أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - نيتشه والمرأة: سردية الحب والعزلة















المزيد.....


نيتشه والمرأة: سردية الحب والعزلة


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 16:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان نيتشه، كغيره من الفلاسفة الكبار الذين أثاروا الجدل، يحمل مواقف معقدة ومتضاربة تجاه العديد من القضايا، غير أن موقفه من المرأة ظل من أكثر المسائل التي استوقفت قرّاءه ونقّاده على حد سواء. فقد بدا أن نيتشه عبّر عن عداء أو على الأقل ازدراء للمرأة في مواضع عديدة من أعماله، متأثرًا في ذلك إلى حدّ ما بأستاذه المبكر وملهمه في بداياته الفلسفية، آرثر شوبنهاور. لكن رغم هذا التوازي في النظرة، فإن نيتشه لم يكن مجرد صدى لأفكار شوبنهاور، بل كانت مواقفه أكثر تعقيدًا وملتبسة الطابع، حيث اختلط فيها الفلسفي بالشخصي، والرمزي بالمباشر، والسخرية بالحكم القاطع. شوبنهاور، الذي كان له تأثير بالغ في تكوين الفكر النيتشوي في مراحله الأولى، صاغ أحد أكثر المواقف عدائية تجاه المرأة في تاريخ الفلسفة الغربية. فقد صوّرها بوصفها كائنًا دونيًا، ضعيف الإرادة، تافه العقل، مدفوعًا فقط بالغريزة، ومحرومًا من القدرة على السمو العقلي أو الأخلاقي. وكان شوبنهاور صريحًا إلى درجة القسوة في التنقيص من شأن المرأة، وعدّها عقبة أمام كل مشروع فلسفي أو روحي حقيقي، بل عائقًا أمام تطور الإنسانية ذاته، كما ذكرنا هذا في الفصل السابق. وقد وجدت هذه النظرة صدى واضحًا في بعض كتابات نيتشه، خاصة حين يستخدم تعبيرات قاسية أو تهكمية، فيها قدر من التعميم أو التنميط، حيث يُحصر دور المرأة في وظيفتها البيولوجية أو في علاقتها بالرجل، لا بوصفها كائنًا مستقلاً بذاته.(1)
لكن ما يميز نيتشه عن أستاذه هو ذلك التوتر الحاد في مواقفه، إذ لم يكن موقفه من المرأة قائمًا على منطق بيولوجي أو أخلاقي واضح كما هو الحال عند شوبنهاور، بل جاء في إطار نقده الأوسع للثقافة والمجتمع والأخلاق. فعندما يهاجم المرأة، فإنه غالبًا ما يهاجم صورة المرأة كما صاغها المجتمع البورجوازي، أو كما فرضتها الأخلاق المسيحية، التي طالما ندد بها نيتشه بوصفها أخلاق الضعفاء. والمرأة في هذا السياق تتحول إلى رمز لشيء أكبر: لروح التقليد، أو للغرائز التي تعيق إرادة القوة، أو للتواطؤ مع النظام الأخلاقي القائم الذي يعادي الحياة. لهذا، لم تكن كراهيته، إن صح التعبير، موجهة نحو النساء بوصفهن أشخاصًا، بل نحو فكرة المرأة بوصفها تمثل جزءًا من البنية الثقافية التي أراد نيتشه تقويضها. رغم ذلك، لم يكن نيتشه عادلًا في نظرته للمرأة، وغالبًا ما وقع في فخ الأحكام المسبقة والتعميمات القاسية، كما في قوله إن المرأة "لا تصلح للصداقة"، أو حين يعتبرها أقرب إلى الطفل، أو يُثني عليها فقط حين تكون صامتة أو طيعة. ومن أكثر عباراته شهرة وإثارة للجدل قوله: "إذا ذهبت إلى النساء فلا تنس السوط"، وهي مقولة وردت في "هكذا تكلم زرادشت"، وفسّرت غالبًا على أنها تعبير صريح عن العنف الرمزي أو المادي تجاه النساء. ومع أن البعض رأى في هذه العبارة نوعًا من التهكم أو التوصيف المجازي لعلاقة القوة والصراع بين الجنسين، فإن نبرتها لا تخلو من نظرة دونية تنمّ عن عدم ثقة بالمرأة، أو اعتبارها مصدر تهديد مستمر لعالم الرجل وتفوقه العقلي.(2)
من المهم أيضًا الإشارة إلى أن علاقة نيتشه بالمرأة لم تكن نظرية فقط، بل كانت شخصية ونفسية بامتياز. فقد عاش حياة عزوبية، وفشل في علاقاته العاطفية، خاصة مع لو أندرياس- سالمه، المرأة الوحيدة التي ارتبط بها عاطفيًا وأبدى رغبة جدية في الزواج منها، لكنها رفضته. هذا الرفض يبدو أنه ترك جرحًا نرجسيًا عميقًا في نفس نيتشه، وربما عزز من شعوره بالفشل في فهم المرأة أو التعامل معها، وكرّس من مواقفه السلبية. غير أن ذلك لا يبرر بالضرورة العبارات التي صدرت عنه، لكنه يجعلنا نفهم أن فلسفته، كما هو حال معظم الفلسفات، لا تنفصل عن التجربة الشخصية والذاتية.
في الوقت ذاته، لا يمكن أن نغفل أن نيتشه، في مواضع قليلة وإن كانت نادرة، أبدى إعجابًا خفيًا بقوة المرأة الفطرية، أو بدهائها وغريزتها للحياة، والتي قد تتفوق على الرجل في بعض السياقات. فبينما كان يحتقر "الإنسان الضعيف" في العموم، سواء كان رجلاً أو امرأة، فإنه لم يُنكر أن المرأة في بعض تجلياتها تمثل الحياة نفسها، الحياة في عنفوانها الخام، غير المروّض، الذي يفيض بالحيوية والمكر والرغبة في البقاء. هذا التناقض هو ما يجعل من موقف نيتشه تجاه المرأة أقرب إلى عقدة فلسفية ونفسية في آن معًا، لا يمكن حسمها بسهولة.(3)
لقد ألهمت فلسفة نيتشه، رغم طابعها الذكوري الظاهري، عددًا من المفكرين والمفكرات النسويين، الذين وجدوا في دعوته إلى تحطيم الأوهام، وتجاوز الإنسان الحالي نحو "الإنسان الأعلى"، مجالاً خصبًا لإعادة النظر في أوضاع المرأة، لا سيما باعتبارها تمثل أحد أبرز وجوه الآخر في الثقافة الذكورية الغربية. فربما لم يكن نيتشه نصيرًا للمرأة، لكنه قدّم أدوات نقدية تساعد في تفكيك البنى الثقافية التي ساهمت في تهميشها. لذلك، فإن موقفه السلبي تجاه المرأة، وإن بدا في ظاهره تيمّنًا بشوبنهاور، إلا أنه انطوى على طبقات أعمق من التوتر الفلسفي، والرمزية، والتمزق النفسي، جعلت منه أحد أكثر المواقف إثارة للتأويل في الفلسفة الحديثة.
نيتشة ضد الزواج
لقد أعرض نيتشه عن الزواج، لا فقط تأثرًا بأفكار فلسفية أو بمواقف أستاذه شوبنهاور، بل لأن رؤيته للحياة، وللحب، وللنساء، كانت محكومة بنظرته الخاصة إلى الوجود والإنسان والمعنى. كان الزواج بالنسبة إليه مؤسسة اجتماعية تقوم على قيود وأدوار نمطية تُكبّل الفرد وتُعيق تحقّقه الذاتي، وهو الذي كان يرى أن الإنسان يجب أن يسمو فوق الأعراف السائدة ويشقّ طريقه الخاص نحو ما سماه "الإنسان الأعلى". وفي هذا السياق، لم يكن الزواج مجرد علاقة عاطفية أو التزام إنساني، بل كان رمزًا للخضوع، للتقاليد، للركون إلى السكينة، وهي أمور تعارض تمامًا فلسفة نيتشه التي تمجّد الصراع، والتحوّل، والارتقاء المستمر.(4)
وقد تعزز موقف نيتشه السلبي من الزواج بعد خيبته العاطفية مع لو أندرياس- سالمه، تلك المرأة المثقفة التي انجذب إليها فكريًا وعاطفيًا، لكنه لم يجد منها إلا الصدّ والرفض. هذا الفشل الشخصي، الذي تكرر في أكثر من تجربة عاطفية قصيرة وسطحية، جعله يتخذ موقفًا أكثر حدة من النساء ومن فكرة الارتباط بهن. لم يكن نيتشه يثق بالحب بمعناه الرومانسي، وكان يرى أن العواطف تُضعف الإرادة وتشوّش الفكر، لا سيما إذا خضع الرجل لها في علاقة غير متكافئة مع امرأة قد تحكمها الغريزة والمكر لا العقل والتأمل، بحسب تصوره.(5)
وفي نصوصه، كان يتحدث عن الزواج بوصفه شركًا أو فخًا يُبعد الإنسان عن مسعاه الحقيقي في تجاوز نفسه، إذ أن الزواج، في نظره، يولّد التكرار والرضى بالمألوف، بينما الفيلسوف – كما يرى نيتشه – يجب أن يعيش في عزلة فكرية وروحية، لا يرتكن إلى الراحة، ولا يستسلم لنداءات الغريزة أو المجتمع. لذلك، لم يكن عزوفه عن الزواج مجرد خيار شخصي، بل كان جزءًا لا يتجزأ من مشروعه الفلسفي، ومن تمرده على كل ما يُعتبر مقدسًا أو طبيعيًا في الثقافة الغربية.
ورغم أنه عبّر في بعض المواضع عن تقدير نادر للحب بوصفه تجربة وجودية قوية، إلا أنه كان يعتبر الحب الحقيقي محصورًا بين القلائل، وربما مستحيلًا في العالم الحديث الذي يهيمن عليه الانحطاط والنفاق. وحتى حين تحدّث عن إمكانية الزواج "النبيل"، فقد اشترط أن يكون في إطار علاقة يتفوق فيها الرجل فكريًا وروحيًا، بحيث لا يصبح أسيرًا للمرأة، بل قائدًا لها. من هنا، فإن رفضه للزواج لم يكن تعبيرًا عن نفور فحسب، بل تموضعًا وجوديًا ضد ما رآه من تدهور في العلاقات الإنسانية، وخضوعها لقيم الضعف والراحة والتكرار.(6)
وبذلك، لم يكن نيتشه مجرد عازف عن الزواج على المستوى الشخصي، بل كان ناقدًا شرسًا لمؤسسة الزواج بوصفها تعبيرًا عن انسحاب الإنسان من معركة الصيرورة والتحول. فكما أعرض عن الدين، والأخلاق التقليدية، والمؤسسات السياسية، كذلك أعرض عن الزواج، لأنه كان يرى فيه قيدًا آخر على الحرية والإرادة الفردية، تلك الإرادة التي رأى فيها جوهر الحياة نفسها.
عدو المرأة اللدود
حتى اتُّهِم نيتشه بأنه عدوّ المرأة، فقد كانت كتاباته تزخر بعبارات قاسية وصادمة تُجاهها، تُستشف منها نبرة من الازدراء والتشكيك في قدرة المرأة على الارتقاء الفكري أو المشاركة الجادة في مشروع الإنسان الأعلى الذي تصوره. وقد عززت هذه النظرة المتشددة، والمتكررة في أكثر من عمل له، فكرة عدائه للمرأة في أذهان كثير من النقّاد، حتى أصبح من المألوف تصنيفه ضمن قائمة الفلاسفة الذكوريين الذين لم يُخفوا نظرتهم الدونية للأنثى، أو الذين رأوا في المرأة كائنًا أدنى من الرجل، وأقرب إلى الغريزة منها إلى العقل، وأقل شأنًا من أن تُعهد إليها مسؤوليات فكرية أو وجودية. غير أن وصف نيتشه بعدوّ المرأة ليس دقيقًا تمامًا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الطبيعة الاستفزازية والرمزية لفلسفته، التي لا يمكن أن تُفهم حرفيًا أو تُجزأ من سياقها الأشمل. صحيح أنه أطلق تعميمات جارحة، وربط المرأة بالضعف والمكر، وقلّل من شأنها الفكري، وتحدث عنها بلغة فيها الكثير من الاحتقار الصريح أحيانًا، لكنه في الوقت نفسه كان يستخدم صورة المرأة كأداة رمزية أو استعارة فلسفية في كثير من المواضع، ما يجعل تفسير أقواله أمرًا يحتاج إلى حذر وتأمل. على سبيل المثال، حين يقول: "المرأة ليست بعدُ قادرة على الصداقة، إنها لا تعرف إلا الحب"، قد يُفهم كلامه كتقليل من شأن المرأة، لكنه في عمقه يعكس تصورًا معيّنًا للمرأة بوصفها تمثل طبيعة الحياة، اللاعقلانية، الحسية، التي لا تدخل في علاقات مجردة أو منطقية، بل في علاقات مشبعة بالعاطفة والغريزة.
ومع كل ذلك، لا يمكن تبرئة نيتشه تمامًا من التحيّز الذكوري، إذ أن الكثير من تعبيراته تتجاوز المجاز الفلسفي لتصبح أحكامًا صريحة تنمّ عن احتقار صريح للمرأة ككائن أدنى. فهو لم يترك مجالًا كبيرًا لرؤية المرأة كفرد قادر على التفكير الحر أو العمل الفلسفي أو حتى الإرادة القوية. بل إن معظم تصوراته للمرأة كانت تتمحور حول علاقتها بالرجل، كزوجة، كأم، كمحبوبة، لا كمفكرة أو صاحبة مشروع ذاتي. ومن هنا، جاءت تهمة عدائه للمرأة، لأنها لم تُبْنَ فقط على عبارات مقتطعة، بل على تصور فلسفي عام ينكر على المرأة القدرة على أن تكون جزءًا من مسار التجاوز والتفوق الذي يدعو إليه. ولأن نيتشه رفض الزواج، وهاجم النساء في أكثر من موضع، واعتبر المرأة كائنًا مشبعًا بالحيلة والغريزة، كان من الطبيعي أن يُتهم بالعداء لهن. خاصة أن هذا العداء لم يكن عارضًا أو محصورًا في نص واحد، بل كان حاضرًا في مجمل نتاجه، يتكرر بصيغ مختلفة، ويأخذ في بعض الأحيان طابع السخرية السوداء، وفي أحيان أخرى طابع الإدانة الفلسفية. وقد تعزز هذا الانطباع السلبي عنه عند بعض النقاد النسويين الذين رأوا في فكره تأصيلاً لفلسفة التمييز بين الجنسين، وتكريسًا لفكرة التفوق الذكوري بوصفه وحده القادر على حمل مشروع الإرادة والقوة.(7)
ومع ذلك نرى إنه، لا يخلو فكر نيتشه من لحظات غامضة يُلمح فيها إلى نوع من الإعجاب الغريب بالمرأة، لا لكونها مفكرة أو شريكة ندية، بل لكونها تجسيدًا للحياة الخام، للغرائز المتدفقة، للقوة غير الواعية. وهذا التناقض في رؤيته جعل من الصعب الحكم عليه حكمًا قاطعًا. فهل كان حقًا يكره المرأة؟ أم كان يستخدمها كمجاز فلسفي ليعبر عن رفضه لقيم معينة ترتبط – في تصوره – بالأنوثة؟ هل كان نقده موجّهًا إلى المرأة كشخص حقيقي، أم إلى صورة اجتماعية ثقافية للمرأة كما شكلها المجتمع الأوروبي في عصره؟. هذه الأسئلة ما زالت مفتوحة، وتجعل من نيتشه شخصية فلسفية عصيّة على التصنيف السريع.
كما يمكن القول إن نيتشه اتُّهِم بعداوة المرأة لأنه كتب ضدها بلا تلطيف، ولم يُخفِ احتقاره لها في كثير من المواضع، كما لم يمنحها مكانة في مشروعه الفلسفي تتجاوز كونها تابعة أو خصمًا للرجل. لكن فهم هذا الموقف يحتاج إلى قراءة دقيقة، تتجاوز سطح النصوص، وتضعها في سياقها الوجودي والفكري، لأن نيتشه لم يكن عدوًا للمرأة بقدر ما كان عدوًا لكل ما رآه ضعفًا أو انحدارًا في الروح الإنسانية، وللأسف، كان يرى في المرأة تجسيدًا لكثير من هذه المعاني، وفقًا لمنظوره الخاص والمثير للجدل.(8)
وفي كتابه "“هكذا تكلّم زرادشت"، لم يتردد نيتشه في نعت المرأة بأقسى النعوت، بل كانت رؤيته لها تتخذ طابعًا تهكميًا، ساخرًا، بل وعدائيًا في كثير من المواضع. ففي هذا الكتاب الذي يُعدّ من أهم أعماله وأكثرها شاعرية ورمزية، ظهرت صورة المرأة بوصفها كائنًا خادعًا، ضعيفًا، ومأخوذًا بالرغبة والغريزة أكثر من العقل أو الإرادة الحرة. ولم تكن هذه الصورة مجرد انعكاس لرؤية شخصية بحتة، بل جاءت متداخلة مع تصور نيتشه للعالم، حيث يربط المرأة بالحياة الدنيا، وبكل ما هو مكرّر، مألوف، وعاجز عن تجاوز نفسه.(9)
ولعلّ أكثر المواضع التي أثارت الجدل في هذا السياق هي تلك العبارة الشهيرة على لسان زرادشت، مخاطبًا أحد أتباعه قائلاً: "إذا ذهبت إلى النساء؟، لا تنس السوط!". هذه الجملة، رغم ما فيها من مجاز وسخرية محتملة، استُقبلت بوصفها تعبيرًا فجًّا عن ميل ذكوري سلطوي، يعكس رغبة في السيطرة على المرأة وتحجيمها، أو حتى التهديد باستخدام العنف ضدها. وقد سارع كثير من النقاد إلى اعتبارها دليلاً واضحًا على عدائه للنساء، خاصة أن النص لم يقدّم أي تلطيف أو توضيح يخفف من وطأة العبارة، بل جاء في سياق يوحي بالتحذير من المرأة، بوصفها كائنًا لا يمكن الوثوق به، كائنًا ماكرًا بطبعه، لا يُجيد سوى الإغواء والتمويه.(10)
وفي نفس العمل، تظهر المرأة أيضًا على لسان زرادشت بوصفها غير قادرة على التفكير العالي، وبأن وظيفتها محصورة في الخضوع، والخدمة، والإنجاب. فالمرأة، في هذا التصور، ليست سوى وسيلة للحياة، للحفاظ على النوع، لكنها لا تملك القدرة على أن تساهم في مشروع الإنسان الأعلى، لأنها لا تمثّل إرادة القوة، بل الخضوع إلى القوة. ومما يزيد من قسوة هذا الطرح هو أن نيتشه – عبر صوت زرادشت – لم يمنح المرأة حتى فرصة الخلاص من هذه الصورة، بل بدت المرأة في كل الأحوال محكومة بطبيعتها، أسيرة غريزتها، خاضعة لدورها التناسلي والاجتماعي.
ورغم أن كتاب "هكذا تكلّم زرادشت" مليء بالأسلوب النثري الشاعري، والاستعارات الفلسفية، فإن حديثه عن المرأة جاء خاليًا من أية محاولة لإضفاء بُعد وجودي أو تحرري على حضورها في النص. على العكس، كانت المرأة تُعرّف دومًا من خلال علاقتها بالرجل، من خلال جسدها، ومن خلال وظيفتها في خدمة إرادة الرجل. وهذا ما جعل بعض القرّاء يرون أن نيتشه، في هذا الكتاب بالذات، قدّم أقصى تعبير عن عدائه للمرأة، دون مواربة أو تجميل. وهناك من يحاول أن يقرأ هذه العبارات قراءة رمزية، معتبرين أن المرأة في هذا السياق ليست بالضرورة كائنًا بيولوجيًا، بل رمزًا للغريزة، للطبيعة، للعالم الأسفل الذي يُعيق السمو والتجاوز. وفق هذا التفسير، فإن “المرأة” تمثل كل ما هو ضد الإرادة الحرة، ضد التفوق، ضد المشروع النيتشوي للارتقاء بالإنسان نحو ما هو أعلى من ذاته. لكن حتى مع هذا التأويل الرمزي، فإن استخدام نيتشه لصورة المرأة بهذه الطريقة يحمل دلالات ثقافية وجندرية لا يمكن تجاهلها، خاصة أنه لم يستخدم رموزًا أخرى تماثل المرأة في تمثيل هذه الصفات، بل خصّها بها، وبصورة متكررة.(11)
وإذا كان نيتشه قد سعى إلى قلب كل القيم التقليدية، فإن نظرته للمرأة ظلت، محكومة بتقاليد وموروثات ذكورية قديمة، فيها كثير من التحقير والاختزال. بل إن تلك النعوت التي وصف بها المرأة – من قبيل المكر، الضحالة، عدم القدرة على الصداقة، والخضوع – تكشف عن موقف لا يمكن تبريره بالكامل بذرائع فلسفية أو تأويلية، بل تنمّ عن تحامل حقيقي، له جذوره في تجربة نيتشه الشخصية، ونظرته السوداوية للطبيعة البشرية عمومًا.
ومن هنا، فإن "هكذا تكلّم زرادشت"، رغم قيمته الأدبية والفكرية، يُعدّ أحد أبرز النصوص التي رسّخت صورة نيتشه كعدوّ للمرأة، أو على الأقل كفيلسوف لم يرَ فيها سوى وجهًا واحدًا: الوجه الذي يُعيق الإرادة، ويقود إلى التكرار، ويُبقي الإنسان أسيرًا لما هو أدنى. وهي صورة بقيت عالقة في تاريخ الفكر، وما تزال تُناقش وتُعاد قراءتها إلى اليوم.(12)
نيتشه وأخته
إن علاقة نيتشه بشقيقته إليزابيث فورستر نيتشه كانت، في مراحل عديدة من حياته، علاقة طيبة وحميمة، على الأقل في سنوات الشباب والطفولة، حيث كانت إليزابيث الأقرب إليه داخل أسرته، وتشاركت معه لحظات كثيرة من التكوين المبكر، والقراءة، والحياة العائلية، خصوصًا بعد وفاة والدهما في سن مبكرة. فقد كانت إليزابيث ترافقه في رحلاته أحيانًا، وتهتم بصحته، بل كانت ترى فيه عبقريًا فريدًا منذ شبابه، وأعجبت به إعجابًا شديدًا، فبذلت جهدًا كبيرًا لتقديمه إلى العالم بعد انهياره العقلي ووفاته لاحقًا. لكن هذه العلاقة، رغم طيبتها الظاهرية في البداية، شابها لاحقًا توتر عميق، وخلافات فكرية وأخلاقية لا يمكن التغاضي عنها. فقد كانت إليزابيث امرأة ذات ميول قومية ألمانية متطرفة، ولاحقًا أصبحت من المؤيدين الأوائل للفكر النازي، وهو ما يُناقض جوهر فلسفة نيتشه التي كانت معادية لكل أشكال القومية، ومعادية لمعاداة السامية، وناقدة بشدة للنزعة الجماعية والتبسيطية في فهم الإنسان.(13)
كان نيتشه يرفض زواج إليزابيث من برنارد فورستر، وهو ناشط ألماني معادٍ للسامية، أسس مستعمرة عنصرية في الباراغواي، تقوم على "النقاء العرقي"، وهو مشروع اعتبره نيتشه ضربًا من الجنون، ودليلاً على ضيق الأفق. وقد عبّر صراحة عن رفضه لتوجهات شقيقته السياسية والفكرية، ما أدى إلى قطيعة بينهما لفترة طويلة، خاصة بعد زواجها وسفرها مع زوجها إلى أميركا الجنوبية. ورغم محاولات إليزابيث للتقرب مجددًا من نيتشه بعد وفاة زوجها، فإن العلاقة بينهما لم تعد إلى دفئها السابق، وبدأ نيتشه يشكّ في نواياها، خاصة مع شعوره بالعزلة والانهيار العقلي الذي ألمّ به في سنواته الأخيرة. لكن المثير في العلاقة أن إليزابيث، بعد دخول نيتشه في حالة عقلية من الانهيار الكامل سنة 1889، تولّت رعايته، ورافقته في سنواته الأخيرة إلى حين وفاته عام 1900. وقدّمت نفسها بعد موته باعتبارها الحافظة الوحيدة لإرثه الفلسفي، فتصرّفت في كتاباته، ورتبت أرشيفه، وحرّفت بعض نصوصه، أو أعادت نشرها بطرق خدمت التوجّه القومي الألماني الذي كانت تؤمن به، مما شوّه فلسفة نيتشه لعقود. وأسهمت إليزابيث بذلك في صناعة صورة مزيّفة عن نيتشه بوصفه فيلسوفًا ألمانيًا قوميًا، بل ممهّدًا فكريًا للنازية، رغم أنه كان من أشدّ المعادين لتلك الأفكار في حياته. ورغم كل هذا، لا يمكن إنكار أن العلاقة العائلية بينهما، خاصة في مراحلها الأولى، كانت علاقة مليئة بالتقدير والمودّة. فنيتشه لم يكن يكره النساء عمومًا، ولم يكن يرفض الروابط الإنسانية القريبة، لكنه كان يرى في الزواج، والنساء، والعلاقات، خطرًا على مشروع الإنسان المفكر. إلا أن علاقته بإليزابيث لم تكن قائمة على هذه النظرة، لأنها لم تكن امرأة أخرى بالمعنى الفلسفي الذي هاجمه، بل كانت جزءًا من حياته المبكرة، وربما من القليلين الذين تمسك بهم عاطفيًا، حتى حين اختلف معهم لاحقًا.(14)
والحق يقال، إنّ علاقة نيتشه بشقيقته تعكس جانبًا إنسانيًا مهمًا في حياته: التناقض بين أفكاره الفلسفية المتشددة، وحاجته العاطفية إلى قرب العائلة، وبين رفضه للمرأة كمفهوم فلسفي، وقربه النسبي من بعض النساء في حياته، مثل شقيقته، ولو أندرياس- سالمه (رغم الخيبة)، وبعض الشخصيات النسائية التي قدرها. وهذا التناقض، كما في كل شيء عند نيتشه، لم يُحلّ، بل ظلّ قائمًا، يُغذّي فلسفته ويمزّقها في آن.(15)
ومع هذا وذاك، في النتيجة فإن نيتشه لم يرتبط بامرأة كزوجة حتى آخر حياته، - كما ذكرنا بداية الفصل هذا - رغم أن سيرته لم تخلُ من العلاقات أو الانجذابات العاطفية العابرة، إلا أن تلك العلاقات لم تُفضِ إلى ارتباط دائم أو زواج رسمي. ومن المعروف أن نيتشه قد تقدم للزواج أكثر من مرة، وأشهر تلك المحاولات كانت مع لوي سالومي، المفكرة الروسية التي أثارت إعجابه بشخصيتها وذكائها، لكنه قوبل بالرفض. كان هذا الرفض مؤلمًا له، وقد ترك أثرًا واضحًا في نفسيته، وربما عمّق شعوره بالعزلة والخذلان. لكن المسألة لا تقف عند حدود الرفض وحده، بل إن شخصية نيتشه الفلسفية والفكرية قد تكون نفسها أحد أسباب عدم نجاحه في إقامة علاقة طويلة الأمد، فهو كان صاحب فكر متطرف في كثير من الأحيان، يقدّس الإرادة الفردية ويمقت المؤسسات الاجتماعية التقليدية، ومنها الزواج، الذي رآه نوعًا من التقييد أو القيد على حرية الفرد وتفرّده.(16)
كما أن ظروف نيتشه الصحية والنفسية كانت تلعب دورًا مهمًا في عزلته، إذ عانى من أمراض مزمنة، جسدية وعقلية، انعكست على حياته الاجتماعية، فأصبح يميل إلى الوحدة والعزلة والتأمل. وهذا الميل لم يكن فقط اضطرارًا بل خيارًا أيضًا، فقد وجد نيتشه في العزلة مجالًا للتفكير والكتابة والتمرد على المألوف. لذلك، فإن عدم ارتباطه بزوجة ليس فقط نتيجة لظروف خارجية، بل يعكس موقفًا فلسفيًا من العالم والعلاقات، موقفًا يرفض الامتثال لمعايير المجتمع في الحب والزواج. وهكذا ظل نيتشه وحيدًا حتى النهاية، لكنه لم يرَ في وحدته هزيمة، بل تأكيدًا على فردانيته وتفرده كفيلسوف أراد أن يعيش ويفكر خارج الأطر التقليدية.(17)
الهوامش
1_ وليم كيلي رايت، تاريخ الفلسفة الحديثة، ص 373 وما بعدها، منشورات دار التنوير الامارات العربية المتحدة، الطبعة الرابعة لسنة 2023، ترجمة محمود سيد أحمد، تقديم ومراجعة إمام عبد الفتاح إمام.
2_ نيتشة، هكذا تكلم زرادشت، منشورات دار الأهلية، عمان الاردن، الطبعة الأولى لسنة 2009، ترجمة فليكس فارس، مراجعة وتدقيق عيسى الحسن.
3_ ديودين لايرتيوس، مشاهير الفلاسفة، ص 300 وما بعدها، منشورات المكتبة العالمية، الطبعة الأولى لسنة 2011، مصر – الجيزة، ترجمة عبد الله حسين.
4_ نايجل واربرتون، مختصر تاريخ الفلسفة، ص 238، وما بعدها، منشورات المكتبة العلمية، الطبعة الأولى لسنة 2019، ترجمة محمد فضل، تقديم علي حسين.
5_ يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة، ص 406 وما بعدها، منشورات دار القلم بيروت، من دون ذكر سنة الطبع.
6_ ماري لومونييه و أود لاسولان، الفلسفة والحب، ص 288 وما بعدها، منشورات التنوير، ترجمة: يدينا مندور، لبنان – بيروت من دون ذكر سنة الطبع.
7_ فردريك نيتشة، إرادة القوة، ترجمة وتقديم محمد الناجي، منشورات أفريقيا الشرق، لسنة 2011. و تاريخ الفلسفة الغربية، برتراند راسل، المجلد الثالث ص 399، ترجمة محمد فتحي الشنيطي – مصر سنة الطبع 1977.
8_ برتراند رسل، حكمة الغرب الجزء الثاني ص 175 وما بعدها، طبعة الكويت ترجمة فؤاد زكريا، سنة الطبع 2009، سلسلة عالم المعرفة بالرقم (364).
9_ فردريك نيتشة، هكذا تكلم زرادشت، ترجمة فليكس فارس، مراجعة عيسى الحسن، دار الاهلية سنة الطبع 2009.
10_ المصدر نفسه. و يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة، ص 406 وما بعدها، منشورات دار القلم بيروت، من دون ذكر سنة الطبع.
11_ وول ديورانت، قصة الفلسفة الحديثة ص 108 زما بعدها المكتبة الفلسفية – بغداد شارع المتني، ترجمة فتح الله محمود المشعشع، الطبعة الأولى لسنة 2017.
12_ المصدر نفسه.
13_ المصدر ذاته.
14_ زكي نجيب محمود و أحمد أمين، قصة الفلسفة الحديثة ص 252، وما بعدها، منشورات دار النخيل لبنان، الطبعة الأولى لسنة 2019.
15_ المصدر نفسه.
16_ المصدر السابق.
17_ قيس هادي أحمد، الدكتور، دراسات في الفلسفة العلمية والانسانية، ص 178 وما بعدها، الطبعة الأولى بغداد لسنة 2000.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يكتب الشعر وجعه: قراءة في مجموعة هاجس الزوال
- في العاشرة: كانت تحلم بلعبة فوجدت نفسها زوجة!
- (المدعو) لخضير فليح الزيدي: الهوية كعبء وجودي
- دور رجال اللاهوت في تسطيع العقل وصناعة الجهل*
- دلالة الزمن في السرد
- المثقف المقولب: السلطة بصوت ناعم(36)
- المثقف في مواجهة القوالب الأيديولوجية(35)
- النماذج الفكرية كيف تؤثر على المثقف(34)
- المثقف المقولب: فقدان الاصالة أم اكتساب القوة؟(33)
- نبيّ الخمرة ونقّاد الوهم: تفكيك قصة (دمية راقصة) للكاتب عبد ...
- تأثير التكنولوجيا على قولبة أفكار المثقف(32)
- المثقف والقيود الذاتية: هل المثقف يصنع قيوده؟(31)
- جسر على نهر الاسئلة: الشاعر طه الزرباطي
- المثقف المقولب في عصر العولمة: تحديات وآفاق(30)
- المثقف والحدود الفكرية: كيف تُرسم(29)
- القولبة الفكرية: خطر على الحوار الثقافي(28)
- المثقف كصانع قوالب أو كضحية لها؟(26)
- أوجاع غير قابلة للغفراف
- الضغوط المؤسسة على حرية المثقف(26)
- هل سيتعافى العراق بعدما حلّ به من دمار؟


المزيد.....




- عرضت رواتب وحماية.. إسرائيل تحذر من مكالمات مفاجئة لمخابرات ...
- الفلسطينيون يشيّعون ضحاياهم وأكثر من 750 ألف فلسطيني غادروا ...
- إيلون ماسك والأمير أندرو: أسماء جديدة في ملفات جيفري إبستين ...
- لأول مرة منذ سقوط النظام.. دمشق تصدر مذكرة توقيف غيابية بحق ...
- ألمانيا تدرس السماح لجيشها بإسقاط المسيرات التي تشكل خطرًا أ ...
- سجن ساركوزي يثير الجدل حول العدالة السياسية في فرنسا قبل است ...
- أوكرانيا -نشرت- منظومة باتريوت للدفاع الجوي -استلمتها من إسر ...
- ليلى شهيد: -الاستيطان هو أداة احتلال أكثر من الجيش الإسرائيل ...
- سوريا تصدر أول مذكرة توقيف غيابية بحق بشار الأسد بتهم القتل ...
- الجزيرة تتوج بجائزة -شبكة العام- في مهرجان كان للإعلام والتل ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - نيتشه والمرأة: سردية الحب والعزلة