داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 14:05
المحور:
الادب والفن
هذه ليست صورتي
هذه لطخةُ خجلٍ مؤطرٍ على ورق،
نسخةٌ خائفة مني،
مُجمّلةٌ بما لا يليق بقلبي.
صورتي الحقيقية
ضاعت بين طبقات الطلاء،
بين فُتات المساحيق،
بين ابتسامةٍ مصطنعة
وشحوبٍ مُعدّ مُسبقًا للعرض.
أعيدوا لي صورتي الأولى.
صورتي التي رسمها الحزنُ بعفويّة،
والفرح الطفولي بلونٍ صادق،
أعيدوا لي تلك الملامح
التي كانت تمشي حافيةً
على أرصفة الذاكرة.
مَن منحكم الإذن
بتغيير بَشرتي؟
من فتح لكم نافذة التزوير
على وجهي؟
من تجرأ على تدوير وجهي
كرقعةٍ سياسية
في ملامحِ هذا الزمن الأخرس؟
هلّا سألتموني أولًا؟
هلّا سألتم ذلك الطفل الذي كنتُه
إن كان يرضى أن يتحوّل إلى هذا الظلّ؟
ما فعلتموه جريمةً،
بتزويري،
بصبغ شعري بما لا أحب،
وبإطفاء عينيّ
اللتين كانتا تحلمان بالطيران.
هذا الوجه ليس وجهي،
هذا التعب ليس لي،
الشفتان صامتتان كأرضٍ ميتة،
والعينان…
أشجارٌ ذابلة في آخر الخريف.
حتى تجاعيدي
تشعر بأنها لا تخصّني.
ثمّة أحدهم سرق خارطتي،
واستبدلني برجلٍ آخر
يشبهني في البؤس
ولا يشبهني في البهاء.
أشعر أن وجهي انقلب،
أنّي أُدير ظهري لذاتي،
أن أحدهم أعاد رسم ملامحي
بطريقةٍ مبتذلةٍ
في غرفةٍ معتمة
وبقلمٍ مرتجف.
ليست هذه صورتي.
صورتي…
كانت تهرب من الأضواء
وتقع في حضن القصيدة.
أما هذه،
فمعلقة على جدار النسيان
كأنها إعلان وفاة مؤجل.
أعترف أنني ضحية مؤامرة
رُسمت بليل،
ونُفّذت ببطءٍ
وبهدوءٍ قاتل.
لم يبقَ لي سوى
أن أكتب شكوى،
تظلّم،
واحدة أخيرة،
وأرفعها إلى الله…
علّه يعرفني
على صورتي التي ضاعت
منّي..
#داود_السلمان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟