أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصرت كيتكاني - عندما تغيب الروادع من المجتمع














المزيد.....

عندما تغيب الروادع من المجتمع


نصرت كيتكاني

الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 09:47
المحور: المجتمع المدني
    


في المجتمعات الخارجة من أتون الحروب لا يكون الدمار الحقيقي في الأبنية أو البنية التحتية بل في انهيار القيم و تآكل منظومة الضمير الجمعي فحين يختفي الرادع القانوني و يغيب الضمير الأخلاقي و تتراجع سلطة الأسرة يصبح المجتمع كجسد بلا قلب… يتحرك لكنه بلا نبض .
لقد عاشت المجتمعات التي مزقتها الصراعات سنوات من الفقد : فقد الأمن فقد العدالة، فقد الثقة وفقد المرجعيات التي كانت تشكل ميزان الصواب و الخطأ ومع كل عام يمر يتراجع مفهوم العيب لصالح المصلحة والواجب لصالح النجاة الفردية هكذا تنقلب الموازين فيتحول الانتهاك إلى ذكاء والفساد إلى براعة ويصبح الالتزام الأخلاقي ضربا من السذاجة .
و القانون الذي يفترض أن يكون الضامن الأول لم يعد حاضرا بما يكفي ضعف مؤسسات الدولة و تعدد المرجعيات وغياب المحاسبة جعل الكثيرين يعتقدون أن القانون مجرد رأي قابل للتفاوض والضمير الأخلاقي الذي يفترض أن يكون الرقيب الداخلي تراجع هو الآخر أمام ضغط الحاجة والخوف و الأنانية .
لقد هزمت الأخلاق على أيدي الضرورات فصار شعار المرحلة هو من ينج بنفسه أولا .
أما الأسرة التي كانت الخلية الأولى للرقابة والتربية فقد تفككت بدورها و الحرب شردت الآباء و غربت الأبناء و قلبت الأدوار بين من يعيل ومن يحتاج لم يعد الأسرة مصدر القيم بل صارت ضحية لواقع أقوى منها .
الأب يعمل في بلد بعيد و الأم مثقلة بأعباء البقاء و الأبناء يتعلمون من الشارع والإعلام أكثر مما يتعلمون من البيت.

تضاف إلى ذلك ثقافة إعلامية جديدة ساهمت في إعادة تشكيل الوعي الجمعي : تسطيح و تطبيع مع الفساد وخلق نماذج زائفة تقدم كقدوة في ظل هذا الواقع غابت القدوة الصادقة و حل مكانها النموذج المربح ولو كان بلا مبدأ .
غياب الرادع لم يعد مشكلة قانونية فحسب بل أزمة وجودية تمس هوية المجتمع ذاته عندما تلغى الحدود بين الحلال والحرام بين العيب و المباح بين المبدأ و المصلحة يتحول المجتمع إلى ميدان مفتوح للانتهازية وحين يتساوى الشريف و الفاسد في النتائج يقتل الأمل في النفوس و يهزم الانتماء .
إن أخطر ما نواجهه اليوم ليس الفقر ولا الدمار المادي بل هذا الانحدار الأخلاقي الصامت الذي يتسلل إلى كل زاوية من حياتنا فالأمم لا تسقط دفعة واحدة بل تتآكل ببطء حين يصبح الخطأ مألوفا و الصواب غريبا .

لذلك فإن أي مشروع لإعادة البناء لا يمكن أن ينجح ما لم يبدأ بإعادة بناء الضمير .
نحتاج إلى استعادة الثقة بالقيم وإلى سلطة قانونية حازمة وإلى تربية أسرية تعيد الإنسان إلى مكانه الطبيعي في معادلة الأخلاق والمواطنة .

فما لم نحي الرادع الأخلاقي والقانوني معا سنبقى ندور في حلقة من الفوضى نرمم الخراب في النهار… و نعيد إنتاجه في الليل .



#نصرت_كيتكاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثأر في المجتمعات من العاطفة الى السياسة
- الزمن الذي فقد المعنى
- عندما يغيب الضمير
- التضليل الإعلامي و صناعة الوهم و اغتيال الوعي
- الاصدقاء هل هم حقيقة أم وهم
- الحياة مواقف و ليست مصالح
- بين هم المواطن و خطاب السياسة ... اين الحل
- بين الشخص و الوظيفة قد تضيع المسؤولية
- الواجهة البراقة و الجوهر المظلم
- الأزمة الاجتماعية الاقتصادية .... تهديد صامت لأمن العالم وتم ...
- المغترب ... انسان ممزق بين غربتين
- المجتمع أعمق من خلافات النخب
- ضياع المواطن بين المرجعيات ... أزمة مجتمع معاصر
- العاطفة في السياسة بين التضليل و فقدان القيم المجتمعية
- السياسة العالمية بين الجماهير و الكواليس
- الكلمة و المثقف .... مسؤولية بناء لا وقود صراع
- السلام المجتمعي هو خيار الاقوياء لا الضعفاء
- العدالة الاجتماعية و تقارب المجتمعات أساس السلام و التنمية ا ...
- الأهداف التركية في الأزمات الحالية (الجزء الأول)
- مواطن مخدوع و حرب مفككة


المزيد.....




- قانون إعدام الأسرى.. تحذيرات فلسطينية وجدل يتصاعد في إسرائيل ...
- عشية قمة -كوب30-... الأمم المتحدة تحذر من احترار عالمي يتجاو ...
- وزير إسرائيلي يدعو لاعتقال الصحفي ناشر مقطع تعذيب أسير فلسطي ...
- برنامج الأغذية العالمي: هناك حاجة مُلحة لفتح جميع معابر غزة ...
- هآرتس: قانون الإعدام المقترح وصمة عار لا تُمحى عن إسرائيل
- وزير إسرائيلي يدعو لاعتقال الصحفي ناشر مقطع تعذيب أسير فلسطي ...
- اعتقال شاب بعد إصابته في رام الله
- اتفاقية الهجرة تضع فرنسا والجزائر في مواجهة تثير المنصات
- الأمم المتحدة: العالم يتجه نحو احترار كارثي من 2,5 درجة خلال ...
- الرئيس الألماني يعارض ترحيل اللاجئين السوريين حاليا


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصرت كيتكاني - عندما تغيب الروادع من المجتمع