أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - من يملك حق الخوف في الشرق الأوسط؟














المزيد.....

من يملك حق الخوف في الشرق الأوسط؟


قاسم محمد داود
كاتب

(Qasim Mohamed Dawod)


الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 15:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أكثر من سبعة عقود، استطاعت إسرائيل أن تختطف مفهوم الأمن في المنطقة، مقدّمة نفسها للعالم كأنها الطرف الوحيد المعرّض للخطر. ومع تراكم التجارب، ترسّخت معادلة غير عادلة مفادها أن "المخاوف الإسرائيلية" هي مفتاح أي حل سياسي، يقابلها –نظرياً فقط– الاعتراف بالحقوق الفلسطينية والعربية.
هذا الاختطاف لم يكن عفوياً. فمنذ لحظة التأسيس، تبنّت إسرائيل استراتيجية تقوم على تصوير وجودها كله كقضية أمنية. استثمرت في إرث المحرقة لتروّج لفكرة أن أمنها ليس شأناً سياسياً عادياً، بل مسألة حياة أو فناء. وروّجت لنفسها كـ "دولة صغيرة محاطة بالأعداء"، تحتاج دوماً إلى دعم الغرب وضماناته. وحين امتلكت تفوقاً عسكرياً نوعياً، استخدمته في حروب متكررة تحت لافتة "الدفاع الاستباقي"، بينما كانت في الواقع تفرض وقائع جديدة على الأرض، مثل احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بعد حرب 1967، وضم القدس الشرقية، وإنشاء المستوطنات في مناطق محتلة، وكلها تغييرات ساهمت في تحويل الجغرافيا السياسية للصراع لمصلحة إسرائيل، رغم الادعاء الدولي أن الحروب كانت دفاعية بحتة. كما نجحت إسرائيل في جعل "ضمان أمنها" شرطاً إلزامياً لأي مفاوضات سلام، بينما لم تتقدم هي بأي مبادرة سلام منذ تأسيسها ولحد اليوم، وناطتها بمماطلة في تنفيذ الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية أوسلو، حيث تم الاتفاق على خطوات محددة لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، لكن الالتزامات لم تُنفذ بالكامل. وبهذا، أصبح الحديث عن الحقوق العربية والفلسطينية مجرد ملحق أو تفصيل ثانوي، بينما يتركز النقاش على طمأنة إسرائيل فقط. وساعدها في ذلك نفوذها في الإعلام الغربي، حيث صُوِّرت دوماً كضحية محاصَرة، بينما جرى تهميش المخاوف العربية أو تصويرها كجزء من "ردود الفعل" لا كقضية أمنية أصيلة.
لكن الحقائق على الأرض تفضح هذه الرواية. فمنذ 1948 وحتى اليوم، كان "ميزان الأمن" يميل بوضوح ضد العرب: خسائر بشرية هائلة، تدمير للبنى التحتية، نزوح واحتلال، ومغامرات عسكرية إسرائيلية متكررة تركت آثارها العميقة في الوعي العربي. وفي المحصلة، دفع العرب ثمناً أمنياً أثقل بكثير من "الهواجس" التي ترفعها إسرائيل أمام المجتمع الدولي.
لا يحتاج المرء إلى كثير من الذكاء ليدرك أن الغرب ـ وفي مقدمته الولايات المتحدة ـ لا يرى الفلسطينيين ولا الدول العربية المجاورة لإسرائيل إلا كـ "ضوضاء جانبية" في مشهد الأمن الإقليمي. فالمعادلة عندهم بسيطة حد الفجاجة: أمن إسرائيل أولاً، والباقون على الهامش. الفلسطيني الذي يُسلب أرضه ويُحاصر ويُقتل يُقدَّم للعالم باعتباره "مصدراً للتهديد"، بينما دولة الاحتلال تُمنح الغطاء الكامل لتبرير اجتياحاتها واغتيالاتها وحروبها التي تتجاوز حدود فلسطين إلى سوريا ولبنان بل وإلى قارات أخرى، تحت لافتة "الدفاع الاستباق." أما العرب، فليس لهم في القاموس الغربي سوى توصيف واحد: كيانات يمكن احتواؤها أو الضغط عليها، لا شركاء في أمن متكافئ. ولعل الأكثر مرارة أن الغرب يتعمد إبقاء موازين القوى مختلة، ليظل أمن العرب مرهوناً بانقساماتهم وارتهانهم، في حين يُصان تفوق إسرائيل كخيار استراتيجي لا نقاش فيه.
باختصار: ليس تجاهل أمن العرب مجرد سهو أو خطأ سياسي؛ إنه قرار واعٍ، جزء من عقيدة ثابتة تضع أمن إسرائيل فوق كل اعتبار، وتتعامل مع الفلسطينيين وجيرانهم كأطراف زائدة يمكن التحكم بها أو تركها تنزف. الأمن في المنطقة ليس امتيازاً إسرائيلياً، بل عقدة مشتركة بين جميع الأطراف. وأي مشروع سلام جاد لن ينجح إذا انطلق من فرضية أن أمن إسرائيل هو البداية والنهاية، متجاهلاً المخاوف العربية المتجذرة والمشروعة. فالأمن الحقيقي يقوم على الاعتراف المتوازن بمصالح الجميع، لا على طمأنة طرف وإقصاء آخر. ومن دون هذه المعادلة العادلة، ستظل المنطقة أسيرة دائرة صراع تتجدد مع كل جولة، فيما يظل السلام مجرد وهم على الورق.



#قاسم_محمد_داود (هاشتاغ)       Qasim_Mohamed_Dawod#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العشيرة والمال السياسي… حين تُختطف الديمقراطية في العراق كيف ...
- فشل التجربة الديمقراطية في العراق بعد 2003: تحليل العوامل ال ...
- -اتفاقيات أبراهيم- مع إسرائيل: تطبيع بلا مقابل
- هل يتكرر مصير مملكة القدس في دولة إسرائيل؟
- مشروعان متصادمان على حساب العرب: إيران وإسرائيل وصراع الهيمن ...
- لا منتصر ولا مهزوم: كيف تدير واشنطن الصراع بين إيران وإسرائي ...
- ازدواجية المعايير في النظر إلى البرامج النووية: إيران تُدان ...
- البرلمان العراقي ومصلحة المواطن: تشريعات غائبة وتغيير مؤجل
- انتخابات بلا ناخبين: أزمة ثقة في الديمقراطية العراقية
- نحو مشروع عربي تكاملي لمواجهة الأطماع الصهيونية والرأسمالية ...
- الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية
- حقائق عن الصراع العربي الإسرائيلي
- العراق: التناقض الصارخ بين الثروة الوطنية والواقع المعيشي لل ...
- ترحيل الغزيين ابتزاز سياسي يتماشى مع مخطط إسرائيلي
- مشروع إيران.. الطموحات والعوائق
- أزمة قوى اليسار العراقي
- الحرب في سوريا جرح في الشرق الأوسط
- إسرائيل نموذج للديمقراطية وحقوق الإنسان
- ترامب العائد وإيران
- الأسباب التي تدفع الغرب لدعم إسرائيل والانحياز إليها


المزيد.....




- رأي.. إردام أوزان يكتب: عندما تقصف إسرائيل حليفًا للولايات ا ...
- رئيس وزراء قطر لـCNN: هجوم إسرائيل -إرهاب دولة-.. وتعرضنا لل ...
- ما مصير كبير مفاوضي حماس بعد هجوم الدوحة؟ رئيس وزراء قطر يوض ...
- هل يشكّل الصراع داخل المعارضة التركية نقطة تحوّل في ديمقراطي ...
- هل يلقي الهجوم الإسرائيلي على قطر بظلاله على التحالف الأمريك ...
- ثالث رئيس وزراء فرنسي في عام واحد.. سِباستيان ليكورنو يعد بـ ...
- إسرائيل - قطر: لماذا خيار القوة؟
- فرنسا: أية -قطيعة- يعد بها رئيس الوزراء الجديد؟
- نيبال: الجيش يعلن السيطرة على العاصمة بعد احتجاجات دامية دفع ...
- مطعم بواشنطن يستقبل ترامب بهتافات -الحرية لفلسطين- والمنصات ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - من يملك حق الخوف في الشرق الأوسط؟