أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصرت كيتكاني - المغترب ... انسان ممزق بين غربتين














المزيد.....

المغترب ... انسان ممزق بين غربتين


نصرت كيتكاني

الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 00:30
المحور: المجتمع المدني
    


المغترب… إنسان ممزق بين غربتين

الغربة ليست مجرد رحلة عمل أو إقامة في بلد آخر، إنها حالة نفسية واجتماعية معقدة يعيشها ملايين البشر. المغترب إنسان يعيش غربتين معا: غربة المكان حيث لا يشعر بالانتماء، و غربة الروح حيث يظل قلبه مشدودا إلى وطنه وأهله.
و بين ألم الغربة وشوق الوطن ينام المغترب على وسادة مبللة بالحنين. الوطن ليس مجرد أرض، بل هو ذكريات الطفولة، رائحة الخبز في بيت الأم، دفء الأصدقاء، وطقوس صغيرة تجعل الإنسان يشعر بأنه كامل. وحين يُنتزع من هذا السياق، يعيش دائمًا في حالة فقدان جزئي للذات.
و في الوطن، كان له مكانة ودور اجتماعي، صلة رحم وجيرة وكرامة.
أما في الغربة، فيُختصر وجوده غالباً في "آلة عمل"، يُقدَّر بما يرسله من مال أكثر مما يُقدَّر بما يملكه من مشاعر أو مكانة. هذا التحول من "إنسان له قيمة اجتماعية" إلى "مجرد عامل" هو أقسى ما يواجهه المغترب.
و ان الغربة ليست جرحًا للفرد فقط، بل للعائلة بأكملها. أبناء ينشؤن بعيداً عن آبائهم، أو في مجتمعات لا تشبه جذورهم. فجوة ثقافية تكبر مع الزمن، فتجعل التواصل أصعب بين جيل الأبناء وجيل الآباء. وهنا تبدأ المأساة الحقيقية: أسرة جسديًا متفرقة، وروحياً متباعدة.
أما الأبناء الذين يكبرون في الغربة يجدون أنفسهم بين هويتين: هوية الأهل التي تُزرع في البيت، وهوية المجتمع الجديد التي تفرضها المدرسة والبيئة. ومع ضعف الروابط الأسرية، يزداد احتمال الضياع بين الثقافات. في النهاية، يشعر الأبناء أنهم "غرباء في وطنين"، لا هنا مندمجون تمامًا ولا هناك منتمون بحق.
و كما ان المغترب يعيش دائماً بين خيارين أحلاهما مر : العودة إلى وطنٍ لا يوفّر له أماناً اقتصاياً أو سياسياً ، أو البقاء في غربة تستنزف روحه و تفككه اجتماعياً. هذا التمزق يولّد إحساساً دائمًا بالعجز عن تقبل أي واقع، وكأنه محكوم بالاغتراب أينما كان.
و في النهاية فإن المغترب ليس مجرد "مسافر"، إنه جرح نازف في جسد الوطن والمجتمع.
هو إنسان فقد شيئاً من نفسه هناك، وترك جزءاً من قلبه هنا.
ومع ذلك، يظل المغترب رمزًا للصبر و الكفاح، لكنه يحتاج قبل كل شيء إلى أن يُعامَل كإنسان كامل القيمة، لا مجرد وسيلة اقتصادية.
فالوطن الذي لا يحتضن أبناءه، يدفعهم إلى الغربة؛ والغربة التي لا تعطي الإنسان قيمته، تسرق منه إنسانيته. و المغترب سيبقى معلقاً بين الاثنين… حتى تُبنى أوطان عادلة تُغنيه عن الرحيل



#نصرت_كيتكاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع أعمق من خلافات النخب
- ضياع المواطن بين المرجعيات ... أزمة مجتمع معاصر
- العاطفة في السياسة بين التضليل و فقدان القيم المجتمعية
- السياسة العالمية بين الجماهير و الكواليس
- الكلمة و المثقف .... مسؤولية بناء لا وقود صراع
- السلام المجتمعي هو خيار الاقوياء لا الضعفاء
- العدالة الاجتماعية و تقارب المجتمعات أساس السلام و التنمية ا ...
- الأهداف التركية في الأزمات الحالية (الجزء الأول)
- مواطن مخدوع و حرب مفككة


المزيد.....




- غزة بين المجاعة والإبادة.. إنتقادات أوروبية متصاعدة لـ-إسرائ ...
- إسرائيليون يقطعون الطريق بين تل أبيب والقدس للمطالبة بإعادة ...
- إندبندنت: أزمة المهاجرين مستمرة بعد 10 سنوات على مأساة إيلان ...
- اليونان تقر -الإعادة القسرية- وتسرع ترحيل المهاجرين المرفوضي ...
- ترامب يجدد مطالبته لحماس بالإفراج عن الأسرى بغزة
- شركة -لَش- البريطانية تغلق متاجرها ليوم واحد احتجاجاً على ال ...
- إندبندنت: أزمة المهاجرين مستمرة بعد 10 سنوات على مأساة إيلان ...
- اليونان تقر -الإعادة القسرية- وتسرع ترحيل المهاجرين المرفوضي ...
- إدخال 121 شاحنة مساعدات من معبر رفح البري لإغاثة سكان غزة
- مسئول منظمة دولية يندد باعتقال إسرائيل رئيس بلدية الخليل


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصرت كيتكاني - المغترب ... انسان ممزق بين غربتين