أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - الفساد لا يُكافَح بالفضائح، بل بالمحاكم














المزيد.....

الفساد لا يُكافَح بالفضائح، بل بالمحاكم


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 23:31
المحور: حقوق الانسان
    


في الأيام الأخيرة، شهدت المؤسسات السورية موجة مفاجئة من الإشهار بقضايا فساد، طالت شخصيات بارزة، من بينها شقيق الرئيس الانتقالي أحمد الشرع. ورغم أن هذه الخطوة بدت للوهلة الأولى جريئة، إلا أنها أثارت تساؤلات أعمق حول الغاية منها، خاصة في ظل غياب أي توضيح رسمي بشأن المسار القضائي الذي سيُتبع لمعالجة هذه الملفات. هل نحن أمام بداية جادة لمحاسبة الفاسدين، أم أن الأمر لا يعدو كونه حملة شكلية تهدف إلى تحسين الصورة العامة دون المساس بجذور المشكلة؟

اللافت في هذه التطورات ليس فقط أسماء المتورطين، بل التوقيت والسياق. فالكشف عن هذه القضايا جاء في لحظة سياسية حرجة، تتسم بترنّح مؤسسات الدولة، وتزايد الضغوط الدولية، وتنامي المطالب الشعبية بإصلاحات حقيقية. ومع ذلك، فإن غياب الشفافية، وتكتم الإعلام الرسمي، وتجاهل السلطة القضائية لأي توضيحات، يثير الريبة أكثر مما يبعث على الأمل.

الفساد، بطبيعته، لا يعيش طويلاً في بيئة قضائية سليمة. لكنه في الحالة السورية، يبدو وكأنه يتجدد باستمرار، متكئاً على ضعف المساءلة، وتواطؤ بعض الأجهزة، وانعدام الإرادة السياسية الحقيقية في اجتثاثه. الفاسدون لا يختفون، بل يتحولون ويتكيّفون، ويعيدون إنتاج أنفسهم في مواقع جديدة، أو عبر شبكات نفوذ أكثر تعقيداً، قادرة على الاحتيال على مؤسسات الدولة نفسها. التجارب السابقة تؤكد أن الاكتفاء بكشف الأسماء واستعادة جزء من الأموال المنهوبة لا يكفي، بل قد يكرّس نمطاً من "الفساد الموسمي"، الذي يُستخدم كأداة لتصفية الحسابات أو تحسين الصورة أمام الخارج.

إن الدولة التي تسعى فعلاً لحماية مؤسساتها، لا تكتفي بإجراءات رمزية أو حملات إعلامية، بل تمضي في ملاحقة المتورطين قضائياً، بوصفهم مرتكبي جرائم اقتصادية، وتضمن الشفافية الكاملة أمام الرأي العام. فالمحاسبة لا تكون فعالة إلا إذا كانت علنية، عادلة، وسريعة. وليس من المقبول أن تتناول الصحف الغربية هذه القضايا بتفاصيلها الدقيقة، في حين يلتزم الإعلام المحلي الصمت، متجاهلاً أخطر ما في الملف: غياب المساءلة العلنية، وتهميش دور القضاء المستقل.

إن بناء الثقة بين المواطن والدولة يبدأ من هنا: من قدرة المؤسسات على محاسبة من ينهبها، لا من قدرتها على التستر عليهم. وكل تأخير في المحاسبة، أو تمييع للملفات، أو تحويلها إلى صراعات داخلية، هو بمثابة دعوة مفتوحة لاستمرار الفساد، بل وتطوره إلى أشكال أكثر احترافاً وخطورة.

الفساد لا يُكافَح بالفضائح، بل بالأحكام القضائية التي تُصدر باسم الشعب، وتُنفّذ دون تمييز. فإما أن تكون الدولة جادة في حماية مؤسساتها، أو أن تكون شريكة في تقويضها.

* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء في الظل: حين يتحوّل الخطف إلى أداة تضليل
- هل المستشار الألماني ميرتس من جذور سورية؟ عن صورة المدينة، و ...
- اتحاد الكتاب العرب وإشكالية تحديثه في إطار العدالة الانتقالي ...
- لا شرعية لنشيد يُفرض خارج إرادة السوريين: النشيد الوطني يُقر ...
- السويداء بين فلول النظام والهجري وتفاهمات الدولة.. ملامح إعا ...
- موسكو بين إرث الجرائم وصفقة النفوذ / زيارة أحمد الشرع تفتح م ...
- لافروف... محامي الشيطان في محكمة الذاكرة السورية
- العقل الاستراتيجي الأميركي في سورية والمنطقة: شرعنة الانقسام ...
- «قتلوا حبيبي يا رفيقنا...»، قالت غزل.
- غريتا تونبرغ تستحق نوبل
- الولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية تفجير البنية الجغرافية السور ...
- قبل أول انتخابات بعد سقوط الأسد: لجنة التحقيق الدولية تبدأ ع ...
- انتخابات مجلس الشعب: هل تعكس إرادة السوريين أم إعادة إنتاج ا ...
- على أمل اتفاق سلام وشيك في غزة/ اتفاق 21 نقطة لإنهاء الحرب
- أهداف اللعبة الدولية في سوريا بشأن المفاوضات الأمنية
- المخاض السوري بين تحديات الداخل والتهديدات الإقليمية
- ابتسامة المُكر الأمريكي والثمن السوري... رفع العقوبات كهدنة ...
- سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لح ...
- اتفاق أمني سوري - إسرائيلي برعاية أميركية
- بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟


المزيد.....




- مجلس الأمن يجدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لعام ...
- الأمم المتحدة: 87% من أراضي غزة تضررت بسبب الحرب
- الأورومتوسطي: إسرائيل اعتقلت موظفًا في اليونيسيف في عرقلة مت ...
- مجلس الأمن يجدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لعام ...
- إقليم الصحراء.. المغرب سيزود الأمم المتحدة بصيغة محدثة للحكم ...
- مئات المغاربة يتظاهرون في الرباط تنديدا بخروقات الاحتلال في ...
- اليونيسف: منظمات الإغاثة تتعرض لهجمات وتمنع من دخول مناطق في ...
- اليونيسف: عنف غير مسبوق في السودان.. والأطفال يدفعون الثمن
- خلال اقتحامه أحد معتقلات الاحتلال:المتطرف بن غفير يهدد بإعدا ...
- قيادي حوثي: محاكمة موظفي الأمم المتحدة بتهمة التجسس لصالح إس ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - الفساد لا يُكافَح بالفضائح، بل بالمحاكم