طارق فتحي
الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 20:50
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تقول الأسطورة اليونانية ان الملك اوجياس كان شديد الإهمال، وكان يملك مواش كثيرة، يضعها في حظائر كبيرة جدا، وقد تراكمت الاوساخ والازبال ومخلفات المواشي فيها، واتفق هذا الملك مع هرقل على تنظيفها، بمقابل اعطاءه بعضا من هذه المواشي، وبالفعل فأن الخارق للعادة هرقل ينجز عمله، وينظف اسطبلات وحظائر الملك اوجياس.
العملية السياسية في العراق هي "بالوعة مجاري" ممتلئة بالقذارات، لا يمكن تنظيفها، حتى لو حرفنا مجرى نهري دجلة والفرات، كما فعل هرقل، بتحويله نهري الفيوس وبينوس، فهذه العملية ومنذ ثمانية عشر عاما وهي تنتج الفضلات من السياسيين، مخلفات بريمر وبوش ورايس، الذين اداروا ادبارهم نحونا، ليلقوا علينا هراءاتهم، ليشكلوا طبقة سميكة من الرواسب القذرة، والتي تشم روائحهم الكريهة حالما تنظر إليهم.
لقد تعايشنا-ولا زلنا- رغما عنا مع هذه العملية السياسية البغيضة "بالوعة المجاري"، التي سلبت حياتنا، وقتلت كل ما هو جميل فينا، تحول البلد الى خراب، وأضحى اطلالا، عكسوا صورتهم وثقافتهم وفكرهم القروسطي الظلامي، قتل ونهب وفساد وتهجير وذكورية وحروب طائفية وقومية.
تشرين ارادت ان تزيل هذه الحظيرة النتنة لا تنظيفها، ارادت تهديمها ورميها في المزابل، لكن مسؤولي هذه الحظيرة ورعاتها لم يوافقوا، وبدأت عملية قمع غير مسبوقة، راح ضحيتها المئات من شبيبة رائعة، فضلا عن الالاف من الجرحى والمغيبين.
رغم قذارة هذه العملية السياسية، والتي شكلت لها طبقة سميكة من الرواسب، الا ان هناك من يريد تنظيفها، باللهاث نحو الانتخابات، كيف ذلك؟ لا نعلم؛ لكن لنتخيل فقط ان الحزب "س" اليساري والعلماني والليبرالي نجحوا بالوصول الى قبة البرلمان "البالوعة"، ولنتخيل أحد افراد هذه الاحزاب وهو في البرلمان يطالب "بمحاكمة قتلة المتظاهرين"، والجميع يعرف من هم القتلة، انه يجلس في مقعده، يصادف ان يجلس على يمينه "حسن سالم" وعلى شماله يجلس "حسين مؤنس" وخلفه يجلس "حسن الشمري" وامامه يجلس "عدي عواد"، ومحسن المندلاوي ينظر إليه، ولك ان تتخيل الموقف "الديموقراطي"؟
إذا كان هرقل قد استطاع تنظيف اسطبلات اوجياس في يوم واحد، وهي التي تراكمت على مدى ثلاثين عاما، فأن الانتخابات هذه او غيرها سوف لن تنظف شيئا، بل ستلوث المزيد من الذين يدخلون في هذه الحظيرة.
#طارق_فتحي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟