داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد أكثر من ثلاث عقود من الزمن، تعاقبت على العراق حكومات لا تختلف كثيراً في جوهرها وإن اختلفت في شعاراتها وأسماء أحزابها. وعود كثيرة أُطلقت، وخطط تنموية رُسمت على الورق، لكن الواقع بقي كما هو، بل ربما ازداد سوءاً. الفساد أصبح جزءاً من المنظومة، متجذراً في مؤسسات الدولة، يتغذى على ضعف القانون وعلى غياب المحاسبة، حتى صار المواطن البسيط يشعر أن المال العام بات ملكاً لفئة محددة تتقاسمه فيما بينها تحت مسميات مختلفة. كيف يمكن لإنسان أن يمنح صوته مرة أخرى لمن خذله مراراً؟.
وفضلًا عن كل هذا، الدمار هذ الذي لحق بالبلد حيث لم يكن نتيجة الحروب وحدها، بل بسبب سوء الإدارة وغياب الكفاءة واحتكار السلطة بيد من لا يهمهم سوى البقاء في مناصبهم. الموارد الهائلة التي يمتلكها العراق كان يمكن أن تبني بلداً مزدهراً، لكنها ذهبت أدراج الرياح، سرقتها أيدٍ لا تشبع ولا تملّ. مشاريع تُعلن ثم تتبخر، وخدمات تُوعد بها المدن ولا تصل، بينما يعيش المواطن يومه بين انقطاع الكهرباء وغياب الماء وغلاء الأسعار. لا معنى للانتخاب في ظل نظام لا يحترم إرادة الناس، بل يستخدم أصواتهم غطاءً لشرعيةٍ زائفة.
أما الطائفية، فهي السلاح الأخطر الذي استخدموه لتفريق الناس وإدامة بقائهم في الحكم. جعلوا الانتماء المذهبي والعرقي مقياس الولاء، وغابت الوطنية الحقيقية خلف شعارات متشددة تزرع الكراهية في النفوس. كلما اقتربت الانتخابات، تبدأ الأصوات الطائفية بالعلو، وكأنها الوصفة السحرية لاستعادة المقاعد، لا لقيادة بلد موحد. لقد تعب العراقيون من هذه اللعبة القذرة التي لم تنتج سوى الدم والخراب والخيبة.
لهذا لن أنتخب؛ لأن الانتخاب في ظل هذا الواقع لم يعد تعبيراً عن الأمل، بل صار مشاركة في إعادة إنتاج الفشل نفسه. لا يمكن التغيير عبر صناديق تحرسها ذات الوجوه التي تسرق أحلامنا منذ سنين. وأنا كمواطن عراقي، أؤمن أن الإصلاح الحقيقي لا يأتي عبر الشعارات ولا عبر صناديق مغلقة، بل عبر وعي الناس ورفضهم القاطع لكل أشكال الاستغلال السياسي والطائفي. لن أنتخب لأنني لا أريد أن أكون جزءاً من كذبة تُعاد كل أربع سنوات، ولأن صوتي أثمن من أن يُمنح لمن لا يستحقه.
المواطن العراقي: داود السلمان: بغداد/ 10/ 11/ 2025، قبل أجراء الانتخابات بسويعات.
#داود_السلمان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟