أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - العراقي وصور المرشحين: قراءة اجتماعية–سياسية في مواسم الدعاية الانتخابية














المزيد.....

العراقي وصور المرشحين: قراءة اجتماعية–سياسية في مواسم الدعاية الانتخابية


قاسم محمد داود
كاتب

(Qasim Mohamed Dawod)


الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 16:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل موسم انتخابي، تتجدد موجة الحملات الدعائية التي تملأ الشوارع بالملصقات واللافتات والصور الكبيرة للمرشحين، حتى تبدو المدن العراقية وكأنها معارض مفتوحة للوجوه السياسية. لكن هذا الزخم البصري لا يقابله بالضرورة اهتمام المواطن بالسياسات أو البرامج الانتخابية.
فالإحباط السياسي وتجدد الوعود غير الملموسة يخلقان شعوراً عاماً بالتعب واللامبالاة، حتى باتت الحملات الانتخابية في نظر كثيرين مجرد طقسٍ شكلي يتكرر دون أثر فعلي في الحياة اليومية.
تحوّلت الجدران في المدن العراقية إلى مرايا لانقسامات السلطة السياسية، حيث يُستخدم الفضاء العام لتثبيت الوجوه والرموز أكثر من عرض البرامج والأفكار.
وبدل أن تكون الصورة وسيلة للتواصل مع الجمهور، أصبحت أداةً لتأكيد الحضور في مشهدٍ سياسيٍّ مأزوم، تحكمه الولاءات والانتماءات لا الكفاءات أو الرؤى.
يختلف حضور الدعاية الانتخابية من مدينة إلى أخرى، لكنه يكشف دائماً عن طبيعة العلاقة بين المواطن والسلطة، إليك على سبيل المثال نماذج لتفاعل المواطن مع مهرجان الصور واللافتات هذا ففي بغداد: ازدحام اللافتات وتكرار الشعارات، مع تفاعل شعبي يتراوح بين التجاهل والسخرية.
أما في الموصل: ذاكرة الحرب لا تزال ثقيلة، والوعود بالإعمار لم تتحقق، فتبدو الصور مجرد رموز جوفاء لا تحرك الأمل.
كذلك في الأنبار: التركيز على الانتماءات العشائرية والرموز المحلية أكثر من البرامج السياسية، ما يعكس تداخلاً بين الولاء العشائري والانتماء الحزبي.
يتعامل المواطن العراقي مع صور المرشحين بطرق متعددة — بعضها ساخر وبعضها احتجاجي.
فمن تمزيق الملصقات أو تعليق العبارات الساخرة عليها، إلى تحويلها إلى مادة للنقد والتندر في وسائل التواصل الاجتماعي.
وهكذا تحوّل الشارع إلى مساحة للتعبير الصامت عن رفضٍ سياسيٍّ متنامٍ، بينما اختارت فئات واسعة المقاطعة أو اللامبالاة كأدوات احتجاج رمزية. هل يُعقل أن يمنح الناخب صوته لمرشّح لمجرّد أنّ صورته تبتسم له من جدارٍ مُتَغَبِّر؟! أهي الانتخابات أم مسابقة "أجمل بورتريه تحت أشعة الشمس"؟! يبدو أن بعض المرشحين يراهنون على الفوتوشوب أكثر مما يراهنون على البرامج الانتخابية!
في العصر الرقمي، لم تعد الشوارع وحدها مسرحاً للدعاية الانتخابية. فالمواطن العراقي بات أكثر نشاطاً على المنصات الرقمية، حيث تتحول صور المرشحين إلى رموز للنقد والتعليق. المحتوى الرقمي على وسائل التواصل يلعب دورًا محوريًا في صناعة الرأي العام، حيث يسرّع انتشار المعلومات ويشكل مواقف المستخدمين بسرعة، بينما تحدد الخوارزميات ما يراه الأفراد فتزيد من الانحيازات، ويتيح المحتوى التفاعلي والحملات الرقمية توجيه النقاش العام والضغط على صناع القرار، مما يجعل للجمهور تأثيرًا متزايدًا في تشكيل الرأي الجمعي. هذه المساحات الافتراضية باتت أكثر صدقاً في التعبير عن الوعي الشعبي، وأقرب إلى نبض الناس من الشوارع المزدحمة بالشعارات الفارغة.
تكشف هذه الظاهرة عن توازنٍ هش بين العجز السياسي والرغبة في التمرد الرمزي. فالمواطن لا يزال يبحث عن صوته وسط فوضى الخطاب الدعائي، ويستخدم الرموز — من تمزيق الملصقات إلى النكات السياسية — للتعبير عن رأيه في نظامٍ لا يمنحه مساحة كافية للمشاركة الفعلية.
إنها مقاومة ناعمة، لكنها تعبّر بوضوح عن وعيٍ اجتماعيٍّ يتنامى في صمت.
أن أي حملة انتخابية ناجحة في العراق لا يمكن أن تعتمد على كثافة الصور أو الشعارات وحدها، بل على إعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. الثقة تُبنى بالفعل، لا باللافتات. والصورة مهما كانت براقة، لا تعوّض خدمةً غابت أو وعداً لم يتحقق.
برغم فشل الصور واللافتات في إقناع الناخب العراقي، إلا أنها نجحت في شيء واحد: توفير مورد رزق موسمي لمن ينتظر بفارغ الصبر يوم ما بعد الانتخابات، لا ليعرف من فاز، بل ليملأ "الستوتة" بإطارات الحديد — فائز آخر من نوعٍ مختلف!



#قاسم_محمد_داود (هاشتاغ)       Qasim_Mohamed_Dawod#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة قطر الطارئة: محاولة للتضامن العربي والإسلامي في مواجهة ا ...
- من يملك حق الخوف في الشرق الأوسط؟
- العشيرة والمال السياسي… حين تُختطف الديمقراطية في العراق كيف ...
- فشل التجربة الديمقراطية في العراق بعد 2003: تحليل العوامل ال ...
- -اتفاقيات أبراهيم- مع إسرائيل: تطبيع بلا مقابل
- هل يتكرر مصير مملكة القدس في دولة إسرائيل؟
- مشروعان متصادمان على حساب العرب: إيران وإسرائيل وصراع الهيمن ...
- لا منتصر ولا مهزوم: كيف تدير واشنطن الصراع بين إيران وإسرائي ...
- ازدواجية المعايير في النظر إلى البرامج النووية: إيران تُدان ...
- البرلمان العراقي ومصلحة المواطن: تشريعات غائبة وتغيير مؤجل
- انتخابات بلا ناخبين: أزمة ثقة في الديمقراطية العراقية
- نحو مشروع عربي تكاملي لمواجهة الأطماع الصهيونية والرأسمالية ...
- الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية
- حقائق عن الصراع العربي الإسرائيلي
- العراق: التناقض الصارخ بين الثروة الوطنية والواقع المعيشي لل ...
- ترحيل الغزيين ابتزاز سياسي يتماشى مع مخطط إسرائيلي
- مشروع إيران.. الطموحات والعوائق
- أزمة قوى اليسار العراقي
- الحرب في سوريا جرح في الشرق الأوسط
- إسرائيل نموذج للديمقراطية وحقوق الإنسان


المزيد.....




- ردّ عليها بشيء من الطرافة.. والدة جاستن بيبر تصلّي من أجله
- إيران تُعلق على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتوجه رسالة للم ...
- كأنها ليلة العيد في غزة.. فلسطينيون يحتفلون باتفاق وقف إطلاق ...
- عمر ياغي.. فلسطيني أردني سعودي أمريكي يحصل على جائزة نوبل في ...
- عمر ياغي.. ثاني عربي يفوز بجائزة نوبل للكيمياء
- تكريم شهيد ومصابي -لخويا- في قطر تقديرا لتضحياتهم عقب العدوا ...
- مواقع التواصل بين مشكك ومرحب بإعلان وقف إطلاق النار في غزة
- انتقاد وتحرك حكومي بعد تعنيف طلاب على يد مديرة مدرسة بسوريا ...
- ماذا يجري في اجتماع الكابينت بشأن اتفاق غزة؟
- ترامب: أنهينا حرب غزة وستنظم مراسم بمصر لتوقيع الاتفاق


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - العراقي وصور المرشحين: قراءة اجتماعية–سياسية في مواسم الدعاية الانتخابية