أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - الولاءات المتعددة... دولة ممزقة بين الهويات














المزيد.....

الولاءات المتعددة... دولة ممزقة بين الهويات


قاسم محمد داود
كاتب

(Qasim Mohamed Dawod)


الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 16:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد 2003، بُني النظام السياسي العراقي على أسس توافقية وطائفية هدفها المعلن منع عودة الاستبداد، لكنها سرعان ما تحولت إلى شبكة توزيع للسلطة والثروة بين أحزاب ومكوّنات.
وهكذا، كما أشار مركز الدراسات الاستراتيجية في بغداد (2023)، أصبحت الدولة ساحةً لتقاطع الولاءات: وطنية، مذهبية، عشائرية، وحتى خارجية.
الصحف العراقية مثل المدى والصباح وصفت هذه الظاهرة بأنها «تفكيك ممنهج للدولة الحديثة»، حيث تُعيّن الكفاءات بناءً على الولاء لا على الكفاءة.
أما BBC Arabic وThe Washington Post فقد أبرزتا كيف أن الانقسام الطائفي الموروث عمّق الانتماء للحزب أو المرجعية على حساب الانتماء الوطني، حتى غدت الولاءات السياسية أقوى من فكرة الدولة نفسها.
باختصار: تشوّهت الديمقراطية العراقية بعد 2003 بسبب نظام التوافقية الطائفية الذي أُقرّ بعد سقوط النظام السابق، إذ استُبدلت المواطنة السياسية بـالانتماء الطائفي والقومي كأساس لتقاسم السلطة. أدى ذلك إلى قيام شبكة مغلقة لتوزيع المناصب والثروة بين الأحزاب الممثلة للطوائف، فتحولت الدولة إلى محاصصة لا إلى مؤسسات، وتراجعت الكفاءة والرقابة أمام منطق الولاء الحزبي. النتيجة كانت تفكك الثقة العامة، واستشراء الفساد، وشلل مؤسسات الدولة، مما جعل الديمقراطية شكلية تخدم النخب لا المواطنين.


إخفاق حزبي مزمن... أحزاب بلا برامج
من الطبيعي أن تُبنى الديمقراطية على أحزاب برامجية قادرة على إنتاج نخب وطنية، لكن الحالة العراقية قدّمت نموذجاً مختلفاً تماماً. فالأحزاب – كما يذكر تقرير Brookings Institution – تعمل كـ «تحالفات مصالح مؤقتة» لا كمؤسسات سياسية تمتلك رؤية اقتصادية أو اجتماعية. أما Carnegie وChatham House فذهبتا أبعد من ذلك، فوصفتا معظم التشكيلات الحزبية بأنها «شبكات زبائنية مغلقة» تتقاسم الدولة وتتنافس على النفوذ أكثر مما تتنافس على خدمة المواطن.
هذا الإخفاق الحزبي جعل عملية تشكيل الحكومات تتحول إلى صفقات وقتية لا تحكمها البرامج بل توازنات الولاء، فغابت المعارضة الفعلية، وضاعت الحدود بين السلطة والحزب.
ديمقراطية منزوعة المضمون
هكذا، أصبحت الانتخابات في العراق – كما كتبت Reuters" –آلية لتدوير نفس النخب الحزبية عبر أدوات المال السياسي".
المحاصصة التي وُلدت لحماية التوازن الوطني تحولت إلى نظام دائم لتقاسم الغنائم، وأصبح البرلمان انعكاساً لتوزيع الولاءات لا لإرادة الناخبين. ولذلك، حين خرج شباب تشرين عام 2019 يهتفون «نريد وطناً»، كانوا في جوهرهم يعلنون رفضهم لديمقراطية شكلية تحكمها أحزاب فاشلة وولاءات متناقضة.
لقد عبّرت تلك الانتفاضة، كما ذكرت ERF Research، عن وعي وطني جديد يسعى لتحرير القرار السياسي من سطوة الولاءات الفرعية.
نتائج التعدد والإخفاق: دولة متعثرة وثقة متآكلة
تعدد الولاءات لم يؤدِّ فقط إلى إرباك القرار السياسي، بل أصاب بنية الدولة بالشلل.
ففي كل أزمة، تتوزع المواقف بحسب المذهب أو المنطقة أو المصالح الخارجية.
وهذا ما حذّر منه تقرير Governance and Development in Iraq الصادر عن World Bank Group، الذي اعتبر أن الزبائنية الحزبية "أكبر عقبة أمام بناء مؤسسات خاضعة للمساءلة". نتيجة ذلك، تتكرر الأزمات الحكومية، وتتآكل ثقة المواطنين، وتزداد الفجوة بين الشارع والنخب السياسية. وباتت الديمقراطية العراقية، كما تقول Al Jazeera Centre for Studies، "تعيش تناقضاً مستمراً بين الشكل الانتخابي والمضمون الولائي".
نحو أفق إصلاحي... الطريق الصعب
رغم قتامة الصورة، إلا أن هناك مؤشرات أمل محدودة.
تقرير The Century Foundation أشار إلى بروز حركات شبابية عابرة للطوائف تتبنى خطاباً وطنياً صرفاً، وتعمل على بلورة أحزاب جديدة ببرامج واضحة وشفافة.
كما تتزايد المطالبات بإقرار قانون جديد للأحزاب يفرض الشفافية في التمويل الداخلي ويمنع التمويل الخارجي. لكن الطريق ما يزال طويلاً، لأن الإصلاح يصطدم بشبكة مصالح مترسخة داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها.
وفي الختام الديمقراطية لا تُبنى بالانتخابات فقط، بل بوجود أحزاب وطنية قادرة على تجاوز الانتماءات الضيقة. وفي العراق، ما لم يتحوّل الولاء من الحزب إلى الوطن، ستظل الدولة رهينة توازناتٍ هشة، وسيبقى حلم الديمقراطية مؤجلاً. فـ"الولاء للوطن" ليس شعاراً عاطفياً، بل شرط وجودٍ لدولةٍ حديثة، قادرة على أن تحكم نفسها بنفسها.



#قاسم_محمد_داود (هاشتاغ)       Qasim_Mohamed_Dawod#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد حرب غزة: من يرسم خريطة الشرق الأوسط… ونهاية الوهم وبداية ...
- الانتداب الناعم على غزة كيف تعيد خطة ترامب إنتاج الوصاية الد ...
- العراقي وصور المرشحين: قراءة اجتماعية–سياسية في مواسم الدعاي ...
- قمة قطر الطارئة: محاولة للتضامن العربي والإسلامي في مواجهة ا ...
- من يملك حق الخوف في الشرق الأوسط؟
- العشيرة والمال السياسي… حين تُختطف الديمقراطية في العراق كيف ...
- فشل التجربة الديمقراطية في العراق بعد 2003: تحليل العوامل ال ...
- -اتفاقيات أبراهيم- مع إسرائيل: تطبيع بلا مقابل
- هل يتكرر مصير مملكة القدس في دولة إسرائيل؟
- مشروعان متصادمان على حساب العرب: إيران وإسرائيل وصراع الهيمن ...
- لا منتصر ولا مهزوم: كيف تدير واشنطن الصراع بين إيران وإسرائي ...
- ازدواجية المعايير في النظر إلى البرامج النووية: إيران تُدان ...
- البرلمان العراقي ومصلحة المواطن: تشريعات غائبة وتغيير مؤجل
- انتخابات بلا ناخبين: أزمة ثقة في الديمقراطية العراقية
- نحو مشروع عربي تكاملي لمواجهة الأطماع الصهيونية والرأسمالية ...
- الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية
- حقائق عن الصراع العربي الإسرائيلي
- العراق: التناقض الصارخ بين الثروة الوطنية والواقع المعيشي لل ...
- ترحيل الغزيين ابتزاز سياسي يتماشى مع مخطط إسرائيلي
- مشروع إيران.. الطموحات والعوائق


المزيد.....




- الشارقة الأولى عربيًا.. إليك ترتيب المدن الأكثر ازدحاما بالع ...
- وزير الدفاع الإٍسرائيلي يأمر بتحويل المنطقة المحاذية للحدود ...
- فيديو- كيف استقبل الشارع الإسرائيلي فوز ممداني برئاسة بلدية ...
- البرهان يتوعد: -الحملة التي تقودها دول البغي والاستكبار ضدنا ...
- مصادر: قاعدة أمريكية بدمشق ... ما علاقتها بإسرائيل؟
- إسرائيل تعلن الحدود مع مصر منطقة عسكرية مغلقة لمواجهة -تهريب ...
- ليبيا: معرض -دواية- يجمع التراث العربي بروح الحداثة عبر فن ا ...
- تحرش جنسي برئيسة المكسيك أمام عدسات الكاميرا
- الغابات والتمويل والطموحات... ما هي رهانات مؤتمر المناخ -كوب ...
- عام على انتخاب ترامب.. أفريقيا بين الرسوم الجمركية وتراجع ال ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - الولاءات المتعددة... دولة ممزقة بين الهويات