أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - العزوف الانتخابي في العراق: الأسباب العميقة ل -مقاطعة الإحباط-














المزيد.....

العزوف الانتخابي في العراق: الأسباب العميقة ل -مقاطعة الإحباط-


قاسم محمد داود
كاتب

(Qasim Mohamed Dawod)


الحوار المتمدن-العدد: 8520 - 2025 / 11 / 8 - 11:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان العراقي المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، لا يزال السؤال الأبرز يدور حول نسبة الإقبال الشعبي. فبينما تسعى القوى السياسية التقليدية إلى حشد مؤيديها عن طريق استثمار الولاءات العشائرية والطائفية، وتوزيع المنافع والوظائف، واستخدام الخطاب الديني والشعارات الوطنية، إلى جانب الوعود بالخدمات وتحسين المعيشة، وحملات إعلامية مكثفة لتشويه الخصوم أو استثارة العواطف، تتفاقم ظاهرة العزوف الانتخابي، متحولة من مجرد خيار فردي إلى مؤشر خطير على فقدان الثقة بالنظام السياسي برمته. إن هذا العزوف ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج تراكُم لخيبات الأمل، واليأس من التغيير، والشعور بأن صناديق الاقتراع أصبحت مجرد أداة لإعادة إنتاج الأزمة. فما هي الأسباب العميقة التي تدفع الناخب العراقي اليوم إلى الامتناع عن المشاركة؟
1. فقدان الثقة وعودة "النخبة المستمرة"
يُشكل تآكل الثقة في العملية السياسية السبب الجذري الأهم. فالناخب العراقي شهد دورات انتخابية متتالية أفرزت حكومات لم تنجح في تطبيق الحد الأدنى من وعودها. تتكرر الوعود بمكافحة الفساد وتوفير الخدمات، لكن الواقع يظل مخيباً. هذا التكرار الفاشل يرسخ قناعة لدى الجمهور بأن الانتخابات لا تتعدى كونها "طقساً" دورياً بلا أي تأثير إصلاحي حقيقي. الأدهى من ذلك هو استمرارية النخبة السياسية ذاتها؛ إذ تتبدل التحالفات وتتغير الأسماء، لكن الوجوه والأجندات الأساسية تبقى ثابتة، مما يعزز الشعور بأن النظام مُغلق وغير قابل للتغيير الديمقراطي عبر الآلية الحالية.
2. إحباط "تشرين" وخيبة أمل التغيير
لعب حراك تشرين عام 2019 دوراً محورياً في تعميق العزوف الحالي. فقد جاءت الاحتجاجات بمطالب واضحة لتغيير بنية النظام، وشهد الشارع العراقي موجة من التفاؤل الحذر بعد تعديل قانون الانتخابات إلى نظام الدوائر المتعددة. لكن العنف الذي وُوجه به النشطاء، إلى جانب الاغتيالات التي لم يُحاسَب عليها أحد بشكل فعّال، خلقت مناخاً من الخوف واليأس. شعر الكثيرون من القوى المدنية والناشئة بأن جوهر مطالبهم قد تم تجاهله، وأن القانون الجديد لم ينجح في كسر هيمنة الأحزاب الكبيرة بشكل فعلي، مما دفعهم إلى اتخاذ قرار المقاطعة كشكل من أشكال الاحتجاج السلبي على تهميش تضحياتهم.
3. هيمنة المال والسلاح السياسي وتحدي النزاهة
تأتي الشكوك حول نزاهة وشفافية الاقتراع كعامل أساسي يدفع الناخبين بعيداً عن صناديق الاقتراع. فالاعتقاد السائد هو أن نتائج الانتخابات لا تتحدد بإرادة الناخب الحر، بل تُحسم بفعل عاملين رئيسيين: المال السياسي الضخم الذي تنفقه الكتل الكبرى في حملاتها، ونفوذ الفصائل المسلحة التي يُنظر إليها على أنها تمارس التهديد أو الضغط في بعض المناطق لترجيح كفة مرشحيها. هذه الشكوك تجعل المواطن يرى أن صوته لا قيمة له أمام آليات التلاعب والتزوير، سواء كانت تقنية عبر الأجهزة الإلكترونية أو ميدانية عبر الضغوط المباشرة.
4. الفشل في إدارة الثروة وتدهور الخدمات
يرتبط العزوف الانتخابي ارتباطاً وثيقاً بالفشل الإداري المتراكم. الناخب يعاقب الطبقة السياسية عبر الامتناع عن التصويت بسبب تردي الخدمات العامة كأزمة الكهرباء والماء المستمرة، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب المتعلم. يُنظر إلى العملية الانتخابية كآلية لإعادة إنتاج طبقة مستفيدة من الفساد المنهجي الذي استنزف ثروات البلاد. وعندما يعجز النظام عن توفير أبسط متطلبات الحياة الكريمة، يفقد المواطن الدافع للمشاركة في اختياره.
5. غياب البديل المقنع وضعف القوى الجديدة
على الرغم من ظهور شخصيات مستقلة وقوى جديدة، يواجه الناخب المحبط صعوبة في رؤية بديل موحد ومقنع يمكنه فعلاً تحدي هيمنة الأحزاب التقليدية الراسخة. غالباً ما تعاني هذه القوى الناشئة من التشرذم، وضعف التمويل، وغياب التنظيم الفعّال على مستوى البلاد، مما يجعل الناخب يشعر بأن المشاركة في التصويت لهم قد تكون مجرد "صوت ضائع" لن يغير من شكل المعادلة الكبرى. بالإضافة إلى أنه رغم تكرار الانتخابات في العراق منذ عام 2005 وحتى اليوم، ظلّت الوجوه السياسية ذاتها تتحكم بالقرار، ولم تتمكن القوى العراقية من إنتاج زعامة وطنية تتجاوز الانقسام المكوناتي وتوحّد الشعب حول مشروع وطني جامع.
وفي الختام:
إن العزوف عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية يمثل إنذاراً سياسياً خطيراً، إذ إنه لا يعكس مجرد لا مبالاة، بل يعبر عن رفض عميق لآليات الحكم الحالية. تشير التوقعات إلى أن تدني نسبة المشاركة قد يمنح الأحزاب التقليدية فرصة للاستفادة من قواعدها الثابتة الصغيرة، مما يؤدي إلى برلمان قد يفتقر إلى الشرعية التمثيلية الواسعة. يضع هذا الواقع تحدياً مضاعفاً أمام الحكومة القادمة، التي ستجد نفسها أمام فجوة ثقة هائلة وشعب يراقبها بعين الشك. الانتخابات المقبلة هي اختبار ليس فقط للقوى السياسية، بل لمستقبل الديمقراطية الهشة في العراق.



#قاسم_محمد_داود (هاشتاغ)       Qasim_Mohamed_Dawod#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولاءات المتعددة... دولة ممزقة بين الهويات
- بعد حرب غزة: من يرسم خريطة الشرق الأوسط… ونهاية الوهم وبداية ...
- الانتداب الناعم على غزة كيف تعيد خطة ترامب إنتاج الوصاية الد ...
- العراقي وصور المرشحين: قراءة اجتماعية–سياسية في مواسم الدعاي ...
- قمة قطر الطارئة: محاولة للتضامن العربي والإسلامي في مواجهة ا ...
- من يملك حق الخوف في الشرق الأوسط؟
- العشيرة والمال السياسي… حين تُختطف الديمقراطية في العراق كيف ...
- فشل التجربة الديمقراطية في العراق بعد 2003: تحليل العوامل ال ...
- -اتفاقيات أبراهيم- مع إسرائيل: تطبيع بلا مقابل
- هل يتكرر مصير مملكة القدس في دولة إسرائيل؟
- مشروعان متصادمان على حساب العرب: إيران وإسرائيل وصراع الهيمن ...
- لا منتصر ولا مهزوم: كيف تدير واشنطن الصراع بين إيران وإسرائي ...
- ازدواجية المعايير في النظر إلى البرامج النووية: إيران تُدان ...
- البرلمان العراقي ومصلحة المواطن: تشريعات غائبة وتغيير مؤجل
- انتخابات بلا ناخبين: أزمة ثقة في الديمقراطية العراقية
- نحو مشروع عربي تكاملي لمواجهة الأطماع الصهيونية والرأسمالية ...
- الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية
- حقائق عن الصراع العربي الإسرائيلي
- العراق: التناقض الصارخ بين الثروة الوطنية والواقع المعيشي لل ...
- ترحيل الغزيين ابتزاز سياسي يتماشى مع مخطط إسرائيلي


المزيد.....




- ما قصة الجدل حول خطة عقارية مثيرة ترتبط بترامب في صربيا؟
- تصوير طائرة مسيرة يظهر بوكروفسك وسط صراع روسيا وأوكرانيا على ...
- روسيا تشن هجومًا واسع النطاق على شبكة الطاقة الأوكرانية مع ت ...
- ارتفاع مهول في رفض لجوء السوريين في ألمانيا
- كوريا الشمالية تهدد باعتماد نهج -هجومي أكبر- عقب انتقادات لإ ...
- مناوي يحذر من تقسيم السودان والجيش يتصدى لمسيّرات الدعم السر ...
- إصابة مزارعين وصحفيين ومتضامنين أجانب بهجمات مستوطنين في الض ...
- القبض على مسؤول أمني بنظام الأسد متهم بجرائم ضد المدنيين
- صحف عالمية: مصير مقاومي رفح ما زال عالقا وإسرائيل تقتل أطفال ...
- انتقادات للحكومة وجدل في البرلمان التونسي لمناقشة الموازنة


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - العزوف الانتخابي في العراق: الأسباب العميقة ل -مقاطعة الإحباط-