نعمة المهدي
                                        
                                            
                                                
                                        
                    
                   
                 
                
                
                
                
                 
                
              
                                        
                                        
                                      
                                        
                                        
                                            الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 11:41
                                        
                                        
                                        المحور:
                                            الادب والفن
                                        
                                        
                                            
                                        
                                        
                                     
                                      
                                        
                                        
                                        
                                        
                                            
    
    
 
                                       
                                        
                                        
                                
                                
                                   
                                        
                                            
                                              حكاية عن الذين لا يغيبون
طرقٌ خفيف على باب البيت… كأن الهواء هو من يقرع لا يدٌ بشرية.
فتحت أمينة، فوجدت امرأةً تحمل حقيبة أوراق ومظروفًا باهت اللون.
قالت المرأة بنبرة يعرفها من عاش الفقد:
"نحن من منظمة المفقودين… أثناء أرشفة الملفات في أحد المستشفيات الميدانية، وُجد هذا… باسم محمود عبد الودود."
ارتجف قلب أمينة.
الاسم وحده كان كافيًا ليعيد إليها سنتين من الدعاء والليل الطويل.
سحبت الرسالة من يد المرأة، لكنّها لم تفتحها…
كان على قلبها أن يلتقط أنفاسه أولاً.
كان محمود يعمل سائق تكسي.
يعود كل مساء بوجهٍ تعبته الطرق، وتضيئه المحبة.
وكانت أمينة تحبه بمحبةٍ خائفة… غيرة لا تعرف إلا التمسّك بما تخشى فقده.
ذات يوم رأته يتحدث مع فتاة من الجيران. مجرد تحية.
لكن الغيرة اشتعلت نارًا.
ارتفع صوتها. ارتبك الحي.
وناما تلك الليلة دون أن تلتقي عيناهما.
في الصباح، خرج محمود.
خرج وهو يحمل غصّة صغيرة… لكنه خرج وهو يحبها.
وفي ذلك اليوم انفجرت سيارة مفخخة في الشارع الذي كان يعمل فيه.
لم يرجع محمود.
وعادت أمينة إلى بيت نقص منه صوت، وحضور، وظلّ.
كبر الأولاد، وكبرت أمينة معهم.
لكن الانتظار بقي واقفًا عند باب البيت.
إذا مرّت تكسي صفراء، نهض قلبها كمن يتعرّف من بعيد.
جلست الآن أمام أولادها الثلاثة، وفتحت الرسالة ببطء:
كان خطّه كما تركه… وكأن الزمن توقّف عنده:
"أمينة… إذا غِبت يوم أو يومين أو عمر… لا تبكين.
خلّي قلبچ طري.
ربّيناهم على الطيب… لا تخلّين الدنيا تغيّرهم.
وادعيلي.
وأحبچ… حتى بعد الموت."
رفعت أمينة الرسالة إلى صدرها،
ليس لتحضن الورق…
بل لتحضن الغائب.
انهمرت دموعها ببطء.
اقترب أولادها. جلسوا حولها.
قالت وهي تمسح على الخط بكفّها كما كانت تمسح جبينه حين يعود متعبًا:
"أبوكم ما تأخّر…
هو كان يمهّد الطريق حتى نتحمّل الحياة من دونه…
بدون ما ينكسر قلبنا."
الحبّ الحقيقي لا يموت.
إنه يتحوّل:
من يدٍ إلى ذكرى،
ومن حضورٍ إلى معنى،
ومن جسدٍ إلى دعاء.
نحن لا نفقد أحبابنا…
نحن فقط نتعلّم شكلًا جديدًا لوجودهم.
والذين يُحبّون بصدق…
لم يعودوا…
ولكنهم عادوا.
                                                  
                                            
                                            
                                          
                                   
                                    
      
    
  
                                        
                         #نعمة_المهدي (هاشتاغ) 
                           
                         
                            
                         
                        
                           
                         
                         
                
                                        
  
                                            
                                            
                                             
                                            
                                            ترجم الموضوع 
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other 
languages
                                        
                                            
                                            
                                            
الحوار المتمدن مشروع 
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم 
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. 
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في 
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة 
في دعم هذا المشروع.
 
  
                                                               
      
    
			
         
                                         
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        
                                         
    
    
    
                                              
                                    
                                    
    
   
   
                                
    
    
                                    
   
   
                                        
			
			كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية 
			على الانترنت؟