أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - انتخابات بلا ناخبين: أزمة ثقة في الديمقراطية العراقية














المزيد.....

انتخابات بلا ناخبين: أزمة ثقة في الديمقراطية العراقية


قاسم محمد داود
كاتب

(Qasim Mohamed Dawod)


الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 16:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بلدٍ مثل العراق، حيث يشكل المسار الديمقراطي ركيزة أساسية لبناء الدولة بعد عقود من الدكتاتورية والصراعات، ورغم أن الانتخابات البرلمانية في العراق تُعد فرصة للمواطنين لاختيار من يمثلهم ويعبّر عن صوتهم. تبدو المشاركة الشعبية في الانتخابات البرلمانية مؤشراً حاسماً على مدى الثقة بالعملية السياسية ومؤسسات الحكم. ومع ذلك، تشهد الانتخابات العراقية منذ سنوات تراجعاً ملحوظاً في نسب الإقبال الشعبي، مع انخفاضاً كبيراً في نسبة المشاركة طيلة هذه السنوات. كثير ما تطرح تساؤلات جدية حول أسباب هذا العزوف الجماهيري. لماذا العراقيين أصبحوا يعزفون عن الذهاب إلى مراكز الاقتراع، ويفضلون البقاء في منازلهم يوم التصويت هذا العزوف لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة تراكمات من الإحباط، وفقدان الثقة بالسياسيين، والشعور بأن الانتخابات لا تغيّر شيئاً في حياتهم اليومية. فهل فقد المواطن العراقي ثقته بالطبقة السياسية؟ أم أن الإحباط من الواقع المعيشي والأمني هو ما دفعه إلى الانكفاء؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا الابتعاد عن صناديق الاقتراع؟ ولماذا يشعر كثيرون أن أصواتهم لم تعد تحدث فرقاً؟ تتعدد الأسباب وتتشابك العوامل بين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يستدعي وقفة تحليلية لفهم هذه الظاهرة المتنامية التي باتت تهدد شرعية العملية الديمقراطية برمّتها. رغم الأهمية الكبيرة للانتخابات في بناء مستقبل أي دولة، إلا أن العراق يشهد في كل دورة انتخابية انخفاضاً في نسبة المشاركة الشعبية. هذا التراجع لا يعكس فقط تراجع الحماس السياسي، بل يكشف عن أزمة أعمق تتعلق بثقة الناس بالعملية السياسية برمّتها. عزوف العراقيين عن المشاركة الواسعة في الانتخابات البرلمانية له عدة أسباب متداخلة، تتعلق بعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وتاريخية. هذا ما سنحاول التعرّف عليه في هذا المقال من خلال أبرز الأسباب التي تقف وراء عزوف كثير من العراقيين عن المشاركة في الانتخابات وهي كالتالي:
ــ فقدان الثقة بالطبقة السياسية: الكثير من العراقيين يرون أن الوجوه السياسية تتكرر في كل انتخابات، وأن من يصل إلى البرلمان لا يحقق وعوده ولا يهتم بمطالب الناس. هذا الشعور جعل فئة واسعة من المواطنين تعتقد أن الانتخابات لن تغيّر شيئاً، مهما اختلفت الوعود أو تغيرت الشعارات. وان القناعة التي وصل إليها العراقيون بمختلف اطيافهم أن الوجوه السياسية تتكرر في كل دورة انتخابية، حتى وإن تغيرت الأحزاب أو التحالفات. وان البرلمان لا يمثل إرادة الشعب، بل يمثل مصالح الكتل السياسية وأحزابها وتُتهم النخب السياسية بأنها فاسدة وغير كفؤة، ولم تنجح في تحسين الأوضاع منذ عام 2003.
ــ الفساد المستشري: الفساد في مؤسسات الدولة بات مشكلة مزمنة يشعر بها المواطن في حياته اليومية، من سوء الخدمات إلى البطالة وتدهور البنية التحتية. هذا الواقع يدفع البعض للاعتقاد أن الانتخابات مجرد وسيلة لتقاسم النفوذ بين الأحزاب، لا لتحسين حياة الناس. وأن الفساد أصبح ظاهرة مؤسسية، تؤثر في جميع مفاصل الدولة، من التوظيف إلى المشاريع والخدمات. لذلك فإن المواطن يشعر أن صوته لن يغير شيئًا في ظل منظومة فاسدة. وان المواطن أصابه الإحباط من عدم تحقق التغيير منذ عدة دورات انتخابية، يشارك المواطنون على أمل تحقيق إصلاحات أو إنهاء المحاصصة الطائفية، لكن النتائج غالباً ما تُبقي على الوضع القائم. بالرغم من الاحتجاجات الشعبية (مثل مظاهرات تشرين 2019) التي عبّرت عن هذا اليأس، حيث رُفع شعار "كلهم يعني كلهم"، في رفض شامل للطبقة الحاكمة.
ــ التجارب السلبية السابقة: من شارك في الانتخابات السابقة ولم يرَ نتائج ملموسة على الأرض، قد يفقد الرغبة في التكرار. التجارب المخيبة للآمال جعلت فئة كبيرة من الناخبين تبتعد عن العملية الانتخابية، خاصة الشباب الذين يشعرون بأن أصواتهم لا تُحدث فرقاً.
ــ سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية: مع تفاقم البطالة وارتفاع الأسعار وتراجع فرص العمل، يشعر المواطن أن أولوياته المعيشية أهم من التصويت. وعندما لا يرى تحسناً في الوضع الاقتصادي، يزداد اقتناعه بأن لا جدوى من انتخاب ممثلين لن يغيّروا شيئاً في واقعه.
ــ النفوذ الحزبي والطائفي: يرى البعض أن الأحزاب الكبيرة تسيطر على نتائج الانتخابات، وأن الفوز يُحسم مسبقاً بفعل التوازنات الطائفية والحزبية، مما يضعف الشعور بوجود انتخابات "نزيهة" و"عادلة"، وبالتالي يُقلل الحافز للمشاركة. ولا ننسى العامل الطائفي والمناطقي فالنظام السياسي بعد 2003 بُني على المحاصصة الطائفية والقومية، مما جعل الانتخابات أحيانًا أقرب إلى "إحصاء طائفي" وليس تنافسًا ديمقراطيًا. هذا الوضع جعل كثيرًا من الناس يشعرون أن صوتهم لن يؤثر في تغيير جوهري، لأن الكتل الرئيسية تتقاسم السلطة مسبقًا. في بعض المناطق، مثل المناطق المتنازع عليها أو المختلطة طائفيًا (كركوك، ديالى)، يُنظر إلى الانتخابات كمعركة وجودية، مما يؤدي إلى توتر أمني أو حتى عزوف بسبب الخوف أو الإحباط.
ــ ضعف الوعي الانتخابي: هناك شريحة من المواطنين لا تدرك أهمية صوتها، أو تجهل دور البرلمان الحقيقي، ما يجعلها غير مهتمة بالمشاركة. ضعف التثقيف الانتخابي من قبل الدولة ومنظمات المجتمع المدني يزيد من هذا العزوف.
ــ تدخلات خارجية: هناك إدراك شعبي أن القرارات السياسية والسيادية تُتخذ خارج العراق أو بتأثير مباشر من قوى إقليمية ودولية، مما يُضعف الإيمان بجدوى الانتخابات.
ــ غياب العدالة في توزيع الثروات والخدمات: لا توجد تنمية عادلة في جميع المناطق، مما يولّد شعورًا بالتهميش، خصوصًا في المحافظات التي عانت من الحروب أو الإهمال.



#قاسم_محمد_داود (هاشتاغ)       Qasim_Mohamed_Dawod#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو مشروع عربي تكاملي لمواجهة الأطماع الصهيونية والرأسمالية ...
- الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية
- حقائق عن الصراع العربي الإسرائيلي
- العراق: التناقض الصارخ بين الثروة الوطنية والواقع المعيشي لل ...
- ترحيل الغزيين ابتزاز سياسي يتماشى مع مخطط إسرائيلي
- مشروع إيران.. الطموحات والعوائق
- أزمة قوى اليسار العراقي
- الحرب في سوريا جرح في الشرق الأوسط
- إسرائيل نموذج للديمقراطية وحقوق الإنسان
- ترامب العائد وإيران
- الأسباب التي تدفع الغرب لدعم إسرائيل والانحياز إليها
- إيران وزعامة العالم الإسلامي
- ديمقراطية الجوهر وديمقراطية المظهر
- عن السياسة والسياسيين
- العرب السنة وأزمة الزعامة
- الإقليم العربي السني بين الممنوع والمسموح
- فشل مشروع الديمقراطية الليبرالية الأميركي في العراق
- القبلية الحكومية في العراق
- تفكك الهوية الوطنية وتعدد الولاءات في العراق بعد الغزو الأمي ...
- فشل الديمقراطية في العراق والوطن العربي


المزيد.....




- زلزال بقوة 6 درجات يهز منطقة حدودية في تركيا يتسبب بهزة أرضي ...
- زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب تركيا ويشعر به سكان مصر
- الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق يعلن اندلاع اشتباكات أمس عن ...
- مراسل RT: هزة أرضية تضرب محافظة الجيزة في مصر
- بريطانيا: الصين تشكل تحديا -صعبا ومستمرا-
- ترامب يعلنها: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران
- ماذا قال ترامب عن إمكانية السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم؟
- المبعوث الأمريكي الخاص إلى دمشق: هناك رغبة في إنهاء التمدد ا ...
- وصف بـ -الحدث الأمني الصعب-.. مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإص ...
- الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً من اليمن ويُفعّل صافرات الإنذ ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - انتخابات بلا ناخبين: أزمة ثقة في الديمقراطية العراقية