما ازدادت حساسية إسرائيل تجاه الترتيبات التركية قرب حدودها أو في الساحة السورية ، وعليه ، فإن الساحة السورية يمكن أن تتحول إلى محدد مصيري لمستقبل الدور التركي الإقليمي ، سواء عبر تعزيز النفوذ ، أو الدخول في مرحلة انحسار تدريجي .

تُظهر التجارب المقارنة في لبنان والعراق ويوغوسلافيا السابقة أن النزاعات التىّ تستند إلى تعريفات طائفية أو هوياتية ضيقة غالبًا ما تؤدي إلى تفكك اجتماعي طويل الأمد وفشل في بناء دولة مركزية وتنامي سلطات محلية تتجاوز سلطة الدولة وتعطيل أي مشروع وطني جامع لمدة عقود ، وعليه ايضاً ، فإن دعوات الثأر أو إعادة فرز المجتمع السوري على أسس طائفية أو مناطقية هي وصفة لإعادة إنتاج الأزمة ، وليس حلها ، بل تشير الأدبيات السياسية إلى أن الدول الخارجة من النزاعات تحتاج إلى ثلاثة شروط لتحقيق استقرار مستدام: إعادة دمج الأجيال الجديدة داخل الدولة عبر مؤسسات مهنية وإصلاح بنيوي يبعد الشخصيات والأجهزة المرتبطة بالفساد والانتهاكات والنظام السابق وصياغة عقد اجتماعي جديد يوازن بين مكوّنات المجتمع دون تمييز ، ولا يمكن لأي مشروع نهضوي أن يزدهر في ظل بيئة طائفية ، لأن الطائفية بطبيعتها تُنتج ولاءات موازية للدولة ، وتُقوّض فكرة المواطنة ، وتفتح الباب أمام التدخل الخارجي ، وإنّ تداخل الأدوار الإسرائيلية والتركية والإيرانية والروسية والأمريكية في سوريا يجعل من هذا البلد نموذجًا حيًا لما يسميه علماء العلاقات الدولية بـ “النظام الأمني المتشابك”، حيث لا يمكن لأي فاعل أن يحقق مصالحه دون تأثير مباشر في مصالح الآخرين .

وبهذا المعنى ، فإن مستقبل سوريا لن يحدد فقط شكل الدولة السورية ، بل سيحدد أيضًا: مستقبل الحدود الجيوسياسية لتركيا ومدى مصير النفوذ الإيران وقابلية الدور الروسي للاستمرار وأمن إسرائيل في المدى الطويل ، ولذلك ، فإن أي تسوية سياسية أو إعادة بناء للدولة السورية ستكون جزءًا من إعادة هيكلة أوسع لمنطقة الشرق الأوسط ، وليس خطوة داخلية محضة .

تُظهر القراءة التحليلية العميقة أن سوريا ليست مجرد ساحة نزاع ، بل مركز لإعادة ترتيب التوازن الإقليمي ، وبينما تحاول إسرائيل فرض معادلة تفكيك المحور التركي ، تقف تركيا أمام اختبار حقيقي سيحدد مسار نفوذها لعقود قادمة ، وفي المقابل ، تحتاج سوريا إلى إعادة بناء مؤسساتها بمعايير وطنية حديثة تتجاوز الانقسامات ، لأن بناء الدولة من الداخل هو الشرط الأول لأي قدرة تفاوضية أو ردعية في المستقبل ، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا الأتراك وضعوا حد نهائي للعربدة الإسرائيليين وبمعزل عن شبكات نفوذ تل ابيب المتداخلة التى تحاول إلى إعادة إنتاج أزمة مشابهة مع النظام السابق والأقليات .

ختاماً ، ينبغي على تركيا أن تكون قوية بقوة إسرائيل حتى لا يكون مصيرها مصير ايران ، كما أن التجربة أثبتت بأن الصمود السياسي لا يتحقق بالقوة وحدها ، ولا بالتسويات الظرفية ، بل بامتلاك دولة فعّالة ، ومؤسسات شفافة ، واقتصاد قادر على استيعاب الصدمات ، ومجتمع يشارك في صناعة القرار ، عندها فقط يمكن لسوريا أن تتحول من ساحة تجاذب إلى فاعل مؤثر ، وأن تستعيد موقعها الطبيعي في خريطة الشرق الأوسط كدولة مستقرة ومتماسكة وقادرة على بناء مستقبلها بإرادتها الوطنية . والسلام 🙋‍♂



#مروان_صباح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني - حادثة واشنطن ..
- منطقة غنية بمواردها وحضارتها📚…صراع محموم على قيادة ا ...
- غزة - اتفاقٍ على طريقة نتنياهو…قراءة في وهم الهدنة وواقع الم ...
- بين تريليون ابن سلمان 🇸🇦 للأمريكيين 🇺 ...
- سباق النفوذ في القرن الأفريقي والبحر الأحمر : أنظمة إقليمية ...
- سياحة القنص لأثرياء أوروبا…القانونيون الإيطاليون يلاحقون مجر ...
- على السريع - 🏛 العراق 🇮🇶 بين ديمقراط ...
- تأثير💪القواعد العسكرية في إعادة تشكيل ميزان علاقات د ...
- حُلمُ😤المرضى نفسيًّا بإقرار قانون الإعدام السياسي …
- الولايات المتحدة 🇺🇸 … صناديق الاقتراع ترسم م ...
- يقف الجندي الصهيوني على مشارف فيينا 🇦🇹 ، مثق ...
- شرق أوسط يصعب تشكيله اعتماداً على قاعدة عسكرية كبيرة على هيئ ...
- لا القصواء ولا عصا موسى …
- هتلر يحيي🙋الألمان 🇩🇪 في الشوارع من ج ...
- من لنكولن إلى كيري 🇺🇸 : الاغتيال السياسي كمر ...
- ازدواجية🇺🇸المعايير في التعامل مع العنف …
- من باطن الأرض🚇ينبض الصمود وتكتب الحكاية…شبكة الأنفاق ...
- المقاومة 🇵🇸 تتفوّق بذكاء على المنظومة الاستخ ...
- هل يحق له أن يتساءل : من هو الأحق بها؟ مايكل جاكسون🧑 ...
- الإستعمار والدم والتاريخ : من سيرث الهيمنة الإقليمية بعد الص ...


المزيد.....




- ارتفاع حصيلة الحريق بمجمّع سكني في هونغ كونغ إلى 128 قتيلاً ...
- وصول حمير مصابة من غزة إلى ألمانيا يشعل الجدل
- بوتين يستبعد توقيع أي وثائق مع القيادة الأوكرانية الحالية -غ ...
- صحف عالمية: ترامب يؤثر على مكانة إسرائيل دوليا وإيران تعيد ب ...
- وول ستريت جورنال: فرنسا تعيد إحياء الخدمة العسكرية تحسبا لمو ...
- كاتب بريطاني: عصر المرتزقة باق ولن يزول
- -أوبن إيه آي- تؤكد: الاستخدام الخاطئ للنموذج أدى لانتحار الم ...
- روسيا تبحث الخطة الأميركية وأوكرانيا ترفض التنازل عن أراضيها ...
- مغردون: جنود الاحتلال هربوا من مواجهة الأهالي في بيت جن وردو ...
- غضب وتحذير فلسطيني: استيلاء إسرائيل على الحرم الإبراهيمي تهد ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - سوريا تركيا 🇹🇷 وإسرائيل : مقاربة تحليلية لمعادلات القوة وتحولات النفوذ في الشرق الأوسط …