أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - مرثيَّةُ الرُّوحِ الغائبة














المزيد.....

مرثيَّةُ الرُّوحِ الغائبة


نعمة المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 10:08
المحور: الادب والفن
    


لم أكن أُدرِكُ أنَّ الفقدَ يُغيِّرُ شكلَ الزَّمن، حتى رحلتِ.
فمنذُ غيابِكِ، صارَ الوقتُ أبطأَ منَ الدموعِ، وأطولَ منَ الانتظارِ.
كأنَّ عقاربَ السَّاعةِ توقَّفتْ في لحظةٍ خَجُولةٍ منِ البُكاءِ،
ولم تَعُدْ تُريدُ أنْ تُتابِعَ دورتَها في عالَمٍ نُزِعَتْ منهُ أنفاسُكِ.

يا راحلتي، يا نغمةَ الحياةِ الَّتي كانتْ تُعيدُ توازُنَ الفوضى في داخلي،
كنتِ المعنى حينَ تَغيبُ المعاني،
وكنتِ السُّكونَ الذي يُعيدُ ترتيبَ صخبِ الوجود.
كلُّ شيءٍ بعدَكِ صارَ مهيضًا:
البيتُ بلا روحٍ،
والليلُ بلا نجمةٍ،
والقلبُ بلا مَأوى.
أتأمَّلُ صورتَكِ المعلَّقةَ على الجدارِ،
فأراكِ تُحاوِلينَ أنْ تُكلِّميني من وراءِ الغيابِ،
لكنَّ المسافةَ بينَ الحياةِ والموتِ أوسعُ منَ الحنينِ،
وأعمقُ من صدى الصَّوتِ في الفراغِ.
أقولُ لكِ في سِرِّي:
«هَلْ تَسمعينَ يا حبيبتي؟ إنَّ الكونَ من بعدِكِ صَارَ غرفةً مُقفَلةً،
جدرانُها تُردِّدُ اسمَكِ ولا تُجيبُ.»

يا امرأةً كانتْ تُقاسُ الأيامُ بنُورِ عينيها،
علَّمْتِني أنَّ الحبَّ ليسَ وعدًا، بل عبورٌ بينَ جرحين:
جرحِ اللِّقاءِ، وجرحِ الفراقِ.

كنتِ ملجأَ الخائفِ فيّ، وسكينةَ الجنديِّ العائدِ من حربٍ خاسرةٍ.
وحينَ غبتِ، عادَ العالمُ إلى بربريَّتِه القديمةِ،
وصارَتِ الدُّنيا أكثرَ واقعيَّةً ممَّا يحتملُ القلبُ.

أمشي إلى قبرِكِ كمنْ يمشي إلى جزءِهِ المفقود.
ألمسُ التُّرابَ، فأشعرُ أنَّ أنفاسَكِ لا تزالُ دافئةً هناك،
تُربِّتينَ على قلبي بصمتٍ أرحمَ من الكلماتِ.
أعودُ بعدها خاليًا، كمنْ تركَ وراءَهُ نَفْسَهُ.

يا روحي الغائبة،
يا رفيقةَ العُمْرِ وأُنْسَ الطُّفولةِ وأمَّ المواجِعِ،
مَن يملأُ غيابَكِ؟
مَن يُعيدُ للعالَمِ لُغتَهُ بعدَ أنْ بَكَتْ الأبجديَّةُ على اسمِكِ؟
ما عادَ في اللَّيلِ ضوءٌ، ولا في النَّهارِ ظلٌّ يُشبهُ ظلَّكِ.
رحلتِ، فصارَ الوجودُ تجربةً ناقصةً،
وصارَ قلبي مَنفًى بلا وطنٍ، يُقيمُ على ذِكرى امرأةٍ من نورٍ.

سلامٌ عليكِ،
يا منْ تركتِ في كلِّ رُكنٍ منّي قصيدةً لم تكتملْ،
وفي كلِّ نغمةٍ بُكاءً مكتومًا.
سلامٌ عليكِ حيثُ لا حزنَ ولا وجعَ،
وحيثُ الأرواحُ تُضيءُ بأسماءِ مَن أحبَّتْ.
وسلامٌ عليَّ،
أنا الَّذي ما زلتُ أُحادثُ صورتَكِ كلَّ مساءٍ،
كأنَّها نافذتي إلى الجنَّة.



#نعمة_المهدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الى المخيم
- رسالة لم تُسلَّم
- ذاكرة التيار
- الفستان
- حذاء صغير عند العتبة
- ليل المستشفى
- رسائل لم تصل
- صوت المطر على المظلة المعدنية
- السماء المفتوحة
- غروب في المقبرة
- مذكّرات قائد فرقة عسكرية / ١
- أنابيب ضائعة
- دم الشهيد بين المكاتب
- تأملات راحل
- الجامعة وجرح لا يندمل
- بين البندقية والباسون
- ذكريات لا تُنسى / ٣
- ذكريات لا تنسى / ١
- ذكريات لا تُنسى / ٢
- ذكريات لا تموت


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - مرثيَّةُ الرُّوحِ الغائبة