طارق فتحي
الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 03:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من المعروف ان العملية السياسية رٌسم لها مخطط محدد، مخطط إسلامي طائفي قومي، هذه الترسيمة بقيت ثابتة لأكثر من عقدين، وقد نشر دعاتها هذا المخطط بين الناس-ولا زالوا-، واقنعوا الناس بأن صلاح هذا البلد بهذا الشكل من الحكم، بل ان الناس ذاتها صارت تتكلم بذلك المنطق.
الركن الأساس لجر الناس للانتخابات هي القضية الطائفية، فقوى الإسلام السياسي عندما تستشعر ان هناك مقاطعة او لا مبالاة من الناس للعملية الانتخابية، تبدأ تصعد من نبرة خطابها الطائفي، حتى تستطيع ان تعيد الناس لحضنها مرة أخرى، وتكتسب شرعية من نوع ما.
أفضل من يصعّد من نبرة الخطاب الطائفي هم رجال الدين، فهذه مهمتهم الأساسية، دائما السلطة تلجأ إليهم في هذه المسألة؛ هنا يأتي دور المؤسسة الدينية الرسمية، تأمر جيوشها من رجال الدين، وتعطي لهم نوع الخطاب الذي يوجه، وهؤلاء يعتلون المنابر وينتهزون كل مناسبة لإلقاء خطبهم، والتي تتمحور حول قضايا طائفية خالصة.
هناك عقد ما بين السلطة السياسية ورجال الدين، السلطة السياسية عليها ان تحمي رجل الدين وتقدم له كل التسهيلات وتسمح له بأي شيء، وتمنحه حصانة تامة من أية مسائلة قانونية، فضلا عن انها تغدق عليهم الأموال، بل ان الخزائن كلها مفتوحة لهم.
من جهتها المؤسسة الدينية تقدم الفتاوى التي تحمي السلطة، فهي تراقب الأوضاع دائما، وتتدخل إذا ما رأت ان السلطة في وضع حرج، انتفاضة تشرين 2019 مثالا واضحا؛ ليس هذا فحسب، فهي دائما تقدم النصح والتحذير للسلطة، لكن مهمتها الأساسية إبقاء الناس في حالة غيبوبة تامة عما تفعله السلطة.
لنأخذ مثلا رجل الدين جلال الدين الصغير، فهو يعد أحد حراس العملية السياسية، انه دائما يستخدم الخطاب الطائفي بأكثر اشكاله قذارة، هو أيضا أحد رموز المؤسسة الدينية الرسمية؛ بما ان العملية السياسية تترنح، فأزمتها عميقة جدا، وهناك مقاطعة شبه تامة للانتخابات، وحتى يؤدي دوره في زرع الثقة لدى الناس بهذه العملية الانتخابية، فقد لجأ وبشكل قذر جدا لخطاب طائفي بغيض ومقيت.
هو يدرك جيدا ان هذا الخطاب لازال صالحا، ويستطيع به جر الناس الى مواقعه التي يريدها، فبرنامجه الانتخابي يتمحور حول "حماية المذهب"، وهذه فكرة ناجحة، خصوصا وان المجتمع الى الان يصغي لمثل هذه الترهات.
ان جلال الدين الصغير ليس رجل دين الوحيد الذي يتفوه بمثل هذه الخطابات القذرة، بل انه فرد ضمن جوقة من رجال دين تعزف لحنها المحبوب عندها، لحن الطائفية البغيضة، ومعروف بيد من عصا المايسترو، او من يقود هذا الكورال الطائفي.
#طارق_فتحي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟