نصرت كيتكاني
الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 20:11
المحور:
قضايا ثقافية
حين يتحول الموظف المسؤول من أداة لخدمة الناس إلى شخصية محورية في المشهد الإعلامي، نكون قد انزلقنا إلى مرحلة خطيرة من التفكير الاجتماعي والسياسي.
بدل أن يسأل الناس: ماذا أنجز ؟ أصبحوا يسألون : ماذا قال؟ كيف ابتسم؟ وكأن حياة المواطن تتحسن بابتسامة المسؤول أو ظهوره على الشاشة.
هذه الظاهرة تحمل في طياتها دلالات مقلقة .
إنها نتيجة تراكم ثقافة الشخصنة على حساب ثقافة المؤسسات.
فالوظيفة أو المنصب العام في جوهره ليس وساماً أو امتيازاً شخصياً، بل عقد ثقة بين المسؤول والشعب، يقاس فيه النجاح بما يقدمه من خدمات، ويحاسب فيه على الأخطاء و التقصير .
لكن حين يغيب هذا الوعي، يترتب على ذلك:
تفريغ الوظيفة العامة من مضمونها: المسؤول يبقى في مكانه لمجرد صورته لا لأدائه.
تغذية ثقافة التملق والولاء: تستبدل الكفاءة بالتصفيق، والمساءلة بالمجاملة.
تفاقم معاناة المواطن : لأن الاهتمام بالواجهة يطغى على الاهتمام بجوهر القضايا (التعليم، الصحة، العدالة، فرص العمل).
إن المجتمعات التي تسقط دور المسؤول في دوامة الشخصنة، تهيئ نفسها لإعادة إنتاج نفس الأخطاء جيلاً بعد جيل.
فلا يتغير شيء في حياتها، سوى الأسماء و الوجوه.
الحل لا يكمن فقط في إصلاح السياسيين، بل في إصلاح نظرة الشعوب للمسؤولين ، و أن يتعلم المواطن أن يسأل :
ماذا تحقق منذ تسلم هذه الوظيفة ؟
ما حجم الإنجاز مقارنة بالوعود؟
كيف انعكس وجوده على حياة الناس فعلا ؟
عندها فقط يصبح المسؤول موظفاً عاماً بحق، لا نجماً عابراً على الشاشات.
فالوطن لا يبنى بهتافات الجماهير لشخص، بل بمؤسسات قوية تحاسب الجميع، و تجعل المسؤول مجرد حلقة في سلسلة خدمة الوطن، لا بطل المشهد وحده.
#نصرت_كيتكاني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟