أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياحة والرحلات - محمد بسام العمري - حين يبدأ النهر بالهمس… وتستيقظ الأرض من الماء














المزيد.....

حين يبدأ النهر بالهمس… وتستيقظ الأرض من الماء


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8539 - 2025 / 11 / 27 - 02:47
المحور: السياحة والرحلات
    


حدّق جيدًا في جبال الأنديز.
هل تراها؟ إنها ليست جبالًا فقط، بل أوراقٌ مطويّة من تاريخ الأرض.
ومن بين شقوقها، يخرج نهرٌ صغير، كطفلٍ يبحث عن هوية،
ثم يكبر… يكبر حتى يُصبح شريان الكوكب وراية الماء الخضراء:
نهر الأمازون.
هناك، في جنوب البيرو، لا يبدأ الماء، بل يبدأ الحُلم.
تتلاقى الصخور مع السحب كأنهما عاشقان ضلّا الطريق،
وتنحني الأشجار لتحفظ سرًّا ربما قاله النهر قبل ملايين السنين،
سرًّا لم يسمعه سوى المطر.
في جبال نييفادو ميسمي في جنوب البيرو،
عند ارتفاع يزيد على خمسة آلاف متر فوق سطح البحر،
تولد أول قطرة من هذا النهر العظيم.
من هناك يقطع رحلته الطويلة نحو المحيط الأطلسي،
عابرًا آلاف الكيلومترات، دون أن يفقد دهشته الأولى.
وكأن الجغرافيا نفسها تحاول أن تتذكّر من أين بدأت الحياة.
تقول الجيولوجيا إن انفصال القارّة القديمة غوندوانا عن إفريقيا
خلق صدوعًا عظيمة دفعت الماء إلى البحث عن طريقٍ جديد،
فتكوّن الحوض، وارتفعت جبال الأنديز،
وبدأ الأمازون يكتب وجوده حرفًا حرفًا
داخل طبقات الصخور والرواسب التي يزداد تراكمها كل عام
كأن الزمن يدوّن يومياته في طين النهر.
وفي بيرو، تحديدًا في غابة مانّو،
يقف المختبر الأكبر للحياة على وجه الأرض.
أكثر من عشرة آلاف نوع نباتي،
وطيور لا تُحصى،
وكائنات لم تُكتشف بعد،
تعيش في انسجام يشبه سمفونية لا يسمعها الإنسان
إلا إذا سكت قلبه قليلًا،
وأصغى.
قبل الغزاة الإسبان،
كانت الشعوب الأصلية ترى أن المطر يحمل أرواح الأجداد،
وأن المرض ليس عجزًا في الجسد، بل خللًا في العلاقة مع الغابة.
استخدموا آلاف النباتات للعلاج،
ورسموا طرقًا عجيبة للزراعة المائية
ما زالت مستعصية على فهم العلماء حتى اليوم.
وكانوا يقولون: من يعبر الغابة دون إذن،
لن يعثر على طريق العودة.
بيرو اليوم تبحث عن توازن صعب:
كيف تحمي قلب الغابة،
وتستفيد من ثرواتها الهائلة في السياحة والبحث الطبي والطاقة؟
فالخطر قائم في صمت:
مساحات تُزال من الغابات،
وتجارة خفية تقترب من منابع النهر،
كأن الماء بدأ يشعر بالخوف.
ومع ذلك،
يبقى في بيرو درس واحد لا يموت:
أن الماء ليس مجرّد مائع،
بل وعي يتحرك.
أنه لا يبحث عن البحر،
بل عن ذاكرة تليق به.
ربما لم يُخلق الأمازون ليصل إلى الأطلسي،
ربما وُلد فقط
ليثبت أن الحياة يمكن أن تبدأ
من قطرة واحدة.
________________________________________



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «حين يُصغي القلب إلى حكمة الكون»
- علمني حبك سيدتي أن أحزن وأنا محتاج منذ عصور لامرأة تجعلني أح ...
- رحلة النفس الإنسانية بين الصراع والسلام الداخلي: من النفس ال ...
- من نظر إلى الناس بعين العلم مقتهم، ومن نظر إليهم بعين الحقيق ...
- من وهم الظنون إلى يقين الحقائق: نظرة أخلاقية وفكرية
- رحلة الروح نحو النور
- حين يتصوّف الأدب الفرنسي: رحلة من الرمز إلى الكشف
- مراثي الكرسي رقم 7
- أنشودة الضوء – إفريقيا التي لا تموت
- غناء الضوء في الغابة العتيقة
- بحيرة مالاوي: مرآة السماء ومهد الأساطير
- حين يؤذّن النور على ضفاف الميكونغ — المسلمون في فيتنام
- نشيد الماء والذاكرة
- روح فيتنام — حين يتكلم القلب بلغة المطر
- من طين الحقول إلى مرايا الزجاج — فيتنام بين الهوية والحداثة
- بين ترف التأويل وتيه المعنى: قراءة في نقد لامية عويسات لنصّ ...
- حين تنهض الأرض من رمادها
- حيث تتكلم الأرض بلغة الماء
- ألف عام من الصبر تاريخ فيتنام ومعنى الحرية
- بلاد الماء والنور نزهة فكرية في جغرافية فيتنام


المزيد.....




- خلاف غير مسبوق يهزّ المنظومة الأمنية الإسرائيلية ونتنياهو يت ...
- مصر - الجزائر: الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يؤكد على الطا ...
- غموض بحالة عنصري الحرس الوطني بعد تعرضهما لإطلاق نار بواشنطن ...
- تايلاند تغرق في فيضانات تاريخية بسبب أمطار لم تهطل منذ 300 ع ...
- انقلاب يهزّ غينيا بيساو: عسكريون يعتقلون الرئيس ويعلّقون الع ...
- فيديو - حريقٌ كارثي في هونغ كونغ: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 3 ...
- موريتانيا: تنبؤ بـ-سجن الرئيس- بعد انتهاء مأموريته؟
- فيديو: أبرز ملامح مشروع الخدمة العسكرية الطوعية في فرنسا
- الاتحاد الأوروبي يعلق على استدعاء الرئيس التونسي قيس سعيد لل ...
- ويتكوف يزور موسكو الأسبوع المقبل لبحث السلام في أوكرانيا


المزيد.....

- قلعة الكهف / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياحة والرحلات - محمد بسام العمري - حين يبدأ النهر بالهمس… وتستيقظ الأرض من الماء