طارق فتحي
الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 17:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أكثر مؤسسة تلعب بشكل صحيح او تتقن لعبتها هي المؤسسة الدينية الرسمية، فمنذ احداث 2003 وهي توهم الناس انها غير معنية بالشأن السياسي، او ان عملها يقتصر على المشورة وابداء الرأي، او أنها تعطي النصائح للقائمين على العملية السياسية، او ترشد الناس عما يمكن ان يفعلوه بخصوص الوضع السياسي.
هي تسمح الى حد ما بنقدها، لكن بجوانب محددة، هناك قضايا لا يمكن او لا ترضى ان يتعرض لها أحد، او لنقل هناك أشياء لا تسمح بالمطلق الاطلاع عليها، خصوصا الجوانب الاقتصادية لهذه المؤسسة، فزعماء هذه المؤسسة "الاونانكي" يعيشون في أماكن فقيرة وبائسة، وهو ما يوهم ان لا وضع مالي لهذه المؤسسة، وحتما هذا زيف ووهم.
قادة العملية السياسية يتابعون بدقة ما يصدر عن هذه المؤسسة، فتجد مثلا كلمات "المؤسسة راضية عن س" او "أغلقت أبوابها امام ص"، وهذا يدل على ان لها اليد الطولى في شكل النظام السياسي.
دقيقة جدا هي في تصرفاتها او ما يخرج منها، لا تدع أي مستمسك عليها، فمثلا عندما تقول لأحدهم ان المؤسسة الدينية دعمت هذه الكتلة او هذا الشخص، يقول لك "انطيني دليل"، وحتى عندما تعرض دليلا معينا، يقول لك هذا "منشور كاذب او مفبرك إعلاميا".
الشيء الأكيد انها لا تترك العملية السياسية ابدا، فهي الربان لهذه السفينة، لكن ربان غير مرئي مثل "قراصنة الكاريبي"، في بعض الأحيان وعندما يشتد الغضب الجماهيري على العملية السياسية، وتعتزل الناس عن الانتخابات، تسارع بإلقاء النصيحة للناس، مثلا جملة "المجرب لا يٌجرب"، فهذه الجملة اخذت حيزا كبيرا داخل المجتمع، هي في حقيقتها هلامية، لا تستطيع مجادلتها، فاذا فشلت الحكومة "س"، يقال لك "لقد قالت المؤسسة الدينية: المجرب لا يجرب"، أي انها تلقي اللوم على الناس، فاذا قلت مثلا "انها لم تعطني اوصاف شخص ما لأنتخبه"؟ يقال لك "انت انسان عاقل وتستطيع ان تختار"... وهكذا تجري الأمور.
هذه المرة خرجت بجملة "الصالح الأمين"، وهذه الجملة أيضا فيها مكنون سري لا يمكن الوصول له، فمن هو الصالح الأمين في هذه العملية السياسية؟ ما هي سياسته؟ كيف يمكن التعرف عليه؟ هل مواصفات محددة؟ لسان حالها يقول لك "حير بروحك"!
من الممكن ان تجد أحدا يفسر لك "الشيء في ذاته" الكانطي، ومن الممكن ان تجد أحدا يعرف لك "الفكرة المطلقة" لهيجل، وأيضا من الممكن إيجاد شخص يقرب لك مفهوم "الدازاين" لهايدجر؛ لكن لا يمكن ان يفسر أحدا جمل وعبارات المؤسسة الدينية، فهي نصوص مقدسة يحار المرء في تفسيرها وتأويلها.
#طارق_فتحي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟