أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - مرثيّة الظلّ البعيد














المزيد.....

مرثيّة الظلّ البعيد


نعمة المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 11:05
المحور: الادب والفن
    


إلى رفيقةِ العمرِ التي لم تغِبْ عن الذاكرة، هذه الكلماتُ من رمادِ القلب...

يا فقيدتي…
كأنّ الموتَ لم يأتِ بعد، وكأنّكِ خرجتِ قليلًا لتعودي.
كلّ مساءٍ يطرقُ بابي على استحياء، أظنّه وقعَ خطواتكِ،
لكنّه الريحُ، تعيدُ ترتيبَ الغياب في أركان البيت.
ما زال الصمتُ يتهجّى اسمكِ على الجدران،
والستائرُ تتدلّى كجفونٍ منهكةٍ من البكاء.
أُحدِّثُ صورتكِ كأنّها تُصغي،
أُطيلُ النظر في ملامحها حتى يتهشّمَ الزمن في عينيّ،
أُعيدُ ترتيبَ شعركِ في الخيال، وأُقَبِّلُ ظلَّ ابتسامتكِ المعلّقة على مرآةِ الغرفة.
أُقسمُ إنّ العالمَ بعدكِ صار بلا ملامح،
كأنّ الألوانَ انسحبت من الأشياء،
وكأنّ النهارَ نسيَ كيف يُشرق.
يا غائبتي الحاضرة،
هل تسمعينَ أنينَ وحدتي؟
كلّ كرسيٍّ فارغٍ يهمسُ باسمكِ،
كلُّ كوبِ شايٍ يبردُ على مائدتي قبل أن أرتشفه،
وحتى العصافيرُ التي كانت توقظكِ كلَّ صباحٍ،
تمرُّ اليومَ صامتةً، كأنّها تعلنُ الحداد.
أعيشُ بين الأشياء التي تذكّرني بكِ،
لكنّها تُؤلمني أكثر ممّا تُواسيني،
فما فائدةُ الوردِ إن لم تراه عيناكِ؟
وما جدوى النهارِ إن لم يُضاءَ بابتسامتكِ؟
يا الله، كم يوجعُني الحنينُ حين يصحو في الليل،
يمتدُّ كحبلٍ من النار بين القلبِ والذاكرة،
يشدّني إليكِ كلّما حاولتُ النسيان،
ويعيدني إلى لحظةِ الرحيل…
تلك اللحظة التي انكسر فيها ضوءُ العالم وانطفأت الموسيقى.
يا امرأةً علّمتني أن للحياةِ معنى،
ثمّ رحلتِ لتُعلّمني أن للموتِ حضورًا لا يُطاق.
كنتِ الندى على أيّامي، فصرتِ الآن غيمتي البعيدة،
كنتِ دفتري، وصرتِ بياضي.
هل تدرين أنّي أكتبُ إليكِ بالحروف التي تُبكيني؟
كلّ كلمةٍ منكِ أصبحت محرابًا للدعاء،
وكلُّ ذكرى صارت جنازةً صغيرةً للروح.
اللهمّ، اجعل قبرها روضةً من نور،
واسقِ ترابها من نهرِ رحمتك،
وارزقها في عليائك سكينةَ الأرواح الطاهرة.
يا ربّ، إنّي لا أملكُ إلّا دموعي،
فخذها صدقةً عنها، واغفر لها بها.
يا راحلتي،
ما زلتُ أراكِ في الحلم تمشينَ بين الحقولِ بثوبٍ أبيض،
والهواءُ يصفّقُ لكِ كأنّه يرحّبُ بقدومكِ من السماء.
حينها أمدُّ يدي لألمسَ كفّكِ،
لكنّ المسافةَ بيننا أطولُ من العمر.
سأبقى أنتظركِ في المنامات،
وأقرأ اسمكِ في المطر،
وأُودِعُ صمتي كلَّ مساءٍ في بريد الغيب،
علّه يصلُ إليكِ، فيعرفُ أنكِ لم تغادري قلبي لحظةً واحدة.
اللهمّ اجمعني بها يومًا،
حين تنتهي لغةُ الفقد،
ويُرفعُ الستارُ عن الوجع،
وتعودُ الأرواحُ إلى مَن تُحبّ،
حينها فقط…
سأقولُ لها: ها أنا جئتُ بعد طولِ غياب، فخُذيني إلى حيث لا يُفارقُ أحدٌ أحدًا.



#نعمة_المهدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزاء في الأزقة
- وصيّة في باص مزدحم
- رائحة الخبز في بغداد
- ساعة لا تدقّ
- مقعد في قاعة الانتظار
- حُلْمٌ يُحاكَمُ في اليقظة
- كلية واحدة للحب
- مرثيَّةُ الرُّوحِ الغائبة
- الطريق الى المخيم
- رسالة لم تُسلَّم
- ذاكرة التيار
- الفستان
- حذاء صغير عند العتبة
- ليل المستشفى
- رسائل لم تصل
- صوت المطر على المظلة المعدنية
- السماء المفتوحة
- غروب في المقبرة
- مذكّرات قائد فرقة عسكرية / ١
- أنابيب ضائعة


المزيد.....




- -أنجز حرٌّ ما وعد-.. العهد في وجدان العربي القديم بين ميثاق ...
- إلغاء مهرجان الأفلام اليهودية في السويد بعد رفض دور العرض اس ...
- بعد فوزه بجائزتين مرموقتين.. فيلم -صوت هند رجب- مرشح للفوز ب ...
- حكمة الصين في وجه الصلف الأميركي.. ما الذي ينتظر آرثر سي شاع ...
- الأنثى البريئة
- هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخاً بديلاً عن الإنسان؟
- حلم مؤجل
- المثقف بين الصراع والعزلة.. قراءة نفسية اجتماعية في -متنزه ا ...
- أفلام قد ترفع معدل الذكاء.. كيف تدربك السينما على التفكير بع ...
- باسم خندقجي: كيف نكتب نصا أدبيا كونيا ضد الإستعمار الإسرائيل ...


المزيد.....

- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- پیپی أم الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - مرثيّة الظلّ البعيد