طارق فتحي
الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 23:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(هنالك مثل قديم، تطوري ليبرالي، يقول: يحصل كل شعب على الحكومة التي يستحقها) ... تروتسكي.
هذه الصياغة منتشرة "ماشية" جدا بين الناس، وهي ليست بريئة ابدا، فالقوى التي تسيطر تحاول قدر الإمكان زرع الاستسلامية والخضوع واليأس داخل الناس بإفشائها منطق كهذا، فأيام البعث وصدام كنا نسمع مثل هذا المنطق، بأن صدام هو شخص مناسب للناس في العراق، وعندما تسأل لماذا؟ يقال لك "ان الشعب يهوس لصدام 24 ساعة" او "الشعب متخلف وجاهل"...الخ.
بعد كل انتخابات سخيفة وهزيلة وهزلية تقوم بها القوى الإسلامية والقومية، والتي هي معروفة النتائج مسبقا، فلا مفاجئات تحصل ابدا، ولا تغيير يحدث، فهذا شيء مستحيل بوجود هذا الشكل من الانتخابات وقوانينها ومفوضيتها وقضاتها والقوى المشاركة فيها، نقول بعد كل انتخابات وإعلان النتائج، تخرج أصوات كثيرة تتحدث وبصورة غاضبة جدا بالقول "هاي حقيقة الناس، يستحقون كل اللي يصير، فهاي الحكومة هم جابوها"، وهذا المنطق مصنوع بشكل محترف جدا، فهو يحظى بمقبولية لدى قطاعات واسعة من المجتمع، لهذا تراه ينتشر بسرعة، ويصبح هو الحقيقة او التبرير الوحيد لهذا الواقع.
الشيء الجوهري لهذا المنطق هو عملية تأبيد الواقع الموجود، بالإضافة الى القاء اللوم على المجتمع، فهو الذي اختار؛ لكن عند فحص هذين السببين نجد ابتذال المنطق الليبرالي وتفاهته، فمن المعروف ان لا دخل للناس بعملية تشكيل السلطة بعد اسقاط النظام 2003، بول بريمر وفريقه وبعد مناقشات مطولة مع الكثير من الشخصيات ورجال الدين أسس ما سمي ب"مجلس الحكم"، وهذا بدوره اقام لجنة كتابة الدستور والانتخابات؛ أي انه تم تجهيز واعداد القوى السياسية التي ستحكم البلد، والتي ستتنافس في الانتخابات الشكلية، فكيف ستخرج قوى غير تلك القوى؟
لا دخل للناس بتحديد العملية السياسية وشخوصها، ولا يمكن ابدا ان تستطيع الناس عبر الانتخابات تغيير الواقع السياسي، هذا محض خرافة، تصدقه بعض القوى الساذجة سياسيا، بالتالي فان منطق "كل شعب يحصل على الحكومة التي يستحقها"، منطق قذر، ترسخه الطبقة المسيطرة، لإدامة سيطرتها على المجتمع.
#طارق_فتحي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟