أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود السلمان - إلى أين يمضي الفساد في العراق














المزيد.....

إلى أين يمضي الفساد في العراق


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 20:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفساد في العراق لم يعد ظاهرة عابرة أو حالة طارئة يمكن التعامل معها عبر حلول ترقيعية أو حملات إعلامية محدودة، بل تحول إلى منظومة متجذرة تمارس تأثيرها في كل مفصل من مفاصل الدولة، من الإدارة المحلية إلى أعلى مستويات السلطة. ومن المؤسف أن هذه المنظومة تزداد تعقيداً مع كل دورة انتخابية، حيث تتجدد فيها الوجوه، لكن تبقى الأساليب والسياسات والولاءات على حالها، إن لم تزد سوءاً.
ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية القادمة، يطرح المواطن العراقي تساؤلات مشروعة حول جدوى المشاركة في عملية انتخابية كثيراً ما أفرزت نفس الطبقة السياسية التي تتبادل الأدوار فيما بينها دون أن تقدم شيئاً ملموساً للبلد. من البديهي أن يكون لكل نظام ديمقراطي أدواته في محاربة الفساد، وعلى رأسها الانتخابات الحرة والنزيهة، لكن في السياق العراقي، غالباً ما تكون الانتخابات ساحةً لإعادة إنتاج الفساد بدل معالجته. فالأموال السياسية، والتأثيرات الخارجية، والولاءات الطائفية والحزبية، جميعها أدوات تُستخدم لضمان بقاء النفوذ السياسي والاقتصادي بيد قلة قليلة، دون مراعاة لمصالح الشعب أو مقتضيات المصلحة الوطنية.
الفساد في العراق لم يعد يقتصر على سرقة المال العام أو عقد صفقات مشبوهة، بل أصبح وسيلة للإقصاء وتكميم الأفواه وتوزيع الفرص بناءً على الولاءات لا الكفاءات. ومن المحزن أن المواطن العادي، الذي يعاني من انقطاع الكهرباء، وتدهور الخدمات، وغياب العدالة، يجد نفسه محاصراً بين خيارين أحلاهما مر: إما مقاطعة الانتخابات (المقاطعون هم التيار الصدري، وهم نسبة كبيرة من الفقراء، لا يستهان بهم، لكنهم وطنيون وحريصون على بلدهم) بدافع اليأس وعدم الثقة، أو المشاركة على أمل التغيير، وهو أمل كثيراً ما خاب في التجارب السابقة. وبالتالي اعتقد أن الوجوه ذاتها باقية.
لكن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في فضح الفساد أو التنديد به، بل في القدرة على تغييره ضمن أطر مؤسساتية ودستورية. التغيير لا يمكن أن يتحقق دون وعي جماهيري واسع، وضغط شعبي مستمر، ونخب سياسية جديدة تخرج من رحم المعاناة اليومية، وليس من مكاتب الأحزاب أو كواليس الصفقات. ومن هنا تأتي أهمية الانتخابات المقبلة (إن جرت لأنني لا أجزم بأجرائها)، ليس لأنها ستحسم مصير الفساد بين ليلة وضحاها، ولكن لأنها قد تكون لحظة فاصلة لاختبار وعي المجتمع وقدرته على تجاوز الخنادق الطائفية والمصالح الضيقة لصالح مشروع وطني جامع.
وكلنا نعلم، إن الطريق نحو الإصلاح طويل وشاق، لكنه ليس مستحيلاً. لا بد من البدء بخطوات عملية تبدأ من تشريع قوانين تضمن استقلالية القضاء وتعزز من دور الهيئات الرقابية، مروراً بإصلاح النظام الانتخابي ليكون أكثر عدالة وتمثيلاً، وليس انتهاءً بتوفير الحماية للصحفيين والناشطين الذين يكشفون قضايا الفساد. إن صمت الدولة أمام هذه القضايا، بل وتواطؤ بعض أركانها، هو جزء من المشكلة، ولن يكون جزءاً من الحل ما لم تتغير منظومة التفكير السياسي بشكل جذري.
وبالتالي، تبقى الانتخابات القادمة فرصة، لا يمكن إنكار ما يحيط بها من شكوك وتخوفات، لكنها مع ذلك تتيح هامشاً للحركة والتعبير وتغيير المعادلة. المطلوب ليس فقط التصويت، بل المتابعة والمساءلة والضغط المستمر. العراق لا يفتقر إلى الموارد ولا إلى العقول، لكنه يعاني من منظومة سياسية واقتصادية تمارس الفساد كأداة حكم لا كاستثناء. وإذا لم يتم كسر هذه الحلقة المفرغة، فإننا سنبقى ندور في ذات الدائرة، نبدل الأسماء ولكن نحصد نفس النتائج. لذا، فإن مسؤولية مواجهة الفساد تقع على عاتق الجميع: شعباً ومؤسسات، نخبة ومواطنين، انتخاباً ومتابعة، وإلا فإن الفساد سيظل يحكم، والعراق سيظل رهينة له.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس دفاعًا عن ترامب
- احتمالات الذات بين الخيبة والقداسة
- هبّ الله: وجوه الأمومة المفقودة
- أياد الطائي… ضحية وطن
- من بغداد إلى هلسنكي: خيبة الهجرة وصراع الذات
- حين صار الشيطان شيخًا… والفقر طريقًا إلى الجنة!
- نيتشه والمرأة: سردية الحب والعزلة
- حين يكتب الشعر وجعه: قراءة في مجموعة هاجس الزوال
- في العاشرة: كانت تحلم بلعبة فوجدت نفسها زوجة!
- (المدعو) لخضير فليح الزيدي: الهوية كعبء وجودي
- دور رجال اللاهوت في تسطيع العقل وصناعة الجهل*
- دلالة الزمن في السرد
- المثقف المقولب: السلطة بصوت ناعم(36)
- المثقف في مواجهة القوالب الأيديولوجية(35)
- النماذج الفكرية كيف تؤثر على المثقف(34)
- المثقف المقولب: فقدان الاصالة أم اكتساب القوة؟(33)
- نبيّ الخمرة ونقّاد الوهم: تفكيك قصة (دمية راقصة) للكاتب عبد ...
- تأثير التكنولوجيا على قولبة أفكار المثقف(32)
- المثقف والقيود الذاتية: هل المثقف يصنع قيوده؟(31)
- جسر على نهر الاسئلة: الشاعر طه الزرباطي


المزيد.....




- مصر.. تعيين خالد جلال وأحمد مراد وياسر جلال بمجلس الشيوخ.. ل ...
- مصر تعلن قائمة الدول المشاركة في -قمة شرم الشيخ للسلام- والب ...
- فيديو - -متى تُبنى منازلنا من جديد؟-.. سكان غزة يعودون إلى أ ...
- خبير عسكري: تعقيدات لوجستية ستعرقل الإفراج عن أسرى الاحتلال ...
- انقسامات داخل الجمهوريين تربك جهود لوكورنو لتشكيل الحكومة ال ...
- بريطانيا تستبعد إرسال قوات إلى غزة وخبراء يحذرون
- عدد محدود من شاحنات المساعدات يدخل غزة
- نرويجيون يدعمون غزة رياضيا في مواجهة إسرائيل والمنصات تتفاعل ...
- مدريد تؤكد إفراج إسرائيل عن آخر 5 إسبان من أسطول الصمود
- من أسرى القدس القدامى وذوو الأحكام العالية؟


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود السلمان - إلى أين يمضي الفساد في العراق