أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - نصرت كيتكاني - الحياة مواقف و ليست مصالح














المزيد.....

الحياة مواقف و ليست مصالح


نصرت كيتكاني

الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 10:16
المحور: قضايا ثقافية
    


الحياة مواقف وليست مصالح

لم يكن الإنسان في يوم من الأيام مجرد كائن يسعى وراء المنفعة وحدها؛ بل كان جوهر العلاقات البشرية يقوم على المشاركة، التضامن، والوقوف مع الآخر في أوقات الشدة قبل أوقات الرخاء.
لكن مع تغيرات العالم الحديثة و تسارع إيقاع الحياة، تحولت كثير من الروابط الإنسانية إلى علاقات مشروطة بالمصلحة، حتى بات السؤال الذي يطرح عند بناء أي علاقة: "ماذا سأستفيد؟"

هذا التحول لم يأت من فراغ.
فالعالم الذي يزداد فيه الضغط الاقتصادي، والصراعات السياسية، وأزمات الثقة، جعل بعض الناس ينظرون للعلاقة الاجتماعية كصفقة أكثر من كونها رابطا إنسانيا.
وهنا يكمن الخطر: لأن المجتمع الذي تتحول فيه الصداقة إلى مصلحة، والقرابة إلى منفعة، يصبح هشا وسهل التفكك.
فالعلاقات التي تبنى على المنفعة فقط سريعة الزوال. فعندما تنتهي المصلحة، ينتهي معها "الحب" و"الود" وكأن شيئا لم يكن.
في حين أن المواقف الحقيقية — كالوقوف مع صديق في محنة، أو دعم أخ في لحظة ضعف، أو نصيحة صادقة دون انتظار مقابل — هي التي تبني الروابط العميقة والدائمة.
هنا نكتشف أن المصلحة ليست سوى "غلاف هش"، بينما الموقف الصادق هو "الجذر الراسخ".

و عندما تسود المصالح على حساب المواقف، يتفكك المجتمع تدريجيا.
يصبح الانتهازي في موقع القيادة لأنه يعرف كيف "يستغل" الآخرين.
و يتراجع أصحاب القيم لأنهم لا يجيدون لعبة المصالح.
يسود جو من انعدام الثقة: فلا أحد يثق بالآخر لأنه يخشى أن يترك عند أول خسارة.
وهذا ما نشهده اليوم: صراعات، خيبات، عزلة اجتماعية، وشعور متزايد بالغربة حتى داخل الوطن.

فالموقف لا تقاس بالمال ولا بالربح، بل تقاس بالإنسانية.
قد يكون شخص ما فقيرا، لكنه بكلمة طيبة أو وقفة وفاء في لحظة صعبة يترك أثرا لا يمحى. وقد يكون آخر غنيا، لكنه عند أول اختبار يتركك وحيدا، فتكتشف أن كل ما كان بينكما مجرد "مصلحة مقنّعة".
الذاكرة الإنسانية لا تحفظ تفاصيل المصالح، بل تحفظ من كان بجوارنا حين احتجنا إليه.
هذه هي المعادلة البسيطة التي كثيرون نسوها في خضم زحمة الحياة.
و إن علاج هذه الأزمة يبدأ من إعادة الاعتبار للقيم الإنسانية، والتأكيد أن:
العلاقات تبنى على الوفاء لا على المنفعة.
الإنسان يقاس بموقفه لا بما يملك.
المصلحة قد تحقق لك مكسبا آنيا، لكن الموقف يمنحك احتراما دائما.
وعلى النخب الثقافية والسياسية و الإعلامية مسؤولية مضاعفة في إعادة التذكير بهذه القيم، لأن المجتمعات لا تنهض إلا عندما تكون الروابط بين أفرادها صلبة قائمة على التضامن و الثقة، لا على الصفقات و المناورات.
الحياة ليست سباقا للبحث عن أكبر منفعة، بل رحلة لا يبقى منها سوى أثر المواقف.
قد تخسر مالا، منصبا، أو منفعة، لكنك تكسب إنسانا حقيقيا وقف إلى جانبك في يوم عصيب، وهذا أعظم ربح.

فلنسع لإعادة الاعتبار للإنسانية في علاقاتنا، لأن المصالح زائلة، أما المواقف فخالدة.



#نصرت_كيتكاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين هم المواطن و خطاب السياسة ... اين الحل
- بين الشخص و الوظيفة قد تضيع المسؤولية
- الواجهة البراقة و الجوهر المظلم
- الأزمة الاجتماعية الاقتصادية .... تهديد صامت لأمن العالم وتم ...
- المغترب ... انسان ممزق بين غربتين
- المجتمع أعمق من خلافات النخب
- ضياع المواطن بين المرجعيات ... أزمة مجتمع معاصر
- العاطفة في السياسة بين التضليل و فقدان القيم المجتمعية
- السياسة العالمية بين الجماهير و الكواليس
- الكلمة و المثقف .... مسؤولية بناء لا وقود صراع
- السلام المجتمعي هو خيار الاقوياء لا الضعفاء
- العدالة الاجتماعية و تقارب المجتمعات أساس السلام و التنمية ا ...
- الأهداف التركية في الأزمات الحالية (الجزء الأول)
- مواطن مخدوع و حرب مفككة


المزيد.....




- شاهد.. طائرات مسيرة تُجبر مطار ميونيخ على الإغلاق
- أوكرانيا تعلن نفوق 13 ألف خنزير بسبب حريق ناتج عن ضربات روسي ...
- إسرائيل تحتجز آخر سفن -أسطول الصمود- وترحّل 4 إيطاليين.. وبن ...
- روبوت لبيئات العمل الخطرة يتحدث أكثر من 70 لغة
- فيديو- حريق ضخم في مصفاة نفط قرب لوس أنجلوس
- البحرية الإسرائيلية تعترض آخر سفن -أسطول الصمود- وسط تنديد د ...
- ألمانيا: مطار ميونيخ يستأنف عملياته بعد تعليقها خلال الليل ب ...
- التغير المناخي يقتلع جذور الواحات الموريتانية
- فرنسا: لوكورنو سيعلن في نهاية الأسبوع تشكيل حكومته الجديدة
- بوتين يصف اعتراض فرنسا ناقلة نفط على ارتباط بروسيا بالـ -قرص ...


المزيد.....

- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - نصرت كيتكاني - الحياة مواقف و ليست مصالح