أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصرت كيتكاني - الثأر في المجتمعات من العاطفة الى السياسة














المزيد.....

الثأر في المجتمعات من العاطفة الى السياسة


نصرت كيتكاني

الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 01:33
المحور: المجتمع المدني
    


الثأر في المجتمعات من العاطفة إلى السياسة
قراءة في ثقافة الانتقام و تحولها إلى أداة للصراع العام
الثأر ليس مجرد جريمة فردية تنبع من الغضب بل هو منظومة فكرية واجتماعية تنشأ حين يصاب الناس بالظلم دون أن يجدوا عدالة تنصفهم .
في غياب القانون أو الثقة بالمؤسسات يتحول الشعور بالظلم إلى انتقام شخصي أو جماعي فتتوارثه الأجيال حتى يصبح جزءا من الهوية .
وهنا تبدأ المأساة حيث يتحول الدفاع عن الحق إلى إدمان على العنف و تصبح الكرامة مبررا للدم لا للعدل .
أولا ـ الثأر كظاهرة اجتماعية :
في المجتمعات التقليدية يربى الأفراد على أن الدم لا يغسل إلا بالدم .
هذا المبدأ رغم أنه ولد في بيئة غابت عنها الدولة إلا أنه استمرّ حتى في ظل وجود القانون .
فالثأر في جوهره ليس حاجة للعدالة بل بحث عن التوازن النفسي والاجتماعي بعد الإهانة أو الفقد .
لكن ما إن يبدأ حتى يفقد صاحبه السيطرة عليه و يتحول إلى عادة جماعية تلتهم الجميع .
وتظهر دراسات اجتماعية أن المجتمعات التي تستبقي الثأر كقيمة تكون فيها معدلات العنف و النزاعات القبلية أعلى وتضعف فيها ثقة الناس بالمؤسسات .
لأن من يعتقد أن العدالة لا تأتي إلا بالسلاح لن ينتظر حكم المحكمة ولن يؤمن بحوار السياسة .
ثانيا ـ البعد السياسي للثأر:
الثأر في السياسة لا يختلف كثيرا عن الثأر بين الأفراد .
فالدول مثل البشر تصاب بالغرور و الوجع والخوف و تتصرف أحيانا من منطلق رد الكرامة أكثر من البحث عن حلول حقيقية .
في الصراعات الإقليمية والداخلية على حد سواء نرى كيف يتحول الانتقام إلى منهج سياسي :
أحزاب تنتقم من خصومها بدل أن تصلح مؤسساتها .
أنظمة تعيد إنتاج الماضي تحت شعار عدم النسيان .
شعوب تساق إلى الحروب بذريعة الرد على الإهانة الوطنية .
وهكذا يصبح الثأر السياسي أداة لإدامة النزاعات لا لإنهائها .
إنه وقود للخطاب العاطفي حتى لو كان الثمن مستقبل وطن بأكمله .
ثالثا ـ بين العدالة والانتقام :
الفرق بين العدالة و الثأر بسيط في الظاهر لكنه عميق في الجوهر :
فالعدالة تبحث عن الحق وتنتهي الألم .
و الثأر يبحث عن الألم و يبقيه حيا .
كما أن العدالة تحتاج إلى عقل و الثأر إلى غضب .
وحين تسيطر الغريزة على الوعي الجمعي يتحول المجتمع إلى ساحة صراع دائمة تغذيها الذاكرة الانتقائية التي تحفظ الإساءة وتنسى ما بعدها .
رابعا ـ الدرس التاريخي :
منذ قصة الزير سالم و حرب البسوس في الجاهلية والناس يعرفون كيف يبدأ الثأر ولا يعرفون كيف ينتهي .
بدأت الحرب من ناقة وانتهت بخراب قبيلتين .
واليوم تتكرر الحكاية في السياسة والحروب الحديثة حيث يقتل الحاضر باسم الماضي و يدمر المستقبل باسم كرامة قديمة .
خامسا ـ نحو ثقافة تسامح لا نسيان :
فالتسامح لا يعني التنازل عن الحق بل اختيار طريق آخر لاستعادته .
فالمجتمعات التي تتعلم أن تغفر دون أن تنسى و تتعامل مع الجراح بالحكمة لا بالغضب هي وحدها القادرة على النهوض من تحت الركام .
التاريخ يثبت أن الأمم لا تبنى بالثأر بل بالعدالة و المصالحة ولا تنهض الشعوب التي تربي أبناءها على الانتقام بل التي تعلمهم أن الكرامة تستعاد بالقانون لا بالدم.
فالثأر حين يتحول إلى ثقافة يصبح عدوى سياسية واجتماعية تقتل الوعي قبل الأجساد .
ولن تخرج مجتمعاتنا من دوامة الألم ما لم تؤمن أن السلام ليس ضعفا بل وعيا أرقى من الغضب .
فكما قال أحد الحكماء :
من أراد أن ينتقم اليوم فليتذكر أنه قد يترك غدا طفلا جديدا يبحث عن انتقام آخر.



#نصرت_كيتكاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمن الذي فقد المعنى
- عندما يغيب الضمير
- التضليل الإعلامي و صناعة الوهم و اغتيال الوعي
- الاصدقاء هل هم حقيقة أم وهم
- الحياة مواقف و ليست مصالح
- بين هم المواطن و خطاب السياسة ... اين الحل
- بين الشخص و الوظيفة قد تضيع المسؤولية
- الواجهة البراقة و الجوهر المظلم
- الأزمة الاجتماعية الاقتصادية .... تهديد صامت لأمن العالم وتم ...
- المغترب ... انسان ممزق بين غربتين
- المجتمع أعمق من خلافات النخب
- ضياع المواطن بين المرجعيات ... أزمة مجتمع معاصر
- العاطفة في السياسة بين التضليل و فقدان القيم المجتمعية
- السياسة العالمية بين الجماهير و الكواليس
- الكلمة و المثقف .... مسؤولية بناء لا وقود صراع
- السلام المجتمعي هو خيار الاقوياء لا الضعفاء
- العدالة الاجتماعية و تقارب المجتمعات أساس السلام و التنمية ا ...
- الأهداف التركية في الأزمات الحالية (الجزء الأول)
- مواطن مخدوع و حرب مفككة


المزيد.....




- الأمم المتحدة تصوت لرفع الحصار عن كوبا رغم الضغوط الأميركية ...
- الأمم المتحدة تصوت لرفع الحصار عن كوبا رغم الضغوط الأميركية ...
- الأمم المتحدة تدين
- العفو الدولية: الضربة الأميركية لمركز مهاجرين باليمن جريمة ح ...
- سفير السودان لدى إيران: المجازر في الفاشر ترتقي إلى جرائم حر ...
- مؤتمر -مستقبل الأقليات في الشرق الأوسط- يجمع ممثلين عن جماعا ...
- الاحتلال يعتقل معاقا ويخضعه للتعذيب ويصيب 3 فلسطينيين بالضرب ...
- الاحتلال يعتقل معاقا ويخضعه للتعذيب ويصيب 3 فلسطينيين بالضرب ...
- السودان.. منطقة -طويلة- تطلب دعما عاجلا لإنقاذ النازحين من ا ...
- نادي الأسير: قرار منع الصليب الأحمر من زيارة الأسرى غطاء إضا ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصرت كيتكاني - الثأر في المجتمعات من العاطفة الى السياسة