أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - بعد حرب غزة: من يرسم خريطة الشرق الأوسط… ونهاية الوهم وبداية صراع الخرائط














المزيد.....

بعد حرب غزة: من يرسم خريطة الشرق الأوسط… ونهاية الوهم وبداية صراع الخرائط


قاسم محمد داود
كاتب

(Qasim Mohamed Dawod)


الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 04:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل مرة تشهد فيها غزة موجة عنف جديدة، يتجدد السؤال القديم: كيف سيتشكل مستقبل الشرق الأوسط بعد هذه الحروب المتكررة؟ الحرب الأخيرة لم تكن مجرد صراع محلي، بل انعكاس لصراعات أوسع تشمل القوى الإقليمية والدولية، من إيران وتركيا وصولاً إلى الولايات المتحدة. وبينما يحاول كل طرف تأكيد نفوذه، يبقى السؤال الأهم: هل سنشهد خريطة سياسية جديدة أم مجرد إعادة إنتاج للتوازنات الهشة السابقة؟
الحرب الأخيرة خلفت وراءها دمارًا هائلًا: آلاف القتلى والجرحى، وبنى تحتية مدمرة تصعب إعادة بنائها في المستقبل القريب. لكن ما يزيد المأساة وقعًا ليس الأرقام وحدها، بل استمرار معاناة المدنيين في مناطق تحاصرها القنابل من جهة، وتفاقم الأزمات الإنسانية من جهة أخرى. غزة لم تعد مجرد مدينة متأثرة بالصراع، بل أصبحت مرآة لما تعانيه المنطقة بأكملها من هشاشة سياسية وانقسامات عميقة.
المشهد في غزة لم يعد محليًا بحتًا. مصر، كوسيط تقليدي، تواجه تحديًا مزدوجًا: الحفاظ على حدودها واستقرارها الداخلي، وفي الوقت ذاته إدارة الضغط الدولي للتهدئة. إيران، عبر حلفائها، تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة مستغلة الصراع لتعميق حضورها السياسي والعسكري. أما تركيا، فتلعب دورًا دبلوماسيًا نشطًا مستفيدة من علاقاتها التاريخية والقومية مع الفلسطينيين لتقوية موقفها الإقليمي. كل هذه القوى تعمل في آن واحد، وتشكل تحالفات مرنة تتغير وفق المصالح، ما يحول المنطقة إلى ساحة تنافس مستمر أكثر من كونها مكانًا للسلام.
الاتفاقيات الإبراهيمية مثلت تحولًا غير مسبوق في العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وفتحت الباب أمام إمكانية انضمام دول أخرى في المستقبل. لكن بعد حرب غزة، يبقى مصير هذه التحالفات معلقًا: التوترات الميدانية وتصاعد الغضب الشعبي قد تُعيق انضمام دول جديدة، أو حتى تهدد استمرارية الاتفاقيات الحالية. أي انكسار لهذه التحالفات قد يعيد المنطقة إلى دائرة التنافس التقليدي بين القوى الإقليمية، ويزيد من صعوبة بناء استقرار حقيقي بعد موجة العنف الأخيرة.
الولايات المتحدة تواصل لعب الدور الرئيسي في تحديد موازين القوى، بين دعم حلفائها وإدارة صراعات المنطقة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية. بينما تظهر روسيا والصين كقوى جديدة تسعى لإعادة تشكيل قواعد اللعبة، مستغلتين أي أزمة لتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي. الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية غالبًا ما تبدو عاجزة أو متأخرة في الرد، ما يترك مجالًا للتصعيد المستمر ويجعل الحلول المؤقتة أكثر احتمالًا من حلول دائمة.
الغرباء عن التفاصيل قد يظنون أن القضية الفلسطينية قضية محلية، لكن تأثيرها أعمق بكثير على دول المنطقة. الحكومات العربية تواجه صعوبة في التوفيق بين الضغوط الشعبية والالتزامات الدولية، بينما شعوبها ترى الأزمات تتكرر بلا نهاية. البطالة والفقر والهجرة تضيف أبعادًا جديدة للصراع، وتزيد احتمالات عدم الاستقرار الداخلي. أزمة الثقة بالمؤسسات السياسية، خاصة بين الشباب، تجعل من بناء دولة قوية ومستقرة تحديًا يوميًا.
في السنوات الأخيرة، بدأ العالم يميل أكثر نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، عبر قرارات الأمم المتحدة واعترافات متزايدة من دول أوروبا وأمريكا اللاتينية. هذا يمنح الفلسطينيين شرعية سياسية وأخلاقية، ويؤكد أن القضية لم تعد مجرد نزاع حدود، بل قضية شعب يسعى للاستقلال. لكن هذا الاعتراف اصطدم بالواقع القاسي: إسرائيل ترفض أي دولة فلسطينية ذات سيادة، وتواصل الاستيطان وفرض الأمر الواقع. الولايات المتحدة، باستخدام نفوذها الدبلوماسي والفيتو في مجلس الأمن، تحمي الموقف الإسرائيلي وتمنع ولادة الدولة فعليًا. النتيجة هي دولة "على الورق"، شرعية دولية بلا سيادة حقيقية، وتبقى الأسئلة الأساسية: هل يمكن إقامة دولة فلسطينية دون تغيير موازين القوة في المنطقة؟ وهل ستظل مجرد حلم متأجل؟
هل ستتغير خريطة الشرق الأوسط بعد غزة؟ الاحتمالات تتراوح بين سيناريوهات متفائلة، تقوم على تهدئة مستدامة وتحالفات إقليمية جديدة، وسيناريوهات قاتمة حيث تبقى المنطقة تحت وطأة صراعات متكررة وتوازنات هشّة. الإعلام الرقمي أصبح قوة لا يمكن تجاهلها، إذ يسلط الضوء على الأحداث في الوقت الفعلي ويؤثر في الرأي العام، وهو عامل جديد في الحسابات التقليدية للقوى.
حرب غزة الأخيرة ليست مجرد حدث عابر، بل اختبار لمنظومة الأمن الإقليمي والسياسي في الشرق الأوسط. كل طرف، سواء كان إقليميًا أم دوليًا، مدعو لإعادة تقييم مواقفه ومسؤولياته. إذا أرادت المنطقة تجاوز دائرة العنف المتكررة، فإن الحلول المستدامة لن تأتي إلا من توافقات جريئة وشاملة، بعيدًا عن الحسابات اللحظية والسياسات قصيرة النظر. المستقبل لا يزال ممكنًا، لكن الوقت يمر سريعًا، وصوت الشعوب لن ينتظر.



#قاسم_محمد_داود (هاشتاغ)       Qasim_Mohamed_Dawod#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتداب الناعم على غزة كيف تعيد خطة ترامب إنتاج الوصاية الد ...
- العراقي وصور المرشحين: قراءة اجتماعية–سياسية في مواسم الدعاي ...
- قمة قطر الطارئة: محاولة للتضامن العربي والإسلامي في مواجهة ا ...
- من يملك حق الخوف في الشرق الأوسط؟
- العشيرة والمال السياسي… حين تُختطف الديمقراطية في العراق كيف ...
- فشل التجربة الديمقراطية في العراق بعد 2003: تحليل العوامل ال ...
- -اتفاقيات أبراهيم- مع إسرائيل: تطبيع بلا مقابل
- هل يتكرر مصير مملكة القدس في دولة إسرائيل؟
- مشروعان متصادمان على حساب العرب: إيران وإسرائيل وصراع الهيمن ...
- لا منتصر ولا مهزوم: كيف تدير واشنطن الصراع بين إيران وإسرائي ...
- ازدواجية المعايير في النظر إلى البرامج النووية: إيران تُدان ...
- البرلمان العراقي ومصلحة المواطن: تشريعات غائبة وتغيير مؤجل
- انتخابات بلا ناخبين: أزمة ثقة في الديمقراطية العراقية
- نحو مشروع عربي تكاملي لمواجهة الأطماع الصهيونية والرأسمالية ...
- الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية
- حقائق عن الصراع العربي الإسرائيلي
- العراق: التناقض الصارخ بين الثروة الوطنية والواقع المعيشي لل ...
- ترحيل الغزيين ابتزاز سياسي يتماشى مع مخطط إسرائيلي
- مشروع إيران.. الطموحات والعوائق
- أزمة قوى اليسار العراقي


المزيد.....




- النبض المغاربي لماذا احتجزت إسبانيا سفنا محملة بأسلحة قادمة ...
- إغلاق مراكز الاقتراع الرئاسي في كوت ديفوار
- ترامب يرفض لقاء بوتين ما لم يكن -جديا- في التوصل لاتفاق بشأن ...
- ماذا سيحدث إذا سلّمت واشنطن صواريخ -توماهوك- لكييف؟
- شباب -جيل زد- بالمغرب يجددون مطالبهم بالإصلاح وإطلاق سراح ال ...
- سوريا.. قوات إسرائيلية تتوغل بالقنيطرة وتطلق قنابل مضيئة
- روبيو: لا مصلحة لإسرائيل في احتلال قطاع غزة
- مقتل شخصين في غارات إسرائيلية جنوب لبنان
- غزة بوابة التحولات الكبرى.. الشرق الأوسط يعيد رسم خرائطه
- غزة.. قراءة في واقع الإدارة والصراع الداخلي


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - بعد حرب غزة: من يرسم خريطة الشرق الأوسط… ونهاية الوهم وبداية صراع الخرائط